*اللقاء التفاكري الذي دعانا له المهندس السعيد عثمان محجوب الوزير برئاسة ولاية الخرطوم رئيس الأمانة العامة للتخطيط الاستراتيجي حول دور المجتمع في نهضة الولاية حوّله الدكتور محمد حسين أبو صالح إلى محاضرة نظرية لم تكن الكوكبة المدعوة من الكتاب والأدباء والتشكليين والدراميين والمخرجين والمطربين في حاجة إلى الاستماع، إليها ولكن النقاش الذي دار حول الموضوع المطروح أثرى اللقاء ووضعه على الطريق الصحيح نحو مشاركة إيجابية لتفعيل دور المجتمع في نهضة الولاية والبلاد عامة. *لم يكن غريباً إثارة مسألة الهوية والتراث الحضاري الغني بتعدده وتنوعه الثر الذي نحمد لأهل الثقافة اهتمامهم به وإن جاء متأخراً، وكيف أنه كان في المستطاع الحفاظ على وحدة البلاد إذا جد العزم على استصحابه منذ البدء بدلاً من الهرولة المتأخرة في اللحظات الأخيرة قبل إجراء الاستفتاء، وأكدت المداخلات الثرة في هذا اللقاء التفاكري أهمية تنمية وتطوير هذه التعددية الثقافية والفنية لتعزيز وحدة السودان الباقي الذي ما زال يزخر بتنوعه الاثني والثقافي والفني. *نقول هذا؛ لأن الحديث عن أن انفصال الجنوب قد حسم أمر الهوية السودانية قد تكرر كثيراً في محاولة للقفز على الواقع الاثني والاجتماعي والثقافي المتعدد في كل ربوع السودان الباقي، ويكفي ما سببته الأخطاء السياسية والمظالم التاريخية في السودان القديم التليد الذي انقسم على نفسه بفضل هذه السياسات والمظالم، وما لم تتغير السياسات بصورة تستوعب تطلعات كل أبناء السودان بمختلف ثقافاتهم واثنياتهم وتوجهاتهم وجهاتهم فإن المعضلات القديمة ستظل ماثلة حتى وإن تم الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب على حلحلة المشاكل القائمة بينها. *إن التخطيط الاستراتيجي الأهم للحفاظ على السودان الباقي يستوجب استيعاب هذا التنوع الثقافي والاثني والفكري ليس لولاية الخرطوم وحدها رغم أهمية دورها المهم في ذلك وإنما لإنجاح المشروع النهضوي الذي لا بد إن تشارك في وضعه كل الفعاليات السودانية بغض النظر عن وجودها في السلطة أو في المعارضة، ونذهب أكثر ونقول دون أن نقطع الحبل السري الذي يربط بين أبناء السودان في الشمال والجنوب حتى بعد قيام دولة جنوب السودان. *وهذه فرصة لكي نقول للذين ما زالوا يسعون لإشعال نيران الفتنة بين أبناء الجنوب عبر نشر أخبارهم بذات النهج القديم مع سبق الإصرار والترصد: اتركوا الجنوب وأهله في حالهم بل اعملوا على مساعدتهم في بناء دولتهم ولا تترددوا في مد يد العون لهم متى احتاجوا لذلك؛ لأن استقرار وأمن الجنوب ضرورة لاستقرار وأمن السودان الباقي، وسيظل النفاج مفتوحاً يننا وبينهم ما دامت العلاقات الطيبعية والإنسانية قائمة وعلينا أن لا ننسى الفضل بيننا وبينهم.