في عمق الازمة التي يمر بها جنوب السودان و الانقسام السياسي و العسكري العميق الذي قاد الي ارتفاع حدة المواجهات العسكرية ، الي جانب افراغ عدد من المدن من سكانها الذين لاذو بالفرار حفاظا علي حياتهم ، بعد ان فقدوا الامل في امكانية العودة اليها قريبا في ظل تصاعد حدة القتال ، كانت مجموعة من شباب جنوب السودان تحاول ان ترسم الامل بما تمتلك من تفاؤل واصرار علي تحدي الظروف التي يمر بها بلدهم حديث الاستقلال ، حيث تجمعوا في مكتب صغير في حي (أطلع برة) إحدي الاحياء العتيقة بمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان ، وأطلقوا مبادرة انسانية اطلقوا عليها اسم (شباب من أجل بلادي) تهدف الي مساعدة المتضررين جراء الاحداث الاخيرة من أجل اعادة الثقة الي نفوسهم والتأكيد علي تماسك وتوحد لحمة مجتمع جنوب السودان في المحنة التي تعرض لها. تقول الدكتورة استيلا قايتانو منسقة مبادرة شباب من أجل بلادي : (نبعت الفكرة في الاساس بعد سماعنا اصوات القفنابل و الرصاص ، في تلك اللحظة كان الجميع مرعوب ومتخوف من ان يصيبه مكروه ، لكن كان هناك شباب مستنيرون ، كانت فكرتهم الا يصيب هذا البلد اي مكروه ، من هذا المنطلق جاءت فكرة مبادرة شباب من أجل بلادي ، حول كيف يمكننا ان نتحرك في ظل هذه الاوضاع ،وان يكون لنا دور تجاه مايحدث ، فالبلد تمر بكارثة ، ولا بد لنا من الوقوف الي جانب بعضنا في مثل هذه الظروف ، المبادرة تضم طلابا جامعيين وموظفين بجانب محامين وأطباء ، معظمهم من فئة الشباب ، فقد كان لدي الجميع رغبة في لعب دور ايجابي في ظل هذه الاحداث المؤسفة ). وجدت المبادرة تجاوبا كبيرا من الشارع في جنوب السودان ، فقد كان الناس ينتظرون اي حراك يقوم به المجتمع المدني في ظل هذه الاوضاع التي خلقت هزة كبيرة في الاوساط الاجتماعية بجنوب السودان ، فاحداث العنف و التشريد التي تعرض لها الكثيرون احدثت صدمة حقيقية بين المكونات الاجتماعية في الدولة الوليدة ، تقول يار مدينق عضو مبادرة شباب من أجل بلادي : ( أنا لم انضم للمبادرة لاني جزء اصيل من الفكرة ، لأنني اريد ان العب دورا في تخفيف حدة الوضع وتقديم القدر الذي استطيع القيام به من مساعدة ) . دشنت المبادرة نشاطها في مدينة جوبا الاسبوع الماضي حيث اقامت حفلا خيريا احياه مجموعة من الفنانين المشهورين بجنوب السودان والذين انتظموا تحت مشروع اطلقوا عليه اسم (سلامتك يابلد) ، وكانت تذكرة دخول الحفل عبارة عن مساعدات عينية (ملابس وخلافه) من اجل مساعدة المواطنين الذين نزحوا من المدن المتضررة في (جوبا، بور وملكال وبانتيو) وبالاخص المقيمين داخل معسكرات الاممالمتحدة ، واستطاع شباب المبادرة تجميع اعداد مقدرة من المواد العينية و المساعدات الطبية جاءت في شكل تبرعات من المواطنين وفاعلي الخير ، وتجري حاليا مشاروات مع منظمة الصليب الاحمر جنوب السودان حول طريقة توزيع تلك المساعدات للفئات المستهدفة ، وتقول الدكتور استيلا قايتانو ( وجدنا اشادة كبيرة من الصليب الاحمر عندما قالوا لنا انها اول مساعدات يتحصلون عليها عن طريق منظمة وطنية ، فقد كان ذلك شرف كبير لنا في جنوب السودان ايضا). بدأت المبادرة بعضوية تضم حوالي (35) شاب وشابة من مختلف بقاع جنوب السودان ، يتحركون بهمة وحيوية ونشاط للتنوير باهداف المبادرة ودعوة كل من يرغب في الانضمام اليها و المساهمة في هذا العمل الانساني و الوطني الجبار ، لكنها تشتكي من غياب الدعم الاعلامي لانشطتها بشكل فعال ، لكنها بالرغم من جميع التحديات التي يواجهها شباب المبادرة الا انهم استطاعو فتح قنوات اتصال واسعة بالفنانين الذين تضامنوا مع الفكرة ، يقول دينق حماد مواطن من جنوب السودان نأمل ان يوفقوا في جمع تبرعات من ملابس وأغطية وادوات الطبخ وحتي المأكولات الخفيفة لتسد رمق المحتاجين .ونعلم جيدآ ان المسؤلية تقع علي عاتق جميع افراد المجتمع من شباب ناشطين وصحفين ومثقفين فنانين وكل الحادبين علي مصلحة الوطن وشعبه .سوف نقدم أي مجهود او مساعدة للجنة في فعالياتها وبرامجها ولن نبخل في اي مجهود لإنجاح عمل اللجنة). هذا و أشارت المفوضية العليا لشئون اللاجئين إلى أن عدد النازحين في جنوب السودان قد وصل خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، منذ اندلاع العنف في البلاد، إلى ما يُقدر بمائتي ألف شخص، وقد سعى ما يقرب من سبعة وخمسين ألفا نازح من هؤلاء إلى القواعد التابعة لقوات الأممالمتحدة لحفظ السلام في مختلف أنحاء البلاد، بحثا عن الإيواء.