نقلت (حريات) أمس الاثنين خبر اعتقال الدكتور حسن الترابي في الساعات الأولى من صباح يوم الأمس مع تسعة من قيادات حزبه. وعلمت (حريات) أن عدد المعتقلين ازداد فبلغ اثني عشر، فبالإضافة للترابي تم اعتقال كل من الأساتذة: الأمين عبد الرازق نائب الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، ومحمد أحمد صديق (الأمين السياسي لولاية الخرطوم والمسئول عن التعبئة)، وعلي شمار (عضو أمانة عامة)، والناجي عبد الله (أمين الطلاب)، ودهب محمد صالح (مساعد أمين ولاية الخرطوم)، وآدم أحمد حسن (عضو أمانة سياسية)، وعثمان عبد الله (عضو أمانة عامة)، وأحمد الشين الوالي (عضو أمانة عامة)، وتاج الدين بانقا (مدير مكتب الأمين العام)، وكمال هدي، وإبراهيم جون. وقال مصدر مطلع داخل المؤتمر الشعبي فضل حجب اسمه أن الدكتور الترابي كان يتوقع الاعتقال منذ رجوعه من رحلة قطر بسبب الحلقات التي سجلها في فضائية الجزيرة ضمن برنامج شاهد على العصر والتي أدلى فيها بأسرار خطيرة استدعت توجه مدير قناة الجزيرة السيد وضاح خنفر للخرطوم ولقاء رئيس الجمهورية، بيد أن مصدر آخر فضل أيضا حجب اسمه رأى أن الاعتقال ليس بسبب تلك الحلقات بل أنهم توقعوه في إطار التعبئة التي بدأتها قوى الإجماع لاجل الانتفاضة الشعبية ، ولدى سؤال (حريات) عن استهداف الشعبي فقط ضمن بقية قوى الإجماع أجاب المصدر بأن لديه تفسيرا محتملا: أن يكون ذلك لإجهاض تحرك المؤتمر الشعبي الذي بدأ بالفعل وهذا يدل عليه نوعية المعتقلين فهم غالبا أشخاص لهم علاقة بالتعبئة وحركيون كما أن الترابي دعا صراحة للانتفاضة . وأضاف: هذا الاعتقال يختلف عن سابقه الذي كان وراءه الرئيس البشير في فورة وغضب شخصي من الشيخ، ولكن هذا عمل وراءه صلاح قوش نحن نعلم ذلك بل لقد شاهده البعض وهو يتجول في سيارته قرب منزل الشيخ أثناء الاعتقال. وعقب: إن أسلوب قوش يختلف إنه يشرف على جرائمه بنفسه! . وذكرت صحيفة (الحياة) 19 يناير إن تحالف المعارضة السودانية طالب حكومة الخرطوم بالإفراج عن زعيم حزب «المؤتمر الشعبي» المعارض حسن الترابي ومجموعة من قيادات حزبه، وهدد بالنزول إلى الشارع لإطاحة حكم البشير، وتمسك بحكومة انتقالية لإعادة هيكلة الدولة عقب انفصال الجنوب الذي بات راجحاً. واعتبر نائب الترابي في الحزب عبدالله حسن أحمد في مؤتمر صحافي لقوى الاجماع ان اعتقال الترابي يمثّل «ردة عن الحريات وقطعاً للطريق أمام أي مصالحة وطنية» في البلاد، موضحاً أن الأزمة التي يعيشها السودان لا حل لها إلا برحيل حكومة البشير، مؤكداً أن المعارضة لن تتراجع عن قرارها بتحريك الشارع . وسخر أحمد من اتهام تقرير حكومي حزبه بدعم وتمويل «حركة العدل والمساواة» وقال إن حزبه ليس بالسذاجة التي يوزع فيها وثائق في دارفور تدينه. وطالب بإطلاق الترابي وقيادات حزبه من دون شرط. وحملت مساعدة الأمين العام لحزب الأمة الدكتورة مريم الصادق المهدي بقوة على الحكومة واتهمتها بكبت الحريات وتهديد المعارضين لمنع نشاطهم. وكشفت في المؤتمر الصحافي إنها تلقت تهديداً بالاعتقال. وتابعت: «نتحداهم .. لا نخشى الاعتقال، فقد ضربوني أخيراً في موكب بهدف قتلي»، مؤكدة أن المعارضة ستستمر في تعبئة الشارع ضد السلطة وستنزل في الوقت المناسب لإزاحتها. في السياق طالب أمين الاتصال بالحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) وممثل الحزب في تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض الدكتور أبو الحسن فرح في تصريح صحافي، أمس، بإطلاق سراح الترابي وقيادات المؤتمر الشعبي المعتقلين فورا، وانتقد الاعتقالات، وأكد موقف الحزب الداعي لكفالة الحريات والداعم لقضايا الديمقراطية. وفي جوبا عبرت الحركة الشعبية لتحرير السودان عن رفضها اعتقال الترابي، واعتبرته انتهاكا للدستور والقانون ونسفا للحوار الوطني . ودعت إلى إجراء حوار شمالي – شمالي بين كافة القوى السياسية . وقال نائب الأمين العام للحركة الشعبية رئيس قطاع الشمال وعضو المكتب السياسي، ياسر عرمان، ل «الشرق الأوسط»، إن الاعتقالات خارج القانون مرفوضة وهي تنتهك الدستور، وأضاف أن الترابي تم اعتقاله أكثر من مرة دون تقديمه إلى المحاكمة أو توجيه اتهامات محددة له، وتابع: «أحيانا.. حتى التحقيق معه لم يتم»، معتبرا أن الاعتقالات في صفوف الأحزاب السياسية تنسف عملية الحوار الوطني. أما القيادي في حزب البعث محمد ضياء الدين فقال إن قرار المعارضة بتحريك الشارع لإطاحة حكم البشير سيترجم قريباً عقب إعلان نتائج الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. ورأى أن اعتقال الترابي الهدف منه التشويش على الاستفتاء وضرب محاولات تشكيل حكومة انتقالية لإعادة هيكلة الدولة عقب انفصال الجنوب. وكانت قوة أمنية على متن عدد كبير من السيارات اقتادت الدكتور الترابي من منزله في ضاحية المنشية شرق الخرطوم الاثنين 17 يناير إلى مكاتب الأمن السياسي في الخرطوم بحري شمال العاصمة، كما اعتقلت إحدى عشر آخرين ، واعتقلت أيضا أشرف البشرى من مكتب الأمين العام ولكن تم إطلاق سراحه بالثلاثاء. وقالت إسرة الترابي ل (حريات) إنها تعتقد أنه الآن في كوبر وقد تم استلام أغراضه والطعام الذي أرسلوه له ، حيث يعتقل الترابي عادة في سجن انفرادي خاص . وقالت (دار الحياة) إن الترابي كان من المقرر أن يشارك مع زعماء المعارضة وأبرزهم رئيس حزب «الأمة» الامام الصادق المهدي والأمين العام للحزب الشيوعي محمد إبرهيم نقد في ندوة سياسية مساء الأربعاء في إطار برنامج تحالف قوى الاجماع لتصعيد التعبئة الشعبية ضد نظام الحكم. ومهدت الاجهزة الامنية لاعتقال الترابي بنشر تقرير في مركز إعلامي ذكر أن مجموعة من عناصر «حركة العدل والمساواة» أسرهم الجيش الأسبوع الماضي من بينهم مساعد زعيم الحركة ابراهيم الماظ اعترفوا بأنهم تلقوا دعماً من حزب الترابي من أجل شن حملات عسكرية في الإقليم. ونفت «حركة العدل» صحة المزاعم الامنية عن ارتباطها بالترابي. وكان الترابي حذّر قبل ساعات من اعتقاله من أن السودان سيتمزق إلى ثماني دول، وربما يتحول إلى أشلاء إذا استمرت الأوضاع الحالية، مؤكداً إن المعارضة ستتحرك ضد النظام لإسقاطه على غرار ما حدث في تونس، وذلك بعد ظهور نتيجة الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان. وقال الدكتور الترابي: «السودان كله يعيش الآن حالة توتر ويتمزق ويجوع شعبه، والسودان الآن عرضة لمخاطر كبيرة، وبعد انفصال الجنوب ستسير على خطاه أجزاء أخرى في دارفور وشرق السودان وغيرها. فالضعف ضرب بنيان السودان بإضعاف الأحزاب التقليدية وخطر التمزق بالسودان لم يعد خطراً جغرافياً فقط، بل امتد إلى المجتمع نفسه الذي أصبح قوة طاردة، وأصبح كل فرد ينزع إلى قبيلته وأهله». ورددت: «خطوة الاعتقالات لن تخيفنا ولن تؤثر في عمل التحالف»، وأعلنت عن ندوة جماهيرية حاشدة تعقد اليوم في دار المؤتمر الشعبي في الخرطوم، ويتحدث فيها قادة الأحزاب السياسية.