عقد حزب الأمة القومي مؤتمراً صحفياً بداره ظهر أمس الأحد لإعلان قراره بشأن الموقف السياسي إثر المستجدات التي حدثت مؤخراً وعلى قمتها اعتقال رئيسه الإمام الصادق المهدي مساء السبت. وكان الحزب أصدر بيانا صحفياً عقب الاعتقال مباشرة بحضور صحفي مقدر في منتصف ليل السبت طالب فيه بإطلاق سراح رئيسه وأعلن وقف الحوار مع النظام، ووجه قواعده ومؤسساته في المركز والولايات بالتهيئة واتخاذ موقف شعبي قوي. وفي مؤتمر أمس بشرت الأستاذة سارة نقد الله الأمينة العامة للحزب بأنه (بإذن الله ستكون انفراجة للبلد)، وتلت البيان الذي كرر نقاط بيان السبت مع إضافة مقدمة تظهر مدى صحة التشكيكات في جدية النظام في دعوته لما يسمى بالحوار وعودته للمربع الأول. كما تلت منشوراً من المهدي سربه من داخل سجن كوبر، تحدث فيه عن اعتقاله لاتهامه بتقويض النظام الدستوري بموجب المادة 50 من القانون الجنائي لسنة 1991م ذاكراً كيف كان من أحرص الناس على نقض كافة البدائل المسلحة والثورية والانقلابية والانتفاضة باعتبار أن أأمن وسيلة هي الحل المتفاوض عليه على غرار كوديسا جنوب أفريقيا. وقال إن الإجراءات الأخيرة تجعلهم يراجعون الموقف كله، داعياً لتحالف مدني عريض يعمل على تعبئة الشارع لتحقيق الحريات وانتزاع استحقاقات الحل السياسي. وقال إن مشاركة ابنه الذي لا يمثله ولا الحزب في الحكومة وحرصه على الحوار جران اليه الاتهام ببيع القضية معتبرا أن (ما أتعرض له الآن من عدوان وسيلة العناية لتبرئة موقفنا من أية شبهة، وتزكية موقفنا ليصير محطة إجماع سياسي شعبي. ومهما تعرضت له من أذى فإننا نحمد الله على هذا الإجماع الذي لو أنفقنا ما في الأرض جميعاً لما حققناه. هذا ما يقوله منطق السياسة وفيه عبرة للراشدين.) مضيفاً من منطق الروحانيات أنه حينما دخل كوبر للمرة الخامس استفتح كتاب الله فجاءته الآيات 91-97 من سورة هود والتي تذكر مآل أهل مدين وقوم فرعون الذين استخفوا بالرسالات وبطشوا بأصحابها، مؤكداً إن (وأوثق البشائر ما يؤكدها النقل والعقل)، مرسلاً رسالة تفاؤل بنهاية الظلمة الإنقاذيين، وهو التفاؤل الذي عم الساحة السياسية مؤخراً مع شيوع جو الفوضى وتفشي قصص الفساد وشكلت حادثة اعتقاله دليلا جديدا على صحة ذلك التفاؤل المتنامي. وانتهت سارة من تلاوة المنشور وسط التكبير والتهليل والهتاف من الحشد الضخم الذي حضر المؤتمر الصحفي : لا حوار مع الأشرار. ثم تحدث اللواء فضل الله برمة نائب رئيس الحزب شاكرا وسائل الإعلام والقوى السياسية الحاضرة وخص منها حزب العدالة والحزب الناصري وحزب البعث وحزب الإصلاح الآن والتحالف الوطني الذين شرفوا المؤتمر الصحفي ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الشبابية، وكوادر حزب الأمة القومي قادة وقواعد. وقال برمة : إن السيد الصادق المهدي شخصية لها مكانتها المرموقة في الداخل والخارج كونه إماماً للأنصار، ورئيساً لأكبر حزب ديمقراطي، ورئيساً لآخر حكومة ديمقراطية، وهو من أكثر الشخصيات التي نالت العديد من الجوائز العالمية في مجالات الممارسة الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان. وهو من أشد المؤمنين بالوفاق الوطني الرافعين لشعار الحوار حلا لقضايا السودان بالوسائل السملية. اعتقاله في هذا الزمن نكسة لعملية الحوار الجارية وردة لمسيرة الديمقراطية الاستراتيجية التي وضعها لحل قضايا الوطن، لا يمكن السير فيها تحت مظلة التخوين والإرهاب وإقصاء الرأي الآخر والهيمنة على وسائل الإعلام وإطلاق يد السلطة للبطش بالمواطنين خارج مظلة القانون، فلا حوار إذا لم تستوف كل متطلباته ويخلق المناخ الصالح وتعاد الثقة لإجراء الحوار الذي لا يفرز أحدا ويخرج البلاد مما هي عليه إلى بر السلامة. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا اعتقل؟ هل لأنه قال كلمة حق لدى سطان جائر؟ هل لأنه قال كلمة حق في حق الغلابة الذين أزهقت أرواحهم وأموالهم وانتهكت عروضهم؟ هل يعتقل لأنه يريد ويناشد ويلفت نظر الجهات المسئولة بأن الوطن يحترق وعلى وشك الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأن الفساد قد طفح وأزكم الأنوف ولا مخرج إلا عن طريق جمع الصف والدخول في حوار وطني لحل قضايا الوطن عن طريق الحوار، أو الخروج للشارع مستخدمين كل الوسائل السلمية نحن نطالب بشدة بإطلاق سراحه وندين بشدة هذه التصرفات غير المسئولة. وأقول: الوحش يقتل ثائرا والأرض تنبت ألف ثائر يا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر. ثم تحدثت د. مريم الصادق عن اللقاء الذي جمع وفد حزب الأمة بوفد الوسيط الأفريقي ثابو امبيكي والذي جرى صباح الأحد، وقالت إن وفد حزب الأمة كان بقيادة نائب رئيس الحزب اللواء فضل الله برمة ناصر، وضم بالإضافة لها نائبه الثاني الفريق صديق محمد إسماعيل النور، ومساعد الرئيس مجذوب طلحة، ونجيب الخير، واعتذرت الأمينة العامة للتحضيرات للمؤتمر الصحفي، وقالت: التقت رؤانا في الحوار الوطني وعبر امبيكي عن خيبة أمل وحزن لاعتقال الحبيب الإمام لما يمثله من رمزية في السودان والقارة ولعملية الحوار، وقال إنهم طلبوا زيارته في كوبر. وقالت: تحدثنا معهم وذكرنا لهم لماذا أوقففنا الحوار في ظل هذه الظروف غير المجدية والعقيمة والتي تفرغ الحوار من مضمونه، فما لم يلتزم المؤتمر الوطني، وعلى رأسهم رئيسه بالانتقال من خانة الدعايات والإعلانات السياسية لباب الفعل سيكون هناك تضييع لفرصة تاريخية للشعب السوداني للانتقال السلمي. وتحدثنا عن التفاوض في اديس ابابا وتبادلنا الرؤى حوله، وفي النهاية شكرنا امبيكي ووفده وقدرنا جهودهم وهم كما ذكرت بصدد مقابلة الحبيب الامام. واستنكرت مريم تعرض الإمام الصادق المهدي للاعتقال بموجب مواد تجعله متغولا على الدستور. وقالت إن جهاز الامن بموجب قانونه متغول على الدستور فكيف يتهم رئيس الوزراء الشرعي المنتخب بتقويض الدستور. جهاز الامن هو الذي يعمل بالعنف واعتدى على المدنيين العزل هو من يتهم رئيس الوزراء الشرعي بأنه ينادي بالعنف. وقالت إن تصرفات النظام الحالية ما لم يتدراكها ليدرأ عن نفسه الهبة الشعبية فإنها قادمة، وقالت إن هناك استهجان دولي اقليمي وعربي واسع لهذا التصرف التعسفي. ثم تحدث الأستاذ محمد ضياء الدين ممثلاً لقوى الإجماع الوطني : وقال إنني باسم قوى الاجماع الوطني نعلن عن كامل تضامننا مع اخوتنا في حزب الأمة في حادثة اعتقال السيد الصادق المهدي وقبل أن نقول انه رئيس حزب الامة وامام الانصار فهو رئيسنا لأنه رئيس الوزراء الشرعي ومن واجبنا كسودانيين بمختلف انتماءاتنا السياسية أن نقف موقفا رافضا لاعتقال رئيس الوزراء الشرعي ونؤمن على موقف حزب الامة بوقف الحوار واعلان التعبئة. هذا النظام وفر فرصة تاريحية لا بد من استثمارها ودعوة كافة القوى السياسية التي تشارك في الحوار الآن لإعادة النظر في الحوار ومراجعة موقفها في مواجهة النظام. هذه لحظة تاريخية، النظام طبز عينه باصبعه، ونحن علينا أن نكمل التانية. هذه اللحظة يجب أن تستثمر استثمارا تاريخيا فنحن نعيش لحظة تاريخية لحظة النقطة الفاصلة في تاريخ هذا النظام القمعي الدكتاتوري ولا بد أن نعيد مواقفنا ونوحد إرادتنا ويصبح الهدف الرئيسي هو العمل الجاد لتعبئة الجماهير من أجل انجاز استحقاقها لاحداث تغيير جذري يتناسب مع طموحنا في تحقيق الحرية والتقدم والسلام والعدالة الاجتماعية. نحن نقف مع حزب الأمة وكافة القوى الوطنية لتحقيق اهدافنا. حزب الأمة من أكبر القوى المعارضة التي قررت الدخول في الحوار ونحن نناشد المؤتمر الشعبي وحزب العدالة ان يحذو حذو حزب الامة في وقف الحوار، لا حوار مع الإجراءات القمعية ولا مع الحرب ولا مع استمرار اعتقال رئيس الوزراء الشعبي لا حوار مع النظام الذي اذل شعبنا وقيادتنا، وثورة ثورة حتى النصر.. ونوهت الأستاذة سارة نقد الله إلى أن منبر الشرق الديمقراطي أعلن انسحابه من الحوار احتجاجاً على اعتقال الإمام الصادق المهدي. ولدى سؤال أسامة عوض الله حول موقف نجل الإمام الصادق المهدي الأكبر السيد عبد الرحمن الصادق المهدي والموجود في القصر مساعدا لرئيس الجمهورية وهل سينسحب من الحكومة؟ حدث لغط بين بعض الصحفيين وبعض الحضور من عضوية حزب الأمة القومي والذين كانوا موجودين بكثافة في قاعة المؤتمر الصحفي، وحدث هرج ومرج في المؤتمر الصحفي لشكوى بعض الصحفيين من تعامل غير كريم من بعض عضوية حزب الأمة القومي، ثم انصرف عشرات من الصحفيين وخرجوا من المؤتمر الصحفي. لاحقاً اعتذر متحدثون من الحزب وتحدثت الأمينة العامة معتذرة لأي صحفي أو صحفية نالهم تعامل غير كريم، وبعد ذلك تم إخراج عضوية الحزب من قاعة المؤتمر الصحفي ودخل بعض الصحفيين الذين واصلوا المؤتمر الصحفي وأكد أسامة على حقهم كصحفيين السؤال عما يريدون. وبالنسبة لسؤاله قالت الأستاذة سارة إن الموقف من مشاركة عبد الرحمن مذكورة في منشور الإمام أنها لا تمثل والده ولا حزب الأمة، وقالت د. مريم إنها مع كونها شقيقة لعبد الرحمن لا يمكن أن تجاوب عن موقف أخيها وترى أن من يريد سؤاله عليه أن يوجه له السؤال مباشرة. وبالنسبة لحادثة الصحفيين الذين خرجوا من المؤتمر الصحفي ولم يعودوا تضاربت الآراء فهناك من يرى أنه حدث تهجم حقيقي ضدهم استحق ردة الفعل تلك، ورأى آخرون إن ما حدث كان معزولا من شخصين ليسا من قياديي الحزب ولا شخصياته المعروفة وان ردة فعل بعض الصحفيين ربما كانت مبالغا في تشددها . وبعد مواصلة المؤتمر الصحفي تحدث نائب الرئيس الفريق صديق محمد إسماعيل النور، مؤكداً أن خيار الحوار لا يزال مطروحاً كحل وحيد لمشكلة السودان، وقال إن حزبه استطاع أن يحقق الكثير من مطالب قوى المعارضة بمشاركته في الحوار، معتبرا القرار الجمهوري رقم 158 ضمن تلك المنجزات، وهنا وجهت (حريات) تساؤلاً للمنصة وقالت إنها أصدرت رسائل متضاربة، ففي حين أكد بيان الحزب وقف الحوار وكذلك أكد منشور رئيس الحزب عن ضرورة مراجعة خطة الحزب والبحث عن إجماع القوى السياسية والمدنية لعمل حراك لتحقيق استحقاقات الحل السياسي والذي اختتم بدمغ النظام بالظلم كأهل مدين وفرعون، يقول نائب الرئيس بجدوى الحوار، وقد أكد اللواء برمة رداً على (حريات) إن الحوار لن يستأنف إلا بعد تحقيق متطلبات وشروط الحوار المعلنة من تساوي الجميع في منصة الحوار لا أن يكون لجهة اليد العليا فيه. وأكدت د مريم الصادق إن اعتقال النظام للامام غير الجو السياسي مما سيفتح الباب على مصراعيه للتنسيق بين حزبها وقوى الإجماع الوطني.