يتوافد الآلاف من دارفور في الأشهر الاخيرة الى جنوب شرق تشاد. ويصل اللاجئون مع ماشيتهم إلى منطقة تيسي، وهي منطقة ممتدة على طول حدود تشاد مع دارفور وجمهورية أفريقيا الوسطى، ويتم نقلهم إلى مخيم أبغدام الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً عن الحدود السودانية. وقد وجهت الحكومة التشادية إنذاراً إلى اللاجئين الجدد الذين لم يتوجهوا بعد إلى أبغدام بأن آخر موعد للتوجه إلى هناك هو 15 سبتمبر. وأفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن هؤلاء اللاجئين بدؤوا في عبور الحدود في يناير، هرباً من الصراع حول مناجم الذهب في شمال دارفور بين قبائل بني حسين والرزيقات، في حين هرب البعض الآخر من موجة أخرى من العنف في دارفور بين قبائل السلامات والمسيرية. وتتطلب التدفقات الجديدة للاجئين القيام بعمليات استجابة مبتكرة من أجل التعامل مع موقف اللجوء غير التقليدي، حيث قال أحد العاملين في مجال الإغاثة فضل عدم ذكر اسمه أن "هؤلاء ليسوا كاللاجئين المغلوبين على أمرهم المتعارف عليهم". وتساءل مامادو ديان بالدي، نائب ممثل مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين في تشاد قائلاً: "كيف يمكن التعامل مع حالات الطوارئ الخاصة بأناس يعتقدون أن الحدود الوطنية غير موجودة؟ لا يمكنك تثبيتهم في مكان؛ لن يجدي ذلك نفعاً. هناك حاجة إلى طرق مبتكرة". وأضاف قائلاً: "إنهم بحاجة إلى حرية الحركة .. إلى مساحة كبيرة .. إلى مستوطنة، وليس إلى مخيم بحد ذاته. ولكن كيف يمكنك تحقيق ذلك بطريقة دائمة؟ هناك حاجة لتطوير برامج مجتمعية لتوفير سبل العيش". وطبقاً لمفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين، يتمتع اللاجئون في الموقع الجديد في أبغدام بمساحة كافية لإقامتهم وتربية قطعانهم. فاللاجئون هناك غير محبوسين في المخيم ولديهم الحرية التامة للبحث عن المرعى لقطعانهم. وتشير تقديرات مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين إلى أنه حتى هذا الوقت من هذا العام كان 75 بالمائة من اللاجئين السودانيين في منطقة تيسي (منطقة حدودية على طول حدود تشاد مع دارفور وجمهورية أفريقيا الوسطى) من الرعاة و25 بالمائة من المزارعين؛ كما ذكر تقرير مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن 462 لاجئاً من بينهم جاؤوا من جمهورية أفريقيا الوسطى. وطبقاً لما ذكره مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، يمكن أن يشكل تركيز الماشية في المخيم الجديد خطر انتشار أمراض الماشية. ومازال حجم القطعان الجديدة في أبغدام غير معروف نظراً لأن الثقافة المحلية تمنع تعداد الماشية المنزلية باعتبار أن ذلك نذير شؤم. وتسعى مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين إلى حشد الأموال من أجل تطعيم الثروة الحيوانية في أبغدام، كما تخطط بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لتنفيذ برنامج للثروة الحيوانية. وفي الغالب، تكون الحدود التي يسهل اختراقها وحركة الماشية التي لا تخضع إلى الرقابة هي المسؤولة عن انتشار الأمراض الحيوانية بالإضافة إلى حركة الناس مع ماشيتهم التي تتسبب في حدوثها الحرب والاضطرابات السياسية، بحسب قول تيسفاي تسيجاي الأخصائي الإقليمي في المختبرات وعلم الأوبئة في مركز طوارئ الأمراض الحيوانية العابرة للحدود التابع لمنظمة الأغذية والزراعة. وأضاف أن "قلق الرعاة يتجاوز البحث عن العلف والمياه لماشيتهم لأنهم يهاجرون مع عائلاتهم وأسرهم، وفي هذه الحالة تمثل الثروة الحيوانية رزقهم اليومي أثناء رحلتهم أيضاً". وفي أوضاع كتلك التي تشهدها تشاد "هناك حاجة إلى فصل الماشية الجديدة الوافدة ومنعها من الاختلاط بالماشية المقيمة والقيام بالتطعيم في مواقع الحجر الصحي حيث يمكن إجراء التفتيش البيطري،" كما أوضح تسيجاي الذي أضاف أنه "في الأماكن التي لا تكون فيها مراقبة الحدود ممكنة أو غير موجودة فإن رفع الوعي والتواصل بشأن الوضع السائد لكل من الرعاة المهاجرين والمضيفين يمكن أن يقطع شوطاً طويلاً في التخفيف من حدة المرض والحفاظ على سبل العيش". ويشكل الأطفال والنساء معظم لاجئي دارفور الجدد والسابقين الذي عادوا الآن إلى تشاد. ويعتقد أن بعض الرجال الذين عبروا الحدود هم من المقاتلين. وقد تحدثت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) مع بعض النساء في بلدة تيسي وقد أشرن إلى أنهن على استعداد لمرافقة أزواجهن والعودة إلى دارفور. ولكن الحركة المحتملة للمقاتلين عبر الحدود تشكل مصدر قلق بالنسبة لهن. وقال بالدي نائب ممثل مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين: "نريد الحفاظ على الطابع المدني للجوء. وسيكون من السيء لو عادوا إلى دارفور واستمروا في الحرب. أما من الناحية الجغرافية الاستراتيجية فمن المهم الحفاظ على السلام في المنطقة (شرق تشاد) بسبب اتفاق السلام بين السودان وتشاد". ويشكل الرعاة من قبيلة السلامات معظم سكان جنوب شرق تشاد الذين يعيشون أيضاً عبر الحدود في دارفور. وقال بالدي أن التوتر المحتمل بين المجتمعات المضيفة واللاجئين الرعاة الرحل "يتسبب في الكثير من الأحيان في عدم وثوق المجتمع المضيف في الأشخاص الذين هم في حالة تنقل دائم. ولذلك نحن بحاجة إلى العمل من أجل التعايش السلمي". وحتى نهاية يونيو 2013 كانت تشاد موطناً ل 418,146 لاجئاً من بينهم 303,825 لاجئ في مخيمات في شرق تشاد، معظمهم من السودانيين.