حذَّر خبراء اقتصاديون من مغبة رفع الدعم عن المحروقات، مؤكدين أثره الكارثي والخطير على محدودي الدخل والشرائح الضعيفة. وكشف الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في حديثه في ندوة (رفع الدعم عن المحروقات.. الخطر الدائم) التي نظمها ما يسمى بمنبر السلام العادل بمركز الشهيد الزبير أمس 4 يونيو ، كشف عن وجود بدائل أخرى لقرار رفع الدعم تتمثل في تخفيض الصرف والإنفاق على الجهاز التشريعي والتنفيذي اتحادياً وولائياً، فضلاً عن تقليل الصرف على الإدارات والهيئات الحكومية، ووقف تجنيب الإيرادات، وتوسيع المظلة الضريبية أفقياً، ومراجعة بعض الإعفاءات الجمركية. وفي ذات السياق شبه أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية البروفسير عصام عبد الوهاب بوب رفع الدعم عن المحروقات ب (تعلُّم الحلاقة في رؤوس اليتامى)، وأكد أن القرار خاطئ في توقيته إذا تم إقراره، لجهة أن السودان يواجه مهددات أمنية واستهدافاً، وليس من المصلحة رفع الدعم عن المحروقات. وأشار بوب إلى أن التفكير في القرار يؤكد أن السودان دولة فاشلة في وضع السياسات الاقتصادية، وقال إن الدليل على ذلك وجود نخبة محددة تسيطر على اقتصاد البلاد. وقال إن الحل يكمن في إعادة هيكلة إدارات الدولة ومراكز صناعة القرار، والعمل وفق خطط واستراتيجيات واضحة. ومن جهة اخرى تخوف الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك في تصريح لصحيفة (آخر لحظة) أمس من إغفال الحكومة مسألة زيادة أجور العاملين لمقابلة تأثير القرار حال تطبيقه، منوهاً إلى أن النتائج ستكون كارثية في ظل ارتفاع أسعار السلع، مبيناً أن الأزمة الاقتصادية الراهنة مرتبطة بتسلسل أحداث منها خروج البترول من الموازنة وأحداث هجليج لكنه أوضح بأن تلك الأسباب لا تبرر رفع الدعم عن المحروقات وإنما تؤكد ضرورة اتباع نهج تقليص الهيكل الإداري للحكم وتخفيض الوزارات والمستشارين لسد العجز في الموازنة. وأرجع الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج الأزمة الاقتصادية الراهنة لسياسات الحكومة الخاطئة في إدارة الشأن الاقتصادي بالبلاد، مبيناً أن قرار رفع الدعم عن المحروقات ستعود نتائجه وبالاً على المواطن والحكومة على حد سواء باعتبار أن انعكاساته ستؤثر على الوضع السياسي، وقارن كبج بين المسح الأسري الذي قال إن الحكومة أجرته في العام 2009م والمنشور في العام 2010م والذي كشف حسب كبج أن (46%) من سكان السودان يعيشون تحت خط الفقر وأن نسبة الفقر في الخرطوم سجلت (26%) والولاية الشمالية (31%)، بينما سجلت نهر النيل (32%)، مبيناً أن أعلى مرتبة سجلت في ولاية شمال دارفور وبلغت (69%) وقال كبج إن ما كشفه المسح من نتائج كان قبل الوضع الحالي والأزمة الاقتصادية الراهنة، وأضاف كيف يكون واقع الحال الآن على المواطن بعد رفع الدعم عن المحروقات. وأعلن اتحاد عمال نقابات السودان (الرسمي) معارضته أي اتجاه لرفع الدعم عن المحروقات ما لم تتم زيادة المرتبات. وقال رئيس الاتحاد ابراهيم غندور إن ظروف العاملين لا تتحمل تكلفة إضافية، وشدد على ضرورة البحث عن بدائل أخرى، موضحاً أن الاقتصاد هو علم البدائل، كاشفاً في ذات الأثناء عن تقديمه مقترحات بسقوفات محددة لزيادة المرتبات تحفظ على ذكرها. واضاف في تصريح صحفي لصحيفة (الانتباهة) اليوم ، إن الاتحاد يساند الإصلاحات الاقتصادية إلا أنه مع العيش الكريم للعمال في ظل الارتفاع المستمر في الأسعار، وطالب بأن يراعي الإصلاح الاقتصادي ظروف المواطنين الاقتصادية، وقال: (يجب ألا يتحمل المواطن وحده تكلفة الإصلاحات)، داعياً للنظر في الهياكل السياسية للدولة وصرف الحكومة، وقضايا كثيرة يمكن أن توفر بنوداً للموازنة.