وقفنا عند سرد الغاء قانون النشاط الهدام لمحاربة الشيوعية الذي أورده الأستاذ سعيد حمور في كتيبه «اليوم البئيس في حياة الشعب السوداني»… قال بعد أن تم الالغاء وُزع منشور مدسوس ينادي بحياة الشيوعية. وفي مسجد الامام عبد الرحمن المهدي بود نوباوي وقف الغبشاوي أحد المتشددين الاصوليين وحرّض الناس على الشيوعية واثار الخواطر ودعا للفتنة وخاض في حديث الافك.. الا ان الامام عبد الرحمن بحكمته وقد كان حاضراً في الصلاة خطب في الناس وهدأ من روعهم وقال ان هذا المنشور تحيطه الشكوك والريب ولم يثبت انه من عمل الشيوعيين، فالاسلام لا يأخذ الناس بالشبهات وحذر اتباعه بالا يخوضوا في هذا الامر وان يتجنبوا الفتنة وليس من حق أحد ان يهدر دماء الناس.. وهكذا وئدت الفتنة في مهدها الى ان جاء عام 5691م بعد أحد عشر عاماً لتعلن جبهة الميثاق الاسلامي «الاخوان المسلمون – الجبهة الاسلامية – المؤتمر الوطني» اسماء متعددة لمسمى واحد تعلن مؤامرة معهد المعلمين العالي بأم درمان في حديث الافك الذي جاء من طالب لا يعبر عن الشيوعيين ولا ينتمي اليهم وتطالب بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان. وفي المبحث الثاني جاء حديث استاذ سعيد عن اتفاق الاحزاب التقليدية على حل الحزب الشيوعي.. قائلاً: وهكذا ارادت الاحزاب التقليدية تصفية حساباتها مع الحزب الشيوعي.. فأطلقت لجماعاتها العقال لمهاجمة دور الحزب الشيوعي.. واجتمعت الجمعية التأسيسية في يوم 51/11/5691م وبدأت سلسلة من الاجراءات البرلمانية بتعليق اللوائح.. فتقدم محمد أحمد محجوب زعيم الجمعية التأسيسية صاحب كتاب الديمقراطية في الميزان.. المحامي والشاعر والاديب الاريب الذي كان كلما يلقاني في المكتب او الشارع يبادرني بقوله يا حمور «ليس للبعث سبيل» فأقول له يا بوسBOSS للبعث السبيل كل السبيل.. وقد صدقت رؤياى وخابت رؤياه وكان ذلك في الخمسينيات عندما كان عضواً في اللجنة القومية للدستور بالبرلمان وكنت أنا مسجلاً لمحاضرها ومداولاتها وكنت اتحفه بجريدة البعث التي كانت تصلني من سوريا.. تقدم المحجوب بطلب الى رئيس الجمعية برفع المادة 52 «8» من اللائحة، ثم قرأ الرئيس اقتراحاً تقدم به ستة أعضاء يقول: انه من رأي هذه الجمعية التأسيسية بالنسبة للاحداث التي جرت اخيراً في العاصمة والاقاليم وبالنسبة لتجربة الحكم الديمقراطي في البلاد وفقدانه للحماية اللازمة لنموه وتطوره.. انه من رأي هذه الجمعية ان تكلف الحكومة للتقدم بمشروع قانون يحل بموجبه الحزب الشيوعي السوداني ويحرم بموجبه قيام احزاب شيوعية او احزاب او منظمات اخرى تنطوي مبادئها على الالحاد او الاستهتار بمعتقدات الناس او ممارسة الاساليب الدكتاتورية. وبعد مناقشة من جانب المؤيدين للحل امثال عبد الرحمن محمد طاهر نائب الدائرة 781 ومحمد محمد الصادق الكاروري نائب الدائرة 04 ودكتور محمد ابراهيم خليل وزير العدل ودكتور حسن عبد الله الترابي العميد السابق لكلية القانون بجامعة الخرطوم.. ونصر الدين السيد وزير المواصلات. اما المعارضون فكان لهم الرمز حامد بابكر وامين التوم ومن الوطني الاتحادي الشاذلي الشيخ الريح والمهندس حسن بابكر الحاج الدائرة 3 من الوطني الاتحادي والذي قال: ان هناك طالباً سفيهاً اساء الرسول الكريم والدين الاسلامي فقامت مظاهرات أمّها الاخوان المسلمون وتصدروها تطالب بحل الحزب الشيوعي ولنفترض ان أحد أعضاء الحزب الوطني الاتحادي تفوه بمثل ما تفوه به الطالب السفيه فماذا يكون موقف الوطني الاتحادي؟ ثم خاطب النواب قائلاً: رجائي ان تتركوا الحماس جانباً وتحموا الديمقراطية التي عادت الينا بعد تضحيات لم تبذل مثلها في معركة الاستقلال فتأكدوا انها ستنزع منكم برمتها كما انتزعت في الماضي، ولا أريد ان اسجل جرماً على الديمقراطية. شكراً استاذ حمور لرفدك المكتبة السودانية بهذه الوقفة المهمة. هذا مع تحياتي وشكري