الأربعاء 9 مارس 2011م……… ذهبت إلى السجن وأنا أحمل معي المجلد الأول من روايات وقصص “ألف ليلة وليلة”، بناء على طلب أبوذر!!!!!، فقد أخبرني برغبته، في الإتجاه إلى التأليف الروائي!!!!، وطلب أن أمده بروايات شيّقة ليقرأها!!!!!، ونسبة لأن، أبوذر، لم يسبق له أن أختبر كتابة الروايات في حياته!!!!!!، فهو يرغب بأن يستقرأ روايات عديدة، ليتسنى له معرفة أساليب ومناهج مختلفة في طريقة الكتابة الروائية حتى تتسنى له الفرصة للتعرف إليها، وبالتالي تنفيذ مشروعه الذي يحلم به!!!!!!!!!. وقررت أن أجلب له “روايات ذات أسلوب جذاب وبها خيال رائع وبديع”، وذلك حتى يستطيع أن يدرب نفسه على أساليب الروايات، وربما يلهمه ذلك أسلوباً يتميز به في كتابته للروايات التي سيزمع عليها!!!!!، ولم أجد أفضل من “ألف ليلة وليلة” نسبة لتميز أسلوبها وسلاسته، وتنوعه وتعمقه!!!!!. ومن ناحية ثانية، يعتقد أبوذر، أن سجن كوبر غني جداً بالقصص الحقيقية، التي تفوق الخيال وتخلب اللبّ، فهو يرغب في سرد القصص الواقعية وعكسها، بطريقة روائية جاذبة!!!!!، وبحكم معايشته، فإنه يستطيع أن ينقل تجارب حيّة لأشخاص، ويدخل عليها لمسات الأسلوب الروائي، ولكنه ينقصه الأسلوب الروائي المتميز!!!!!!!!!. ونسبة لأن إدارة السجن لا تسمح لي بإدخال كتب كثيرة، فكنت أجزئها على دفعات!!!!!!!، وفي هذه المرة جلبت معي هذا الكتاب عسى أن يستفيد أبوذر من الأسلوب والطريقة حتى ينهج نهجاً جديداً ويجد طريقاً إلى كتابة الروايات!!!!!!!. دخلت السجن وأنا أحمل الكتاب، وبعد التفتيش الشخصي، أمرتني الموظفة بأن أذهب بالكتاب إلى الاستقبال!!!!!!!، ذهبت وأبرزت لهم ما أحمله!!!!!!، بدأوا بتقليب بعض صفحاته، وبعد ذلك!!!!!!!، انبرى أحدهم قائلاً: هذا كتاب رومانسي!!!!!!!!، فغرت فاهي، وتعجبت لما قاله، وبلغت بي الدهشة أيما مبلغ!!!!!!، وقلت له: وما المشكلة في الرومانسية؟؟؟؟؟؟؟. رد أحدهم، إن لوائح السجن لا تسمح بإدخال مثل هذه الكتب!!!!!!!، قلت لهم: بعضاً من القصص التي يحويها هذا الكتاب، به رومانسية، ولا أعتقد أن لوائح السجن، منعت إدخال الكتب الرومانسية، اللهم، إلا إن كنتم تقصدون الكتب التي بها ما يخدش الحياء والأدب العام، وهذه ليست واحدة منها!!!!!!!!. وأضفت قائلة: وإذا لم تتح لكم الفرصة لقراءته، فسوف أتركه معكم حتى تطلّعوا عليه، لتتأكدوا بأنفسكم أنه ليست به عبارة واحدة تخدش الحياء والأدب، وقد منعتموني من قبل من إدخال كتاب بحجة أنه سياسي، رغم أنه ليس هنالك في اللوائح ما يمنع من إدخال الكتب السياسية أو الرومانسية!!!!!!!. قال أحدهم مقاطعاً بحسم: نحن نعرف اللوائح أكثر منِك، ونحن الذين نقرر ما يجب إدخاله من عدمه!!!!!!!!!!، وهذا الكتاب بالذات لا نسمح لك بإدخاله!!!!!!!. وتحيرت في التعسف في استعمال الحق الذي لا يليق لدرجة إنكارهم لحقوق المساجين في الإطلاع والقراءة!!!!!!، وتساءلت متعجبة، ما ذنب المساجين في أن يحرموا من قراءة الكتب الرومانسية وغيرها؟؟؟؟؟ وما يضير إدارة السجن في السماح للمساجين بإختيار وقراءة الكتب التي يرغبوا بها؟؟؟؟؟ وما هي الحجة والمنطق من وراء هذا المنع غير المبرر؟؟؟؟؟؟ ولماذا يتدخل الموظفين ويفسروا اللوائح على هواهم؟؟؟؟؟؟؟. أحسست أن الأصل في الأشياء هو المنع ثم المنع ولا شئ غير المنع!!!!، وأن المباح هو استثناء من هذا الأصل، تسمح به إدارة السجن في حدود ضيقة جداً، لا نعرفها، أو نلم بها، لنستطيع أن نوزن عليها!!!!، وكل الذي نعرفه هو المنع!!!!!!!!، وشعرت أن الموظفين، عمدوا لحسمي متذرعين بحجة اللوائح والقانون، وذلك، لأنهم يمثلون القانون!!!!!!!، بالدرجة التي لا ينفصل فيها القانون عن شخصياتهم، فهم القانون والقانون هم!!!!!!، وما علينا إلا أن نطيعهم!!!!!، أو سيفتحوا بلاغ ضدي، كما هددوني من قبل!!!!!!، ولذلك، لا يحق لي أن أتطاول على القانون أو أدخل معه في جدال، فهذا من أكبر الكبائر في عرفهم وشرعهم!!!!!!، وجزاء من ينتهك حرمة قانون الموظفين هو: المنع النهائي والحرمان الأبدي من الزيارة!!!!!!!. رغم قناعاتي بأن اللوائح لا يمكن أن تمنع إدخال الكتب السياسية أو الروايات الرومانسية، وغيرها، ولكن ماذا أفعل إزاء مزاج الموظفون الذين يتحكمون فيّنا، وفي المساجينّّّ!!!!!، ويخضعوننا لأمزجتهم المريضة ولأهوائهم غير السوية بتلبسهم وتقمصهم للقانون!!!!!!!!!. أحسست بأنني أكاد أنفجر غيظاً من تصرف ومسلك الموظفين، حتى أنني بصعوبة، أستطعت أن أتبين طريقي لخارج السجن!!!!!، ورجعت خائبة الخُطى من حيث أتيت!!!!!!، وقلت في نفسي، اللهم، لا أعتراض في حكمك، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!!!!!.