كمال كرار منذ 30 يونيو 1989 تحطم التعليم المفيد في بلادنا ، يوم أن أصبحت القرارات المتعلقة به في يد الجاهلين. تغيرت المناهج بحجة التأصيل ومسحت الجغرافيا لأنها تعترف بكروية الأرض ، وألغيت من المنهج قصة( طه القرشي مريض ) لأن أحدهم اكتشف أن طه واحد من أسماء الرسول ، وتغير السلم التعليمي إلى ثماني سنوات، حتى يصيب الملل التلاميذ والأساتذة وأولياء الأمور . ثم جاء عهد التراكم المالي على حساب المدرسة ، فصارت جدران المدارس واجهات للمعارض التجارية والبقالات والدكاكين على حساب المساحة المخصصة للطابور والأنشطة المدرسية . ثم قرر السدنة أن يقتلوا( جدادة ) التعليم العام و( خم) البيض عن طريق تجفيف المدارس الحكومية، ومنع القبول فيها لأجل بيعها للمحاسيب وقبض الثمن وتحويله للحسابات الخاصة . وظلت مرتبات المعلمين في المدارس الحكومية تتضاءل مقارنة بالغلاء ، وهو منهج مقصود لتطفيشهم إلى المدارس الخاصة أو إلى خارج السودان . وحفلت نتائج معظم المدارس الحكومية بالجملة المعهودة ( لم ينجح أحد) كيما تزدهر تجارة التعليم الخاص، وفي التعليم الخاص حكاوي وبلاوي ، ونتائج من بيت الكلاوي. وشيئاً فشيئاً صار أبناء الفقراء فاقد ( تربوي) وساقوا الركشات (بالقرض الربوي) ثم جاءهم فشل كلوي. ***وظهرت حكاية الموهوبين ، حتى ينفصل أبناء الغبش عن أبناء الميسورين، والفرز الطبقي لا يعرف المساكين. ولما استوت الحكاية ، وجلس التعليم على الشواية، قال السدنة( هيا إلى المحاية). وانتشرت المدارس القرآنية ، والخلاوي الدكاكينية، وهبرت الأموال على الحربوية والسحلية. وينجح في كل عام ربع الممتحنين، وبالدفرة تصل النسبة خمسين ، والنجاح في الانجليزي30 من مية ، والأمور واضحة مية في المية . وبعد أن غرقت مركب التعليم العام بفعل الكيزان ، وأبحرت سفينة التعليم الخاص إلي بر الأمان ، صاح السدنة:(لا لاختلاط البنات والفتيان) . وعليه وإلى حين إشعار آخر ستطرد البنات ، من المدرسة المختلطة الوحيدة في نواحي أربعات ، وتمنع الحوامل الأمهات من ولادة التوائم إن كانوا أولاد وبنات . فالاختلاط في الأرحام ممنوع بأمر الفقهاء والعالمات ، حتى لا ينفرد المولود بالمولودة في الليالي الحالكات ، ويخلفون أولاد وبنات ، ويكون الشيطان ثالثهما في شارع النيل الكائن قرب ( الكليوات) . ينحط التعليم في بلادنا لأن الجهل سيد الموقف ، وبلداً ما فيها تماسيح يقدل فيها الورل ، وفي الصيدليات لالوب وقرض ، وتمسح المستشفيات ويستوطن المرض ، ويمنع الإختلاط في مدارس الأساس من في نفسه غرض .