[email protected] الضرورات الموضوعية لنشؤ حركة سياسية جديدة تفتح قضية الحرب التى يعيشها السودان كدوله مستقله منذ خروج الاستعماروحتى اليوم الباب واسعا امام اسئلة جريئة عديدة ،ولكن فى هذه اللحظة التاريخية لمستقبل شعبنا يجب أن تكون هنالك اجابات شافيه بعد فشل اتفاق السلام الشامل الذى هلل له وتفائل به الشعب السودانى ولكنه افضي فى نهاية الامرالى فصل جنوب السودان ولم يحقق السلام ،وبالتالى تصبح شرعية النظام السياسي كله محل تساؤل، وهذا ما يجعل اعادة النظر فى طريقة ادارة الدولة مسألة ملحة وضرورية لتعريف طبيعة الازمة الوطنية فى السودان وأزمة الدولة نفسها،فهل الازمة هى ازمة ناتجة من فشل النخبة الحاكمة فى ادارة الدولة الوطنية بعد الاستعمار ،ام ان الازمة هى ازمة بنيوية تتعلق بتركيب الدولة نفسها وطبيعتها ؟ وبقرأءة سريعة لتجربة الحكم الوطنى نجد انها فشلت فى بناء الدولة الوطنية وتقاصرت الطبقة السياسية على مرالعهود فى التعاطي مع مسألة الحرب التى اندلعت والتى كانت واضحة فى اسبابها ولكن الاخفاق فى توقع تداعياتها على مستقبل واستقرار السودان ادى الى استفاحلها وبالتالى تعقدت فرص الوصول لحلول جزرية لها واصبح معها بقاء الدولة كما ورثتها من الاستعمار غير ممكن وان توفرت فرص جيدة لاستدامة السلام لولا الوقوع فى براثن تعقيد النظم السياسية التى كانت تدير الدولة عبر كل الحقب السياسية مدنية على قصرها(10سنوات )وعسكرية التى ظلت تديرمعظم الحياة السياسية( 46عاما)عبر التعاطي العنيف مع مسالة جنوب السودان باعتباره تمردا وليس ازمة سياسية تحتاج الى النظر ببعد استراتيجي لمسألة تغير بنية الدولة من كونها دولة انشاها الاستعمار وفق حدود وتصورات معينة لخدمة مصالحه الاستعمارية التى عمدت عبرها الى تكوين الدولة بالكيفية التى اورثتها للنخبة الوطنية بعد خروجه بدون اجراء اصلاحات بنيوية وجزرية فى التكوين الاستعماري ليصبح تكوين الدوله الجديده يليق بدولة محكومة بنظام وطنى وليس استعماري وتحتاج الى ادارة باسلوب وطنى وليس اسلوبا استعماريا تتوقف حدود ادواته فى الحكم على القمع والاخضاع العسكرى كما هو مشهود ومعمول به في ادارة الصراعات والازمات السياسية فى عهود الحكم الوطنى . بقرأءة تاريخ التحولات فى الدولة الوطنية فى السودان بعد الاستعمار نجد أن النخبة السياسية لم تعمل على احداث اصلاحات فى تركيب الدولة ونظامها السياسي بغرض قلب الدولة الاستعمارية لتصبح دولة مواطنة وليست دولة استعمار من خلال اصلاح نظام الحكم والادارة وادوات الحكم ،والثقافة السياسية وهى اختصارا يطلق عليها بنظرية الدولة ،بل حافظت على التركيبة الاستعمارية لجهاز الدولة المميزة بالثالوث الاستعمارى المستمر حتى الآن من خلال : 1بقاءنظام المؤسسة العسكرية كجهاز قمعي استعماري وفقا للنظرية الاستعمارية والتى كان يجلس فى قمتها سردارالجيش وهو الحاكم العام ،(فقد تغيرمن بعد الى القائد العام للقوات المسلحة )ونلاحظ استحوازها على اطول فترات الحكم عبر الانقلابات العسكرية ،وبالتالى مثل قاطع حاد لمسار التطور الديمقراطي فى البلاد . 2 و بقاء جهاز الدولة الاداري الذى يعتمد جباية الضرائب بغرض دعم جهاز الدولة والموظفين وليس خدمة المواطنين ،وهو جهاز البيروقراطية الخاضع لهيمنة اقلية الطبقة التجارية التى كونت احزابها على هذا الاساس . ،3وبقاء الحلف المنتفع من الاستعمار والمتعاون معه من خلال النظام الطائفي والقبلى الذى عمد الاستعمار الى الاستعانة به لتدعيم السلطات الاستعمارية لضمان ولاء السكان من خلال سلطات الزعماء التقليدين والدينين ،وحتى الحياة السياسية للاحزاب التى نشات خلال الفترة الاستعمارية ظلت كما هى مرتبطة بنفس الكيفية والنظرية السياسية التى تستند اليها ،لذلك نلاحظ حتى اليوم ارتباط القادة التقليدين للاحزاب السياسية بالطوائف الدينية ولم يستطيعو فكاكا منها حتى وان ادعت الحداثة فى تنظيراتها السياسية حول مسالة الديمقراطية والتحديث ،كل هذه العوامل تفسر الترديد الدائم فى الاطروحات السياسية التاكيد على ان تكون المواطنة هى اساس الحقوق والواجبات ،بالرغم من انها مسألة مسلم بها ،ولكن نظرا لازمة المواطنة الناتجة من تركيب الدولة على اساس استعمارى وفي وعي نخبة الطبقة التجارية دائما مايتم التشديد على مسألة المواطنة ولكن باسلوب يبعد صياغة الكيفية التى يتم بها جعل المواطنة هى اساس نظام الحكم . تعتبر السمات المميزة لنظام دولة الاستعمار هى الأزمة الجوهرية لازمة الدولة الوطنية فى السودان والتى ظلت تلازم تقلبات الحياة السياسية بكل اخفاقاتها وعجزها فى حل الازمة الوطنية المتمثلة فى قضية الحرب والسلام ، وظلت الطبقة السياسية تتعاطى مع المواقف السياسية وازمة اختلال بناء الدولة من ازمة تنمية ،ونظام الحكم ،ومشكلة الاقليات العرقية المتعددة ومسألة الحرب ضد اى حراك شعبي مسلح باعتبارها تمردات يجب ان يتم اخضاعها عسكريا ،ويكمن سر هذا العجز لدى القوى العسكرية التى تستولى على السلطة بواسطة الانقلابات التى تقوم عقيدتها اساسا على خوض الحروب الداخلية فقط باعتبارها استراتيجية دفاع عن الوطن ولم تتم اعادة النظر في هذه الاستراتيجية لانها تنسجم تماما مع الرؤى الايديولوجية التى تقوم على الاستبعاد والتهميش والاستغلال والتى هى ظلت تشكل عقيدة المؤسسة العسكرية ،واما القوى السياسية الحزبية فهي ظلت تتواطأ نتيجة لطبيعة تكوينها الاستعمارى وتعايشها ضمن ثقافة سياسية واحدة وهى بنية الوعي الاستعماري والتى تجعلتها مرتبطة ببعضهاارتباط شرطي مهما باعدت بينها تكتيكات السيطرة والهيمنة بينما نجدها تلتقى فى نهاية الامرفى بقاء الوضعية كما هى تحت دعاوى المحافظة "على المصالح العليا للدولة" وهى حقيقية لطالما ان المصالح هى المصالح الموروثة من الاستعماروتخدم اهداف الحلف السري المسيطر على الدولة وتعبر عن عقلية ووعي الطبقة السياسية الوارثة للنظام السياسي والدولة اذ ليس بمقدورها التنازل عنها لصالح حل الازمة الوطنية عبر كيفية جديدة تستهدف اعادة صياغة الدولة كمؤسسات ، ولكنها تخرج للعامة باساليب مضللة يتم فيها استغلال ادوات الدولة وجهازها الادارى بالاضافة الى التابعية المقدسة للزعماء الدينين والقبليين ،والنفوذ العسكرى الذى ظل مهيمنا على الحياة السياسية ليتم الالتفاف على القضايا لتعزيز امكانات الاخضاع والهيمنة والاستبعاد .