في حوار مع منتدى الحوار المتمدن ، رفض المفكر الاسلامي المستنير الاستاذ جمال البنا الدولة الدينية والنقاب . وقال ان كل محاولة لإقامة دولة على أساس ديني باءت بالفشل ، فلما كوَّن المسلمون دولة على أساس ديني تحولت من خلافة راشدة إلى ملك عضوض ، وعندما كوَّن المسيحيون دولة فإنها جعلت من دين المحبة محكمة تفتيش ، وكل المحاولات في العصر الحديث لإقامة دولة إسلامية باءت بالفشل ولو جاز لدولة دينية أن تنجح لكان يجب ذلك في السودان ، فالشعب مؤمن وقد رزق مفكرًا تعلم في مدرسة الإخوان ثم درس في السوربون ولندن وهو الدكتور حسن الترابي ، ولكن طموحه السياسي وتجربته في «تطبيق الشريعة» جرت على السودان أفظع الكوارث ، ولم تحقق عدالة ، ولا حرية ، ولا معرفة ، ولكن أدت إلى تقسيم السودان ، أما الدول التي تدعى الحكم الإسلامي كالسعودية أو طالبان أو باكستان فهم أبعد ما يكون عليه الإسلام ، وقد قلنا مرة إن الشريعة قد تكون مطبقة في دولة يرفع علمها رسم الصليب ، وليست مطبقة في دولة يحمل علمها «لا إله إلا الله» ، لأن الشريعة في جوهرها هي العدل ، وقد قال القرآن (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) وقال ابن قيم الجوزية (حيثما يكون العدل فثم وجه الشريعة) . ووصف النقاب بانه وصمة عار لأنه يطمس شخصية المرأة وإنسانيتها ويحول بينها وبين ممارسة دورها كإنسان ومواطن ، أما عن الحجاب فيجب أن يفهم أن الحجاب ليس من عقيدة الإسلام لأن العقيدة الإسلامية هي الإيمان بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر ولا يرد فيها ذكر الحجاب ، وهذا أمر بديهي لأنه قضية «زي» يخضع للتقاليد والعادات كما يخضع للأجواء ، وهو في حقيقته حماية يلوذ بها الرجل والمرأة لكي لا يحيق بجسمه ولا بوجهه ولا برأسه أذى من البرد أو الحر أو المطر أو التراب .. إلخ ، أو هو نوع من الزينة ، كما أنه أيضًا هو حق من حقوق الإنسان ، فهذه كلها اعتبارات بعيدة عن الدين ، ولكن لما كان المجتمع الحديث هو مجتمع «ذكوري» يحكمه الرجل ، فإنه أخضع الأنثى لتحكماته ، أو حتى لملكيته ، فاحتجزها في البيت لتكون في خدمته ولترعى أبناءه وكان من تمام أحكام هذه الملكية أن تغطي رأسها ووجها حتى لا يراها أحد غيره ، وقد يدل على ذلك أن الحكم اختلف بالنسبة للمرأة الحرة عنه بالنسبة للجارية ، وفي قانون حمورابي كانت الحرة تعاقب إذا أسفرت كما كانت الجارية تعاقب إذا تحجبت ، وتصور أن هذا الحكم اخترق الأيام واختصر الأزمان حتى وجدنا عمر بن الخطاب يخفق جارية بعصاته قائلاً أتتشبهين بالحرائر يالكاع !!. وليس في القرآن نص على حجب مكان معين من المرأة إلا فتحة الصدر التي كانت في الجاهلية تتسع حتى منابت الثديين فأمر القرآن النساء أن «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ» ، ولا تتضمن أمرًا بلبس الخمار ولكن المرأة العربية قبل الإسلام كانت تضعه لحماية رأسها من التراب والشمس .. إلخ . وقال بان كل الآيات في القرآن الكريم عن الحجاب عامه مثل «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا» ، و«يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ» ليمكن تفسيرها تبعًا للزمان والمكان ، وكلمة حجاب لم ترد في القرآن بالنسبة للمرأة إلا بالنسبة لزوجات الرسول وكانت بمعنى باب أو ستارة وليس زي وكانت خاصة بزوجات الرسول اللاتي قال عنهن القرآن «يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ» . اما الأحاديث عن المرأة فمعظمها موضوع أو ضعيف وهي على كل حال تخالف طريقة تعامل الرسول مع المرأة ، فقد كان فارسًا بمعنى الكلمة ومحبًا ومقدرًا للمرأة ، وكيف لا يكون كذلك وأول من أسلم كانت خديجة التي ناصرته عاطفيًا وماليًا ، وكان أول الشهداء امرأة وكان من النساء من تحارب دونه بالسيف عندما فر الرجال . (نص الحوار في قسم استنارة – حوارات الاستنارة)