محمد لطيف هل يتصور أحدكم.. مجرد تصور.. أن تجرؤ شركة لإنتاج التبغ على مخاطبة وزارة الصحة مطالبة إياها بضرورة إصدار قرار يوقف شرط كتابة (التدخين ضار بالصحة) على علب السجائر..؟ وتبرر تلك الشركة طلبها بأن (الزبائن) ما عادوا يقبلون على التدخين بشراهة..؟ وهل يتخيل أحدكم.. مجرد تخيل.. أن تكون لتلك الشركة الجرأة في استعجال إصدار ذلك القرار..؟ حسنا.. لقد وجدت لكم اليوم قصة تطابق القصة الخيالية أعلاه.. فقط الفرق أنها قصة واقعية وتحدث في السودان.. وهاكم الخطاب الصادر من أحد البنوك نقرأه سويا بين القوسين.. (السيد الأمين العام.. مجلس السلامة الإحيائية القومي.. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. الموضوع: البذرة التجارية للقطن المحور جينياً (صيني1) بالإشارة إلى قرار مجلسكم الموقر بخصوص البذرة المحورة جينياً بتاريخ 29 سبتمبر 2013م والذي لا يرى سبباً لحجر بيع بذرة القطن المذكورة لأغراض استخلاص الزيت أو الكسب من ناحية السلامة الإحيائية وإشارته كذلك إلى ضرورة تنفيذ إجراءات الرصد والمتابعة الروتينية الواردة بقراركم السابق بتاريخ 4 فبراير 2013م في ذات الخصوص والذي يشير في الفقرة (4) منه إلى الالتزام بوضع ديباجة على المنتج توضح بأنه من كائن محور وراثياً.. هذا وقد أحجمت غرفة صناعة الزيوت باتحاد الغرف الصناعية عبر أعضائها من معاصر زيوت الطعام العاملة بالبلاد من شراء بذرة القطن المحور وراثياً تخوفاً في أن يتسبب وضع الديباجة المذكورة في عدم المقدرة على تسويق الزيت والأمباز وتعرضهم إلى خسائر كبيرة تبعاً لذلك.. عليه نأمل شاكرين وفي ظل عدم وجود مخاطر إحيائية من استهلاك الزيت والأمباز من البذرة المحوره إصدار قرار من طرفكم يعفي المعاصر من شرط وضع ديباجة الإنتاج المحور حتى يتسنى لها شراء البذرة المتكدسة بالمحالج وتفادي كافة الأطراف للآثار السالبة العديدة المترتبة من عدم تسويقها.. نأمل كريم وعاجل الاستجابة)..! أما المفاجأة التي لن تستوعبها عقولكم.. فهي أن وزيرين على الأقل في حكومتكم السنية يدعمان هذا الطلب وبشدة أحدهما أصدر بيانا شديد الانحياز أكد فيه على سلامة الزيوت المنتجة من البذور المحورة وراثيا.. وأنه لا داعي للتوسيم.. وهنا يقفز سؤال.. إذا كان معالي الوزير في غاية الاطمئنان لهذه الزيوت وسلامتها وجودتها.. كما قال بيانه شديد الانحياز ذاك.. فلماذا يتهيب أن توسم هذه الزيوت وفقا لقرار مجلس السلامة الإحيائية.. وهو المجلس المسؤول قانونا من سلامة الأغذية كما اعترف بيانه نفسه..؟ أما الوزير الآخر فيقال إنه ومن موقع المخاطب فقد وافق على طلب البنك الوارد بين المعقوفتين.. ضاربا بعرض الحائط قرار المجلس الذي يرأسه.. ويبدو أن التخلص من البذرة المتكدسة بما تساوي من أموال يسعى البنك المعني استردادها.. بأي ثمن.. كانت خطوة مقدمة على ضمان سلامة المواطن.. أو لنقل ضمان حماية حقه في أن يعلم ويختار دون تضليل.. وهذا ما يحدث في أي دولة محترمة.. وضع كل الحقائق وكشفها لمصلحة المواطن.. لا دغمستها لصالح التجار.. وإذا نفذ طلب هذا البنك بالفعل فإننا نطالب بحل مجلس السلامة الإحيائية وتوفير نفقاته التي يدفعها المواطن.. لأنه يصبح بلا قيمة ولا دور.. طالما أن أي بنك يستطيع أن يعلي مصالحه ويمرر إرادته رغم أنف قرارات هذا المجلس.. الصوري..!