وصف خبراء اقتصاديون الادعاء الحكومي بدعم المحروقات بالكذبة الكبيرة. وقال الخبراء ان الدعم وهم تروج له حكومة الانقاذ وليس له اي وجود في الواقع الاقتصادي المعاش. وقال الاقتصاديون في ندوة نظمها تحالف شباب الثورة السودانية بدار الحزب الشيوعي بالخرطوم السبت ان الخطة الحكومية تهدف لرفع الاسعار وليس رفع الدعم . مشيرين الي ان الغرض من ذلك هو سد الاحتياجات الحكومية المتزايدة من جيوب المواطنين الذين يعانون الفقر والعوز في ظل شبح الانهيار الاقتصادي الكامل الذي تعيش فيه البلاد. وحمل الخبراء في الندوة التي عقدت بعنوان ( وهم الدعم . ندوة تحليلية لقرار رفع الدعم عن المحروقات من وجهة نظر اقتصادية والاثار المترتبة) حملوا الحكومة مسئولية انهيار الاوضاع الاقتصادية بسبب السياسات الخرقاء التي ظلت تتبعها منذ العام 1989. وحذروا في الندوة التي ستورد ( حريات ) تفاصيلها غدا من انفلات كامل في الاسعار وانهيار اقتصادي سيشعر به المواطنون مباشرة في كافة الاسعار. وأجمع المتحدثون بان الحرب والميزانيات الحربية التي يذهب أكثر من 70% منها للامن والدفاع بجانب الفساد هي الاسباب الرئيسية للانهيار الاقتصادي في البلاد. ووصف الخبير الاقتصادي الاستاذ محمد ابراهيم كبج الخطة الحكومية المزمعة بالعملية الانتحارية ، لانها ستؤدي لانفلات كامل في الاسعار وستسرع من وتيرة الانهيار الاقتصادي ومن التضخم وتآكل قيمة الجنيه السوداني. ووجه كبج انتقادات قوية لصيغة المرابحة الاسلامية التي وصفها بالفاشلة وغير المفهومة في عالم الاقتصاد ، متابعا انها لا تختلف نهائيا عن سعر الفائدة، واصفا من وضعوها بالفاشلين. وسخر كبج من الانقاذ وقال ان شعاراتها الاقتصادية ذهبت أدراج الرياح، وأصبح السودان يأكل مما يستورد بدلا عن شعار نأكل مما نزرع الذي رفعته في ايامها الاولي. لافتا الي ان المفارقة الكبري ان الانقاذ هي من دمر الزراعة في السودان. من جانبه قال المحامي وائل عابدين بان الاوضاع الاقتصادية في السودان لن تتحسن مالم نتيح ظروفا افضل للاستثمار والقطاع الخاص. مشيرا الي ان ديون السودان المتزيادة وفشله في السداد وضعه في الخانة 154 من بين دول العالم في قائمة البنك الدولي الامر الذي يدفع المانحين والمستثمرين للاحجام عن تقديم الدعم او الاستثمار في البلاد. وأوضح عابدين ان المستثمرين سيظلون محجمين عن التعامل مع السودان في ظل استمرار عدم الاستقرار الامني والحروب المستمرة بالاضافة للمخاطر الكبيرة في النظام المصرفي السوداني وحجم التعسر البنكي الكبير جدا بسبب الفساد والمحسوبية. واضاف ان هناك تناقض وكذب كبيرين لان الحكومة استخدمت الطريقة الانكماشية وعدم دعم الانتاج ، في تناقض واضح مع الشعارات التي ترفعها بزيادة الصادرات واحلال الواردات. وفي السياق ذاته أكد رئيس كتلة نواب المؤتمر الشعبي في البرلمان الدكتور اسماعيل حسين ان رفع الدعم مجرد كذبه كبيره لانه غير موجود اصلا. واشار في معرض حديثه الي ان الازمة الاقتصادية تاتي في قلب أزمة شاملة خانقة ألمت بالبلاد في ظل سياسات الانقاذ. وانتقد حسين قادة الانقاذ ووصفهم بالمفسدين الكبار ، واصفا الفساد في السودان بانه أصبح شبكة كاملة وانتشر افقيا وراسيا وليس هناك بارقة امل في اصلاحه في ظل استمرار النظام الحالي في الحكم. وقال حسين ان العجز الحالي في الميزانية وصل الي 30% ، كاشفا بان العجز في حال تزايد مستمر . واوضح ان 80% من المصانع في البلاد متوقفه جراء السياسات الخاطئة. وقال حسين ان بنك السودان المركزي يتعامل بطريقة ( الكسر ) في السوق ، ويشتري الذهب باسعار مرتفعة من التجار خوفا من التهريب ، ثم يضطر لبيعه بالاسعار العالمية للحصول علي العملات الصعبة التي أصبحت شحيحة في البلاد لمقابلة الاحتياجات المتزايدة. وكشف حسين بان الميزانية التي تقدم للبرلمان مفبركة وليست الميزانية الحقيقية التي تدار بها البلاد، مؤكداً بان الحكومة رفعت الدولار الجمركي من 4.4 الي 6.6 دون الاعلان عن ذلك بشكل رسمي. وزاد بان الوضع كارثي اكثر مما يتصور الجميع . وفي ذات الاتجاه أكد استاذ الاقتصاد بجامعة امدرمان الاهلية ورئيس المكتب الاقتصادي للحزب الشيوعي الدكتور أحمد حامد بان الخطة الحكومية تريد رفع الأسعار وليس رفع الدعم. واتهم حامد الحكومة بممارسة التضليل علي البرلمانيين والمواطنين علي حد سواء. وقال حامد ان الحكومة لديها ميزانيتين واحدة صورية تقدم للبرلمان وأخري حقيقية تضعها قلة قليلة ممن يسيرون كافة امور البلاد بدون أي مسئولية سياسية ولا أخلاقية. وكشف حامد بان الدعم علي المحروقات ليس موجودا اطلاقا بل ان الحكومة تربح من بيع البترول للمصافي بقيمة 49 دولارا للبرميل. موضحا ان الحكومة تكذب بصورة مفضوحة عندما تقارن السعر الذي تبيع به برميل البترول داخليا وبين الاسعار العالمية. مبينا ان الشركات العاملة في مجال النفط هي التي تتحمل تكاليف الانتاج وليس الحكومة. مشيرا الي ان الحكومة تتسلم 55الف برميل يوميا وتقوم ببيعها للمصافي بمبلغ 49 دولارا للبرميل بعد خصم رسوم النقل والتكرير التي لا تزيد عن دولارا واحدا للبرميل. وزاد قائلا ان حديث عبدالرحيم حمدي عن المقارنة بين السعر العالمي والمحلي لبرميل البترول خدعة وكذبة كبيرة. وطالب حامد القائمين علي أمر البترول في البلاد بالتعامل بشفافية مع عائدات البترول ، مشيرا الي ان الفساد في قطاع البترول في السودان يعد امرا غير مسبوق في العالم. مضيفا بان الحكومة تمارس تعتيما شديدا علي وزارة الطاقة وتتعامل معها وكأنها وزارة الدفاع. وحذرحامد بان استمرار الوضع الراهن سيقود لانهيار القوي الشرائية وبالتالي انعدام محفزات الانتاج وخلق حالة غير مسبوقة من الركود الاقتصادي.