يقدم كريم مروة في كتابه الجديد "نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي" بعض الافكار والتصورات لليسار في العالم العربي من خلال تجربته الطويله في العمل السياسي والفكري .ويتألف الكتاب من قسمين الأول يقدم مروّة افكاره في مساهمة تجديد اليسار العربي ويتألف من فصلين هما : " اليسار وتحولات العصر نحو نظام عالمي جديد" يناقش فيها الأزمة المالية الجديدة حيث يستنتج استنادا على تأثير تلك الازمة على العلم كما يلي : الاستنتاج الاول ، هو أن رأس المال المعولم ، حتى في ظل توحشه وفي ظل ازمته الراهنة ، قد كون مع تطوره اتجاها موضوعيا يقود الى وحدة للعالم في صورة غير مسبوقة ، وهذه الوحدة في رؤية كريم مروة استنادا الى رؤية ماركس للاتجاه التاريخي الذي يرافق التراكم الراسمالي وهي حقيقة تاريخية موضوعية لابد من الاقرار بها . الاستنتاج الثاني ، هو ان الدولة الوطنية ما تزال بحاجة إلى أن تتوطّد مواقعها ، وأن يتعزز دورها كناظم للحياة، خلافاً لما شاع بعد بعد انهيار التجربة الاشتراكية ، وردا على المبالغة في إعطاء الدولة وظائف تتجاوز دورها في البلدان التي اتخذت صفة الاشتراكية ، وفي البلدان التي اتخذت صفة التوجّه الاشتراكي وفشلت جميعها في دورها . الاستنتاج الثالث ، هو ان الاتحادات الاقليمية التي نشأت والتي تنشأ في مناطق مختلفة من العالم إنما تشكل في تكّنهها مظهراً من مظاهر التعبيرعن وحدة العالم ، من جهة ، وتعبّر ،من جهة ثانية ، عن اتجاه حقيقي لخلق مراكز قوى جديدة وكبيرة تمثل بتنوعها وثباتها إضافة إلى الصين الصاعدة وروسيا واليابان والهند، تعدّداً قطبياً يحدّ مع الوقت من الهيمنة الاميركية القطبية على العالم . الاستنتاج الاخير ، هو ان هذه الازمة المالية العاصفة إنما تتطلب من الطامحين إلى التغيير في بلداننا ، بأسم اليسار الجديد خصوصا بمدارسه المختلفة ، ان يجهدوا بكل طاقتهم لصياغة برنامجهم ، او برامجهم الرامية إلى تحقيق هذا التغيير ، وهو جهد يقتضي الربط بين ما تحقق في القرن الماضي من إنجازات باسم الاشتراكية ، ثم تبدد بالخلل الذي اصاب التجربة على أيدي من تقدموا لوضع مشروع ماركس موضع التطبيق ، وبين ما حصل من متغيرات في العصر الجديد ، في ظل العولمة الرأسمالية . في الفصل الثاني " نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي " حيث يقرأ مروة ان مهمة اليسار الجديد في الظرف التاريخي هي العمل على تحديد دقيق وواقعي للأهداف الممكنة التحقيق ، الاهداف التي تتصل بنقل الدول العربية من حالتي التخلف والاستبداد ، ووضعها على طريق الحرية والتقدم واحترام حقوق الانسان ، وإدخال قوانين الديمقراطية إلى مؤسسات دولها التي تجعلها جزءا من العصر ومن تحولاته . وهي مهمّات لاتتصل بالدعوة إلى إقامة الاشتراكية ، أو ما يعادلها ويشبهها في النظام الاقتصادي والاجتماعي ، فتلك المهمات ، تحتاج الى زمن لم يأتِ بعد ، ولم تظهر معالمه ، كما ستحتاج الى توفير شروط لم تنضج عناصرها . يطرح مروة سؤالا : ماذا يعني أن يعُرف مواطن في بلد عربي نفسه بأنه يساري ؟ ويرى ان هذا السؤال منطقي وطبيعي ، والاجابة عنه لن تكون محددا وقطعيا . ذلك ان من الصعب تحديد معنى " اليسار" بدقة ، حيث يعود تسمية اليسار الى زمن الثورة الفرنسية وقد اصبح لدى العرب يسار شيوعي بالمعنى التاريخي ، ويسار جديد ، ويسار ديمقراطي ، ويسار إصلاحي ، ويسار وسط ، ويسار محافظ ، ويسار طفولي مغامر ، ويسار شعبوي ، ويسار من دون صفات، ورغم اختلاف الاتجاهات والصفات والنعوت ظلت كلمة يسار القاسم المشترك بين جميع هؤلاء من دون استثناء. ويرى مروة ان ان اليساري يمكن ان يكون متأثرا بأفكار الاشتراكية ، منذ ماركس حتى اليوم . ويمكن أن يكون عضوا في حزب اشتراكي ، او شيوعي ، او في حزب قومي متأثر بالاشتراكية ، ويمكن ان يكون ديمقراطيا بالمعنى الواسع للمفهوم . الكتاب هو من اصدارات دار الساقي _ لندن_ 2010 .