يحاول قادة الجبهة الثورية لفت الأنتباه بأنها دعوة جادة لحشد كل القوى السياسية فى السودان لأحداث تغيير أيجابى ينقذ البلاد من المخاطر التى تتهدده و أولها أسقاط النظام الحاكم و تأسيس نظام علمانى يعيد هيكلة و بناء الدولة السودانية , وفق دستور جديد , أساسه الديمقراطية , اللامركزية,اللبيرالية و الوحدة الطوعية ,, الجميع يعلم أن العبرة فى التغيير الأيجابى دائما بالمآلات و النهايات الموضوعية التى تستند أساسا على سلطة و برامج تنال رضا الشعب وحجم ما تنجزه لصالح هذا الشعب , و الأبتعاد عن كلما يذكى و يكدس النعرات العرقية و الحروب الأهلية بين مكونات المجتمع المختلفة ,, و هذا لن يحدث الا عبر صناديق الأقتراع .... 1—الجبهة الثورية حلف سياسى عسكرى هش تكون فى كاودا فى 11 نوفمبر 2011 بعد أنضمام حركة العدل و المساواة لمجموعة تحالف كاودا و الذى تكون فى أبريل 2011 مكوننا من الحركة الشعبية لتحرير السودان --- قطاع الشمال , حركة تحرير السودان –جناح عبد الواحد و حركة تحرير السودان – جناح أركو مناى , حاولت حكومة جنوب السودان أن تلعب دور العراب فى تكوين الجبهة و فرض تعينات مكاتبها القيادية بما تملكه من كروت ضغط تتمثل فى الأرض التى تأوى , المال , الدعم اللوجستى و الألة الأعلامية التى تسوق الجبهة للمجتمع الدولى ... مما يعنى ارتماء الجبهة الثورية فى أحضان دولة جنوب السودان و الأئتمار بأمرها و تنفيذ أجندتها.. 2--- الجبهة الثورية تحمل فى طياتها كثير من المتناقضات التى تقعد بمسيرتها فى أسقاط النظام , أولها : المنافسة و الأقتتال و المرارات التاريخية بين تنظيماتها, ثانيا : أنعدام الثقة و القبلية المقيته فى مكوناتها , ثالثا: ضعف الخطاب السياسى و ظهور النعرات السالبة التى جعلت الآخرين يحجمون عن الأنضمام أليها , رابعا : الركون للعمل المسلح كوسيلة لأحداث التغيير و صعوبة التحكم فى هذا السلاح فور حدوث التغيير .. خامسا: تبنى مشروع السودان الجديد الذى لا يجد ترحيب من كثير من قطاعات الشعب السودانى.. 3--- الجبهة الثورية فى أصلها و منتهاها لا تعدو كونها تجديد لأنتاج تنظيمات سياسية جهوية و عرقية بنفس شعارات الماضى المطلبية مع أضافة مفردات صراع المركز و الهامش و السودان الجديد و العدل و المساواة لأدبيات خطابها السياسى الحالى , أولى هذه التنظيمات حركة اللهيب الأحمر الذى تكونت عام1957 من أبناء دار فور , ثم أعقبها حركة سونى و حزب سانو و جبهة نهضة دارفور و أتحاد عام جبال النوبة فى ستينيات القرن الماضى و أتحاد تضامن قوى الريف و حزب زنجراب فى ثمانينيات القرن الماضى ... أن الذين يدافعون عن الجبهة الثورية يريدونها أن تتحول لجبهة علمانية فى مواجهة النظام الأسلامى الحاكم( أذا جازت التسمية ) لتصفية حسابات خاصة أو كراهيتهم لكل ما هو أسلامى , لعل ذلك يمثل الوجه الآخر للأقصاء و الأرهاب و التطرف .. بل تجزير لصراع السودان الجديد و القديم , و هنا أقول أن المعركة لا تكسب بالسلاح وحده , فلا بد من أقناع الناس بأن ما لديك خير مما لدى الخصوم , و لن يتم ذلك الا اذا قدمت لهم الحرية و القيم السامية و العدل ,,, و مهما كانت الشعارات تظل مشكلة السودان الجديد و القديم ذات أبعاد أجتماعية , أقتصادية و سياسية , و هى بأعتراف كل التنظيمات السياسية هى نتيجة حتمية لتراكمات الماضى ,, لن نستطيع أن نتجاوزها الا بالممارسة الديمقراطية ,, و مزيدا من الديمقراطية ,, فأى محاولة لأيجاد حلول من خلال العنف و الممارسة الديمقراطية دون أستصحاب للأبعاد السابقة الذكر تظل حلول مثالية يصعب تطبيقها ,, و بالتالى يجب البحث عن الحلول الممكنة بعيدا عن قعقعة السلاح و ترف النظريات الفكرية و الأيدلوجية ... 4--- ادعاء الجبهة الثورية بأنها تمثل 80% من سكان السودان (الهامش) قول يجانبه الصواب و تضخيم ذات لا أساس له من الصحة ,,مهما يكن من أمر يظل مشروع التغيير المسلح الذى تتبناه الجبهة الثورية مشروع مؤجل , صعب التنفيذى لأفتقاره لخطاب سياسى يكتسب فعاليته برضا الجميع و خاصة القوى المدنية فى المركز ذات الدور الفاعل فى تحريك الشارع من خلال المظاهرات و الأعتصامات , و أيضا أحزاب قوى الأجماع الوطنى تبدى رأيا واضحا و مخالفا للوسائل التى تتبعها الجبهة الثورية لأحداث التغيير ,, ببساطة لأنها مهدد أكيد لسلامة الوطن و أمنه ,, و خصما على السلم الأجتماعى و أنشطار المجتمع ,, و هو أمر يتبين من خلال حالة الأستقطاب الأثنى و الجهوى التى تبدو على السطح مما حدى بسكان الوسط و الشمال لتكوين ما يعرف بالتحالف النيلى لمقارعة و مقاتلة الجبهة الثورية فى أعادة أنتاج جديد لصراع (أولاد البحر و أولاد الغرب) , بل أن بعضهم يبدى أستعداده فى الوقوف و الأصطفاف مع النظام القائم لمقاومة الجبهة و قتالها رغم عداوتهم للنظام القائم ,, اذا ما هددت تلك الجهات و الأعراق فى وجودها , و هو أمر لن تستطع الجبهة الثورية التحكم فيه للغبن و الأحقاد التى تعتلى النفوس , أضافة للتثقيف السالب على فرضية صراع المركز و الهامش بمضامينه السلبية و التخوف المشوب بالحذر من تبعاته, نتيجة لما تقوم به الجبهة الثورية وسط منسوبيها من الرجرجة و الدهماء ,,, و ربما نشهد تطبيق سيناريو المائة يوم التى تبنتها حركة التحالف الديمقراطى فى أدبياتها السرية أبان صراعها المرير مع النظام الحاكم فى تسعينيات القرن الماضى ,,, و التى كانت تعنى أستباحة الخرطوم و المدن الكبرى لمدة 100 يوم بواسطة قوات التحالف و مناصريها( قتلا و تقتيلا و أغتصابا و مصادرة ) .... 5--- لا يخلو الأمر من مفارقة حتى أمريكا التى يحاول الكل أستجداء ودها قالت أمرها بصراحة واضحة فى أمر تكوين الجبهة الثورية و أجندتها و أبدت رأيا مخالفا لتوقعات أنصار الجبهة الثورية عندما ذكر مساعد المبعوث الأمريكى لدارفور السيد : دين سميث فى مارس 2012 عندما سؤل عن التكوين الجبهة الثورية : ( أن التحالف المعلن يثير النعرات العنصرية فى السودان , موضحا أن تحالف المتمردين يمكن أن يتسبب فى أستقطاب من جانب العرب الذين يهيمنون على الحكومة السودانية - ضد الجميع ). و زاد : (حتى لا يتمكن العرب من القول : العرب يتعرضون لهجوم , الأسلام يتعرض لهجوم ,, و نصح سميث قادة الجبهة بالتخلى عن أهدافهم الرامية الى الأطاحة بالنظام ... أنتهى. 6--- أبناء جبال النوبة الغير مؤيدين للحركة الشعبية و توجهاتها و بعض المؤيدون لها , يعتبرون تكوين الجبهة الثورية و أتخاذها لجبال النوبة معقلا لحراكها العسكرى ضد القوات الحكومية , يعد عملا موجها ضد قضية جبال النوبة و أنتقاصا لها و زيادة رهق و معاناة لسكان جبال النوبة,, كما أن بعضهم يرى أنعدام مشاركة أبناء جبال النوبة فى المكاتب القيادية للجبهة الثورية يعد أستخفافا بقدرات أبناء النوبة و أستغلالا لهم لا يختلف عن أستغلال الجنوبيين لهم فى الوصول لغايتهم ,, كما أن تغيير النظام لا يعد من أولوياتهم بل هى ذريعة الحالمين من قادة و أنصار الحركة الشعبية – قطاع الشمال فى أتخاذ قضية جبال النوبة كحصان طروادة لدخول الخرطوم ,, و هذا يتوافق مع أطروحات الجبهة الثورية و ليس أبناء جبال النوبة .... ما أكتبه لا يعتبر خطاب براءة مطلقة لحكومة المؤتمر الوطنى ,, بل أن التمايز و الأختلاف يمكن أن يستمر حتى فى أطر الديمقراطية المتعارف عليها ,, و لكن وفق القواعد الديمقراطية و ليس حمل السلاح و الأقصاء لإن السياسة هى فن أدارة الخلاف لمن يعى.. مع خالص ودى --- موسى عثمان عمر على --- بريسبن --- أستراليا