إعترف وزير المالية علي محمود بفشل البرنامج الاقتصادي الذى اقرته حكومته بعد إنفصال جنوب السودان . واشتكى في تصريحات صحفية بعد مؤتمر اقتصادي عقد أمس بالخرطوم ، إشتكى من ارتفاع نسبة العجز في ميزان المدفوعات ، مبدياً قلقه من ارتفاع أسعار الغذاء ، وقال أن اقتصاد البلاد لا يستجيب للإصلاح ويواجه تحديات كبيرة باتساع الفارق بين العملة المحلية والنقد الأجنبي وتراجع النمو. وسبق وأعلنت الحكومة عن ما أسمته ( البرنامج الثلاثي للإصلاح) بعد إنفصال جنوب البلاد ، كما أعلنت عن برنامج تقشفي يقوم على تقليص الإنقاق الحكومي ورفع الدعم عن عدد من السلع الاستراتيجية في مقدمتها المحروقات والسكر . غير أن إقتصاديون وجهوا انتقادات لاذعة للبرنامح ووصفوه بانه أقرب للمسكن منه للعلاج الناجع لأدواء الاقتصاد وانتقدوا تنفيذ البرنامج نفسه وعدم إلتزام المسؤولين الحكوميين بتنفيذه وفقا لما يجب. وارتفعت اسعار السلع بنسبة تزيد أحياناً على 300% عما كانت عليه في العام 2010م، كما أن الحكومة طبقت إجراءات تقشفية قاسية ورفعت الدعم بشكل تدريجي عن المحروقات في منتصف العام 2012م، لتدارك الموازنة من العجز. وتشير الاحصائيات الرسمية الى وجود مليوني عائلة فقيرة في السودان بينهم 300 الف عائلة معدمة ولا تستطيع الحصول على الطعام والشراب. وتزيد حالة العوز في سبع ولايات من أصل 15 ولاية سودانية تعيش حالة حرب هي ولايات دارفور الأربع وجنوب وشمال كردفان والنيل الأزرق، وقدرت دراسة لحالة الأسر في جبال النوبة مؤخراً أن 81% منها تعيش على وجبة واحدة في اليوم إذ تزيد المعاناة بسبب عدم سماح الحكومة لوصول المساعدات الإنسانية للمدنيين. وخصصت وزارة الرعاية الاجتماعية مكافأة شهرية للعائلات الفقيرة تبلغ 100 جنيه من جملة 450 مليون جنيه مخصصة للدعم الاجتماعي. لكن خبراء اقتصاديون يقولون ان المنح الشهرية لا تلبي الاحتياجات الاساسية لتلك العائلات نسبة لاتساع نطاق الفقر وارتفاع اسعار السلع بنسب كبيرة. كما أشار آخرون لتأثر توزيع المنح بالتحيزات العرقية والجهوية والسياسية المسبقة، خاصة في ظل سياسة التمكين التي تقضي بحرمان المعارضين من حقوقهم. وقال محلل اقتصادي استطلعته (حريات) إن المطلوب ليس الإجراءات التسكينية ولكن تحولات جذرية ثلاثة : تحول جذري في الإدارة الاقتصادية ضمن حاضن سياسي محدد بالتحول من دولة التمكين الحزبي والتكتم الإعلامي وما يجر إليه من فساد ضيّع موارد البلاد البترولية في الماضي ويضيّع أي موارد أخرى لجيوب المحاسيب حالياً، إلى دولة التعددية الديمقراطية والشفافية في إدارة الشأن العام ، وتحول جذري في قسمة الموارد يقلل من الصرف السيادي والأمني والدفاعي الذي يحصل على أكثر من 70% من الميزانية، ويزيد من الصرف على الخدمات خاصة الصحة والتعليم والتخطيط العمراني وخدمات الكهرباء والمياه خاصة في الريف. وتحول جذري من ذهنية الاقتصاد الريعي الذي يريد استبدال الاعتماد على النفط بالاعتماد على الذهب إلى ذهنية الموارد المتجددة التي تركز على الزراعة والصناعة والسياحة وغيرها.