منتصر ابراهيم الزين ابو ماريل نقلت صحف الأمس الخميس أن هناك اتجاه وتوجيهات بازالة المحلات التجارية في منطقة موقف جاكسون محطة المواصلات المركزية في الخرطوم ،بغرض ترحيل الموقف ،وقد سبق وأن اعلنت سلطات المحلية هذا الموضوع ،ولكنها عادت لتطرحه من جديد،مع أن الجهاز الاداري من الولاية للمحلية ساقطة في امتحان الخدمات الاساسية التي كان يجب أن تكون في صلب اولوياتها ومهامها ،كعمليات النظافة وتنظيم قطاع المواصلات بوصفها القطاع الخدمي الاساس في حياة الناس دعك من برامج التنمية، ولكنها تتقافز عن ذلك هنا وهناك جرياوراء تخبطات لتغيير المواقف من مكان لمكان ،مايجعلنا واتساقا مع تحليل طبيعة النظام القائم والسياسات التى يتبعها نخلص الي حقيقة انها الحرب بطريقة اخرى ،او هي استكمالالها . و بالنظر الي طبيعة عمل محلية الخرطوم فيما يتعلق بنقل وترحيل المواقف ،والتى تكررت لمرات عدة خلال السنوات الماضية لابد وأن تستوقفنا حقيقة ساطعة وهو أن الأمرماهو الا حرب اقتصادية وتضيق اقتصادي مقصود وممنهج ضد قطاعات واسعة من السكان ترتبط حياتها ومعاشها اليومي علي ممارسة النشاط الاقتصادي الغير مستقر (تجارة الارصفة والطبالي ،ستات الشاي ….الخ وهم بالاساس كفئات مستضعفة ضحايا للظروف السياسية التى شردتهم بفعل الحروب والنزاعات ،او هم ضحايا لاختلال موازين التنمية والسياسات الاقتصادية الجائرة التى اتبعتها الدولة والتى القت بقوى عديدة وقطاعات واسعة في وهدة الفقر،وبالنظر لانعدام البدائل ومحدودية الدخول فان الغالبية تتجه لمزاولة النشاط التجاري حول المواقف وفي الطرقات ،لكن ذات النظام الذي تسبب في المشكلات وضياع آمال هولاء في حياة كريمة تفتح باب الاستقرار واذدهار الحياة ،تعود وبعمليات عكسية لتصادر حظوظ وفرص هؤلاء الناس ،فسياسة ترحيل المواقف هي ليست جديدة ،بل هي قديمة ،وتتسق تماما مع ماذهبنا اليه ،وهو أن الأمر تضيق مقصود وسياسة ممنهجة ،فالا خضاع الاقتصادي مثلا هو مفهوم سياسي يعادل تماما مفهوم التهميش السياسي ،ولكن ارتفاع فرص المهمشيين سياسيا في التعبير عن قضاياهم ،والذي يبرز في شكل تمردات واحتجاجات وتنال حظها من الاهتمام وفرص معالجة اشكالاتها تضغى على المشهد ،بينما نجد في المقابل أن الاخضاع الاقتصادي يعود ويلتف على ماتحقق سياسيا ،وهنا تتجلى قسوة الممارسة ،فلكون أن لايمتلك الفرد حقوقه الاقتصادية وحقوق ممارسة نشاطه المرتبط بمعاشه وقوت اهله وأنه ضحية مصادرة ومطاردة تحت اي لحظة فانما هو اشارة الي فقدان القيمة والاجدوي ،وهي الفلسفة الاساسية التى تسعي اليها النظم الاستبدادية لترسيخها ،لذلك فان الأمر ليس أقل مرتبة واهمية من الحقوق السياسية التي تشغل وعي الناس ،ولكن للخلل في اولويات الخطاب السياسي دائما مايتم تغافل هذه الحقيقة والقفز عليها ، بل هي ليست في صلب اهتمامات الخطاب السياسي .( والموضوع يُدرج في خانة غياب او مكانة القضية الاجتماعية في برامج الاحزاب السياسية )والذي تحتكره البرجوازية الصغيرة .فالكشات التى تجوب دفارتها شوارع الخرطوم كسفينة الحمقي انما هي ممارسة لاتهدف سوى الى ترسيخ الازلال في نفوس المواطنين الضحايا والمارة على السواء ،حتى قاد الي حالة برود عام في روح الانسان الذي يتحرك آليا كأنما الأمر لا يعنيه في شيئ. وانه لخطأ كبيروهو مايدلل على غياب روح التضامن الاجتماعي ،والتضامن الاجتماعي هو روح وقيمة المجتمع المدني والذي كان يحب أن تسعي اليه الاحزاب السياسية ،والفاعليين الاجتماعيين من مشطاء المجتمع المدني ، فالمناصرة والتصدي هي جوهر العمل السياسي ونشاط المجتمع المدني . تجربتي مع محلية الخرطوم : في فترة ممارستي الاقتصادية في افتراش الرصيف ،تفتح وعيي على حقائق مُرة حول طبيعة النظام الذي يحكمنا ،والذي اشرت اليه اعلاه وان كان باختصار الي اهداف وغايات النظام الاستبدادي الذي يسعى الي حرمان الناس حرية العمل وحرية الكلام ،الا اني قد تفتح وعي على تكتيكات واساليب وغايات عمل هذا النظام والذي يعمل من خلال المحلية اكثر من اي مؤسسة اخري ،بل أكثر من جهاز الأمن نفسه، فمن خلال التضيق والكش والنش يتم دفع العديد من الشباب الي التجنيد في سلك الجندية باشكالها ،وقد لاحظت ذلك حول المنطقة المجاورة للقسم الشمالي ،وتساءلت اليس هؤلا هم من كانو (برفقتي يوم كشونا )وبالطبع فهمت أن مايدفعهم اليه هو كم القهر الذي ترسب لديهم ،والذي يدفعهم الي التماهي في القاهر والرغبة في تمثُله ،لذلك نجدهم في بادئ الأمر أكثر عنفا رغبةَ في تحقيق ذاتهم المنتهكة واعادة الاعتباراليها ،اوالالتحاق بالتمرد وهي درجة وعي اعلى ،او يحدده وجود ميدان في منطقة الجزور ،والمحصلة النهاية هو مذيدا من الهدر وتجزيراً لعنف الدولة . الي جانب ذلك فالعملية كلها عبث تجد بين ثنايا اي فعل تشابه وتطابق تام لماورد في تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي (فرنسا القرن الثاني عشر)،فثنايا هنا ليس الخفي البعيد انما مايتلبس الفعل في ذاته العبث العبث،والذي تجسد الدفارات فيها سفينة الحمقي والتى تعسًف فيها المجتمع البرجوازي ايما عسف على المجانين والذين كان يتم شحنهم في سفينة تجوب بهم البحار ومن ثم ترسو بهم في اي شاطئ ،كيفما اتفق الحال ،ومن ثم تعود ،لتجد المجانين قد عادوا في حمولة سفينة اخري ،وهو مايحدث دوما في السوق العربي ، فصاحب المساويك وليف الحمام ينتابني احساس بأن الأمر لا يكلفه شئ اذ سرعان مايعود باعواده ويفترش الطريق ،وبتاع جركانة الموية ينطبق عليه الشئ نفسه وست التسالي ليس من امرها بُد من أن تعتاش على الجنيهات مهما كثرت فطبيعة الحياة قد لا تتيح لها أن تطوٌر بدائلها الي مشروع واستثماراكثر انتاجا ،ولكن صاحب الطبلية وتحويل الرصيد اوفر حظا في الترقي الي سلم الرأسمال الناشئ ،لذلك نجده هو الصيد الثمين ، اما ستات الشاي فأمرهن عجيب فنسبة لفرص ارتفاع دخلهن فهن الاكثر عرضة للكشاش لسياسة التحكم في الدخل ،اي بمعنى ان المقصود هو أن تعيش في مستوى دخل محدود للغاية والذي تقلصها المحلية بالغرامات الغير منطقية ، اما قطاع الاستثمار الجيد في وسائل النقل والترحيل التقليدية المتمثلة في الدرداقات فان المحلية قد احتكرت هذا المجال في ممارسة لاتقل عن كونها قرصنة ،وتقوم بتأجير الدرداقات المملوكة للمواطنين باليوم والتى تذيد حسب تدهور سعر صرف الجنيه يعنى كانت ب21 حنية في اليوم ولاادري للامانة كم تبلغ هذه الايام . ختاما فأناادراكاً لوعي بهذا الأمروشعري بوطأة الضائقة المعيشية التى يعيش فيها الناس ،والتزاما بمواجهة التحديات السياسية التي تعصف بنا ،فأني سأعمل على هذا الأمر وقريبا سانقل اليكم تحزيري الي والي الخرطوم ومعتمدينه واتوعدهم بعاصفة ستزلزل كيانهم ،و ادعو المهتمين والنشطاء المناصرة والتصدي و للالتفات الي هذه القضية التى ترتقي الى مصاف انتهاك حقوق الانسان في حزمة انتهاك الحقوق الاقتصادية وهى من العهود الدولية المهمة والتى يجب التركيز والاهتمام بها ،بالرغم من أن هذا العالم بعهوده ومواثيقه قد بلغ عتبة افلاسه الاخلاقي .