يا د. كامل إدريس: ليست هذه مهمتك، وما هكذا تُبنى حكومات الإنقاذ الوطني    بحث علمي محايد    عضو المجلس السيادي د.نوارة أبو محمد محمد طاهر تلتقي رئيس الوزراء    "وثائقي" صادم يكشف تورط الجيش في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين (فيديو)    السودان.. وفد يصل استاد الهلال في أمدرمان    الجيش السوداني يعلّق على الهجوم الكبير    اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: التقديم الالكتروني (الموحّد) للتشكيل الوزاري    "الكنابي": تهجير المواطنين بإزالة السكن العشوائي في الجزيرة والخرطوم تطور خطير    السودان.. كامل إدريس يعلن عن 22 وزارة    هل ستتأثر مصر في حال ضرب المفاعلات النووية؟    إيران تغرق إسرائيل بالصواريخ من الشمال إلى الجنوب    كامل إدريس وبيع "الحبال بلا بقر"    إنريكي: بوتافوجو يستحق الفوز بسبب ما فعله    "كاف" يعلن عن موعد جديد لانطلاق بطولتي دوري أبطال إفريقيا وكأس الاتحاد الإفريقي    عندَما جَعلنَا الحَضَرِي (في عَدّاد المَجغُومِين)    نص خطاب رئيس مجلس الوزراء "كامل ادريس" للأمة السودانية    الاهلي المصري نمر من ورق    الجمعية العمومية الانتخابية لنادي الرابطة كوستي    ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو والفوز بهدفين لهدف    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا قالت الصحف العالمية عن تعادل الهلال مع ريال مدريد؟    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    السودان والحرب    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما وراء رماد المليار القطري بالخرطوم
نشر في حريات يوم 23 - 04 - 2014

المبلغ المعلن عنه ليس سوى صفقة أرادت بها قطر استئجار مأوى لحلفائها الذين باتت إقامتهم بها مرهونة بمعضلات أكبر من قوة احتمالها.
يبدو أن النظام الحاكم في السودان يحتاج إلى رافعة أكبر وأقوى من المليار القطري الذي لم يؤثّر على الدولار الذي واصل هرولته أمام الجنيه السوداني وكأن شيئا لم يكن، ما جعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها السودانيون تبقى على ما هي عليه.
فالشعب السوداني لم يطربه رنين المليار بسبب اعتقاده المسبق أن الخزينة السودانية قد لا يصلها منه شيء حتى ولو كان المبلغ وديعة، وقد سخر ناشطو المعارضة السودانية من تلك المنحة المفاجئة التي جاءت في وقت تدور فيه العديد من علامات الاستفهام حول المانح الذي يعاني حصارا خانقا بسبب سياساته المرتبطة بالتنظيم الإخواني المتأسلم، وهو ما أفرز عدّة قراءات أهمها الاعتقاد أن المبلغ المعلن عنه ليس سوى صفقة أرادت بها قطر استئجار مأوى لحلفائها الذين باتت إقامتهم بها مرهونة بمعضلات أكبر من قوة احتمالها، غير أن الحكومة السودانية ليست في وضع يسمح لها بإيواء هذه القنابل البشرية الحارقة، ففي نهاية الثمانينات إبان فترة التمكين، كانت الحكومة متماسكة وتستطيع التّصرّف بمفردها غير عابئة بالنتائج ولا بالمعارضة، لأن المعارضة الوحيدة التي كانت تقر بها في ذلك الوقت، هي المعارضة المسلحة التي كان يقودها الراحل قرنق والتي انتهت بمأساة ذهاب وطن بكامله، ولكنها الآن بعد هذا العمر المديد الذي شربت فيه من ذات كأس الانقسامات الذي جرّعته لبقية القوى السياسية المعارضة، لم تعد قادرة على اتخاذ قرار بهذه الخطورة، فليست عمليا هي وحدها التي تحكم وتتحكم، فضعف القوى السياسية المعارضة سلميا في الداخل، لا يعني موتها أو عجزها عن الاحتجاج بوحشية أكبر من طاقات احتمال المؤتمر الوطني الضعيف، خاصة بعدما ذاقت أهوال الجماعات المتأسلمة لأكثر من ربع قرن، وأيضا بعدما انكوت بمثل هذا الإيواء المزعوم في التسعينات ما جعل الثمن المدفوع لا يزال مستمر الأقساط حتى اللحظة.
والقوى التي ترفع السلاح في وجه الحكومة، وتتحكم في مساحات مختلفة من أرض الدولة، لن تسكت أيضا، إضافة للموقف المصري الذي لن يقبل دون شك استضافة عناصر إرهابية في دولة لا يفصل بين حدودها معها فاصل معيق، ما يعني أنها ستكون أسهل المراكز للملمة شتات الطرف الإخواني الذي يخوض معها حالة حرب حقيقية .
القراءة الثانية لرافعة المليار العديمة البريق، كانت تتمثل في أن الرقم قد يكون وهما تم ترتيبه للاستهلاك الإعلامي وشغل الساحة عن حربها الحادة مع الحكومة، أو حتى شغل المُعلن لساحته المشترطة عليه إبعاد حرائق الإخوان عن الخليج، ليكسب مزيدا من الوقت يحاول من خلاله التدليل على سعيه «الجاد» إلى حل المشكلة، حتى ولو كان الثمن أن يرمي بتلك الجمرات الإخوانية الإرهابية الحارقة على هشيم لا يصعب امتداده لمصر في ظل وجود قبائل حدودية مشتركة، ووجود إخواني بين تلك القبائل، أو أن يكون الأمر حقيقيا، ولكنه لم يؤثّر في الحياة العامة، ونقرأ من الاحتمالين حرص الحكومة القطرية على نفخ الروح في حكومة المؤتمر الوطني كلما أشرفت على الفناء.
وبعيدا عن الرافعة القطرية فإن الرافعة الأقوى في يد الحكومة هي رافعة الحوار الوطني رغم ما عليه من ملاحظات، فالحوار الوطني هو المخرج الوحيد الذي تملكه البلاد للخروج من سقوطها الطويل، فالحرب التي لم تتوقف منذ ما قبل استقلال البلاد عام 1956، ظلت تستمد وقودها من عدم جدية الأطراف المتنازعة التي توارثت ثقافة النزاع، فجرح التخلّف والحروب يلزمه كيّ المصالحة الوطنية كي يتوقف النزيف المادي والبشري والمعنوي، وأطراف الصراع مسلحة كانت أو سلمية، حاكمة كانت أو محكومة، مسؤولة عن كل ما جرى ومسؤولة عن مستقبل البلاد.
فالجلوس لطاولة الحوار الوطني دون شروط مسبقة هو العامل الأهم في نجاحه، شريطة أن يجلس كل جالس بنيّة الاتفاق لا فرض الرأي وإقصاء الآخر، فالسودان ما عادت تحتمل أكثر مما احتملت، غير أن المصالحة الوطنية يجب أن تمتد فيها استعراضات صدق نوايا السلطة الحاكمة بإلغاء قانون الأمن وقانون الصحافة والمطبوعات، وهما يشكلان العقبة في سبيل التحوّل السلس الذي ترتفع فيه أصوات الإعمار بدلا عن صوت الرصاص، فمرحلة البناء تحتاج إلى الكثير من الوقت. وإضاعة أكثر مما ضاع في تدبير المؤامرات، وتكبير الأكوام والجلوس بيد بيضاء ممدودة في العلن، وأخرى حمراء قانية تطعن في الظهر، لن يفيد القضية السودانية بل يعقدها أكثر، ومن الصعب أن تتخلى الحكومة أو المعارضة التي قبلت التفاوض، عن تلك النزعة الأنانية التي ترسّخت في تركيبة الشخصية السياسية السودانية والقاضية دائما بالنظر بعين واحدة، ومحاولة إيصال فكرة الفرد دون استعداد لمجرد التفكير في معرفة الفكر الآخر.
فالحوار دائما بين كل القوى والحكومات يكون أحاديا كحوار الطرشان، فهل ستتنازل الحكومة، وأحزاب المعارضة عن هذه العادة المتأصلة، وتستوعب مقتضيات المرحلة ليبدأ الجميع مما يجمعهم من أرضيات مشتركة، بدل إضاعة الوقت في ملف يلحق الملفات السابقة التي لم تصمد أبدا ما جعلها تتناسخ بكمّ مذهل، وهل سيلحق المعارضون الرافضون بقاطرة المصالحة التي أضحت ضرورة ملحة أم أن جميع الأطراف تخطط لهدوء يسبق عاصفة جديدة؟
كاتب سوداني.
العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.