د .أنورشمبال مقرر أن يصدر الجهاز المركزي للاحصاء اليوم أو غداً الاثنين مؤشرات التضخم لشهر مايو المنصرم لكل الولايات، وحسب قراءتي لما يعيشه الناس، وحراك الأسواق، وانزعاج الناس، أن شهر مايو سيسجل أعلى معدل للتضخم هذا العام، لما شهد هذا الشهر من اضطرابات في الأسعار، وتذبذب فجائي متكرر لسعر الصرف، وندرة في بعض السلع الاستهلاكية، كغاز الطهي حتى بلغ سعر الأسطوانة الواحدة منه (70) جنيهاً في بعض الولايات، وارتفاع فئة النقل، والملبوسات، بالتالي مرشح أن يقفز من (46%) لشهر أبريل إلى (49%) كأعلى معدل تضخم تصله البلاد لأكثر من عقد من الزمان. ولسوء الحظ فإن حساب معدلات التضخم والأرقام التي تعلن بموجبها لا يفهمها الغالبية العظمى من المواطنين ولا يدركون دلالاتها، في حين يكتوي بآثاره السالبة كل الناس (تتدنى قوتهم الشرائية) ولا يميز بين غني وفقير، ولكن الفقير أشد تضرراً من آثاره، الأمر الذي يؤكد أن المواطنين يعانون أشد المعاناة في المعيشة وتسيير حياتهم، بالتالي هم يمنون أنفسهم بسماع ما يفرحهم أكثر من غيره. ويرتبط التضخم ارتباطاً مباشراً بقيمة العملة وإمكانياتها الشرائية، فيما عملتنا الوطنية ظلت تفقد قيمتها الشرائية وقيمتها أمام العملات الاجنبية الأخرى بصورة مزعجة، وانحدرت من (2.7) جنيه للدولار إلى سبعة جنيهات للدولار الواحد في أقل من ثلاث سنوات، متأثرة بالتقلبات السياسية التي فصلت جزءاً عزيزاً من البلاد، فيما شهدت فترة الأشهر الستة الأخيرة تذبذبات فجائية (صعوداً وهبوطاً بين سبعة جنيهات إلى (5.5) جنيهات للدولار) مما أسهم بصورة مباشرة في عدم استقرار السوق في أسعار محددة، وتحجيم حجم الاستيراد، وبالتالي أسهم في رفع مؤشرات التضخم. فالرؤية الاقتصادية لمعالجة هذا الخلل والذي هو في الاقتصاد الكلي، تتمثل في ضبط الانفاق الحكومي أولاً، ثم الاهتمام بقطاعات الانتاج الحقيقية (زراعة ورعي وصناعة) ثانياً، ثم الالتزام الصارم في التنفيذ، وهي الوجهة التي يجب أن تتبناها الدولة لإحداث إصلاح اقتصادي حقيقي، ولا تنفع التصريحات الارتجالية، في صناعة اقتصاد أمة تنشد الريادة والقيادة.