تشير السكيزوفرينسا أو الشيزوفرينيا أوالفصام إلى مرض عقلي يؤثر على السلوك,وهو أكثر أنواع الذهان شيوعا يؤثر بطريقة مباشرة على طريقة التفكير,التصرف,و التعبير عن العواطف,كما أن المصاب به قد يمتزج له الوهم و الخيال بالواقع,إلا أن هناك نوع اخر من السكيزوفرينيا الاجتماعية أخطر بكثير من النوع الأول لأنه يصيب الجماعات و ليس أفرادا بعينهم ,فإذا كان الفصام كهذيان ينتشر بنسبة واحد في المائة من الأشخاص فإن الثاني يمكن أن يصيب جماعة بكاملها,هذا النوع يرتبط أساسا بالعقل الجمعي الذي تكرسه التنشئة الاجتماعية و خصوصا منها التي تحاول خلق ما يسمى بالشخصية المجتمعية أو الشخصية ذات البعد الواحد أو النموذج الارتكاسي,هذا النموذج من التنشئة الاجتماعية أكثر شيوعا داخل الأنظمة المحافظة أو الرجعية التي تؤمن بالماضي لا بالحاضر و المستقبل,فالمقدس لديها كان في الماضي و أصبح مدنسا مع توالي الأزمنة,لهذا تعيش على أمل استرجاع الماضي الذي طالما اعتبرته حافلا بالأمجاد و البطولات حتى و إن كانت مجرد أوهام سطرها أشخاص أو أمراء معتوهين في أوقات فراغهم,هذا النوع من المجتمعات غالبا ما يرمي إلى قتل روح التميز و الإبداع لدى أفراده,بل و حتى النقد لأن الفرد يتعود على أنماط الخطابات السائدة و لا يكلف نفسه عناء نقدها و قد تصبح هذه الخطابات ذات صفة قدسية أو محرمة لا يمكن الخوض فيها أو طرح أسئلة بخصوصها,حتى و إن طرح سؤال بخصوصها فإن الجواب عنه يكون نمطيا وواحدا. فالإنسان العربي مثلا يعرف من خلال تكوينه الأولي أن العربي هو إنسان مسلم,و الكفر مرتبط بالنصارى و اليهود ,أو أن المحبة و الصفاء و اللطف و نقاء الروح و التسامح مرتبطة بالعربي المسلم و الباقي نكرة و حيوانات و كائنات مدنسة روحهم أبخس و أدنى درجة من المسلم المؤمن الذي تقارب طهارة روحه الملائكة هذا ما سماه الدكتور مصطفى حجازي في كتابه "سيكولوجية الإنسان المقهور"عملية إسقاط الأنا على الاخر نقصها و تخلفها,هذا الإسقاط من شأنه أن يخفف عنها أزمتها الوجودية الخانقة و هذا ما يبرر في الأخير إمكانية الاعتداء على هذا الاخر الغير مسلم و لابد و هذا من أبرز أسباب انتشار المد الأصولي التكفيري و الجماعات الجهادية التي لا تؤمن إلا بالعنف. هذه الأحكام الأولية قد تصبح حقائق بديهية لدى الفرد,و ما يزيد من استفحال سكيزوفرينية هذه الشعوب هو افتقادها لآليات التواصل ليس لأنها لا تريد التواصل,بل لأن هذا الأمر كرسته كذلك الأنظمة التعليمية و آليات التنشئة الاجتماعية لذلك ترى العربي على أنه شخص يتكلم أكثر مما يستمع و هذا ناتج كما سبق القول عن جاهزية الرد التى أتاحتها الجماعة,لهذا فغالبية أفراد هذه المجتمعات لا تريد إحداث أي تغيير في الجهاز الرمزي الذي تمتلكه,فأرجاعها أو ردود فعلها تكون سريعة لأن الفرد لا يكلف نفسه عناء البحث عن جواب شخصي و خصوصا في النوازل الدينية,هذا بالإضافة إلى انتشار الأمثال التعجيزية,و الخرافات و الاوهام على أنها حقائق علمية و واقعية بالإضافة إلى الخوض في أمور تافهة لا معنى لها تعبر عنها الفتاوى التي يسمونها بالشرعية,و ماذا تنفعنا هذه الفتاوى؟ لا شك أنها ترفع سطح المخيال الجماعي و تعمق من جراح العقل التي لا يبدو أنها ستندمل,وهل بالأمثال التيئيسية و فتاوى الفقهاء و اللحي سنواجه الغرب و إسرائيل؟ من يظن ذلك ما هو إلا سكيزوفرين معتوه لا يميز بين الوهم و الواقع مصاب بجميع الأمراض العقلية و رغم ذلك يعتبر نفسه الكل و السيد و المقدس فتبا لقداستكم التي عمرت طويلا داخل وعينا و لاوعينا. بقلم:ذ محمد المشماش المغرب