في الفترة ما بين 14 – 16 حزيران (يونيو) 2013م نظَّم "سودان فورم" و"سودان/جنوب السودان فوكال بوينت" المؤتمر السنوي في هيرمانسبورغ بألمانيا تحت شعار "فليكن ذلك التغيير الذي نريده": هل عمليَّة الدمقرطة في المسار أم في الانحراف؟ المفاهيم السياسيَّة في السودان وجنوب السودان في ضوء المساحة المتضاءلة للمجتمع المدني. وفي اليوم الأول – وتحت شعار "الجنود هم الرجال الذين يسدِّدون بحياتهم فواتير الساسة غير المدفوعة"، وبعنوان "دولتان وليس هناك سلام من بعد: التحدِّيات القوميَّة والإقليميَّة ودور الأجانب" – قدَّم كل من الدكتور لوكا بيونق من معهد كوش بجوبا والدكتور قطبي المهدي من المؤتمر الوطني بالخرطوم خطابين رئيسين. أما فى اليوم الثاني فقد عُقدت الجلسة تحت شعار "ثق في الذين يبحثون عن الحقيقة، وارتاب من الذين يقولون إنَّهم قد عثروا عليها"، وبعنوان "نموذج واحد يناسب الجميع": الدمقرطة مفتاح للسَّلام الدائم؟ قدَّم كل من وولفقانق هاينريتش من برلين، وبيتر شومان من جامعة كونستانز ببرلين ورقتين في إطار هذا الموضوع. وفي الجلسة الثانية تمَّت المداولات تحت شعار "الذي يحرم عن الآخرين حريَّتهم لا يستحق هو الآخر حريَّته". و كان موضوع هذه الحلقة: "هل المجتمعات القبليَّة تستوجب مقاربات بديلة؟" وكان هذا التساؤل بمثابة رد لينكو لاتا من أوسلو – العاصمة النرويجيَّة – على المتحدثين السابقين. وفي الجلسة التالية، وتحت شعار "الحريَّة هي الحق في أن تذيع في الآخرين ما لا يبغون سماعه"، وهو قول منسوب إلى الروائي الإنكليزي جورج أورويل (1903-1950م). قدَّمت الباحثة غادة كدودة من الخرطوم الورقة الرئيسة في هذه الجلسة، والتي جاءت بعنوان "المساحات المبتكرة وأشكال التعبير: عمليَّة الدمقرطة الفعليَّة الجارية حاليَّاً؟" غير أنَّ الورقة ركَّزت على أنماط احتجاج المرأة في المدينة، وبالأخص العاصمة، مما يعني أنَّ الباحثة لم تعر انتباهاً لوسائل احتجاج المرأة في التخوم ومناطق الصِّراع المسلَّح في السودان. ولا شك في أنَّ الفنون الشعبيَّة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وشرق السودان وأقاصي الشمال مليئة بالأغاني الحماسيَّة التي تتغنَّى بها النساء تمجيداً للنضال، ورفضاً لأساليب الاضطهاد أيَّاً ما كان، فضلاً عن المذكرات الاحتجاجيَّة التي رفعتها المرأة في التخوم إلى المنظمات الأمميَّة ضد نظام الخرطوم، وكان ذلك بعد اندلاع العدائيَّات في مناطقهن. أما القضايا التي تمَّ نقاشها فهي محاولات التوصُّل إلى السَّلام الدائم والمصالحة في دارفور (والي حيدا جليكوما)، فرص الحل المستدام لقضيَّة أبيي (الدكتور لوكا بيونق)، النيل الأزرق وجنوب كردفان: متطلبات المجتمع المدني (رجاء كدوف ومصطفى آدم أحمد)، إصلاح القطاع الأمني: شرط الديمقراطيَّة؟ (وولف-كريستيان بيز)، تحدِّيات المنظمات المبنيَّة على العقيدة في السودان (الأب يعقوب حمودة النور من الخرطوم)، وشبكات جيل الشباب الجديد للتغيير السلمي (ممثلين من السودان وجنوب السودان). وقد تركَّز الحوار حول القضايا الواقعيَّة، ومحاولات تلمس المخرج إلى الأمام، وكيفيَّة مخاطبة هذه القضايا في السودان وجنوب السودان، وماهيَّة المساعدة المناسبة المطلوبة من الخارج. وفي اليوم الختامي، وتحت شعار "الذي يفرِّط في الحريَّة من أجل الحصول على الأمن سوف يفقد الاثنين في نهاية الأمر"، كان عنوان الحلقة: هل يملك "الغرب" الأدوات الصحيحة للمساعدة في الحل السلمي؟ و قاد النقاش في هذه الجلسة كل من يورت هيمر من مكتب الممثل الخاص للاتحاد الأوربي في بروكسل، الدكتور بيتر أدوك نيابا من جوبا، والدكتور سلاف الدين صالح من الخرطوم، وعائشة الكارب من الخرطوم. ثم تمَّ اختتام المؤتمر بتأكيدات نهائيَّة، وتبني البيان الختامي، وخلاصة المؤتمر، وتقرير مراقب المؤتمر. ومثل الحركة الشعبيَّة لتحرير السودان (شمال) في هذا المؤتمر كل من الصادق إبراهيم وخميس موسى وهيثم محمد وهم من أعضاء الحركة الشعبيَّة بهولندا، وعثمان كورينا رئيس مكتب الحركة الشعبيَّة بهولندا، وعمر مصطفى شركيان رئيس مكتب الحركة الشعبيَّة ببريطانيا وجمهوريَّة ايرلندا. وقد قدَّم الوفد رؤية الحركة الشعبيَّة في السَّلام المنشود في السودان، وهو السَّلام الشامل للأزمة السودانيَّة، وحث الحكومات الغربيَّة على التعاطي مع المسألة الإنسانيَّة للمناطق المتأثرة بالحرب بصورة أكثر جديَّة، وقضيَّة تجاوزات حقوق الإنسان في السودان من قبل النظام الخرطومي، وبخاصة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. بيد أنَّ القضايا التي كانت أكثر إثارة للجدل هي مسألة أبيي ومشكل الحرب الأهليَّة في دارفور وكردفان الكبرى والنيل الأزرق، وذلك مع الوجود الضخم لأعضاء المؤتمر الوطني المتمثلين في السفارة السودانيَّة بألمانيا والقادمين من الخرطوم، علاوة على موقف الحكومة الألمانيَّة المساند لنظام الخرطوم. برغم من ذلك كله استطاع وفد الحركة الشعبيَّة ورئيس مكتب حركة العدل والمساواة بألمانيا – الدكتور زكريا محمد علي – والمعارضون السودانيين بألمانيا أن يثيروا قضايا النزاع الجوهريَّة في السودان خاصة، وتلك المتعلقة بالعلاقات المتعثرة بين جمهوريَّتي السودان وجنوب السودان. وبينما طالب وفد الحركة الشعبيَّة وأعضاء الجبهة الثوريَّة السودانيَّة الآخرين بالحل الشامل للمشكل السوداني، نادى وفد الحكومة السودانيَّة بحل يتمثل في العودة إلى اتفاقية السَّلام الشامل للعام 2005م مع إضافة طفيفة (CPA+)، وكذلك رفضت حكومة الخرطوم مقترح الحل السياسي الذي صاغه الرؤساء الأفارقة الثلاثة كحل إفريقي لمشكل أبيي. الدكتور/ عمر مصطفى شركيان رئيس مكتب الحركة الشعبيَّة لتحرير السودان (شمال) بالمملكة المتحدة وجمهوريَّة ايرلندا الجمعة، 21/6/2013م.