رسالة التحالف الي أمين عام جامعة الدول العربية د. نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية صاحب المعالي يتقدم التحالف العربي من أجل السودان، إلى معاليكم، بعظيم الامتنان على ما لمسناه من تعاون مع الأمانة العامة للجامعة العربية. تعلمون، معاليكم، أن تحالفنا، الذي كان يسمى في السابق "التحالف العربي من أجل دارفور"، يضم في عضويته أكثر من 100 جهة تناصر حماية ومساعدة من يعانون من أثار النزاع في شتى أنحاء السودان، وتسعى لتحقيق السلام لهم. ويشرفنا أن نرفع إلى اجتماع مجلس وزراء الجامعة المقرر له 9 – 10 مارس، توصياتنا، آملين أخذ في الاعتبار عند التحضير للقمة العربية في الكويت. إن التحالف العربي من أجل السودان على يقين تام بأن المقاربات الحالية لتحقيق السلام في السودان، لم تفض إلى حلول مستدامة، لأنها مقاربات جزئية بطبيعتها، تتعامل مع كل نزاع بمعزل عن النزاعات الاخرى. على أن أسباب النزاعات واحدة وأطرافها على صلة ببعضهم البعض. تلك الصلات تفرض ربطًا مماثلاً في جهود تحقيق السلام. لذلك، فنحن نؤمن بضرورة انتهاج مقاربة وطنية شاملة جديدة للسلام، وهي مقاربة أصبحت الآن أكثر إلحاحًا، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية على الأرض في دارفور، للعام الحادي عشر على التوالي. هذا فضلاً عن اقتراب النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق من إتمام عامه الثالث، دونما أي علامة على تحسن أوضاع نزاعٍ لم يلق الاهتمام اللازم من المجتمع الدولي، في ظل القصف المباشر للمدنيين بشكل شبه يومي، واستمرار نزوح أكثر من مليون إنسان، أو تضررهم بشكل مباشر، ومن بينهم أعداد كبيرة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وعلى الرغم من المعاناة، فقد عاد بعض من كانوا قد فروا إلى جنوب السودان، بسبب الأزمة هناك. يقترح التحالف العربي من أجل السودان التوصيات التالية: أن تتبنى القمة العربية المطالبات بانتهاج مقاربة شاملة جديدة تجاه إحلال السلام في السودان، وهو ما يتطلب أن يعمل الوسطاء في السودان معًا، وفي تكاملٍ، بغية التوصل، في نهاية المطاف، إلى دمج المفاوضات السياسية المختلفة في عملية وطنية واحدة. تمثل كلمة الرئيس البشير في 27 يناير 2014 فرصة طيبة، ولكن على القمة أن تصغي إلى هموم المجتمع المدني وما يراه من مواطن قصور، وأن تضغط من اجل خلق بيئة تمكينية تتيح للحوار أن يتسع إلى ما هو أبعد من الأحزاب السياسية الرئيسية، ليشمل المجتمع المدني، وغيره من أطراف فاعلة، إذ من شأن ذلك أن يساعد على ضمان تحقيق سلام مستدام على المدى الطويل. وهو ما يعني إنهاء القيود المتزايدة المفروضة على حرية التعبير – بما في ذلك في الإعلام – وحرية تكوين الجمعيات. يمثل القصف الذي يستهدف، بوضوح، المدنيين في جنوب كردفان والنيل الأزرق (المنطقتين)، انتهاكًا فجًا للقانون الدولي الإنساني؛ وقد وصل إلى ذروته – منذ اندلاع الأزمة في يونيو 2011 – في ديسمبر الماضي، وما زال مستمرًا. لذلك، فنحن نحث القمة على الاعتراف بالتوثيق الذي تم التحقق منه، وعلى أن تضغط من أجل إنهاء هذه الوحشية المتمثلة في قصف المدنيين. نحن ندرك أن هناك انتهاكات أخرى من الجانبين، بيد أن الانتهاكات المتمثلة في هذا النوع من القصف تعتبر صارخة على وجه خاص، ويجب الاعتراف بها على حدة. هذا فضلاً عن توافر صور مروعة لمدنيين يتعرضون للقصف في مناطق مدنية، ويعيشون في كهوف. تلك أعمال لا يمكن اعتبارها غير قابلة للتحاشي، في سياق الحرب في أي بلد. على الرغم من مرور ثلاثة أعوام على النزاع، ما زالت القيود المفروضة على دخول الخدمات الإنسانية إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق قائمة، وبصرامة، ولا يقتصر ذلك على المناطق التي يسيطر عليها المتمردون فحسب، بل يمتد إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة أيضًا. كذلك، فعلى الرغم من الجهود التي بذلتها جامعة الدول العربية، لم يكن النجاح حليف الاتفاق الثلاثي حول نفاذ الخدمات الإنسانية، والذي تم التوصل إليه في 2012. وهو ما يتعين معه أن تضغط القمة من أجل التعامل مع المشاكل الإنسانية بشكل منفصل عن العملية السياسية، وأن تساعد على خلق مبادرة جديدة تضمن النفاذ العاجل، وغير المعوق، للخدمات الإنسانية، اتساقًا مع القانون الدولي. بلغ عدد النازحين في دارفور العام الماضي فقط، 400,000 نازح، أي أكثر من عدد النازحين خلال العامين السابقين، مجتمعين، وما زال القتال مستمرًا، بل إن بعض التقارير أشارت، مؤخرًا، إلى احتراق 50 قرية في نيالى، إبان هجوم شنته مؤخرًا القوات الحكومية. هذا فضلاً عن احتدام القتال بين القبائل العربية. لكل تلك الأسباب، يتعين على القمة أن تثير قضية تدهور الأمن في دارفورن وأن تستجيب للتحديات التي يمثلها هذا التدهور فيما يتعلق بعملية السلام. تتمتع جامعة الدول العربية بعضوية منتدى شركاء الإيجاد حول جنوب السودان؛ وقد كان لأزمة جنوب السودان آثار مدمرة على الشعب هناك، بل وشكلت تهديدًا للسودان نفسه، وللمنطقة بأسرها. وهو ما يدعو القمة إلى الاعتراف بما تسببه تلك الأزمة من تأجيج للأوضاع من خلال عودة اللاجئين من جنوب السودان دون أن يجدوا لأنفسهم ملاذاً آمنًا، أو بقائهم ليعانوا الهجمات في جنوب السودان، بل وفرار لاجئين من جنوب السودان إلى السودان، وأن تستجيب القمة لكل تلك الأوضاع. من هنا، نرى أن على القمة أن تطالب بحماية اللاجئين والنازحين وفقًا للمعايير الدولية، وبضمان ألا تجري أية تحركات من شأنها تصعيد النزاع من جانب أي طرف داخل أو خارج السودان. وإذ نتطلع إلى المزيد من التعاون واللقاءات مع جامعة الدول العربية، والدول الأعضاء، نود لو تكرمتم بالرد كتابةً على هذه الرسالة، وأخذ هذه التوصيات في الاعتبار خلال القمة. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام، حجاج نايل السكرتير العام نسخة: للممثلين الدائمين بجامعة الدول العربية.