إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    مليشيا التمرد تواجه نقصاً حاداً في الوقود في مواقعها حول مدينة الفاشر    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسماء محمود محمد طه : كانت هناك عقرب في مكتب الاستاذ منع قتلها
نشر في حريات يوم 17 - 01 - 2014

قالت الاستاذة أسماء محمود محمد طه – نجلة الاستاذ محمود – ان الاستاذ وطيلة حياته كان يفطر بالويكة والكسرة ، وانه كان مسالماً تجاه الاحياء والاشياء ، حتى انه في مرة كانت هناك عقرب في مكتبه ولما همت بعض الجمهوريات بقتلها منعهن الاستاذ .
وتحدثت الاستاذة اسماء في حوار مع (حريات) 17 يناير 2011 عن أهم محطات حياة الاستاذ وعن افكاره وايامه الاخيرة .
وذكرت ( ان أيام نميرى الأخيرة تشبه ذات الأيام الحادثة الآن من مجاعة وإرتفاع فى الأسعار وغلاء المعيشة بالإضافة للتخويف بالدين والتخويف بالشريعة وهذا ما لجأ إليه نميرى فى أيامه الأخيرة ليطيل بقاءه،فبالعكس كان ذلك السبب المباشر فى تقصير عمره،النظام الآن يتجه لنفس السلوك وهذا يدل على خوف شديد جدا جدا ويدل على عجز النظام فى حل مشكلة الناس فلجأ لإسكاتهم وإرهابهم،لكن مهما طالت مدة القهر لابد من اليوم الذى يتحرر فيه الشعب ويقوى على مواجهة الأنظمة الغاشمة وهذا ما يحدث الآن فى تونس والمغرب والأردن ومصر فهذه كلها أنظمة فاسدة فساد كبير جدا إستغلت شعوبها لتبقى فى السلطة وعلى دماء عدد كبير منهم، أنا أعتقد أن الثورة قادمة ) .
ونعيد نشر الحوار لقيمته وبذكرى المناسبة .
( نص الحوار أدناه ) :
بدءا: حدثينا عن الإستاذ محمود:
أهم محطات فى حياته ؟
شكرا جزيلا.. وشكرا على مبادرة (حريات ) والتى من إسمها من الطبيعى أن تبادر للحديث عن الحرية والرجال الأحرار..الحديث طبعا عن الأستاذ محمود حديث ليس بالساهل..
لكنى ساتحدث عنه فى نقاط سريعة..
ولد الأستاذ محمود فى 1909 أو 1911..
والده محمد طه مالك فضل ووالدته فاطمة بنت محمود. توفيت والدته وهو فى بواكير طفولته وذلك فى العام 1915م تقريبا، فعاش الاستاذ محمود وإخوته الثلاثة تحت رعاية والدهم ، وعملوا معه بالزراعة ، فى قرية الهجيليج غير أن والده لم يلبث أن التحق بوالدته فى العام 1920م تقريبا، فإنتقل الأستاذ محمود وأخوانه للعيش بمنزل عمتهم برفاعة..
الأستاذ تحدث عن ذلك أثناء إعتقاله حيث قال أن الإنسان يجب أن يرجع لقراءة تاريخ حياته ويتأمل فيها ليجد نوعا من الرضا بماضيه ليتصالح معه..
وقال" نحن عندما توفت والدتنا حزنا حزنا شديدا وكنا صغار وقال"والدنا كره المنطقة التى كنا موجودين فيها وهى قرية صغيرة إسمها سفيطة وأخذنا لمنطقة الهجيليج وقال الأستاذ"لو لم تمت والدتنا ما كنا قدمنا للهجيليج التى أعطتنا فرصة لنتعرف على البيئة وبدأنا نحصد ونزرع ونعتمد على أنفسنا مما خلق نوعا من القوة فى شخصياتنا وقال بالرغم من وفاة والدته إلا ان ذلك أعطاه نتائج صبت لصالحه..
أيضا أشار الأستاذ فى أحاديثه عن إنتقالهم لمدينة رفاعة فقد أصرت عمتهم على أخذهم ليتعلموا وقال : "لو ما والدى إتوفى كان من الممكن أن أكون تاجر فى دكان بسيط وصغير موجود فى الهجيليج وما كنت إتعلمت لأننى بعد وفاة والدى وجدت فرصة الذهاب لرفاعة لأجل التعلم"
بعدها درس وتخرج فى كلية غردون سنىة 1936 كلية الهندسة المدنية وعمل فى السكة حديد لفترات وبعد ذلك بدأت حركته السياسية الواضحة فى نادى الخريجين فضاقت به الإدارة وتم نقله لمانطق نائية على مناطقة كسلا ورجع سنة 41 42 لمينة عطبرة وبدأ يشعر أن توجهاته السياسية لن تجعله موظفا عاديا مع الإنجليز
فاستقال من الخدمة وبدأ العمل بتأسيس الحزب الجمهورى سنة 1945 مع مجموعة من الشبان المتحمسين وبدأت الحركة الوطنية بمقاومة العمل ضد الإنجليز وكان هو أول من دعا لان يكون السودان جمهورية وفى ذلك الوقت كان ذلك بعيدا فالبلد مستعمر وفقير.. وكانت تلك دعوته لقيام الجمهورية.. وقال أنه فى بداية الحزب الجمهورى لم يكن لديهم الملامح المكتملة عندما بداوا عدا أنهم مهتمين بقضية الإسلام والسودان..
أهم أفكاره:
يمكن تلخيص اهم أفكار الأستاذ أن الإسلام يحتاج لبعث جديد لأن الأمم فى الوقت الحالى لاتعيش الإسلام بل تحيا قشورا منه وقشورا من المدنية الغربية وكان يقول"كأننا نعيش جاهلية ثانية..(لا تتبرجن تبرج الجاهلية الأولى) إشارة لأن هناك جاهلية ثانية ستأتى..وكان يعتقد أن الجاهلية الثانية هذا هو وقتها وأن الحياة على القشور تضيع"اللبة" الشئ الأساسى والحقيقى وقال أن هناك حوجة للرجوع للإسلام الحقيقى من جديد..الرجوع للإسلام لن يكون بمستوى الرجوع كما جاء فى القرن السابع وعاشه أسلافنا..فالإسلام عندما جاء تنزل على مرحلتين: القرآن المكى والقرآن المدنى فعلى 13 سنة كان الإسلام يدعو للحرية والمساواة والمسئولية وبالدعوة للإسماح وحرية الإعتقاد وحرية الرأى لكن كل هذه المسائل لم تكن قد طبقت فى فترة ال 13 سنة من دعوة النبى..
وتآمر عليه أى على النبى وجاءت مؤامرة قتل الرسول،فأمر بالهجرة من مكة للمدينة، ونسخ القرآن المدنى القرآن المكى وجاءت آيات فى مستوى حاجة الناس ومستوى طاقتهم من الإسماح وبدلا عن الدعوة للحرية جاءت آيات الجهاد وجاءت الآيات التى تكره الناس الدخول فى الدين.. وجاءت آيات عدم المساواة بين الرجال والنساء وهذا كان فى ذلك المجتمع كتشريع فالأستاذ يقول إذا أردنا تطبيق الإسلام فى الوقت الحاضر لا يمكن ان نرجع لنطبق القاتون الذى طبق فى القرن السابع لابد من فهم جديد يطبق على الإنسان فى القرن العشرين الواحد وعشرين لأن حاجته قد إختلفت ومطالبه إختلفت وكذلك طاقته وبالتالى لابد من الإتجاه لبعث الآيات التى تتحدث عن مستوى الحرية لأن الوقت الحاضر يحتاج لها, الدعوة للحرية/ الدعوة للمساواة بين النساء والرجال فى الآيات التى تساوى بينهما / الدعوة للإشتراكية وهناك الآيات والأحاديث التى طبق فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، وكان الدين الإسلامى أول دين تجتمع فيه الديمقراطية والإشتراكية والعدالة الإجتماعية مع بعضها البعض وهذا ما دعا له الأستاذ محمود.
أسلوب حياته:
أسلوب حياة الأستاذ يمكن أن تقول عليه"الإعتيادية"البساطة والتواضع ومعيشة رجل الشارع العادى المغمور..
عاش الأستاذ فى غرفة بسيطة ليس بها (مروحة) بيت لا توجد به ثلاجة.. بيت سكانه يأكلون الكسرة والملاح..طيلة حياة الأستاذ كان إفطاره ب "ويكة وكسرة و لحد كبير لا توجد لحمة فى البيت..
فيما يخص لبسه فكان يكون لديه ما يلبسه وبديل له فقط..بالرغم من أنه مهندس ناجح وكل زملائه يسكنون العمارات لكنه إختار هذه الحياة ليكون قريبا من حياة الناس
وقال ساووا السودانيين فى الفقر حتى يتساووا فى الغنى..وقال لأحد المشايخة الذين علقوا على نوع أكله فقال ردا عليه" نحنا عندنا إنو الأكل ده هو الأكل الحلال وأى حاجة تزيد عليهو فى الوقت الحاضر حرام"
وذات مرة جمعنا داخل البيت وقال لنا: نحنا بلغنا "إنو فى عدد من الأسر لا توقد النار فى بيوتهم لمدة يومين وثلاثة وقال لن نشرب شاى و ما حنجيب لحمة فى البيت" وفرض حالة تقشف لفترة طويلة..
إذا جئنا ونظرنا للحالة الإنسانية فى تعامله مع الأطفال مع المرأة..
حيث كان يعامل النساء بنوع من الإعزاز والتقدير لم أره فى رجل عادى وكان يهتم بأن يأكل الأطفال قبل الكبار وكان يلاطفهم..ويعود المرضى فى المستشفيات، حتى الحشرات ، فيقدم للنمل غصن فى حوض الماء حتى يخرج كل النمل، وحدث أن كان هناك عقرب تحت مكتبه فهمت إحدى الأخوات بقتلها فمنعها من ذلك، وكان يقول" الإنسان الذى يعيش السلام فى نفسه يسالم الأحياء والأشياء..
أستاذة أسماء حدثينا عن أهم مواقفك الشخصية معه ؟
المواقف كثيرة منها دعمه لنا فى مسألة التربية حيث كان مصرا فى أن أعرف حقوفى وكيفية مطالبتى بها.. فما أنا عليه الآن فضله يرجع للأستاذ
حيث كان توجيهه لى صارما إذا أخطأت وكان دقيقا فى كيفية أن يتعامل الأنسان بمستوى كبير من الرقى والإنسانية..
ومن المواقف: فى بداية عملى كمفتشة عمل بمكتب العمل حيث كان علينا حل المشاكل التى تنشأ بين المخدمين والمستخدمين فكنا نزور المصانع نرى مشاكل العمال ونحاول نحلها.. وكان أن زرنا مصنع لإنتاج (البشاكير) وبعد خروجنا أهدى لنا صاحب المصنع بشكير لكل واحد وواحدة منا وعندما عدت سألنى الأستاذ عن يومى وكيف كان العمل فسردت له ما حدث فغضب شديد، وقال لى كيف تأخذى بشكيرا من إنسان أنت ستكونين الفيصل فى قضية ترفع لك بينه وبين الشخص الضعيف المُستخدم عنده وقال" ألا تفتكرىن" إنو المسألة دى ما بتأثر على قرارك وتكونى منتمية لى زول أهدى ليك قبل كدا؟" وطلب مني إرجاع البشكير.. وهذ صورة من صور التربية النادرة..
تم أول إعتقال للأستاذ فى يونيو من العام 1946، وتم تقديمه للمحاكمة،حيث خيّر بين السجن لمدة عام أو إمضاء تعهد بعدم الممارسة السياسية فأختار السجن..حدثينا عن ذلك..
الأستاذ كان فى رفاعة ، وكانت هناك إمرأة ختنت بنتها ختانا فرعونيا فوشى بها أحد جيرانها وكان هناك قانونا يجرم هذا النوع من الختان فخرج الأستاذ للمسجد ودعا للمقاومة وقال للناس" إن الإستعمار ليس لديه حرص على حياء المرأة السودانية ، وقال أن الإنجليز ليسوا حريصين على تعليم المرأة وألا كانوا قاموا بفتح المدارس لتعليمها وقال ان الختان عادة رذيلة لكنها متأصلة ولا يمكن محاربتها بالقوانين بل بالتربية والتوعية فقاد الناس حتى كسروا السجن وأخرجوا المرأة منه..فأعتقل فى تلك الفترة لهذا السبب.
للحزب الجمهورى صفحات ناصعة البياض فى النضال لأجل الإستقلال وفى النضال من أجل إسقاط أنظمة القهر..تحديدا حتى سقوط نميرى..لكن وحسب العديد من المراقبيين تراجع ذلك الدور كثيرا..فماذا تقولين فى ذلك؟
بطبيعة الحال وجود الأستاذ بين الجمهوريين كصاحب للفكرة لن يكون كعدم وجوده فالفكرة لحد بعيد هى فكره لها جذورها الدينية والروحية،وعندها علاقة بعلاقة الأستاذ مع(اللّه)..لذلك فغياب الأستاذ خلق فراغا كبيرا جدا وبعد إعدامه حدثت مشكلة كبيرة جدا فى افهام الجمهوريين ومسألة تقييمهم لفكرتهم بتقييم واقعهم وأخذ ذلك فترة طويلة لكن الأخوان الجمهوريين الآن بداو فى جمع أنفسهم ولحد كبير بدأت المسألة تتضح جوانبها وبدأت حالة من الحركة على المستوى الفردى حتى وإن لم تكن فى المستوى الجماعى .
فى الرابع من يناير 1985 ثحدث الأستاذ فى ختام مؤتمر الإستقلال عن ما أسماه بالفداء (ضرورة أن يفدى الجمهوريون الشعب السودانى) وإستشهد بالعديد من المتصوفة فى ذلك..
حدثينا عن الفداء عند الأستاذ وعند الجمهوريين ؟
بمجرد خروج الأستاذ من إعتقاله الذى كان فى ديسمبر 1984 إجتمع بالاخون والأخوات وتحدث عن مسألة الفداء وقال نحن لم نخرج من السجن لنرتاح وقال النظام أخرجنا من السجن ليطبق القانون ويقول للناس أن لدينا تجاوزات قانونية معينة وقال نحن لن نصمت فالشعب السودانى يجلد ويهان، فعلقت واحدة من الأخوات الجمهوريات قائلة عندما ذهبنا للمحكمة كان هناك شيخ كبير يجلد والقاضى شاب صغير السن واقفا يشاهد بمتعة فقال الأستاذ مشاهد كهذه نحن لن نسكت عليها فالشعب يهان ويقطع بإسم الشريعة وقال نحن سنتحدث فى هذه المسألة وقال نحن سنذهب لنفدى الشعب السودانى وقال أن مسألة الفداء مسألة متواترة فى التصوف لكنه بالنسبة للعلمانيين مسألة قد يصعب فهمها لكن للناس"العندهم قدم فى التصوف سهلة ومعروفة" ..
وقال للأخوان"لقد أمضيتم زمنا طويلا فى الإنشاد والمعارض الدينية وجاء الوقت لتجسيد المعارف بان تعلموا الشعب السودانى شيئا بأن تقفوا موقفا حول كيف يحدث فداء للشعب السودانى..وفعلا هذا هو الموقف الذى وقفه الأستاذ كصاحب الدعوة التى أطلقها بقيامه بتمثل الموقف الذى دعا له.
بالعودة لخطبة الأستاذ محمود فى مسجد رفاعة التى إستنهض فيها الشعب الدفاع عن المرأة التى نزعت من بيتها وسيقت إلى السجن فتوحدت المدينة لإطلاق سراحها..
حدثينا عن كيف تناول الأستاذ محمود المرأة فى أفكاره ودعوته وممارسته اليومية والسياسية؟
الأستاذ تحدث عن تطوير التشريع الإسلامى فيما يخص قضية المرأة وقال عندما جاء القرن السابع كانت المرأة توأد حية وقال أن كبار الصحابة(مشيرا لواقعة سيدنا عمر فى وأد إبنته) وقال هذا هو الذى وجد الإسلام الناس عليه فى ذلك المجتمع فلذلك فى ذلك الوقت لم يكن من الممكن تحرير المرأة ويقول للناس ساووها بالرجال قال لهم"لا توئدوا المرأة" (إذا المؤودة سئلت بأى ذنب قتلت) وقال يمكن حفظها بدل وأدها فى حفرة ، تكون حية لكنها مؤودة فى البيت لذلك جاءت الآية ( وأبقين فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) فقال ان البقاء فى البيت كأنه نوع من الوأد ، لأن المرأة لا تخرج إلا إذا ذهبت للعمل أو لضرورة، وعندما تخرج كأنها تحمل معها البيت ومن هنا جاءت سور كيفية إرتداء الملابس فى الشريعة (الحجاب) بإظهار المرأة لوجهها ويديها..وهكذا كان الوضع الذى عليه الإسلام قال إنه لا يمكن تحرير المرأة كل التحرير لكن حررها الإسلام بعض الشئ..
وقال ممكن الرجال يكونوا قوامين على النساء(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) وهذه آية القوامة التى منها تنزلت بقية التشريعات، فجاء الرجل ليكون قيما على المرأة وهى قوامة جاءت أن الرجل هو الذى يخرج للعمل ويكدح فقد قامت آية القوامة على الإنفاق وعلى حماية المرأة..
الفضيلة فى ذلك الوقت هى فى قوة الساعد لأن الرجل كان يحمى المرأة وعلى قوة الساعد أضيف إليها كسب المال فهذه أسباب مسألة القوامة التى منها جاء أنه من الممكن فى ذلك المجتمع أن يتزوج الرجل أربعة نساء ويطلقها ويؤدبها..
ومن ذلك شهادة إمرأتين تساوى شهادة إمرأة واحدة ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) ومسألة ضلالة المرأة فى ذلك الوقت لأنها كانت محبوسة فى البيت ولم يكن لديها قوة التفكير ولا الممارسة وأن الرجل ميراثه أكثر من ميراث المراة فميراث إمرأتين يساوى ميراث رجل..
وهذا إذا قسته بمجتمع القرن السابع الى كانت توأد فيه البنت حية،نجد هنا أنه قد أعطوها بعد الحقوق..
الآن الوضع مختلف فستجد النساء فى مختلف المهن، فلا يمكن أن تدعو للإسلام وتقول لإمراة أن الرجل قيّم عليك وممكن يأدبك ويأتى بثلاثة نساء عليك وشهادتك أقل من شهادة الرجل...
وهذا عقلا لا يمكن ومنطقا غير ممكن..فالأستاذ يقول هل الإسلام حل مشكلة المرأة المعاصرة أم لم يحلها؟ هو عنده يقين أن هنالك حلا لمشكلة المرأة ومشكلة الرجل على أن يتطور التشريع من القرآن المكى للقرآن المدنى الذى تكلم عن مساواة المرأة والرجل أمام الله فقال مثلا( ولا تزر وازرة وزر أخرى)(كل نفسِ بما كسبت رهينة) وقال الأستاذ إذا كانت المرأة أمام الله تعامل على قدم المساواة فمن باب أولى أن إعطاءها الفرصة فى المجتمع لتكون مساوية له..تكتسب مثل الرجل لتحاسب على أعمالها دون وصاية من أحد عليها وهذا أحدث ثورة كبيرة فى فهم التشريع الإسلامى وفى فهم قضية المرأة..
الأستاذ كتب كتابا كاملا فى تطوير شريعة الأحوال الشخصية..ودعا الأستاذ النساء المطالبة بحقوقهن.. وتناول موضوع الزواج بصورة عامة ومسألة حقوق المرأة داخل الأسرة وتناول فى أحد الكتيبات تبسيط الزواج بأن يكون المهر رمزيا وأن تدخل المرأة بملابسها ودون تكاليف مراسم العقد تكون بلح وليمون وتكون المرأة مشاركة فيه ويكون للمرأة حق الطلاق بان يملكها الرجل العصمة.
بعد كل هذه السنوات التى مضت على إستشهاد الأستاذ محمود ..كيف تنظرون للعنف الذى تمارسه أنظمة البطش على قوى الإستنارة والتغيير؟
أنا بفتكر أن البطش الذى يحدث الآن هو فى رمقه الأخير فالقهر الذى يحدث الآن من جلد للنساء وتكريس الدعوة للشريعة الإسلامية..
ففى التأريخ عندما يتم إستخدام الدين فذلك يعنى أن هذه السلطة منتهية وبالنسبة لنا فى تأريخنا القريب أيضا ففى أيام نميرى الأخيرة تشبه ذات الأيام الحادثة الآن من مجاعة وإرتفاع فى الأسعار وغلاء المعيشة بالإضافة للتخويف بالدين والتخويف بالشريعة وهذا ما لجأ إليه نميرى فى أيامه الأخيرة ليطيل بقاءه،فبالعكس كان ذلك السبب المباشر فى تقصير عمره،النظام الآن يتجه لنفس السلوك وهذا يدل على خوف شديد جدا جدا ويدل على عجز النظام فى حل مشكلة الناس فلجأ لإسكاتهم وإرهابهم،لكن مهما طالت مدة القهر لابد من اليوم الذى يتحرر فيه الشعب ويقوى على مواجهة الأنظمة الغاشمة وهذا ما يحدث الآن فى تونس والمغرب والأردن ومصر فهذه كلها أنظمة فاسدة فساد كبير جدا إستغلت شعوبها لتبقى فى السلطة وعلى دماء عدد كبير منهم، أنا أعتقد أن الثورة قادمة. وهذه المرة إنشاء الله ستقودها النساء.
حدثينا عن الأيام الأخيرة فى حياة الأستاذ وعن يوم إعدامه ؟
طبعا فى الأيام الأخيرة كان الأستاذ معتقل فى سجن كوبر لذلك لم تكن هناك فرص كبيرة لملاقاته، لكن حسب روايات وشهادات الأربعة الذين كانوا موجودين معه ، قالوا أن الأستاذ قال لهم: أأنتم واثقين من أنكم تعملون فى الواجب المباشر لدينا كأخوان جمهوريين تعبير يقول الأستاذ أنك فى يومك تمر عليك كثير من الواجبات لكن العقل القوى هو الذى ينظم هذه الواجبات ويضعها فى خط هذه خلف تلك،أول خط نسميه الواجب المباشر..فالأستاذ كان يسأل الناس: هل أنتم متأكدين أن الذى تفعلونه هو الواجب المباشر؟ فالأخوان كانو مقتنعين أنهم يقومون بالواجب المباشر واجب مقاومة الهوس الدينى وقوى التطرف الدينى.. عند ذلك لاحظ الأخوان أن الأستاذ كان يحيا المسألة هذه بكل تفاصيلها الدقيقة ، فعندما كان يحلق كانوا جالسين قربه يتم ذلك وهو سينفذ حكم الإعدام ضده غدا، وكان لدى أحدهم حذاء جديد"فلبسه بإدخال جزء من رجله لا "كجزمة" ولكن "كشبشب" ، فقال له الأستاذ لماذا تتعامل مع الحذاء بهذه الطريقة وكان الإخوان مستغربين لرجل سيقتل غدا فكيف يكون نظره لمثل هذه الأشياء ، وهذا ما يسميه هو بالإحسان فعندما تقوم بعمل يجب أن تقوم به بإتقان شديد دون إنتظار للنتيجة وكان يقول أن الحياة الكاملة أن تعيش اللحظة الحاضرة ولا تكون متوترا فى الماضى لأن الماضى غير موجود ولاتنظر للمستقبل لأن المستقبل لم يأتِ، فالأخوان لاحظوا أن الأستاذ كان يحيا هذا الموضوع بدقة كبيرة جدا وهكذا كانت حياته كلها.
يوم التنفيذ أيضا لم نكن حاضرين فقد كنا متوقعين حدوث فعل فى الجامعة،وعندما خرجنا فى إتجاه كوبر وجدنا الشوارع مدججة بالقوات والبوليس ولم نتمكن من الوصول لكوبر فذهبنا لمنزل خالتنا التى كانت تقطن قرب السجن، وعند ذلك جاءنا خبر تنفيذ الحكم.
لماذا لم يقاوم الجمهوريون الإغتيال ؟
لأنهم كانوا يعرفون أن الأستاذ هو صاحب الموقف وهم لم يكونوا يعملون أى عمل بمعزل عن عمله لأن الأستاذ كان يتقدم فى كل المواقف، وكان هنالك نوع من الأدب فى سلوك الأخوان تجاهه،أيضا الفكرة الجمهورية كفكرة دينية قائمة على مسائل روحية العمل فيها لا يقوم بطريقة الأحزاب العادية كمقاومة فقط، فهناك مسائل كثيرة ومعقدة فى الإعتقاد والعمل الروحى وفى الإنتظار وفى الدعوة لإصلاح المجتمع وعودة المسيح ولآخره وهذه مسائل كانت تقف أمام الجمهوريين فى القيام بعمل و يكون غير المطلوب..
أين الجمهوريون من الحراك اليومى الفاعل؟
إن عملنا الآن عمل فردى فلا يوجد تنظيم يضم الجمهوريين،لكن هناك أفراد جمهوريون مقتنعون بفكرة الأستاذ يدعون إليها بطرقهم، بالكتابة فى الصحف وغيرذلك ولدينا ( ويب سايت)، نحن عملنا فى المقام الأول يقوم على ترقية النفوس وتوعية الشعب..حيث فرص المنابر أمامنا غير ضيقة، ففى إفتتاح المعرض السابق أرسلنا دعوات لكل الصحف وكل القنوات الفضائية حضر منهم ثلاثة أو أربعة صحف فقط،هناك تشويه كبير جدا للفكر الجمهورى، فمازال جزء من الناس يعتقد الكفر فينا ويعتقد أننا مرتدين..المساحة التى نتحرك بها ضيقة جدا، وبقدر ضيقها بدأت فى الإتساع وأنا أعتقد أن مركز الأستاذ محمود له دور فاعل فى صراع الأفكار لإعطاء فكره مع بقية الأفكار الأخرى والإنتماءات الفكرية الكبرى لتتصارع وفى النهاية يبقى الأصلح .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.