وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الشيخ النيل أبو قرون شيعي؟ (1)
نشر في حريات يوم 14 - 02 - 2014


[email protected]
أتت قناة الخرطوم بالشيخ النيل أبو قرون على شاشتها في حديث مطول عن كتبه وأفكاره وقد تناولها المذيع الإعلامي الأستاذ طارق المادح جميعها. والمفاجأة بالنسبة لي أو ربما للجمهور أيضا – إكرام وزارة الأوقاف الشيخ النيل أبو قرون على نفس فكره وكتبه التي أُهْدِرَ فيها دمه من قبل موظفين احتلوا مقاعد سيادية ويعملون في المعسكر السعودي براتب ريالي شهري بقيادة المدعو عصام.
ومن ضمن الموظفين أحمد على الإمام، ويعتبر هذا طابور خامس "خفي" ومات بسبب إفراطه في تعاطي الفياجرا – إذ بلغتني أخبار صادقة إنه تزوج من طفلة هي أقل من العشرين في أوائل الألفية.. هذه الطفلة لسوء حظها أتته بخطاب توصية ليجد لها وظيفة ليتمها وكثرة أخوانها وأخوتها البنات سعيا لمساعدة أمها الأرملة.. ف "وظفها" رجل السعودية الذي يكبرها بأربعة أضعاف ليشبع شبقه وشهوته كما يفعل السلفيون الوهابيون .. "تزوجها حتى يساعدها". تسبب الإفراط في تناوله لحبوب الفياجرا في إحداث جلطة بالدماغ – سموها "ورما بالدماغ" سترا لحال الرجل الشبق المتصابي. وبمال هذا الشعب المسكين تم علاج أحمد علي الإمام بلندن دون نجاح.
وهنا تساءل الكثيرون لماذا ظهر الشيخ النيل أبو قرون على شاشة قناة الخرطوم في هذا الوقت؟
أي ظهر في الوقت الذي "تمعط" فيه المعارضة السياسية جلد المؤتمر الوطني – ولن ترضى المعارضة السياسية بأقل من عملية عكسية لما يسمى سياسيا ظاهرة التمكين. ما هي الجهة التي قصدت استخدام "كرت" الشيخ النيل أبو قرون كي يهيج "أعصاب" عبد الحي وعصام؟ وهل كلما أصبح المؤتمر الوطني في "زنقة-زنقة" يفجر قنبلة ليشغل بها الساحة السياسية؟
أجزم بعض المحللين السياسيين أن ظهور الشيخ النيل حركته أصابع في المؤتمر الوطني وبمثابة ال "كرت الأصفر" الرياضي لتقليم أظافر السروريين والسلفية الوهابية – أي انتهى الدرس يا غبي.
ومن تتبعي لردة فعل عصام وعبد الحي لظهور الشيخ النيل العلني، وجدتهما يخاطبان المؤتمر الوطني أكثر مما يخاطبان الشيخ النيل أبو قرون. عبد الحي نعت الشيخ أبو قرون بالزنديق. وأيضا بالجاهل.. حتى أن عمامته السوداء لم تنج من "تكفير" السروري.. فالنيل زنديق زنديق حتى ولو لبس العمامة في زعم عبد الحي. وتحاشى عبد الحي أن ينعت الشيخ النيل بالكفر الصريح وأستبدله بتعريف جديد لمصطلح الزندقة .. لم تعرفه العرب في تاريخها. فالزنديق في لغة العرب وقواميسها هو الكافر وأشتهر اللفظ في العصر العباسي، وعقوبة الزندقة قطع الرأس بالسيف العباسي. أما اليوم فالسيف السعودي جاهز!!
لقد خاف عبد الحي أن ينعت الشيخ النيل بالكافر فوصفه بالزنديق، وفسر لنا الزندقة بالتذبذب..
ولكن عبد الحي كان أكثر صراحة من عصام في طعنه ل "دين" دولة الشيخ حسن الترابي بظهور الشيخ النيل العلني، ففي زعم الأمرد السروري ليس حدود الله مقامة على الوجه المطلوب في هذه البلاد. وتعزى هذه الصراحة إلى أن عبد الحي لديه هامش حركي أكبر.. لأنه يقبض معاشه مباشرة من "القيادة السرورية" أي من المخنث محمد العريفي (مفني نكاح الجهاد) وناصر العمر، وسلمان العودة، وربما من العرعور.. (الذي أعترف علنا إنه شاذ جنسيا على شاشة التلفزيون..).. بينما عصام يعتاش – فضلا عن الراتب الذي يتلقاه من السفارة السعودية- على مسجد والد عمر البشير، ولأنه لا يمتلك هامشا حركيا أكبر لذا وضع عصام سمه في كأس الشيخ أبو قرون وليس في كأس حكومة البشير.
فَشْخَر عبد الحي –أي زادها حبتين- غضبا من ظهور النيل مجددا وعلنا بنفس أفكاره التي حوكم عليها في الغرفة المغلقة وأنتج فيديو كليب ووضعه في اليوتيوب، وزعم فيه أن أرض الخرطوم ارتجت رجا قبل عشر أعوام حينما (قال الشيخ النيل أن عبد الله بن سلول كان مؤمنا، فضجت الدنيا وتعرض الأمن الاجتماعي في هذه البلاد للخطر.. أي الناس غضبوا., هذا الرجل جيء به.. وجلس معه مجموعة من العلماء . وكنت تابعا لهم..) إلى أخر نفخته في تعظيم نفسه كشخص مهم.
قطعا لم نسمع بهذه الثورة أو الضجة المزعومة في الخرطوم حتى يقرر عصام وعبد الحي والمقبور أحمد علي الإمام إنقاذ البلاد من شر النيل أبو قرون، ولم تك جلستهم تلك إلا بسرية ومن خلف ظهر مجتمع الخرطوم. وتم تصوير الجلسة دون علم الضحية لابتزازه.
ضجة الخرطوم هذه المزعومة رغب بها عبد الحي أن ينبه حكومة الترابي إنهم –مثل مرسي سيولعونها- إذا تناقص هامش الحريات الممنوح للسلفي لصالح المفكرين الإسلاميين. رغم أن حديثه موجه للشيخ النيل… لكن عبد الحي قصد تهديد الحكومة، بأسلوب إياك أحكي وأسمعي يا جارة!! وقالها عبد الحي صريحة في الشيخ النيل بالاستشهاد بعلمائه الوهابيين: من أمن العقوبة ساء الأدب!! ويقصد خروج الشيخ النيل سالما بعد تلك "الزنقة" في الغرفة المغلقة لمعاودة أقواله تلك علنا في تلفزيون الخرطوم، فهي قلة أدب!! وأجزم عبد الحي: "ليس حدود الله مقامة على الوجه المطلوب في هذه البلاد"، وسخر من قول الإعلام السوداني للسروريين "عليكم الحجة بالحجة" – وأعتبر عبد الحي السروري الحجة بالحجة "هراء".
ولكن عبد الحي ابتلع ال "هراء" وأخذ يُذكِّر حكومة البشير بأنه "حجة الله" ولا عالم سواه حين نعت النيل قائلا: "هذا الرجل في ميزان العلم ليس بشيء". العلم!؟ ومع ذلك لم يخرج هذا الأمرد السروري أي "علم" سوى تهديد الحكومة والسباب التكفيري وإدعاء الدفاع عن النبي وصحابته والسنة. ولماذا يخرج عبد الحي علما؟ فالرجل ليس معنيا بحق بما قاله النيل أبو قرون، فحنقه مركز على الحكومة. يمكن ملاحظة تلك المرارة الشديدة على الحكومة في حلق عبد الحي، لقد شعر الرجل بإطلالة الشيخ النيل التلفازية أن الحكومة سحبت البساط من أسفل أقدام السروريين.
لا شك إن إطلالة النيل أبو قرون على شاشة قناة الخرطوم الحكومي سودت وجوه أصحاب تلك المحاكمة البربرية المغلقة ودمغتهم بالنزق وبالظلم وبإتباع الهوى. هذه الإطلالة تدين عصام الذي استغل فرصته كوزير للأوقاف.. كأن يمارس تمارين تكفيرية على الشيخ النيل أبو قرون تعلمها في جامعة محمد عبدو. وهذا العصام "ماكينة تكفيرية"، بينما البعض يرى إنه "كاسيت تكفيري" زيادة في السخرية. نقول، هذا العصام حين رجع للخرطوم، يسبقه مرتب بالريال السعودي من السفارة السعودية بالعمارات عام 1982م، كان شابا خريجا حديثا من جامعة "محمد عبدو" يضع ساعته في رسخ يده اليمنى.. فهو من أهل اليمين هكذا علمه شيوخ بن باز، مقصرا جلبابه مثل أنصار السنة الوهابيين، وأول شيء فعله الخريج عصام عند وصوله للخرطوم … كفر الشيخ الترابي!!
هذا الشاب الأرعن خريج عام 1982م يقيم لاحقا محكمة ردة بخفية للشيخ أبو قرون. وقتها 1982م كان الشيخ النيل أبو قرون قاضيا أو مستشارا بوزارة العدل.
هل عصام فهلوي؟ اللهم نعم. فماذا يعني فور تخرجه يكفر الشيخ حسن الترابي؟ لو قلنا عصام شتم الترابي بالتحايل السياسي، أو سبه بالجهل، لقلنا "معليش" ربما رغب عصام في أن يشق طريق نحو الشهرة. ولكن أن يكفر عصام مسلما .. هذه تحتاج إلى أهلية علمية لا تقل عن عشرين عاما، مع توفر الشروط الشرعية فيمن يتم تكفيره. بل أغلق رسولنا  باب التكفير حين قال: ""أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه". ولقد فعل الشعب التونسي خيرا حين وضع مادة في دستوره الجديد قاومها الغنوشي وحزبه، تقول: ممنوع التكفير!! وبهذا الأسلوب تم إغلاق الباب على موظفي المملكة السعودية ممارسة هوايتهم في تكفير المسلمين السنة الأشعرية.
كانت التهمة الموجهة للشيخ النيل أبو قرون الردة بقصد "إذلاله" كي يطلب الاستتابة، وليست لكونه شيعيا كما كررها المذيع الأستاذ طارق المادح. لقد كرر الأستاذ طارق المادح لفظة الشيعة بدلا من الردة كثيرا دون داعي – وربما رغب أن يعرف هل الشيخ النيل شيعي أم لا. ولم تك هذه الردة المزعومة إلا لقول النيل أبو قرون أن آية عبس هي في عثمان بن عفان وليس في النبي، وأنا أؤيد الشيخ النيل أن عبس وتولى هي في نعثل اليهودي عثمان بن عفان. ولأنهم يصرون لصق صفة العبوس لنبينا وليس لنبيهم عثمان، لذا جعلوا المحاكمة سرية، لأن عصام وعصابته يخجلون أن يدافعوا عن عثمان علنا وليس عن خاتم الرسل!! ولم يأبهوا لحجة النيل أبو قرون أن نبينا معصوم، فكيف يعبس معصوم لأعمى فقير؟
وبالمثل احتجاج الشيخ النيل أبو قرون أن نبينا معصوم لا يعصي ربه (وهذا رأي كافة المسلمين إلا قلة شاذة)، وعليه لم يرى الشيخ النيل إلا تناقضا مع العصمة حين يقولون أن نبينا المعصوم صلى على منافق، فأستنتج الشيخ النيل أن ابن سلول ليس منافقا.
هل فعلا صلى نبينا على ابن أبي سلول؟ وهل ابن أبي سلول منافق؟
لقد أخطأ الشيخ النيل أبو قرون في أطروحته البحثية، ولا يحتاج سوى إلى من يصوبه الحجة بالحجة، وليس تكفيره وزندقته. وكللك لا نقول للشيخ النيل أن لك أجرا لو أخطأت، لأن حديث الأجر لمن أخطأ والأجرين لمن أصاب الاجتهاد حديث موضوع أخترعه عمرو بن العاص (لأخيه من أبيه) معاوية بن أبي سفيان. هو حديث آحاد انفرد به عمرو بن العاص. يكفي مراجعة قول محمد بن حزم الأندلسي في المحلى ما قاله في هذا الحديث، وأشار إلى أن هذا الحديث يطعن في نفسه بالوضع لأن الله تعالى لا يُمضي الخطأ في الدين!! وهذا منطق صحيح. ويمتاز بن حزم كونه مواطنا أندلسيا بعيدا من سيف خلفاء المشرق العربي وقد أعمل عقله بحرية رغم أنه أموي يعظم الشيخين. ويمكن الملاحظة أن كتب بن حزم لا تطبع في الإقليم العربي، أو يحذف منها، ويضعونه في القائمة السوداء.
يعزى خطأ الشيخ النيل في أطروحته، رغم منطقيتها، ووجاهتها، إلى قلة المصادر والمراجع الإسلامية التي في يده. فهذه الأطروحة حول ابن أبي سلول ربما وضعها في التسعينيات. وهو نفس الخطأ الذي وقع فيه المفكر محمود محمد طه حين نفخ الكير ضد الشيعة الإمامية، وكان واضحا في كتابه إنه كان متأثرا بفترة النميري وصدام حسين. ولا نلوم المفكر محمود محمد طه فيما وصل إليه لأن كتابه في الشيعة الإمامية هو عمل 1980-1983م، وفي هذه الحقبة من الثمانينيات لم تتوفر المصادر الشيعية المباشرة له، أو للجميع، وكل ما كتب المفكر محمود عن الشيعة الإمامية مرجعيته كتب لآل سعود الدعائية، ولحزب البعث الصدامي. أضف إلى ذلك، إذا عذرنا المفكر الراحل محمود محمد طه، فالشيخ النيل أبو قرون ليس معذورا، لأن الله أكرمه بالانترنيت، وفيها ربما جميع المصادر السنية والشيعية، وهي أي الانترنيت تثير شهية أي باحث.
نحن لسنا مع أطروحة الشيخ النيل التي أثارها حول إيمان عبد الله بن أبي بن سلول، بل مع ما قاله الباحث الإسلامي الدكتور نجاح الطائي!! وقد كتب بحثا قيما في موضوع ابن أبي سلول يغني الشيخ النيل عن الكثير من العنت الذي يواجهه من شخوص جهلة مثل عصام وعبد الحي. وخلاصة الأمر في هذا الموضوع 1) عبد الله بن أبي بن سلول منافق، بل رئيس المنافقين (توفى 9ه)، 2) إن الرسول صلى الله عليه وآله لم يصلي على جثمان عبد الله بن أبي بن سلول ولم يقم على قبره، 3) سورة التوبة نزلت تباعا أي كقطعة واحدة عام 8ه):
(أستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين) التوبة، 80، (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) التوبة، 84.
أما الحديث النبوي [....(..).. فلو أعلم إني إن زدت غفر الله له لزدت، ثم صلى عليه، ومشى خلفه، وقام على قبره] فهو حديث موضوع. وقد بنوه على زحزحة معنى الآية 80 من سورة التوبة كما لو هي تخيير للنبي صلى الله عليه وآله، ولم ينتبه واضعوه أن سورة التوبة نزلت تباعا كقطعة واحدة.
وقد أخرج هذا الحديث الموضوع كلا من البخاري 3/167؛ ومسلم 8/120؛ والنسائي 1/284؛ ومسند أحمد 3/371؛ والترمزي، وابن أبي حاتم، والإمام أحمد بن حنبل، وابن جرير، وهو الحديث 4403 من الكنز، المحلى 5/118. هذه الرواية فيها تمجيد لعمر بأنه أصبي دينا وأعلم منه، بينما الحقيقة تتمثل في تخطئة عمر لنفسه في هذه المسألة
ومع افتراض أن الحادثة حقيقية كما سيأتي التفسير في الفقرة التالية، يبقى السؤال: كيف؟ فعمر بن الخطاب بُخطِئي نفسه لاعتراضه على الرسول – وقد ندم عمر على ذلك، بعد توضح الأمور لديه، فقال: (أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قط) أخرجه ابن أبي حاتم، الحديث 4404 من الكنز,
كيف؟ وكيف كان الأمر، ولماذا زورت قريش والخط الأموي حديث صلاة النبي  على زعيم المنافقين ابن أبي سلول؟ أين الحقيقة؟
المصادر الشيعية تكشف الحقيقة:
وفي تفسير العياشي للقرآن الكريم (المُتوفَىَّ عام 320ه) الرواية التالية: عن الإمام الباقر عليه السلام، قال: (توفى رجل من المنافقين فأرسل رسول الله  إلى أبنه: إذا أردتم أن تخرجوا فأعلموني، فلما حضر أمره أرسلوا إلى النبي عليه وآله السلام فأقبل نحوهم حتى أخذ بيد أبنه في الجنازة فمضى، قال: فتصدى له عمر، ثم قال: يا رسول الله أما نهاك ربك عن هذا أن تصلي على أحد منهم مات أبدا أو تقوم على قبره، فلم يجبه النبي . قال: فلما كان قبل أن ينتهوا به إلى القبر قال عمر أيضا لرسول الله : أما نهاك الله عن أن تصلي على أحد منهم مات أبدا أو تقوم على قبره ذلك بأنهم كفروا بالله وبرسوله وماتوا وهم كافرون!؟ فقال النبي لعمر عند ذلك: ما رأيتنا صلينا له على جنازة، ولا قمنا له على قبر!! ثم قال: إن أبنه رجل من المؤمنين، وكان يحق علينا أداء حقه، وقال له عمر: أعوذ بالله من سخط الله وسخطك يا رسول الله).
هذه الرواية الشيعية إذن تثبت عدم صلاة النبي على هذا المنافق الميت طبقا للفرض القرآني في عدم جواز الصلاة على المنافقين. والطريف أن البخاري نفسه كذبه (أي كذب الحديث) فَنَصَّ على أن سورة براءة نزلت كاملة قطعة واحدة، عن البراء، قال: آخر سورة نزلت كاملة براءة. (إذن) الآيتان (80 و 84) تنصان على حرمة الصلاة على المنافقين على خلاف من لا يعرف دلالة الآية الأولى فأعتقد سماحها بالصلاة على المنافقين. إذن الحرمة حاصلة في كلتا الصورتين.
مصدر رواية العياشي: الباحث الإسلامي الدكتور نجاح الطائي.
نحن نؤيد رأي الباحث الإسلامي الدكتور نجاح الطائي وأخذنا النص أعلاه من بحثه. وقصة ابن أبي سلول تحتمل ثلاثة أشياء، 1) إما أن الرسول صلى الله عليه وآله ساذج –والعياذ بالله- لم يفهم القرآن الذي ينزل عليه، 2) وإما أن تقول أن الحديث موضوع، وستجد نفسك مواجها بتكذيب صحيح البخاري. 3) وإما أن تقول أن ابن أبي سلول مؤمن وليس منافقا طبقا لعصمة الرسول.
ولقد أختار الشيخ النيل الخيار الثالث، وبهذا الخيار وقع في ثلاث أخطاء، 1) أن يُخطِّئ رسولَه دون أن يدري، 2) وأن يقوي من حديث موضوع وثالثهم 3) أخطأ الشيخ النيل حين وصف زعيم المنافقين بأنه مؤمن.
وهنا وقع الشيخ النيل في نفس ما وقعت فيه مدرسة أهل الكوفة بقيادة أبي حنيفة، إذ لقلة الأحاديث النبوية التي في أيديهم مقارنة بما في أيدي أهل المدينة من أحاديث نبوية، اخترع أهل الكوفة القياس. ما شوش على الشيخ النيل هو اعتماده على أن الرسول  معصوم، ومع إيماننا مثله بعصمة الرسول ، مع ذلك وقع الشيخ النيل في الخطأ لأنه لم يخطر في باله أن هذا الحديث أصلا موضوع، فهل خاف الشيخ النيل أن يقدح في صحة حديث البخاري فيفتح على شخصه أبواب الجحيم؟ كتاب البخاري يعتبره "الحرس "القديم" أصح الكتب بعد كتاب الله القرآن.
نقول للشيخ النيل، أبحث وأبحث كثيرا، عليك بالحصول على الكثير والكثير من المصادر، لا تكن مثل أهل الكوفة، ولا بأس من الخطأ، ولا بأس أن يصححك أخا لك في الدين، ولا بأس من الرجوع إلى الحق. ونحن مع البحوث الإسلامية الحقيقية وإن أخطأ صاحب البحث، ولسنا مع البحوث الجزافية التي تمارسها الجامعات السودانية وغيرها من سعودية ومصرية الخ، ونقول، لن تقوى شوكة الإسلام إلا بالبحوث الحقيقية، ولن يتوحد المسلمون إلا عبر البحوث الحقيقية.
وننبه الشيخ النيل أبو قرون بلطف، أن هوجة المدعو عصام وتوابعه مثل عبد الحي والمقبور أحمد علي الإمام وما فعلوه بك قبل عشرة سنوات من ظلم لا يشبه عمل العلماء – وأقله الابتزاز، كان ما فعلوه بك بإيعاز سعودي. والسبب واضح!! فالتطرق إلى ابن أبي سلول، وإثارة قضية الصلاة على "الميت المنافق" قد تجر في نظر "الحرس الأموي الجديد القديم" إلى ما لا يحمد عقباه. لماذا؟
لأن قضية حرمة الصلاة على المنافقين بنص القرآن الكريم سلم رسول الله م رايتها إلى الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان قبل رحيله. فحذيفة هو الوحيد من كافة الصحابة من يمتلك القائمة the List of Hypocrites التي تحوي أسماء المنافقين من الصحابة. من صلى حذيفة على جثمانه فهو في الجنة أو قريبا منها بفضل الله تعالى ورحمته، ومن لم يصل عليه حذيفة فهو منافق في الدرك الأسفل من النار، في قاع جهنم. إذن الصحابي الجليل حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه وأرضاه هو ثيرموميتر thermometer رسول الله . أنظر وتمعن وتفكر في هذه اللطيفة التي تركها لنا رسول الله  بعد رحيله؟ أنظر إلى حبه لنا كي ينقذنا من النار!! وإن لم يفعل هكذا الرسول  فكيف نفرق ما بين المنافق وغير المنافق من الصحابة؟
ولكي تفهم الهيجة عليك يا مولانا الشيخ النيل أبو قرون، هب أن سائلا سأل هل صلى حذيفة (ر) على جثمان أبي بكر؟ أو صلى على جثمان عمر؟ أو صلى على جثمان عثمان؟ أو كأن يسأل سائل السؤال بشكل آخر، هل صلى الإمام علي (ع) (وخذ معه أبا ذر، بلال، المقداد، سلمان، بن عباس، عمار، بن مسعود، أبي بن كعب الخ) على جثمان أبي بكر، أو على جثمان عمر، أو على جثمان عثمان؟ ولماذا أوصت قبل رحيلها فاطمة الزهراء عليها السلام ألا يصلي عليها الشيخان أبو بكر وعمر؟ ولماذا أوصى أبا ذر، وعبد الله بن مسعود عمار بن ياسر ألا يصلي عليهم عثمان بن عفان عند دنو وفاتهم؟ ثم هل بايع الإمام على (ع) هؤلاء الخلفاء الثلاثة؟ وهل صلى الإمام علي (ع) مطلقا خلف هؤلاء الثلاثة في جمعة أو جماعة؟
هل الشيخ النيل أبو قرون شيعي؟
نجزم أن الشيخ النيل أبو قرون ليس شيعيا بالمعنى الاصطلاحي الإمامي الأثني عشري. ولكنه مفكر إسلامي، وفي أصول الدين أي العقيدة سنيا أشعريا، وفي فروع الدين ربما سنيا مالكيا أو شافعيا أو حنفيا ولكنه قطعا ليس حنبليا، متصوفا وبوصلته الجنيد البغدادي، ويحب رسوله ويحب آل بيته. وما يميزه عن غيره إنه يدرس كل شيء في التراث بعقله وفكره ويتدبر وهو المطلوب في المسلم أو المؤمن الحق، ويمتلك منطقا قويا يفحم به علماء العامة أمثال عصام وعبد الحي اللذان لا يشبهان العلماء. ولا شك أن غاية المؤمن هو حب محمد وآل بيته ويُعتَبر حبهم فريضة فرضها الله على المسلمين والمؤمنين [قل (لهم يا محمد) لا أسألكم عليه أجرا (لبلائي في تنزيل السور) إلا المودة في القربى (أي المودة لذريتي ولأرومتي)] – وهي سمة الشيخ النيل أبو قرون، إنه يود رسوله وآل بيته. ولكن هذا الحب لا يعجب الوهابية الخبيثة وتلاميذها، لأنهم يبغضون محمد وآل محمد، وينافحون عن الخط الأموي في سياق الحفاظ على السلطة السياسية وتوقير الخلافة ورموزها، فآل سعود يرفعون الراية الأموية كغيرهم من حكموا المسلمين لسد "باب البيت البجيب الريح" كما يقول الصحفي ضياء الدين بلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.