إن الإرتفاعالبطيء لبعض أسعار أنواع معينة من السلع والخدمات مع ثبات دخل الفرد الشهري يوحي للبعض أن هناك خلل معين في العملية الإقتصادية ، وهذا الخلل إما أن يكون قد جاء تلقائياً نتيجة خطء ما في الخطة التنموية للعملية الإقتصاديةلجهل المسؤولين الإقتصاديين المعنيين عن نتائج خططهم المستقبلية لها مع عدم وضع الحلولالإستباقية المناسبة والسريعة لإحتمالاتعدم نجاحها وفشلها أو تطويرها وتنميتها في حال نجاحها وإزدهارهاوهنا تقع مسؤولية هذا التضخم عليهم لعدم سعة رؤيتهم الإقتصادية ولندرة إدراكهم لما سيؤول إليه إقتصادهم في المستقبل ، أو جاء هذا الإرتفاعمقصوداً من قبل المتنفذين فيها نتيجة عدم إستغناء المستهلكين لها بإعتبارها ضرورة ماسة وحاجة ملحة إما لغرض زيادة الأرباح وجني المال وعدم الرضا بالربح المناسب والمعقول من خلال رفع أسعارها وما يصاحب ذلك من إرتفاع نسبة الضرائب المستحقة عليها علماً بأنه في كلا الحالتين ينعكس ذلك على المستهلك لهذه السلع والخدمات من عامة الشعب . من هنا ، فإن زيادة الأسعار مع ثبات الدخل للفرد هو عبء على كاهل المستهلكين من عامة الشعب ، طبعاً وهم الأكثرية العظمى في مختلف المجتمعات الإنسانية مما يضعف قوتهم الشرائية وبالتالي لا يستطيعون تلبية رغباتهممن تلك السلع والخدمات والتي تعتبر عنصراً أساسياً في حياتهم وخاصة في حالة إعتيادهم عليها في السابق وقبل إرتفاع سعرها مما يشعرهم ذلك بصعوبة الحياة وضنك العيش وعدم قدرتهم على السير قدماً في تحقيق آمالهم وطموحاتهم في شراء ما يلزمهم من تلك السلع والخدمات الضروريةكما كان في السابق وخاصة عندما يتكرر هذا الإرتفاع في الإسعار رويداً رويداً مع ثبات دخلهم الشهري أو بزيادة قليلة لا تكاد تذكر ولا تحدث عليه أيتغييراً أو حتى تحسسناً ملحوظاً في مستوى معيشتهم، وهذا مما يدفع إلى بعض الأخطار الغير مرغوبة في المجتمعات منها التسول أو السرقة أو الدعارة أو النصب والإحتيال وإحداث القلاقل والإضطرابات والمشاكل بين الأفراد والأسر والمجتمعات وقد يدفع ذلك الإرتفاعفي نسب البطالة بين أبناء المجتمع ، ولعلإحساس البعض أيضاً من ضنك العيش هذا قد يدفعهم في بعض الأحيان إلىحد القتل أو الإغتصابأو التجارة بالممنوعات من أسلحة ومخدرات وما شابهها ، وبالتالي يأخذهم ذلك كله إلى فقدان الأمن والإستقرار للأفراد وشيوع النزاعات والإختلافاتوالإضطراباتفي المجتمعات وما قد يصاحبها من البغضاء والشحناء وإختلاف الآراء وإنقسام الأفراد والجماعات وتمزق التماسك الوحدة الوطنية الذي يربط الجميع بالوطن وتفكك الأسروالمجتمعات المدمر للشعوبوخروج المتضررين منهم عن طورهم المعتاد مطالبين بحرياتهم وحقوقهم رافضين تقاعس أنظمتهم وحكوماتهم في عملية الإصلاح لأجهزتهم الإقتصادية وما آلت إليه من إنهيار وتدهور وذلك بمظاهرات وإعتصاماتسلمية رافعين في اليافطات بمطالبهم المشروعة وحقوقهم المسلوبة إلى الشوارع والطرق العامة في القرى والمدن والمناطق الحيوية في عاصمات بلدانهم ومدنها الكبرى وقد يتطور الحال إذا ما سارعت تلك الأنظمة والحكومات في معالجة الأمر بدون فض تلك التظاهرات سلمياً دون اللجوء إلى العنف والقوة بالسلاح وذلك بتفهم مطالبهم وتقبلها والقيام بتلبيتها والتعاون جميعاً على تهدئة الأوضاع وإلا كان العكس أفضع من ذلك عند اللجو إلى العنف والقوة في فض التظاهرات بإستخدام السلاح مما يدفع المعتصمين والمتظاهرين إلى اللجوء إستخدام ما هو متاح لديهم من أسلحة لإنتزاع حقوقهم بالقوة، وقد يصل الحال إلى حد عدم قدرة تلك الأنظمة والحكومات على تهدئة الأوضاع وإعادة الأمن والإستقراركما كان معهوداً سابقاً لإنتشارالإنفلات الأمني في مختلف مناطق المجتمع مما قد يتسبب في ضعفها وسقوطها وبالتالي إنقسامهاوإنهيارها، مخلفة جراء ذلك الحروب الأهلية والطائفية بين رعاياها وشعوبها والدمار والخراب لبلدانها وأوطانها وإنجازاتها وهدم تاريخها وحضارتها وإستنزاف قدراتها وإمكانياتها وثرواتها نتيجة إستهتار المتنفذين بالإقتصاد وعدم متابعتهم مراحل خططه ومعالجة الأخطاء فيها أولاً بأول بالإضافة إلى ملاحقة الفاسدين منهم ومعاقبتهم قانونياً . لهذا كله يجب على الأنظمةوالحكومات ومستشاريها الإقتصاديينالحذر والتيقن ممن تختارهم من أولئك الذين في أعلى رأس الهرم في إقتصادها الوطني ومدى حسهم الوطني وقوة إنتمائهم وولائهم لوطنهم ومستوى خوفهم على أمنه وسلامته وإستقراره ،بالإضافة إلى مراقبتهم على ممن يقومون بوضع الخطط الإقتصادية أو من تكلفهم بوضع مبادئها وسياساتها وأهدافها الإقتصادية ، ومتابعتها ودراسة أية أخطاء أو أمور غير ملائمة لمراحل تطورهاقد يستجد عليها مستقبلاً من شأنها تغيير الأهداف المرجوة منها وذلك للتمكن من تسهيل معالجتها وتصحيح مسارها أول بأول وحتى لا تتراكم تلك الأخطاء فيصعب حلها ومعالجتها بإعتبار أن"درهم وقاية خير من قنطار علاج "ولكي لا ينعدم الرضا عن المستوى المعيشي للمواطن المستهلك المباشر وخاصة لتلك السلع والخدمات الأساسية وقدرته الشرائية له ، وحتى لا يكون هناك أية مشاكل أو أخطاء قد تتعرض لها تلك الخطط يجب أخذ المواطن المستهلك من عامة الشعب ومستوى دخله الشهري أو السنوي وقدرته الشرائية وأسعار السلع والخدمات الضرورية له بعين الإعتباروالإبتعاد عن وضع تلك الخطط لملائمة المواطن المستهلك من ذوي الدخل المرتفع أو الطبقات الغنية في المجتمع لأن في هذا إجحاف في حق عامة الشعوب في المجتمعات الإنسانية كونها الأكثرية الفقيرة دائماً.