"من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق عن فساد الكبارى : مهندس يرجح ان كبري المنشية نفذ معكوساً !!
نشر في حريات يوم 15 - 02 - 2015

(كباري) جسور ولاية الخرطوم
قطاع الطرق والكباري ظل يمثل محمدة لحكومة الانقاذ، بل هناك سولجان مشهود (الرد الرد .. كبري وسد). لكن تفاجأ المواطن السوداني في الشهور الاخيرة بأن الكباري أصبحت (كباري)يمرّ عليها الفساد، ليس الفساد المالي او الاداري، لكنه فساد في التصميم والإشراف الهندسي، فساد ثمنه في أقل درجاته إهدارا لوقت المواطنين، لكنه مرشح إلى أن يصل إلى إزهاق أرواح مستخدمي هذه الكباري.
منذ شهر نوفمبر الماضي شرعت في تجميع معلومات أولية عن ملف الجسور والأنفاق في ولاية الخرطوم، حتى اجتمعت لديّ قرائن عن ضعف في تشييد أكثر من كبريٍّ على النيل أو نفق أو حتى جسر طائر. وفي نهاية ديسمبر شرعت في الاتصال بالجهات الرسمية المختصة لسماع إفاداتهم على التهم والشكوك التي وجهت لقطاع الجسور. ولازال أمامي بعض الأسئلة التي أبحث لها عن إجابات، وأطراف خيوط أتابعها لأصل إلى نهاياتها.
وأقول إن هذا التحقيق موجّه لشريحتين: الأولى هي نواب البرلمان القومي ومجلس تشريعي ولاية الخرطوم بصفتهم الجهة الرقابية ونواب الشعب المنوط بهم مراقبة أداء الجهاز التنفيذي.. ولعل انتهاء فترة المجلسين تخبرهم أن لكل بداية نهاية فليعملوا لأجل النهاية الكبرى التي تنتظر كل ابن آدم.
الشريحة الثانية تتمثل في المواطن وقراء صحيفة التيار، ليحكموا على أداء من تولوا أمرهم ويقيِّموهم، وليتذكروا أن الانتخابات على الأبواب، وهي أداة ضغط الشعب والمواطنين.
تحقيق: علي ميرغني
من هو مصدري
قبل هذا ينبغي أن أوضح شيئا مهما ، وهو أن مصدري في جمع المعلومات الأولية حول ملف الكباري بولاية الخرطوم عمل في قطاع الكباري والجسور، لذلك فقد كان شاهد عيان على مراحل تنفيذ معظمها. ثم شيء آخر ، وإحقاقاً للحق دعونا نذكر فقط أن معظم تعاقدات هذه الكباري تمت قبل عهد الوالي الحالي عبد الرحمن الخضر.
وأقول إني أبدا بنشر هذا التحقيق وأنا لازلت أبحث عن خيوط توصلني لأطراف أخرى ذات صلة، مثل شركة سشلر بلان الاستشارية، وهي شركة ألمانية، وأشخاص آخرين تم في عهدهم توقيع اتفاق إنشاء كبري الدباسين. الذي سأبدأ منه، لأنه يمثل الملهاة الأكثر كارثية والنموذج الكامل لكيفية سوء إدارة موارد الولاية. وأضيف أني سأبحث ملفات كل كبري على حدة، وسأطرح كل نقطة منفصلة ،أورد فيها إفادات ودفوعات كل طرف، قبل أن أنتقل للتي تليها، فلربما يكون أسهل على القارئ متابعتها.
قصة كبري الدباسين
استفسرت أسعد التاي عمّا يعرفه عن كبري الدباسين.. قطعا لم آخذ كل معلومة بأنها حقيقة مثبتة، إنما هي اتهامات تظل اتهامات حتى تثبت أو تفنّد. واعتبرت المعلومات التي سيقدمها التاي مداخل لأسئلة سأبحث عن إجاباتها في الجهات الرسمية: وزارة البنى التحتية بولاية الخرطوم وهيئة الطرق والجسور التابعة لها.
إكرامية للطبيب صاحب الكبير
قال لي أسعد التاي إن طبيبا تركيا كان زميلا لمسؤول كبير بالولاية عندما كان مغترباً بالسعودية طلب من هذا الكبير أن يمنح صديقه (تورقوت) صاحب شركة (أوزشين) عقد إنشاء أحد الكباري بالولاية. وأن الكبير وافق على منح الشركة عقد إنشاء كبري الدباسين. سألت اسعد إن كانت هي الشركة التركية نفسها التي نفذت كبري المك نمر وكبري الحلفايا… ضحك ثم قال إنها شركة تعمل في تجارة السكر ومواد أخرى ولا علاقة لها بصناعة إنشاء وبناء الكباري ولم يسبق لها أن شيدت (ولا حتى كبري فوق ترعة)، حسب قوله. قلت لأسعد إنك لا تملك أدلة على ذلك أو وثائق، أجاب أنه شاهد عيان لكنه لا يملك وثائق، وطلب مني أن أبحث عنها داخل هيئة الطرق والجسور، وحتما ستقطع جهيزة (وثائق الهيئة ) قول كل خطيب.
البحث عن المعلومات
في اليوم التالي حملت خطابين.. الأول طلب إجراء حوار مع وزير البني التحتية أحمد قاسم حول ملف الطرق والجسور في الولاية وأيضا مشروع البصات النهرية والقطارات داخل الخرطوم، والخطاب الآخر كان طلب إفادات من هيئة الطرق والجسور التابعة للولاية حول ملف الجسور.
رغم الوعود والروح الطيبة التي أبداها قسم الإعلام والعلاقات العامة بالوزارة، لكني ظللت أنتظر اكثر من شهر، خرجت منه بموافقة الهيئة على الإجابة على الأسئلة واعتذار السيد الوزير لانه مشغول.
شركة غير مختصة
سألت مدير ادارة الشئون الفنية بالهيئة، المهندس طارق شاكر، عن شركة أوزفين التركية ،المقاول الاول لكبري الدباسين، ما هي وكيف حصلت على عقد إنشاء الكبري، فقال إنها شركة تعمل في مجال الحديد.. سألته : أتقصد بناء الكباري الحديدية؟ أجاب بالنفي، فهمت منه لاحقا أنها لم يسبق لها إنشاء أي كبري إلا كبري الدباسين ! يعني ان شركة اوزشين تعلمت بناء الكباري بمال الشعب السوداني.. هل أقول إرضاءً لصديق الكبير!!
كان سؤالي التالي : هل حصلت على العقد بعد الدخول في منافسة وعطاءات. أجاب مدير الشؤون الفنية بالهيئة المهندس طارق شاكر بأنه لا يعلم ، لأن الأمر تم قبل تسلمه منصبه. أضاف هنا زميله، مدير إدارة الجسور بالهيئة، عبد الواحد عبد المنعم ، وأجاب أنه لم يكن مسؤولا وقتها في الهيئة.
لكن هل الأمر يتعلق بأشخاص ومديرين يمكن أن يخلوا مناصبهم يوما ما؟ أم أن الأمر ملفات ووثائق تهمّ الدولة وتخص مشاريع ، عمرُها الافتراضي يصل لأكثر من قرن. لا أعتقد أن الإجابة خافية.
خروج الاستشاري سيشلر بلان
سألت أسعد عن الأخطاء التي قال إنها صاحبت إنشاء كبري الدباسين. فأجاب، وهو مهندس مختص في مجال الكباري، إن تصميم كبري الدباسين كان أن يتم بناء أعمدة (علب) خرصانية لكي يكون الجسم العلوي للجسر قائما على حديد. نسيت ان اقول لكم ان المسافة بين العلبة والاخرى (60) متراً.
لكن اين المشكلة هنا؟ رد علي أسعد بأنّ بناء هذا النوع من الكباري معقد جدا، ويحتاج لتقنيات متقدمة لا تتوفر في السودان. لان لحام الحديد يكون أقرب لصهر منطقة التلاقي وليس لحاما بالمعنى المعروف. وهنا ظهرت المشاكل بين المقاول، شركة أوزشين التركية، والاستشاري، شركة سيشلر بلان الالمانية، التي رفضت قبول أعمال الحديد واعتبرتها غير مطابقة للمواصفات، وكثرت الخلافات بين المقاول والاستشاري الذي يمثل المالك ، وهو حكومة ولاية الخرطوم، مما قاد لتأخير العمل في الكبري ودخول المقاول في مشاكل مالية عديدة ( ديون الكهرباء فاقت الأربعين مليون.. ديون مخبز قريب من الموقع فاقت العشرة ملايين)، بحسب التاي.
تدخل مالك كبري الدباسين، وطلب دخول طرف ثالث، شركة تركية أيضاَ، كان تقريرها أن بعض أعمال الحديد مقبولة والبعض الآخر يتطلب فحصاً متقدما فيما رفضت الباقي من الأعمال الحديدية بالكلية.
وهنا خرجت شركة سيشلر بلان الالمانية من المشروع. لماذا ؟ يجيب المهندس التاي بأن الشركة الالمانية لها اسمها وسمعتها في مجال الاستشارات الهندسية ولا يمكن أن تقبل تمرير أعمال غير مطابقة، وهي استشاري للمالك، ولاية الخرطوم، وعندما تأكدت من تهاون الولاية أمام شركة أوزشين، انسحبت من المشروع، ودخلت محلها شركة اسبان للاستشارات الهندسية.
إفادات اسبان
في اليوم التالي كان عليّ البحث عن شركة اسبان، فاتصلت بأحد ملاكها، الدكتور الطيب الريح، صديق شخصي للوزير المرحوم، عبد الوهاب عثمان، والاستاذ الجامعي الذي درّس أسعد التاي في كرري العسكرية للتقانة. طلبت منه إفادات حول ملفات الكباري بالولاية. حدد لي موعدا لمقابلته في مقر الشركة بالخرطوم بحري.
سألته عن علاقة شركته بكبري الدباسين. قال إنها ليس لها علاقة حاليا بالكبري. لكنها دخلت في فترة محددة عقب خروج الشركة الالمانية سيشلر بلان ، كاستشاري للمالك استجابة لطلب حكومة الولاية. قلت له لماذا نسحبت سيشلر بلان، أجاب بأن الحكومة الالمانية عقب فرض العقوبات على السودان ضغطت على الشركة للخروج، قلت له إن ألمانيا لم تفرض عقوبات على السودان.. عاد واستدرك بأن الحكومة الالمانية ضغطت على الشركة للانسحاب عقب ظهور ملف محكمة الجنايات الدولية. وأضاف دكتور الطيب أن الشركة الألمانية لم تترك أي وثائق ومستندات حول تصميم الكبري حتى يواصلوا هم العمل من بعدهم، وأنهم شركة اسبان للاستشارات الهندسية أنجزت العمل المطلوب منها وخرجت من المشروع حيث دخلت شركة استشارات هندسية سودانية أخرى في محلها.
ملكي اكثر من الملك
في إفاداتهم لي عن سبب خروج شركة سيشلر بلان من كبري الدباسين، قال المهندس طارق شاكر ان الشركة انسحبت بسبب خلافاتها المتكررة مع المقاول، شركة اوزشين التركية. وهذه الافادة تدعم ما قاله اسعد التاي من انها انسحبت بسبب اعتراضها على مطابقة اعمال الحديد للمواصفات الفنية. ويضيف المهندس عبد الواحد عبد المنعم إنهم كمالك استعانوا بشركة تركية قامت بعمل فحص لا إتلافي ( non- distructive in spection) وأخر إتلافي (Distructive) لأعمال الحديد التي نفذتها شركة اوزشين ووجدت أن بعض العينات كانت مطابقة والآخر غير مطابق… وهنا ربما تنطبق على شركة سيشلر بلان مقولة إنها كانت ملكية أكثر من الملك وأصرت على حماية مصالح حكومة ولاية الخرطوم بعدم قبول الأعمال غير المطابقة التي نفذتها شركة أوزشين. كما ينقض القصة التي رواها دكتور الطيب الريح عن انسحاب سيشلر، وأن الامر كان لأسباب سياسية وطلب من الحكومة الألمانية.
في الحلقة القادمة نجيب على: هل صحيح أن المقاول الجديد لكبري الدباسين شرع في إجراءات تصفية طوعية؟ كيف تم التوقيع على عقد كبري الدباسين؟ ونفتح ملف الجسور الطائرة، المسلمية، الامدادات الطبية، ود البشير.
……………………………….
(2)
من داخل الشركة الاستشارية
اتصلت بالدكتور الطيب الريح احد ملاك شركة اسبان للاستشارات الهندسية واخطرته باني ابحث عن معلومات عن قطاع انشاء الكباري بوصفه مختص وصاحب شركة تعمل في المجال بالبلاد، كما انها كانت استشاريا في اكثر من مشروع بالولاية. رحب الرجل بي وطلب مني الحضور في اليوم التالي لمقر الشركة بالخرطوم بحري.
عند الوقت المحدد دخلت الى بهو الشركة الذي حمل كثيرا من الصور التذكارية والايضاحية لمشروعات قامت الشركة بالاشراف عليها.
مجرد حسد مهني
اخبرت الدكتور مهندس الطيب الريح بما أنا بصدده، رحب بذلك وقال إن المصلحة العامة تظل هي الهدف الأخير. تركت له المجال ليبدأ بما يريد خاصة وانه متابع لكل الاتهامات التي اطلقت حول ملف الكباري بولاية الخرطوم.
بدأ قوله إن الأمر كله لا يعدو كونه بعض الحسد المهني، الذي جعل بعض الشركات المنافسة تتحدث عن حقائق قليلة وتضع فيها تهم جزافية لا اساس لها من الصحة فيبدو كان الامر كله صحيح. ذكر لي شركة استشارية بعينها، احتفظ باسمها، قال إنها اعتبرت شركة اسبان منافسا لها وتحاول اخراجها بترويج مثل هذه التهم.
ماذا عن كبري المنشية
رغم أن شركة اسبان لم تكن طرفاً في ما يخص كبري المنشية لكن طلبت من دكتور الطيب الريح إفاداته بحسب خبرته وانه أهل الاختصاص. قال دكتور الطيب إن كبري المنشية ليس به أي مشكلة في جسم الكبري، إنما الأمر يرتبط بالمدخل من جهة الجريف شرق، والنحر الذي حدث فيه بسبب حدوث ثلاثة فيضانات عالية في عام واحد، واستبعد أن يكون للرديمات التي احدثت في الضفة الغربية غرب برج الاتصالات علاقة بالامر.
خطأ في الدراسة والتصميم
نهار امس تبرع مهندس مدني بالاتصال بي ليحدثني عن ملفات الكباري من ناحية فنية فقط بعيداً عن اي امر يتعلق باجراءات التعاقدات او الشركات المنفذة لها. قال انه يهتم بالامر من منطلق مهني بحت (تكنوقراط) بعيداً عن اي بعد آخر. وحضر لي في مقر الصحيفة، طلب أن ارافقه في جولة على بعض الكباري والانفاق والجسور الطائرة في الخرطوم.
تحركت معه الى كبري المنشية، قال إن الكبري به خطأ كبير في التصميم والدراسة التي سبقت التصميم، وأوضح انه يرجح أن يكون الكبري نفذ معكوساً، بمعنى أن الجزء الجنوبي، ناحية الجريف غرب، يفترض أن يكون في الشرق. يشرح ذلك بأن الكبري يقع في ظهر قوس بالتالي يكون النحر بالضبط في منطقة الكبري في الضفة الشرقية. وقفنا تحت كبري المنشية من ناحية برج الاتصالات، بدأت وجهة نظر المهندس الذي طلب حجب اسمه اقرب للصواب. لاحظت انه اذا قسمنا الكبري من منتصف النيل نجد أن الجزء الغربي اطول من الشرقي وبه عمودين (علبتين) داخل النيل واخرى ثالثة على اليابسة قبل العلبة النهائية، بينما الجزء على الشرق يوجد بها فقط ثلاثة داخل الماء والرابعة هي التي حدث بها النحر.
يضع المهندس محدثي ثلاثة سيناريوهات صاحبت وضع دراسة وتصميم كبري المنشية، اولاً أن يكون واضع الدراسة شاهد النيل في الصيف ولم يكن يعلم انه يرتفع في موسم الفيضان، أو ان يكون التصميم صحيح لكن المقاول نفذ الخرطة مقلوبة، اي ان غير وضع الكبري بزاوية (180درجة) فاصبح الشرقي في محل الغربي والعكس صحيح، والسيناريو الاخير أن يكون المقاول نفذ التصميم كما سلم له وبه خطأ كبير في الجزء الشرقي من منتصف النيل، وعندما اكتشف المقاول الضعف البائن في الناحية الشرقية ادخل عمود (علبة) إضافية تحسباً لاحتمال انهيار الكبري.
نفق عفراء
اعود إلى الحديث عن نفق عفراء. طرحت على الدكتور الطيب الريح الاتهامات المتداولة عن اخطاء هندسية في تصميم وتنفيذ النفق، واتهام آخر غير مثبت عن انه نسخة اخرى من نفق موجود في الاردن. تقبل الدكتور الطيب الريح حديثي برحابة صدر، وقال إن شركة اسبان صممت النفق كاملاً ووضعت حسابات لكل شئ. وعن غرق النفق في الخريف وعدم وجود منظومة لتصريف مياه الأمطار، قال الطيب إنّهم وضعوا منظومة متكاملة لتصريف مياه الأمطار توجد في منتصف النفق من الناحية الشرقية، مكونة من بئر تنساب لها المياه بالجاذبية الأرضية ثم توجد بالبئر ثلاث طلمبات لسحب المياه تعمل بالمجسات وتشتغل تلقائيا عندما يصل الماء الى حد معين. سألته عن سبب غرق النفق إذن، أجاب بأن المصرف الكبير خارج النفق يحمل مياه منطقة اركويت في اتجاه الجنوب، لكن تبين أن احد ملاك العمارات بالقرب من مركز السودان للقلب اغلق المصرف الكبير بانقاض عمارته وانهم تحسبا لارتفاع معدلات الأمطار أضافوا بئرا ثانية في الساحة الخضراء وبها ايضا ثلاث طلمبات تعمل تلقائيا عند ارتفاع مستوى المياه.
رأي الطرق والجسور
عندما حلست إلى المهندس طارق شاكر، مدير إدارة الشئون الفنية بهيئة الطرق والجسور بولاية الخرطوم، وسألته عن نفق عفراء والحديث عن نقله نقل المسطرة عن نفق آخر خارج السودان، وإن ذلك نتج عنه فشل النفق في تصريف مياه الأمطار، اتفق مع وجهة نظر الدكتور الطيب الريح وأكّد حقيقة أن المصرف الكبير أغلق بسبب انقاض عمارة بالقرب من مركز السودان للقلب. أما عن نقل التصميم من الخارج، نفى ذلك تماماً.
وجهة نظر مغايرة
في الجولة التي اخذني فيها المهندس الذي طلب حجب اسمه عصر امس، قال لي إن نفق عفراء به خطأ هندسي كبير. كيف؟ يقول إن النفق تصل مسافته إلى حوالي نصف كيلومتر بارتفاع خمسة كيلومترات وهو يخدم الحركة المتجهة شمالا وجنوباً، لذلك كانت تكلفته عالية، دعنا نتخيل أن النفق كان على امتداد شارع الشرقي وليس على امتداد شارع أفريقيا، وأن يكون مركباً من كبري علوي بارتفاع مترين يخدم الحركة في محور الشمال والجنوب، مع نفق بعمق مترين يخدم الحركة في مسار الشرق الغرب (شارع الشرقي). وان يكون طول النفق فقط (80) وليس (500) متر كما هو الوضع الحالي، يؤكد المهندس المدني أن ذلك كان سيوفر (80%) من التكلفة الحالية بمعنى أن ما انفق على نفق عفراء كان كافياً لإنشاء خمسة انفاق أخرى على امتداد شارع الشرقي عند تقاطعه مع شارع محمد نجيب، وشارع الصحافة ظلط وحتى أبو حمامة.
في الحلقة القادمة..
أين يقف العمل بالدباسين، الأخطاء الفنية في الكباري الطائرة، السوق المحلي، وهل كبري الامدادات الطبية يمثل كارثة هندسية، وهل صحيح أنه عبارة عن كبري تم استيراده (خردة) من الخليج؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.