[email protected] فتحي الضو نموذجا: حمل القضية مقالات وكتب ومحاضرات متنقلا بها في مدن العالم: معنى ان تعض بالنواجذ على قضية ويصبح التنوير شغلك الشاغل: ظللت ليوم كامل ألوم نفسي لأنني أحلت رسائل خاصة بيني وصديقي الطبيب المقيم في قطر لآخرين دون ان استأذنه. قررت ان اطلع صديقي بالأمر فكتبت له ظهر يوم الأحد الأول من رمضان 1435 هجرية: يا حبيب.. أولا اعتذر لك واطلب منك السماح لأنني لم أخطرك مسبقا في أمر لا يخصني وحدي وإنما يجمعنا نحن الاثنين. أفيدك بأنني كتبت قصة حوارنا ثم أرسلتها لبعض الأصدقاء. اخترت في البداية شخصين احدهما من جيلنا وهو الأستاذ فتحي الضو، والثاني شاب لم يبلغ العشرين من عمره طالب بجامعة الجزيرة، وذلك في محاولة مني لتوسيع الحوار، أو على الأقل لمعرفة آراء أخرى تفيدني وقد تفيدك. وظللت كلما تبادلنا الرسائل أضيف للقصة وأرسلها. على كل سوف أرسل لك ما كتبته منها حتى الان في انتظار ان يتواصل حوارنا. بيد انني وجدت لزاما علي طالما أتسلح بآراء آخرين ان تجد أنت ذات الفرصة. ولحين ضم رسائل الآخرين لقصة حوارنا أحيل إليك رسائل وصلتني من الشاب صاحب العشرين عاما وتعليقي عليها وأخرى من صديقي فتحي الضو كلفني بتوصيلها له. فتأمل. في انتظار رسالتك التي وعدتني بها. عندما مر النهار ولم يرد علي صديقي (...) جمعت الرسائل في واحدة لإرسالها له وكتبت إليه: لم أستلم منك ردا، ومع ذلك أحيل إليك الرسائل التي وعدتك بها. ربما يكون صيام أول يوم أتعبك. هل "بطلت" التدخين؟ الحمد لله انا نجحت في ذلك، على الأقل حتى الان. منذ منتصف ديسمبر 2013 لم أدخن ولا شيشة. تحياتي. انتظرت إلى ما قبل المغرب بساعة زمن وتابعت جزء من مباراة هولندا والمكسيك ثم استلمت رسائل من طالب جامعة الجزيرة، أسعدتني وقمت بالتعليق عليها، ورجعت لأضمها للرسالة التي جهزتها لصديقي المقيم في الدوحة، وكتبت له رسالة مضيفا لما أعددته من قبل. كنت قد تحدثت هاتفيا مع الأستاذ فتحي الضو حول الحوار الذي بدأ بيني وبين صديقي الطبيب. قرأت له على الهاتف رسالته تعليقا على قصيدة هاشم صديق ورسالته الثانية بشأن تفكيك النظام من الداخل. حاليا لست في المقام الذي يسمح لي بنقل رأي الضو، برغم انه يكاد يكون مفهوما، لم يتغير ولم يتبدل ربع قرن من الزمان. مقالات وكتب وحوارات ومحاضرات انتقل بها في العديد من مدن العالم بدءا بالكويت، عمان، القاهرة، اسمرا وشيكاغو؛ كمدن استقر فيها بضع سنين؛ او تلك التي لم اذكرها، زارها عابرا محاضرا وعائدا حيث يقيم. اخخخخخ منك يا وطن، كيف تقبل ان يبقى أمثال فتحي الضو بعيدين عنك يتجرعون ألم فراقك هائمين في حبك وتقديسك، شغلهم الشاغل التنوير عسى ولعل ان ينهض القوم بواجبهم تجاه فك أغلالك وتحريرك من العصبة الاسلاموية، صابرين محتسبين تقريع إخوة لهم بعبارة "مناضلي الكي بورد"، وغير ملتفتين لقول السفهاء المتأسلمين ووصفهم بانهم "مناضلي الفنادق"؛ بئس القول والعبارة، فالضو وأمثاله كثر يشملهم قول الشريف حسين الهندي "نجوع ونأكل أصابعنا ولا نبيع قضيتنا"..."عضوا عليها بالنواجذ". عندما وصلني تعليق من شاب لم يبلغ العشرين ربيعا على ذات القصيدة التي كنت قد أرسلتها له، قررت ان أرسل التعليق لصديقي فتحي، فكتبت له: أخي فتحي أفيدك بان الفرحة لا تسعني. قبل قليل استلمت رسالة من شاب، لم يبلغ 20 عاما بعد، طالب في السنة الثانية طب بجامعة الجزيرة. أرسلت له قصيدة هاشم صديق ومعها تعليق صديقي الدكتور الذي حدثتك عنه في الهاتف حول القصيدة. تصور ماذا كتب لي من لم يبلغ العشرين عاما بعد؟ اهدي لك رسالته علها تساعدك في الصبر على قضيتك وتخرجك من الحالة التي تحدثنا عنها قبل ساعات عبر الهاتف. فقد كتب لي: في حين ان القصيدة معبرة وتشابه في نسقها كثيرا من القصائد، اسمح لي لأتجاوز المحاذير وأقول ان همة الشعب، فيما يظهر لي، قد انتهت.. لان مثل هذه القصائد تحرك الجبال نظرا لما فيها من وصف لحال اقل ما يقال عنه.. حال منفر. ورغم ذلك لا يوجد من يحرك ساكنا. كلما أقرأ مثل هذه القصائد، أفكر وأسأل نفسي.. هل هذا هو السودان الذي اسقط نظامي عبود ونميري؟ هل هذا هو السودان الذي تصدي للانجليز والحكم التركي؟ أم ان السودان وشعبه ذهبا مع التاريخ وما تبقي منهما موجود في أناشيد وأشعار تكاد ان تذهب هي أيضا من الذاكرة، اقصد "اكتوبريات" وردي ومحمد الأمين. "بعدين" الناس "دي" بدل تتفق علي التغيير، هل أصبحت تتفق علي ألا تتفق؟ هل أصبحوا يعلقون وينتقدون في بعض؟ انه حال مؤسف، ومع ذلك لنقل الحمد لله. المحزن كونك شاهد وما قادر تغير. فكل ما تستطيعه هو الجلوس ومتابعة مشهد بائس. لا أريد ان أزيد أوجاعك.. كنت معك صريحا. وواصلت في رسالتي: عزيزي فتحي، أفيدك بأنني قلت له في ردي: برافو يا ابني إني جد فخور بك.. ودعك من أوجاعي وخذ هذه عندك.. "نِحنَ ونِحنَ برغم جرحنا اجتزنا المِحْنَة"، كنا نرددها عندما كنا طلبة جامعيين والمحنة كانت النميري ويا لها من محنة تسببت في محنتكم مع البشير، فصار جيلنا جيل محنتين. أرجوك لا تحدثني عن محنة جيلكم، فانها تثير مواجعي لان جيلنا قاسم مشترك أعظم في أسبابها ولا نطلب السماح وإنما محاكمة لا نريد لها قضاء واقفا، فاعترافنا قد يخفف علينا أمام القضاء الجالس. محكمة. عفوا، هل هذا الحاجب غليظ الصوت منكم أم مع الناس التانين؟ الشاهد ان نفس الشاب الذي تلقى مني الجزء الأول من قصة حواري مع صديقي الدكتور (...) كتب إلي يوم الأحد أول رمضان 1435ه: ردا على من قال (يا حبذا نفكك النظام من الداخل)؛ أقول: انه قول يعني ان عزيمة التغيير قد انتهت أو كادت، وربما هذا الشخص يقرأ تأثير حالة الضعف العام لدرجة انه يظن ان الانسياق مع التيار قد يغير مجري التيار. تأكد ان الذي ينساق مع التيار يسير معه ولن يوقفه او يحول مجراه. الذي يريد التغيير فعلا، عليه ان يغير القناة التي تخرج هذا التيار. أي ان التغيير يبدأ بوقف هذا التيار المدعو المؤتمر الوطني، لا الانصياع له ومحاوله تغييره من الداخل. بعدين كلام التغيير من الداخل معناه ان دم الشهداء ذهب هباء منثورا. هذه وجهة نظري، وتقريبا وجهة نظر كل من تبقت له عزيمة للتغيير. الهدف سيبقي رفعة هذا الوطن مرورا بالقصاص من النظام المستبد الذي ارتكب وما زال يرتكب الجرائم وباسم الدين. بقيه قصة حواركما لم اقرأها بعد نظرا لانشغالي بالدراسة. عدت وكتبت له: برافو يا ولد انت جَدْ خطير، كل يوم يزيد تقديري لك اكتر واكتر. تقبل تحيات صديقي فتحي الضو من أمريكا في شيكاغو. أرسلت له رأيك الذي أرسلته لي أول مرة حول القصيدة، فطلب مني ان انقل لك تحياته. وسأرسل له هذا الموقف المتقدم جدا. ان شاء الله أولاد وبنات جيلك كلهم يكونوا زيك. أضاف في رسالة أخرى: مشكلتنا محتاجين لتنظيم وتوحيد الأهداف والتحرك بخطي واحدة ثابتة. إن أردنا التغيير يجب أن نضع حلا ونقدم بديلا لهذا النظام وان نعمل لنظام جديد والاهم من ذلك وحدة الحركة والعمل. قلت له: هذا هو بالفعل المطلوب. تفاكروا انتم أبناء هذا الجيل وقدموا البديل الذي ترونه. أرجو ان تدخل على موقع حريات وستجد ورقة كتبها الأستاذ فيصل مصطفى أقرأها واطلب من زملائك قراءتها برغم انها طويلة وتفاكروا حولها. تحياتي. كتب مختصرا: ان شاء الله. وأضاف بعد ساعات، وبعد ان تناول إفطار رمضان: فوز الطواحين الهولندية. كتبت له غير مبالي: انشغلت عن المباراة برسائلك السابقة التي أسعدتني كثيرا وغطت على فرحة المشاهدة. وضعت كل ذلك في رسالة واحدة وأرسلتها لصديقي الدكتور ولا زلت منتظرا رده على أحر من الجمر مرة ثانية. ولان فترة الانتظار طالت، وحوارنا أصبح مبذولا للجميع، سيبقى الموضوع مفتوحا لسجال جديد يجس نبض الخرطوم ويقرأ درجة حرارتها من البعد، من عواصم ومدن تقيم فيها "الدياسبورا" السودانية. ياااااه، الحديث عن "الدياسبورا" يتطلب سلسلة مساجلات منفصلة، بالأخص حول بعض الذين لا زالت حوائجهم وشنطهم التي دخلوا بها عالم الهجرة قابعة في البهو قرب الأبواب الخارجية لمساكنهم، "مستفة" كما اتوا بها، في انتظار حملها للعودة النهائية. وهنالك قصص وحكايات بعض أخر، حقائبهم زادت وكذا رفقتهم كبرت وتنوعت، يأتون ويذهبون راجعون وفي الأنفس "شيء من حتى" تارة "يتحللون" منها فيبقونها في مدن "الدياسبورا" مجبرا أخاك لا بطل، وتارة أخرى يحملونها معهم ويعودون بها للوطن، وفي حالة الطريق العكسي أحيانا يتركونها فيه حيث يتوقون ويتوقعون التغيير، وعندما تخذلهم خطوات البقاء للمشاركة في لحظته، يرجعون بها وأحيانا أخر يفيض ذاك الشيء فيقبل القسمة على اثنين.. أليست البرغماتية ان يكون "نصفك عاقل ونصفك مجنون"؟ فقط ليقل لي من يريد.. أين تترك نصفك المجنون، أفي الوطن أم في مدن "الدياسبورا"؟ تلك هي "الديلما"، ويا لها من متاهة أو حيرة أو الاثنين معا بلغة الضاد، وعند "الفرنجة" واحدة تفسرهما معا، فلا تتردد في البحث عن مخرج من كليهما. أيها المخرج، اخرج لنا لنلاقيك، ابحث عنا ان ضللنا الطريق إليك، فقد هرمنا.. هرمنا.. هرمنا. ///////////