[email protected] نفى جونى كارسون مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية فى مؤتمرين صحفيين منفصلين عقدهما في وقت سابق أخبارا بأن هناك انقساما داخل الإدارة الأميركية بين وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والسفيرة في الأممالمتحدة سوزان رايس وآخرين في جانب، والجنرال المتقاعد سكوت غريشن مبعوث أوباما للسودان وآخرين في جانب آخر. وقال: «كلنا نعمل حسب سياسة واحدة، يشرف عليها الرئيس أوباما». وعلى الرغم من أن الأمريكيين كرروا الوعود بحذف اسم السودان من قائمة الدول المؤيدة للإرهاب في حالة فصل الشمال عن الجنوب،الا أن مساعد وزيرة الخارجية قال: إن هناك شروطا لذلك منها أن يثبت السودان أنه لا يدعم الإرهاب «بصورة مباشرة أو غير مباشرة». وأنه «لا يدعم أو يؤيد أو يمول أو يعطف على» الإرهاب. وأن ذلك يشمل «منظمات إرهابية أو لها صلة بالإرهاب». ومنظمات وجهات «داخل السودان أو خارجه». وقال إن «ستة أشهر يجب أن تمر بين إثبات ذلك واتخاذ قرار أمريكى . وأضاف أن الولاياتالمتحدة لم تتعهد لحكومة البشير برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، لكنها تعهدت ب«النظر في الموضوع». وعن رفع العقوبات التي كان الكونغرس قد فرضها على السودان، قال كارسون إن الموضوع «ليس قرارا تتخذه الخارجية، ولكنه قرار عند الكونغرس». وقال إن الكونغرس فرض العقوبات على دفعات، منها الدفعة الأولى، بسبب سياسات حكومة السودان المؤيدة للإرهاب، ثم بسبب مشكلة دارفور. وقال إن موضوع إعفاء السودان من ديونه الخارجية، التي تقارب أربعين مليار دولار، «موضوع معقد». وأن الخطوة الأولى هي اتفاق الشمال والجنوب على نصيب كل واحد من هذه الديون. ثم «تبدأ اتصالات دولية معقدة». وقال إن الاتصالات «سوف تستغرق سنوات». وأشار إلى ديون ليبيريا، وجهود إعفائها من الديون بعد نهاية الحرب . وعن طلب المحكمة الجنائية الدولية اعتقال الرئيس البشير، قال كارسون إنه لا بد من ذلك، لكن، أيضا، «تريد الحكومة الأميركية التعاون مع حكومة السودان لتنفيذ اتفاقية السلام». وقال إن الخيار ليس بين العدالة الدولية أو عدمها، ولكنه بين العمل على تحقيق السلام والاستقرار. وفرق كارسون بين «حكومة السودان» و«البشير»، وقال إن البشير «يجب أن يرد على اتهامات المحكمة الجنائية». وأشاد كارسون بما سماه «تعاون واضح» من جانب الصين خلال التطورات الأخيرة في السودان. ونفى أن الصين تحاول عرقلة الاستفتاء في الجنوب، ولا تريد انفصال الجنوب. وقال: «حسب معلوماتنا، أبلغت الحكومة الصينية حكومة السودان بأهمية تنفيذ اتفاقية السلام، وأبلغتها أن تتصرف بتعقل. وأن الصين ستساعد الجنوب إذا قرر الانفصال. هذا ما نقلناه عن الصحف بتصرف. لا بد أنكم لاحظتم السم الذى خلط بالدسم. فالرئيس أوباما سبق أن لوح بالحوافز أعلاه لحكومة المؤتمر الوطنى في قالب جذاب يجمل وجه الأدارة الأمريكية القبيح ان هى - أى حكومة السودان – أجرت الأستفتاء وطبقت أتفاقية السلام الشامل ( بحذافيرها ) ......وكما تعلمون فان الحكومة الأمريكية هى حكومة مؤسسات.....وما يقوله الرئيس ليس هو بالضرورة ما تنفذه الادارة الأمريكية على الارض. مساعد وزير الخارجية الأمريكية وضع النقاط الحقيقية على خطاب رئيسه الدبلوماسى المنمق.....وأوضح أن كل الحوافز المذكورة آنفاً ليست مضمونة وأنها مرهونة بموافقة المؤسسات الأمريكية التى قد تستغرق سنوات لأجازتها ...وربما لا تتم اجازتها على الاطلاق بسبب اللوبيات وجماعات الضغط التى تسير الأمور في واشنطون بل تتحكم في انتخاب الرئيس الأمريكى نفسه... ولا أعتقد أن الرئيس الأمريكى في موقف يجعله يتخذ قراراً حاسماً لمصلحة السودان الشمالى من نواحى سياسية ودينية وعرقية أيضاً . ان تجمل الرئيس أوباما بالقول أنه يسعى الى رخاء الحكومتين الشمالية والجنوبية هو قول يجافى الحقيقة وهو للأستهلاك السياسى فحسب خاصة فيما ورد على لسان مساعد وزير الخارجية الأمريكية من أن أمريكا تعلم أن الجنوبيون يريدون الأنفصال منذ سنتين قبل الأستفتاء ولكنهم – أى الأمريكيون - رأوا ألا يتدخلو ا( رغم أنهم من شركاء الأيجاد وتحتم عليهم المسئولية السياسية والأخلاقية أن يقربوا وجهات النظر بين الشريكين ).......هذا بالطبع اذا لم يكونوا هم أنفسهم السوس الذى نخر فى عظام الأتفاقية منذ البداية. ويذكرنى الأحتيال الأمريكى باحتلال العراق للكويت ، أذ ما فتىء الأمريكيين يشددون على عدم رغبتهم بالدخول في حرب مع العراق اذا تعهد الرئيس صدام حسين بعدم غزو السعودية ، وتعهد لهم العراقيون بذلك...ولكن ما ان حصل الامريكيون على دعم دول المنطقة وأستكملوا جسرهم الجوى ، حتى قالوا صراحة أن صدام حسين يجب أن يطرد من الكويت ولا مجال للمفاوضات مع العراق. اذن وقعت الحكومة السودانية الضعيفة المعزولة داخلياً وخارجياً في سلسلة من مطاولات وأحابيل الأدارة الأمريكية وأصبحت فريسة سهلة لها فى مسائل قد تكون أكبر وأبعد من مجرد فصل الجنوب عن الشمال ، وانما تفتيت الشمال ذاته الى دويلات كالتالى: 1. التلاعب في حسم المسائل المعلقة بين البلدين بعد الأنفصال ، لمصلحة جنوب السودان....مثل وضع منطقة أبيى وترسيم الحدود والنفط وخلق أوضاعاً جديدة عل الأرض ( قد تستدعى اللجوء لأجراءات أمريكية ملائمة.) 2. الضغط لوضع مناطق المشورة الشعبية موضع التحفز العدوانى ضد المركز. 3. استغلال الأوضاع في دارفور أبشع استغلال.....ليس لمصلحة أبناء دارفور ولكن لمصلحة الشركات الأمريكية التى تعلم جيداً الموارد الغنية التى يذخر بها الأقليم . وسيستخدم سيف المحكمة الجنائية الدولية......والحركات الدارفورية المسلحة لأجل فصل الأقليم نهائياً عن السودان. 4. ممارسة الضغط الأقتصادى على حكومة المؤتمر الوطنى مما نشهدهً من ارتفاع متصاعد لأسعارالسلع الغذائية والوقود بصورة لم يسبق لها مثيل.....مما ولد ضيقاً وتململاَ شعبياً ومجاعة حقيقية لن يفلح استعراض القوة فى منعها لفترة طويلة......ولنا في تونس مثال........ 5. ان عدم طرح الحقائق واضحة جلية للشعب السودانى ، و شرح ما نحن مقبلون عليه من فجوة غذائية كبيرة بعد توقف عائدات النفط ، والركون الى التبريرات الساذجة ( من قبيل أن لدينا ثروات هائلة ) والتى يحتاج استغلالها الى عقود من الزمان ، اضافة الى الاجراءات الأكثر سذاجة بتخفيض مخصصات الدستوريين وما الى ذلك من الاجراءات التى توفر بضعة جنيهات ، لن يطور الأوضاع السياسية والأقتصادية في بلادنا ، ذلك لأنها اجراءات مرتجلة ووليدة اللحظة وليست مبنية على دراسة اقتصادية موضوعية أوخطة اقتصادية بديلة تكون قد استشرفت أحتمال الأنفصال منذ فترة طويلة. 6. ان الأصرار على نفس النهج السياسى بالتمسك بالسلطة بوضعها القديم وعدم تطوير الآليات والمبادرات الدينميكية الحية التى تتماشى مع الوضع الكارثى الاستثنائى المفتوح على كل الأحتمالات فى هذه البلاد ، والأصرار المرضى على عدم اشراك الآخرين ،انما يقود البلاد خطوة خطوة نحو المجهول سيما ان حكومة المؤتمر الوطنى ، رغم تجربة الأنفصال المرة التى أقحمت فيها البلاد والعباد عاجزة حتى الآن عن استشراف المستقبل المظلم التى تجرجرها اليه الولاياتالمتحدةالأمريكية.. ولاتنسوا أن الأمريكيين يلعبون لعبة ( المديدة حرقتنى ) ويصطادون في الماء العكر ويدقون الأسافين بين الحكومة والمعارضة حتى لا يلتقيان على كلمة سواء لتنفرد أمريكا بالمؤتمر الوطنى وةتتلاعب به كما تفعل الآن. 7. قد يقول قائل أن المعارضة أيضاً لا تود المصالحة وتسعى الى قلب نظام الحكم ، وهذا القول غير صحيح تماماً....فالمعارضة جربت المؤتمر الوطنى منذ أكثر من عقدين من الزمان ولم تجد له وفاءاً بالعهود والوعود....وينبغى أن يطلق الرئيس الآن وليس غداً مبادرة تتجاوز كل المبادرات التقليدية السابقة ويدخل أبناء السودان فى السلطة لحماية هذه البلاد التى تتمزق وتتآكل من أطرافها... والا سيصبح ما يتبقى من السودان محافظة من محافظات مصر الصعيدية الجنوبية الخالية من ( الأرهاب ) ، ولا ننسى كيف تجرأ المصريون وطرحوا موضوع الكونفدرالية بين السودان ومصر رداً على انفصال جنوب السودان. 8. ولنا عبرة في الرئيس صدام حسين الذى أعطى الأمريكيين كل شىء ولم يستبق شيئاً ومع ذلك جعلوا منه ومن بلاده عبرة لمن يعتبر......ولا تنسوا أننا اليوم أصبحنا أضحوكة العالم العربى والأفريقى الذي يتابع ما ستؤؤل اليه حالة هذه البلاد البائسة....