لست من قراء جريدة(ألوان) ولكني قرأت عدد(27) تحت عنوان: (هل نحن في حاجة لعقل ناقد أم لناقد عاقل؟) كتب ونشر نظرة سوداوية للمجتمع السوداني، ولم يستطع الكاتب وضع يده مكان الجرح والجرح عميق لا يحتاج إلى مكبر لكي يحلل الأسباب الحقيقية للحالة التي تعيشها البلاد من حروب أهليه وإنهيار إقتصادي وفساد وإفساد وقهر وإستبداد وحرمان الإنسان السودان من كل حقوقه. نرجع للوراء قبل ربع قرن من الزمان، ونرى ماذا كانت تكتب جريدة (ألوان) وجريدة الوطن ، كن مثالان للجريدة غير المسؤوله ، سب وقذف وتعرض للأمور الشخصية، وعندما إرتفعت أصوات الإمتعاض من القراء فإذا بالدكتور الترابي يمدح جريدة(ألوان) ويصفها بالمسؤولة. ونجد في مجلس النواب شخص سمى بنقطة نظام فبسلوكه داخل البرلمان حرم المجلس من أداء دوره وحرم الشعب السوداني من مداولات أعضاء المجلس، وفي القمة نجد السيد الصادق المهدي بتردده وعدم التصرف كرجل دولة، وهو المسؤول الأول في السلطة وعن البلد، هؤلاء هم الذين أجهضوا الديمقراطية فلم يجد الشعب بعد إنتفاضة مارس إبريل1985 من الصحافة ولا البرلمان ولا رئيس مجلس الوزراء ما يلبي تطلعاته وآماله فلهذا لم يهب الشعب ولا العاملين للدفاع عن الديمقراطيه، عندما هجم عليها التتار الجدد في 30 يونيو1989م ولكنه لم يؤيد أو يهلل للإنقلاب سوي المنتمين للجبهة القومية الإسلاميه والذين تضرروا من الإنتفاضه أو نقول المصطلح الجديد فلول نظام نميري. كان السيد حسين خوجلي يقدم برنامج في تلفزيون السودان في تسعينات القرن الماضي وفي إحدى الحلقات قال: (إيدنا لاحقه) ولكنه إعتذر بسرعه.. أقول للسيد حسين خوجلى هذه اليد اللاحقة هي سبب الدمار الذي نعيشه ، قتل النفس التي حرمها الله ،نهب المال ،تمييز ، إستعلاء، حرمان الشعب من حقوقه الأساسية من حرية، حق التعليم والعلاج وحق الحياة بتجويعه ليلهث وراء اللقمة ليل نهار ويموت تدريجيا، وعندما تُهدم الطبقة الوسطى في البلاد بمنهجية مدروسه وهي الطبقة التي تقود التغيير. فالذي لا مأكل له ولا ملبس ولا مأوى لا يستطع أن يناضل من أجل تغيير الحال فليكن الكل محبطون؛ ولكني أربأ أن يكون الماركسي المنظم في حزبه محبطاً أو فاقداً للأمل ،لأنه يستطيع أن يحلل الواقع ويضع الخطط ويستشرف المستقبل ويعلم ويتعلم ويقود، ومثله لا ييأس أبداً مهما طالت فترة الفشل، يواصل مسلكه الدوؤب دون كلل أو ملل يطالب.. يحاور.. يخاطب.. يتظاهر.. يعتصم..يتحالف، كل الأساليب السلمية يدرك الضعف العام والذاتي. والمستحيل الوحيد أن يتسرب إلى داخله اليأس. إن إنعدام حرية التعبير تحرم التواصل بين الشعب والأحزاب ،فالحزبين الكبيرين لاصحافة لهما وصحيفة (رأي الشعب) ممنوعة من الصدور وصحيفة(الميدان) لسان حال الحزب الشيوعي منعت من الصدور وأمرت المطابع أن لا تطبع الميدان، عدم وجود التواصل اليومي بين قيادات الأحزاب وقواعدها وعدم إتاحة الفرصة لإقامة الليالي السياسية في الميادين العامة وعدم إتاحة الفرصه للأحزاب في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وإنتشار العنف في الجامعات بعناصر من الحزب الحاكم؛ مثل مقالك وتصريحات السيد الصادق ومهاجمة بعض الصحفيين للمعارضة، كل ما سبق وغيره أدى إلي بطء ظهور القيادات الشابه وليس السبب لكنكشة الكبار على القيادة كما يزعم. إن أخطاء الديمقراطية تعالج بمزيد من الديمقراطية، ولولا هجمة العسكر وحكمهم أكثر من 46 عاما لكنا في وضع نباهي به، حتى الدول المجاورة ساهمت في وأد وإفشال تجاربنا الديمقراطية القصيرة بالإضافة لأخطاء حكامنا. إن نظرتك السوداوية يا استاذ حسين سوف تتغيرعند زوال النظام المستبد العنصري المتعالي الفاسد الذي ينشر ثقافة اليأس والإحباط ليطول عمره في الحكم. وينشر العنف في كل مكان ليزيد من ممارسات القهر والإستبداد . إعلان حالة الطوارىء وإشعال الحروب الأهليه والقبلية والغلاء الطاحن مما يقود إلى اليأس. هذا النظام سيسقط سقوطاً مدوياً ويذهب إلى مزبلة التاريخ، ويحتاج السودانيون لإصلاح ما خرب خلال ربع قرن ويبنون و يعملون للحاق بالعالم . والسؤال هل أنت ذو عقل ناقد أم ناقد عاقل؟؟ أما المحبطون فهم يريدون أن يشاهدوا الفصل الأخير دون أن يساهموا بأي شيء لإنهاء هذه المسرحية المدمره للأرض والإنسان. وسؤال آخر من الذي يسجن ويقتل القيادات الشابة في الجامعات والخريجين من كل الإتجاهات بكل خسة . ومن الذي يطعن من الخلف بالسلاح الأبيض والرصاص أيضا من الظهر فحقاً قال صديق للشهيد العاص لا نريد دية ولا قصاص لأن القاتل لا يساوي ظفرك أيها البطل فالقصاص سيكون من النظام الذي نشر العنف ولا يزال . حلفا الجديدة – القرية 13