صلاح الدين عووضة [email protected] مما تعلمناه في قاعات الفلسفة أن مفردة (ينبغي!!) هي مبعث خطر على سامعيها من تلقاء قائليها.. ثم يزداد الخطر قوة إن كان القائلون- أو الناطقون بها- هؤلاء في موقع يسمح لهم بأن (يفرضوا!!) الذي (ينبغي) هذا على أرض الواقع (فرضاً).. أي يجعلونه (يتنَّزل)- و(ينداح!!)- ويمشي واقعاً بساقين بين الناس.. فهي مفردة- حسب بعض ضروب المنطق الفلسفي- تدل على (استبداد بالرأي!!) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. وخطب هتلر (النارية!!)- على سبيل المثال- كانت تعج بما يقابل المفردة هذه من اللغة الألمانية وهو يلوح بيديه يميناً وشمالاً (دون عصا!!).. وكذلك كان يفعل موسوليني وبونيشيه وشاوشيسكو والقذافي والأسد (الكبير).. فحيثما وُجِدت (الدكتاتورية) وُجدت مفردة ينبغي وأخواتها من شاكلة (يجب) و (يُفترض) و (لابد).. والمفردة هذه (تطايرت) في سماء السودان بكثرة مع مجيء الإنقاذ لتصيب- حين (تتنَّزل)- الرؤوس والقلوب والبطون وكأنها (حجارة من سجيل!!).. وزميلة صحفية من مصر تتكبد (رسوم) مهاتفتنا من القاهرة- عقب فوز مرسي- لتسألنا: (انت فاكر اللي كنت بتؤولو عن كلمة ينبغي وعلاقتها بالاستبداد والكلام ده؟).. وحين نجيبها بالإيجاب تمضي الصحفية هذه قائلة: (أهو بسلامتو مرسي أَلها من أولها كده وربّنا يستر!!).. وبالفعل (تنَّزلت) تبعات (ينبغي) وبالاً على المصريين- (عمَّال على بطَّال)- مع إصرارٍ على ترديدها يومياً من جانب المتنفذين (الإخوان!!) هناك.. وقبل أيام قال واحد منهم- الإسلامويون هؤلاء- دون أن تهتَّز في لحيته شعرة: (ينبغي ضرب سد الألفية الأثيوبي عشان يعرفوا إيه هِيِّا مصر).. وهنا في السودان أكثر ربيع عبد العاطي من ترديد مفردة (ينبغي)- خلال مقابلة تلفزيونية الإسبوع الماضي- دون أن (يتواضع!!) مرة واحدة (بالغلط) ليقول: (رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأيهم خطأ يحتمل الصواب).. والضمير في كلمة (رأيهم) هنا يعود إلى المخاطَبين بعبارة: (ينبغي عدم المراهنة على بديل مجهول!!).. وكأنما (القائل) هذا لم يكن (مجهولاً!!) إلى ما قبل ليلة الثلاثين من يونيو (89).. وكأنما نافع والجاز والمتعافي والخضر وبكري وإسماعيل وعبد الرحيم لم يكونوا من (المجهولين!!) قبل الليلة تلك كذلك.. وكأنما- باختصار- رحم الوطن قد (شطَّب خلاص!!) بعد تلكم الليلة وأغلق (بيت الوِلِد) ب(خيط من عصب).. ف(ينبغي!!) عليكم- يا أيها الإخوان في مصر والسودان- أن تتذكروا مقولة ابن الخطاب (أخطأ عمر وأصابت إمرأة) وأنتم ترفعوا شعارات (الإسلام!!).. وإياكم- (مِنَّك لُهْ)- أن تجعلوا من مفردة ينبغي (بتاعتكو دي) مصدر (خطر!!) على الآخرين.. وعلى أنفسكم أنتم- كذلك- ولو (بعد حين!!!!!).