دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية: نحن في الشدة بأس يتجلى!    السودان: بريطانيا شريكةٌ في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها المليشيا الإرهابية وراعيتها    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    البطولة المختلطة للفئات السنية إعادة الحياة للملاعب الخضراء..الاتحاد أقدم على خطوة جريئة لإعادة النشاط للمواهب الواعدة    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تقدم فواصل من الرقص المثير مع الفنان عثمان بشة خلال حفل بالقاهرة    شاهد بالفيديو.. وسط رقصات الحاضرين وسخرية وغضب المتابعين.. نجم السوشيال ميديا رشدي الجلابي يغني داخل "كافيه" بالقاهرة وفتيات سودانيات يشعلن السجائر أثناء الحفل    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برنامج أضواء على الواقع فى حوار مع محجوب حسين القيادي بالعدل والمساواة
نشر في حريات يوم 07 - 07 - 2013

برنامج أضواء على الواقع – لقاء مع الأستاذ محجوب حسين القيادي بالجبهة الثورية السودانية
النُسخة المُحررة…
مشكلة السودان تكمن في عقلية التمركُز التي فشلت في إدارة التنوّع
الإعلام السوداني الحالي غير مستقل ويحتاج إلى إعادة هيكلة في الفترة الإنتقالية
إحياء قضية السودان في دارفور وكرفان والنيل الزرق لدور الإعلام العالمي هي مسؤولية جماعية ووطنية مقدسة
الجبهة الثورية السودانية قادرة على دخول الخرطوم واسقاط النظام والبشير ومجموعته أكثر الناس إدراكاً بذلك، مسألة الزمن مسالة فنية بحتة
هذا الوطن السوداني الآن لا يقبل المعالجة القائمة على الجروح البيضاء، بل يجب ان يتضمن العلاج جراحة كاملة لكل الأزمة السودانية
حركة العدل والمساواة سباقة لا أقول في إطار العمل الثوري التحرري السوداني فحسب ولكن في طرح فكر وأطروحات متقدمة لمعالجة الخلل البنيوي في الدولة السودانية
مقدمة….
تحية طيبة مشاهدينا الكرام, نرحب بكم مجدداً من خلال برنامج أضواء على الواقع والذي نستضيف في حلقته السادسة المستشار الإعلامي لرئيس حركة العدل والمساواة السودانية والقيادي بالجبهه الثورية الاستاذ محجوب حسين.
أهلا بك استاذ محجوب ونتيح ليك الفرصة لتقديم التحايا
أهلاً وسهلاً وأرحب ببرنامج اضواء على الواقع ، وأعتقد أن هذا البرنامج يعتبر إضافة ونقلة نوعية حقيقية بالنسبة للعمل الإعلامي المعارض ونأمل له التطوير والتقدّم، وإلى ذلك يجب ان نوضّح حقيقة أساسية ان هذا البرنامج هو مجهود كبير من نخبة تتعاطى مع الهم والشأن العام السياسي السوداني.
التحية لكل شهداء الوطن والتحية إلى الشعب السوداني في كل البقاع أيضاً التحية موصولة لكل مناضلي الشعب السوداني خارج الوطن، التحية للجنود الأشاوس المتواجدون في كل أجزاء السودان في مواقع القتال، التحية لقائد حركة العدل والمساواة السودانية، القائد الأعلى للجيش د. جبريل إبراهيم ورفاقه الكِرام.
1. كمدخل لهذا الحوار نرى ان من الأهمية الحديث عن حركة العدل والمساواة السودانية في ظل المُتغيرات الراهنة:-
في البدء يجب أن نوضح حقيقة أساسية، أن حركة العدل والمساواة ومنذ إنشاءها قبل أكثر من عشرة أعوام هي حركة ثورية سياسية تتعاطى مع قِيم حقيقية لقيام الدولة الحديثة ووجدت نفسها أمام دولة فاشلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فشل في البنية السياسية والفكرية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية، فكانت الفكرة ليست سهلة، فمنهجت الحركة من خلال كل الأطروحات التي قُدمت من أكثر من عشر سنوات، قائمة على أساس التغيير، والتغيير لا يعني هنا المظهري أو الشكلاني، بل يعني التغيير الجوهري لكل البنيات التي ذكرت سابقاً، حتى نستطيع ان ننشئ دولة قائمة على قيم سياسية جديدة، قيم سياسية حديثة، قيم تتعاطى مع الواقع، وتتوائم مع منظومة الثقافة، ومنظومة الفكرة القائمة على الدولة السودانية. بإعتبارها دولة مكونة من شعوب مكونة لشعب واحد، اي من هذه الشعوب يحمل ثقافة وتقاليد وأعراف خاصة، فبالتالي إدارة هذا الكم الهائل من التنوع يحتاج إلى فلسفة عميقة فلسفة قائمة تتعاطى مع الثقافة والجغرافيا والتاريخ، فكانت حركة العدل والمساواة سباقة لا أقول في إطار العمل الثوري التحرري السوداني فحسب ولكن في طرح فكر وأطروحات متقدمة لمعالجة الخلل البنيوي في الدولة السودانية، والخلل البنيوي هو خلل واضح يتعلق بمنظومة السلطة القائمة في السودان والتي تعمل على منح القيم السياسية والإقتصادية وفق أيدلوجيا و ثقافة محددة، إن كانت هذه الثقافة ببناء جهوي غير قائم على الموائمة مع كل متطلبات الوضع السوداني في كل أنحاء البلاد.
2. تبدل ايقاع الاجواء السياسية في السودان مؤخرا بعد التغيير النوعي في مسارح العمليات بعدما كان قد صاحبه ركود في السنوات الماضية, هل تعتقد ان " اللياقة الاعلامية" للجبهه الثورية ستسعفها للتصدي لهذه المهمة خصوصا بعد العمليات الاخيرة في شمال كردفان؟
مسألة الإعلام هي إشكال كبير مطروح على مستوى الإعلام السياسي المعارض مقارنة بإعلام النظام الذي يعمل على بناء إعلام سياسي محدد قائم على ولاءات محددة ومعايير معينة. أعتقد ان مسألة الإعلام في داخل الجبهة الثورية هو إعلام محتاج إلى مراجعة حقيقية لا نقول ان هذه المراجعة قائمة على منظومة الأفكار التي نتعاطى معها، ولكن لهيكلة إعلام قوي قادر على التصدي إلى اعلام النظام الموجه لبث دعايات وأحاديث خالية من الصحة، فالنظام يوظف كل إمكانية الدولة السودانية وكل الإعلاميين المنتمين إليه بحسب مدرسة فكرية محددة. فينجر الكثيرين وراء هذا الخطاب لانه قائم على مفاهيم ضيقة تتعلق بالعصبية والجهوية والمصالح الذاتية. بالنسبة للجبهة الثورية ورغم الشح الكبير في الإمكانيات مقارنة مع دولة النظام القائمة نلاحظ الاستهلاك الإعلامي للمادة الإعلامية رغم قلتها، هناك سوق ضخمة عند الشعب السوداني، الإعلام المُعارض الآن رغم انه قليل يتوفر على الشبكة العنكبوتية بشكل كبير، وهناك أيضاً بعض الأجهزة الإعلامية الراديوفونية التي تدعم المسيرة، فبرُغم المصاعب التي تواجها الجبهة الثورية في هذا المجال المهم إلا انه يمكن القول أنها تتقدم فيه بمرور الأيام، برنامج الجبهة الثورية يلامس واقع الشعب السوداني، فيصبح المواطن هو الذي يجتهد للبحث عن الخبر، ولا ينتظر الأخبار الملفقة من إعلام النظام وهذه هي درجة متقدمة من الوعي داخل المجتمع السوداني، سواء كان في الحضر أو الريف الذي يتعاطى مع متغيرات الوضع، وضرورة إعادة هيكلة الدولة السودانية وفق قيم العدالة والمساواة لبناء وطن جامع، وللعمل لخلق مستقبل آمن للأجيال القادمة.
3. دأب النظام على تشويه وشيطنة الجبهة الثورية ووصمها بالعنصرية والاُحادية وانها ترفض السلام, ماهو دوركم في ايجاد إعلام مُضاد لاسيما وان النظام قد انفرد اعلاميا بشكل كبير بالمواطن خاصة في مناطق ابوكرشولا وام روابة وغيرها؟
مسألة شخصنة القضية داخل الوطن الكبير هي مسالة ثقافة داخل المنظومة الحاكمة في الوقت الحالي، القضية السودانية ليست قضية أفراد أو مؤسسات، أو تصفية حسابات كما يدعي النظام، إنها قضية وطن كامل، وقضية منظومة حكم فاشلة تعاقبت على السودان على أكثر من نصف قرن، العقل الذي ينتج كل الأفكار والأطروحات التي استخدمت لحكم السودان خلال هذه الفترة كان عقلاً فاشلاً والذي يُعرف بالعقل المستقيل، السودان بحاجة إلى عقل ناشط عقل ناهض يتعاطى مع مفهوم النهوض السياسي السوداني الذي هو محتاج إليه حالياً. نحن نتحدث عن الحقيقة واللاّ حقيقة، هذا الوطن السوداني الآن لا يقبل المعالجة القائمة على الجروح البيضاء، بل يجب ان يتضمن العلاج جراحة كاملة لكل الأزمة السودانية، لذلك نقول ان ما تم في أبو كرشولا من دعاية رخيصة، ودعاية ليست ذات قيمة، واشاع النظام ان قوات الجبهة الثورية دخلت المدينة وإقتلعت أجهزة الهواتف السيارة من المواطنين، وطبعاً هذا نوع من السخف السياسي الذي يتم داخل الدولة السودانية الحالية باستمرار، إستفزاز لعقل المواطن ولإنسانيته واستفزاز للأهداف العُليا التي نطمح لتحقيقها داخل الوطن، ويشاركنا في التقدم لتحقيقها الكثير من أبناء الوطن الواسع المُمتد وان كانت هذه المشاركة على مستوى المشاركة الفكرية، النفسية والجسدية والمادية. أعتقد أن المرحلة السياسية الحالية أسُسها واضحة شكل الصراع فيه واضح وبيّن، منطلقات ومرجعيات هذا الصراع ايضاً بيّنة، خيارات الناس أضحت واضحة. فمسألة الحراك التاريخي الذي تم في السودان، واستذكر في فترة سابقة في بداية هذه الثورة قال الشهيد د. خليل ان هذه الثورة انطلقت من دارفور السودانية وسوف تمتد إلى كل أصقاع السودان. هذا الحديث يعود إلى عشر سنوات خلت، فاليوم يلحظ الجميع ان هذه الثورة نعم انطلقت من دارفور وتمددت إلى الغرب الكبير وهو ما يسمى بغرب غردون التذكاري الذي يُنتج كل السياسات والافعال، وهو القصر الجمهوري، فامتدت الصورة إلى منطقة قريبة من المركز. الهدف من الصرع هو إسترداد هذه الدولة، ولا اعتقد ان الضخ الإعلامي الكاذب الذي يقوم به النظام لايغيّر في الواقع شيئ، فهذه جدلية تنتهي، والحسم سيكون واضح وتاريخي ولا خيار دونه.
أما عن مقولة النظام ان الجبهة الثورية تستهدف أهل المركز هذا حديث فضفاض، وينضم إلى الخطابات السالفة والقدحيّة، وكما ذكرت سابقاً ان عقلية التمركز القائمة داخل الدولة السودانية هي عقلية ذات مرجعية واحدة، تفكير واحد، نسق سياسي واحد قائمة على التفرقة وبث الأكاذيب. فالجبهة الثورية ليست قائمة على فلسفة الاستئصال بقدر ما هي قائمة على استوعاب وإستقطاب الآخرين، فالنهج الذي تنطلق منه الجبهة الثورية نهج صحيح، يتعامل بقوانين تتماشى مع القانون الدولي، وتتبعها مسؤولية سياسية واجتماعية وإنسانية، لإعادة هيكلة الدولة السودانية حتي تتوائم مع شيئين، الجغرافيا والتاريخ ومعطياتهما مع بعضهما البعض. إخوتنا في الشمال هم أبناء نفس البلد، ومعنا منهم أعضاء نافذين داخل الجبهة الثورية، وباقي الأخوة الشماليين نتقاسم معهم تاريخ مشترك وسنعمل مع جميع السودانيين لإنشاء الدولة التي نحلم بها جميعاً، دولة جامعة، قائمة على أسس المواطنة وقيم هذه الشعوب السودانية بعيدة عن العنصرية والمحسوبية تنعم بالعدل والسلام والمساواة. فثورة الريف منذ قيامها مدنياً قبل ما يقارب الخمسين سنة ظلت تطالب ما هو لها ولم تطالب باقتلاع حق جهة للاستئثار به، بل ظل سُكانه يعيشون الجوع والقحط والتهميش المُمنهج، علاوة على حالة من الافتقار المُتعمد وايضاً المحاربة الفكرية والثقافية لكل ما هو نابع من الهامش، ورغم هذا الكم الهائل من الظلومات، لم يطالب أهل الهامش بتطمينات جدلية معكوسة. أننا نعمل على استيعاب الشعب السوداني بمفاهيم قائمة على الشراكة الحقّة والإحساس بالآخر، والاعتراف بمسؤلية الخلاف وكيفية ممارسته مع الطرف الآخر.
4. كيف تفسر ردة فعل النظام والمحسوبين عليه تجاه ماحدث في أم روابة واختلاف ردة الفعل تلك وبشكل كبير من أحداث مماثلة حدثت في مناطق مايُعرف بالهامش السوداني؟
الأمر يتعلق بمسألة توازن القوى داخل الدولة السودانية، الأحداث التي تمت داخل أبو كرشولا وأم روابة انتجت خلخلة كبيرة داخل موازين القوى بين الحكومة والجبهة الثورية، وقد رجحت كفّت الجبهة في المعارك التي ذكرت من خلال اعترافات الدولة نفسها ومسؤليها وجيشها. سبب ردة الفعل هو الوصول إلى مناطق حساسة قريبة من مركز حكم النظام، اختبرنا فيه قوته المُضخمة في إعلامه المُوجه. أما مناطق الهامش سواءاُ كانت في دارفور أو غيرها فهي في فلسفة النظام الحاكم تعد من مناطق السودان غير النافع، فردة الفعل الكبيرة هو انتصار لقوى الهامش والريف والتغيير مُجتمعةً، وتؤكد أيضاً ان الجبهة الثورية تتقدم بثبات وصوب الهدف الصحيح.
5. ماهي نوعية الخطاب المطلوب في المرحلة الحالية والمستقبل القريب خصوصا بعد معارك الله كريم وابوكرشولا وام وام روابة ؟
الخطاب هو نفسه، ليس هناك تغيير جذري فيه، على مستوى حركة العدل والمساواة أولاً هو خطاب الوطن والتغيير والديموقراطية، وهذا هو الخطاب الذي ظللنا نقدمه قبل عشرة سنوات حتى يومنا هذا، وهذا هو أيضاً خطاب الجبهة الثورية، فالخطاب جامع وقائم على وحدة الصف السوداني، قائم على الاستعداد للمرحلة الجديدة، مرحلة السودان للجميع، ليس حكر لايدلوجيا أحادية أو مجموعة واحدة كي تنفرد بالسودان كما فعل النظام الحالي وما زال يفعل طيلة ال24 سنة الماضية.
6. بعد مرور 10 أعوام على بدء الإبادة الجماعية في دارفور ومازالت مستمرة حتى الان, ونفس السيناريو يتكرر في جبال النوبة والنيل الازرق وبعض المناطق الاخرى, والقضية أصبحت شبه مُغيبة في الاعلام الإقليمي والدولي. ما السبب في تقديرك؟ وماهو السبيل لإعادة إحياء تلك القضايا إعلاميا في مؤسسات الإعلام الدولي؟
ابدأ من الشق الثاني للسؤال؟ وهو سبب تغيُب قضية دارفور داخل مؤسسات الإعلام الدولي، ثم ظروفها، فالسياسات الدولية تُحددها أولويات قد تكون سياسية أو أبعاد إقتصادية أو إنسانية. في خلال العشر سنوات الماضية كانت هناك العديد من الحُروب وازمات الإنسانية التي غطت على قضية دارفور، إضافة إلى ذلك الدولة السودانية نفسها، فقد تم انفصال الجنوب وهو ليس بالأمر اليسير على الإطلاق. أيضاً الكثير من النزاعات في أفريقيا وفي آسيا، فكل هذه جُملة من عوامل كثيرة لعبت دور كبير في تراجع القضية في دور الإعلام العالمي، ولكن القضية ما زالت حيّة بابطالها بمضمونها، بقوتها الموجودة على الأرض، فرغم إحترامنا لتعاطف شعوب العالم مع قضية السودان في دارفور، ولكن من المُهم ان تحذوا حذونا لإستنهاض القضية من جديد عبر مُظاهرات تتم في كل أصقاع العالم والتعامل مع كل المنظمات والروابط التي تتعاطى مع حقوق الإنسان. أود أن أؤكِد ان الأولويات الدولية غالباً ما تحدد أي قضية يجب ان تتصدر الأخبار في دور الإعلام الدولي.
الشق الأول من السؤال والذي يُعنى بمرور عشر سنوات من الأزمة في دارفور، اعتقد ان الأمور تحولت على مستوى الخطاب، فقد كنا نتحدث عن مطالب ومفاوضات وحقوق وتعويضات، يمكن اعتبارها قضايا جزئية، فالمسألة تطورت إلى حل شامل لكل القضايا السودانية، وهذا الحل الشامل لا يتم إلا من خلال استرداد الدولة عن طريق إسقاط النظام ، ليس تغييراً شكلانياً وإنما تغييراً عميقاً وبنيوياً داخل النظام السياسي والإقتصادي والاجتماعي والثقافي وحتى الديني.
أما عن استهداف أبناء الهامش في الوقت الحالي وبصورة واضحة، وهذا هو مشروع الإبادة المُمنهج مُنذ القِدم بدؤوه في الخمسينيات وحرب الجنوب وقتها، كانت سياسة تدمير الهامش وإنسان الهامش. فهي فلسفة أصيلة داخل التمركز الموجود في الدولة السودانية. فتمت إبادة شعب الجنوب أولاً، ثم إتجه المشروع غرباً، وتم بفعله إبادة شعب دارفور، وجبال النوبة والنيل الأزرق. ولم ينتهي الأمر لهذا الحد فقط، فتطور لإبادة أبناء الهامش من الطلائع النيّرة في الجامعات والمعاهد والمدارس، فعقلية التمركز قائمة على الإقصائية وإنهاء الآخر، فلا اعتراف به في إطار التراتُبية السياسية والإجتماعية والثقافية في الدولة السودانية. فحل الأزمة يكمن بإقتلاع جذور هذا النظام العُنصري المتطرف الذي يرتكب المجازر تحت إسم القيم السماوية. إستئصال هذا النظام العنصري هو مسؤولية جماعية ووطنية وواجب مقدّس بالنسبة لكل أفراد وفئات الشعب السوداني لبث قيم السلام والسماحة والعطاء بين مكونات الشعب.
7. معلوم ان من ابرز اهداف الجبهه الثورية هو انجاح عملية ادارة التنوع الذي يذخر به السودان وان ذلك هو مصدر قوة الشعوب في عالم اليوم. ماهو دور الاعلام في الاحتفاء بالتعددية الثقافية والاثنية لجهه خلق جو سلام ووئام يمهد لدولة المواطنة الحقة؟
يمكن أن آخذ هذا السؤال في جزئين: الجزء الأول يتعلق بماهية هذا الإعلام السوداني إن نظرت له عن قُرب وبعُمق من ناحية الشخوص الإعلامية سواءاً كان على مستوى الخبر والمقال والرأي والتحقيق نجد انه يصعب التحدث عن الإعلام السوداني كصناعة، ولكن يمكن التحدث عنه كمنتوج او خطاب أو تحليل. فالإعلام السوداني لم يكن محايداً في يوم من الأيام، ليس بالنسبة لقضية دارفور فحسب، ولكن قضية كبيرة أخرى مثل قضية الجنوب وقتها. فهذا الإعلام يلامس قضايا محددة، وفي إطار ضيّق جداً. فاصبح بذلك جزءاً من هذا العقل الحاكم للسودان. وحتى ان تعامل مع بعض القضايا، فتجد طابع الجهل يطغى على التغطية في معظم الأحيان. فمن الضروري في المرحلة القادمة إعادة هيكلة الإعلام بصورة تسمح له ان يكون في خدمة المواطن، وبث المُفيد، وتقريب المسافات بين شعوب السودان في هذا البلد الشاسع.
8. ما. هي خطة الجبهة الثورية في المرحلة القادمة، هل تعتمدون على العمل العسكري فحسب؟ أم تعتمدون عن العمل السلمي، أم الإثنين معاً؟
إننا نقول وبشكل واضح إننا قادرون على إسقاط النظام إن كان بالقوة الشعبية الجماهيرية او القوة العسكرية. سبق وأعلنا ان الجبهة الثورية مع الحل السلمي ، والتغيير العادل القائم على عدم وجود خسائر في الأرواح، ولكن إن تعذر ذلك فسوف نميل للخيار الثاني وهو الحسم العسكري، والدولة السودانية تعلم مدى قدرتنا وتعرف كل التفاصيل بشكل دقيق. فبعد العمليات الاخيرة ضعف النظام وإمتلكت الجبهة الثورية زمام القوى، عدةً وعتاداً وإرادةً. إذا تعلق الأمر بدخول الخرطوم وإسقاط النظام فنحن قادرون على تحقيق ذلك، وبذلك نطمح في شراكة سياسية حقّة مع الشعب السوداني، وقوى المجتمع السوداني وفق مفهوم وعقل جديدين. فمسألة إسقاط النظام هي مسألة فنية بحتة لا أكثر ولا أقل.
9. ما هي علاقتكم بقوى الإجماع الوطني، وهل انتم مشتركون في وسيلة التغيير؟
نحن متفقون مع كل قوى الشعب السوداني على مفاهيم الديمقراطية والوطن الجديد ومفاهيم إعادة هيكلة الدولة السودانية. هذه القوى السياسية السودانية هي قوى شريكة سواءاً كانت في إطار الفجر الجديد او لم تكن ضمنه. فيد الجبهة الثورية ممدودة لكل القوى المعارضة السودانية، ولكل أفراد الشعب السوداني وفق إعلان سياسي مُحدد سبق عرضه في وثيقة الفجر الجديد، وهي وثيقة غير مُغلقة وقابلة للتطوير والأخذ والعطاء ولكن نعتقد ان هناك مسلمات يجب ان تكون ثابتة تتخلق بإعادة هيكلة الدولة السودانية. الأهم الآن نحن نقول لكل قوى الشعب السوداني أننا قادرون على إسقاط النظام وفق ما يريد، إذا كان ذلك من خلال آليات مثل الربيع العربي فليكن ذلك، وان كان من خلال الآليات الأفريقية فليكن ذلك أيضاً.
10. خطاب السيد الصادق المهدي والذي كان ينتظره جزء من قوى المعارضة السودانية، وكان البعض يعتبره يمكن أن يكون شرارة لثورة سلمية، كيف تُقيّم الخطاب؟
الأهم في معادلة الصادق المهدي انه يريد ان يقول الآتي: انه ما زال يمتلك الشارع السياسي والاجتماعي، وهذا الشارع يرفض التغيير وفق مفهوم الجبهة الثورية السودانية وقوى المعارضة السودانية ويتعامل مع البشير وفق سقوفات سياسية محددة. اعتقد ان هذا هو جزء من التاريخ الضائع في السودان والتلاعب بهذا التاريخ بشكل كبير. وهذا بالنسبة لنا لا يغيّر في الواقع من شيئ، نعتقد ان جماهير الصادق المهدي هي جماهير الهامش والجبهة الثورية، ونحن لا ننازعه دوره وإمامته وزعامته ولكن نؤكد أننا ماضون لإعادة هيكلة الدولة بانتزاع النظام أولاً ومن ثم بث أسس العدل والحرية والمساواة واقتلاع العنصرية والجهوية والمحسوبة.
11. هل تعقد ان التغيير الأخير التي تم في الجيش السوداني هو جرّاء الأحداث الاخيرة التي قامت بها الجبهة الثورية؟
يمكن أن يكون هذا صحيحاً، ولأن هناك مؤشرات أقوى تدل على حِدة الصراع داخل النظام الحاكم والجيش نفسه، او الإنقسامات التي حدثت داخل أجهزة الحركة الإسلامية أثناء مؤتمرهم الأخير كجزء من توازن القوى والمصالح داخل هذه المنظومة. لكن من المؤكد في كلى الحالتين زيادة عامل الفشل والذي سيستمر إلى الخرطوم، ليس في أبو كرشولا أو مناطق أخرى، ولكن صوب العاصمة ، فتغيير الوجوه الشكلي ليس بكفيل لعرقلة ثورة الهامش. فالزحف مستمر لإستإصال رأس الحيّة في الخرطوم.
الشكر الجزيل للأستاذ محجوب حسين القيادي بالجبهة الثورة والمستشار الإعلامي لرئيس حركة العدل والمساواة السودانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.