نضال عبد الوهاب [email protected] متغيرات كثيرة جرت في الساحة السياسية السودانية بعد انفصال الجنوب في يوليو 2011 ، ودخل النظام الحاكم في السودان الشمالي في أزمات واضطرابات اقتصادية وسياسية عاصفة اوشكت ان تنهي حقبته الأطول في حكم السودان بشكله القديم! ولازالت تداعيات تلك الاحداث تتلاحق خاصة بعد ثورة سبتمبر الشبابية العظيمة والتي ازاحت كل مساحيق النظام وأظهرت قبحه لكل العالم بعد الطريقة التي تعامل بها مع المتظاهرين السلميين والعزل!.. ومن اهم التداعيات توحد جميع الفصائل الرئيسية للحركات المسلحة في دارفور مع الحركة الشعبية قطاع الشمال وجبال النوبة مع بعض الشخصيات المعارضة وبمباركة ومشاركة بعض الاحزاب فيما عرف بالجبهة الثورية! والتي دشنت تحالفها بتوسيع جبهات القتال مع النظام مما اربك حساباته وادخله في أزمات حتي داخل المؤسسة العسكرية بحسبان ان المؤسسة العسكرية اصبحت تاخذ تعليملتها من الأجهزة الأمنية ورئيس المخابرات وليس من القائد العام للقوات المسلحة!،ولم يكاد يفيق النظام من تلك الضربات حتي جاءته سبتمبر وماتبعها من احداث ابرزها انشقاق بعد عناصره نتيجة لذات الاحداث الاخيرة مع الأخذ في الاعتبار الصراع الداخلي داخل المؤتمر الوطني وبعض اجنحته منذ فترة ليست بالقصيرة مابعد الانشقاق الأبرز الذي عرف بالمفاصلة وخروج الترابي وبعض النافذين معه في الحركة الاسلامية والمؤتمرالوطني وتكوينهم لحزب المؤتمر الشعبي!.. في خضم تلك الاحداث نشطت المعارضة الداخلية وقوي الإجماع الوطني في الترتيب لما بعد سقوط النظام وأعلنت عن الاعلان السياسي بعد حوارها واتفاقها فيما بينها علي البديل الديمقراطي ودستور الفترة الانتقالية وبالتعاون مع الجبهة الثورية والتي هي ليست بالبعيدة عنها في الرؤية وضرورة اسقاط النظام بكافة الوسائل!.. ولم يشذ من هذا الإجماع الا حزبي الامة والاتحادي ، الثاني بمشاركته الاساسية في الحكومة ودعوة زعيمه لسلمية التحول الديمقراطي ، والأول وضحت ضبابيته نتيجة لحواره وتفاهماته مع النظام طمعا للمشاركة في السلطة بقسمة كبيرة! ولذلك جاءت لغته الاخيرة في القول بتغيير النظام وليس اسقاطه وتفكيكه بمعني دخول القوي الاخري المعارضة وحزب الامة أولها في الحكومة القادمة وضمان ان تكون لهم الكلمة العليا علي اعتبار انهم اكبر قوي في الساحة السياسية!.. وفي وسط هذا ايضا نشطت الجبهة الثورية علي كل المستويات عسكريا وسياسيا لمواصلة أهدافها المعلنة لإسقاط النظام بالتنسيق مع قوي الإجماع الوطني بالداخل!.. من كل تللك المعطيات يتبين ان الصراع القادم في السودان سيكون بين كتلتين أساسيتين تحمل كل كتلة افكار ومصالح متقاطعة تصل لقواسم مشتركة! فالجبهة الثورية وقوي الإجماع الوطني اذا استثنينا منهم حزب الشعبي يدعوا علانية وبدون مواربة للدولة المدنية العلمانية الديمقراطية والتي تحترم التعددية وتباين الثقافات بين مكونات الشعب السوداني لذا فالمواطنة هي الاساس ومبدأ بسط الحريات لضمان وحدة السودان!.. اما الكتلة الاخري فتضم حزبي الامة وبعض الاتحادين وماتبقي من الإسلاميين في الاصلاح والسايحون وقد ينضم لهم الشعبي وهذا هو الاحتمال الارجح! هولاء لايعترفون بعلمانية الدولة وانما ينادي بعضهم بالدولة المدنية مع الاسلام والشريعة وبعضهم بالدولة الدينية المتطرفة كما نموذج بدايات الانقاذ!.. هذا الصراع دون شك لن. يكون صراعا فكريا فقط وانما قد يتطور لان ياخذ الجانب المسلح لفرض مايدعون له!.. واسوا ماقد ينتج عنه الصراع اما ان تتحول لصومال اخر او ان ينفرط ماتبقي من سودان ليكون تقسيم السودان لدول اخري خاصة في دارفور وجبال النوبة هو واقع ماساوي قد تفرضه قصور نظرة بعض السياسين ومن يتوهمون ان تطبيق الشريعة ونموذج الدولة الدينية هو الخيار الافضل للسودان وهم لم يستفيدوا من تجربة فصل الجنوب المريرة حتي الان!..