[email protected] فرقنا انقلاب.. يجمعنا واتساب: قبل ان تجد "داعش" داخل بيتك وليس عنوانا لجوارك البعيد أو القريب احد الاصدقاء الذين اتبادل معهم المعلومات؛ ويمدني وأمده بالرأي الذي يقتنع به أحدنا أو يصدر من أي مِنَّا؛ أرسل إلي في حسابي (بالواتساب) محضر حوار جرى بينه وبين احد اقربائه في ذات وسيلة التواصل. بعد قراءته قلت بيني وبين نفسي: لماذا لا اجعله حوارا في الهواء الطلق بتعميمه ونشره؟ وبعد ان صارحت صديقي بما عزمت، طلبت منه ان يزودني بمعلومات إضافية حول زمن تبادل الرسائل، ففعل بأريحية بالغة وقال لي: لا اريد ان اعرف قصة حوارنا، إلاَّ مثلي مثل غيري وهي منشورة، لا ترسلها لي مسبقا. حقا كان من الضروري لتحريره، ان اعيد تسمية صديقي وقريبه، فالقصد هو ما طرحاه من آراء وأفكار وليس شخصيهما. ولا ادري ان كان مثل حوارهما يجري في "قروبات" كل الأسر أو بعضها على الأقل، ولكنني ادعو ان تُسْتَغَل الفرصة المتاحة في وسائل التواصل الاجتماعي لمثله ولشاكلته من نقاش، ليصبح التواصل عبرها أفيد وغير محصور في تبادل السلام والتهاني والأخبار الأسرية من سفر وقدوم ومغادرة من وإلى السودان، اضافة الى النكات و"الكوبي _ باست" لكل ما يصلك في الجهاز وإعادة ارساله وتدويره دون ان تفكر مرتين وكأنك تريد ان تقول للاخرين: انني موجود ومتواصل معكم. وسائل التواصل الحديثة بين الناس يجب ان تجعل أحد همومنا جميعا هو الانشغال بالهّمِ العام والقضايا الكبرى التي باتت تؤثر فينا شئنا أو ابينا. برأيي، المطلوب عدم ترك تلك القضايا لبعض الصفوة، والحاكمين ومعارضيهم، والناشطين في هذا أو ذاك التيار و"مشاسكيهم" من التيارات الاخر. لقد أوصلنا انتظار ان يقرر لنا البعض في مصائرنا الى ما نعيشه اليوم من ضيق الخيارات، فانتشرت ثقافة اللامبالاة والإنصرافية والصهينة. أهل تنتظر ان يصل طرف السوط مؤخرتك لتتحرك رافضا ان تُجْلَد؟ لا، لم تَعُدْ تملك حق الرفض، خُذْ ما تقرر لك من جَلْدِِ طالما لم تنتبه عندما جُلِدَ غيرك. هل ستضرب "الجرسة" عندما تجد داعش في عقر دارك وليس عنوانا لمنزل جارك؟ لن يلتفت لصراخك أحد، فسيكون عندها كل الناس مولولين ودائشين فقد اصبح داعش يمشي بين الجميع في ديارهم وصار الناس لا الامكنة عنوانا له. القضية التي أصبحت الان بحجم داعش، كانت مثقال تطرف في كلمة وشعار ومنشور وخطاب، وكان كل ذلك نضفة انشطرت لعلقة بمتواليات تارة حسابية ومرات هندسية، فَوُلِدَ الشر وانتشر وعم وأصبح متاحا لرؤية العين المجردة من أبعد المسافات، فيما إذا وضعت أكبر مجهر مكبر مباشرة فوق اطروحات الاسلام السياسي التي تحيط بنا، فسترتجف انت وعدساته ولن يستطيع المجهر اكتشاف الخير أو التقطاه. وهل من خير يأتي مع دعاة ثقافة الموت والقتل وان تسيل منهم ومنا الدماء، كل الدماء؟ لا انفي انني منحاز بالكامل لصديقي الذي اتفق معه في كل ما طرحه، فنحن نتبادل كل ما من شأنه ان يقوي اطروحات نخرج بها للاخرين، ولولا ذلك لما كان قد ارسل لي مسودة حواره مع قريبه. فالى مضابط حوار بين صديقي الذي سأطلق عليه اسم "فِضَيْل" وقريبه "دَلِيل". كتب إلي فِضَيْل: في قروب الاسرة ارسلت احدى اخواتنا ما يشبه، أو ما اراد ان يكون في صيغته تقريرا صحفيا أو تحليلا، فيما هو في الحقيقة أقرب لمقال الرأي، وكانت أول ملاحظاتي عليه غياب اسم كاتبه. كتبت قريبتي رسالة قصيرة مع المادة التي أرسلتها: مقال شد انتباهي، "حبيت" مشاركته معكم. كان المقال تحت عنوان طويل الامر الذي لفت بالطبع نظري حيث ان محتوى العنوان في حد ذاته رسالة كافية بالفعل لشد انتباه كثيرا من المتلقين والمستهلكين للخدمة المقدمة لهم، طلبوها ام جاءتهم بوسيلة أخرى في عقر اجهزتهم. فجاء العنوان: اسعار النفط تتهاوى.. والبورصات الخليجية تخسر 42 مليار دولار في يوم.. وفقراء المساهمين الخاسر الأكبر.. فهل القرار السعودي بتخفيض اسعار النفط، انتقاما من روسياوايران، مصيبا؟ مباشرة بعد قراءته، كتب فِضَيْل لقريبته: مقال جيد يا دكتورة ملئ بمعلومات متوفرة يشكر كاتبه على تجميعها، وخلاصته مهمة: نحن في عالم متغير. غير ان اتجاهات تحليله تخدم غرض واضح ولذا لا يقوم على حيادية. ثم عقب متسائلا في رسالة أخرى: هل تعرفين شيء عن صحيفة (رأي اليوم) التي نُشِر فيها؟ اين تصدر؟ وفي ثالثة دون انتظار اجابتها، كتب: دخلت الان في "النت" ووجدت اسم عبد الباري عطوان أول الاسماء في صحيفة (رأي اليوم). إذاً الامر واضح بالنسبة لي. انه شخص متحامل على السعودية. وهي صحيفة تخدم خط حزب الله وبالتالي ايران. ثم اضاف في رسالة بعد ان تأكد من شيء ما: أهاااا… رئيس تحريرها عبد الباري عطوان. كل شيء واضح الان. وعندما تأخرت في الرد على ما إكتشف، كتب فِضَيْل لقريبته: انها احدى صحف الاسلام السياسي المتخفية وراء الاستقلالية. تريد ان تبيع السم مع الدسم. جاءه رد منها، وكتبت: صَحْ يا فِضَيْل. عبد الباري متحامل علي السعودية وعلي الخليج ككل. ولكن، هل هنالك حقائق في المقال أم لا؟ ربما نحتاج لخبير اقتصادي، كلنا نعرف كيف استعمل الملك فيصل "سلاح" النفط في حربي 67 و 73، ولكن لم اكن أدري استغلاله ضد العراق قبل حرب الخليج، وطبعا نعرف استدراج السفيرة الامريكية لصدام ليغزو الكويت، فهل كان ذلك ايضا لعبة أمريكية؟ كتب فِضَيْل: افتحي فقط صفحتها الأولى عدد اليوم وشوفي عناوينها الاساسية. اعملي "سيرش باك" وتابعي المقال من اين وصلك، وإذا عرفت اتجاه المرسل انتهى الموضوع، وبالعدم فإذا صدق معك الذي ارسله لك وبحث هو بدوره سوف تصلان الى حقيقة ان منبعه جهة واحدة ومحددة. نعم يا دكتورة الاسئلة التي طرحتيها مهمة وتفكيكها أهم. بعد فترة قصيرة ارسل فِضَيْل في قروب الاسرة فقرات من تقرير صحفي نشرته (الشرق الأوسط) اللندنية في ذات يوم تبادل الرسائل، 21 ديسمبر الماضي، مع رابط للتقرير كاملا تحت عنوان: الحرب ضد "داعش" حول عقول الشباب المسلم. وأرفقه برسالة جاء فيها: لماذا اكرر التحذير من داعش وأشباهه؟ فاذا كان يحدث ما حدث في برلين عاصمة المانيا، فماذا تنتظرون ان يحدث في السودان؟ قام فِضَيْل فجر اليوم التالي بإرسال (فيديو) يتحدث فيه الملياردير السوداني محمد فتحي ابراهيم، الشهير بمستر مو، امام لقاء جامع في حضور الرئيس الامريكي السابق بيل كلنتون. وكتب: بالفعل يستحق الحزب الشيوعي ان يتبرع له مثل مستر مو. هذا شرف له قبل كل شيء استنادا على فكرته الأساسية، أي تقديم جوائز للشرفاء. يا بخت الحزب الشيوعي بمثل هذا الرجل حاضر البديهة. في الحلقة القادمة نتابع كيف تدخل دَلِيل في الحوار، ومساجلاته مع قريبه فِضَيْل. فاصل ونواصل،،،،،