كلنا شب وترعرع منذ الطفولة الباكرة على غريزة التعلق بالمكان والبيئة من حوله وكان اول مكان هو البيت ومن فيه من افراد الاسرة الام والاب والاخوان ومن متاع وحيوانات اليفة ونباتات واشجار وغيرها ثم نفرع المكان وامتد الى الجيران والقرية والبلدة و صارت علاقتنا بها تتوطد بمرور الزمن وتعلقنا بها يزيد بمرور الوقت حتى اصبحت جزء من حياتنا ربما ساهم هذا الوضع بقدر في سلوكياتنا وتكوين شخصياتنا ومزاجنا وربما لدرجة ما تفكيرنا ويتجلى ذلك في الاختلاف في نمط شخصية من نشأ وترعرع في المدينة ومن نشأ وترعرع في القرية ومن خلال ذلك تتبلور فكرة الحس والولاء للمكان وهو الميول بالتعلق والشعور بالتبني والزود والدفاع عن ذاك المكان سواء ماديا او معنويا وهكذا عندما ينتقل الانسان من مرحلة الطفولة المحصورة في بيئة الاسرة الضيقة والقرية الى مرحلة الشباب عندها تلقائيا ينتقل من بيئة الاسرة او المحيط المحلي الى المحيط الوطني حيث غريزيا يتشبع الانسان بحس الانتماء والولاء والتعلق بالوطن الكبير وما يضم من مواطنين وممتلكات وتعلق الانسان بالوطن عبر عنه الشعراء حيث قال شوقي :وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني اليه بالخلد نفسي وقال الشاعر ايضا:وللاوطان في يد كل حر يد سلفت ودين مستحق – وعبر عن الحس الوطني والولاء والحب للوطن شعراء كثر من السودان – فانظر الى الشاعر حسين بازرعة في ارضنا الطيبة التي شدا بها الفنان عثمان حسين يقول: افديك بالروح ياموطني فانت دمي كل ما اقتني – نسمت شذاها وطيب ثراها وذوب هواها جرى في دمي -تأمل في هذا الحب الرومانسي للوطن ‘ترى ماهو دافع بازرعة ليعبر كل هذا التعبير الصادق عن الحس الوطني الذي يصل مرحلة الافتداء بالروح وهي اغلى شيئ وهو الذي تمتد اصوله الى حضرموت -انه الشعور بامتلاك الوطن وهو موقن بان الوطن ملك له بالتساوي مثل غيره بصرف النظر عن اصوله مادام يحمل جنسية هذا الوطن وله من الحقوق في الوطن مايحفذه للدفاع والذود عنها بالغالي والنفيس وشاعر اخر يقول:بلادي بلادي فداكي دمي وهبت حياتي فدا فاسلمي غرامك اول مافي الفؤاد وذكراك آخر مافي فمي -ايضا مستعد لفداء بلاده بدمه والوازع هو آلحس الوطني الذي يجري في دمائنا دون استئذان منطلقه الاحساس بالملكية التي ليس من حق كائن من كان ان ينتزعها الا الله الذي امر بالدفاع عن العرض والارض والعقيدة من اجل ذلك وانظر الى شاعر شعبي يقول :جدودنا زمان وصونا على الوطن- وانظر الى الشاعر اليا ابوماضي الذي هاجر من لبنان الى الدنيا الجديدة ماذا يقول عندما اتهم بانه سلى ونسي وطنه فقال:زعموا سلوتك ليتهم نسبوا الي الممكنا-فالمرء قد ينسى المسيئ والخمر والحسناء والوتر المرنح والدنا لكنه مهما سلى هيهات يسلو الموطنا -على الرغم من مغادرة الوطن فمازال متعلق به بدافع الحس القوي بالانتماء لوطن مازال ملكه مثل الاخرين ولو بعدت الشقة وهناك الكثير قيل في حق الوطن في الشعر والنثر والتراث وغيره من ابداعات الانسان يجسد الحس والولاء للوطن يعبر من خلالها عن حب الوطن والتعلق به وحمايته والذود عنه بالغالي والنفيس لان الوطن هو الذي يأويه وثرواته هي ملك له ولغيره من المواطنين لافرق بين مواطن والآخر الا بمعيار الاخذ والعطاء والحقوق والواجبات بحكم القانون ومن هنا يصبح واجب الدفاع عن الوطن عقيدة للمدنبين والعسكريين بالقدر الذي يحدده الدستور – هذا كان هو المفهوم في كل الاوطان بما فيها السودان قبل مجيء الانقاذ والتي جاءت بما سمي بالمشروع الحضاري الذي كنا نظنه نظام واسلوب جديد لترقية وتطوير فهم الحس الوطني ولكن خاب ظننا من اول وهلة عندما ظهر فرز الكيمان وتبين للناس بان معيار الانتماء للوطن تغبر بمقدار 180 درجة حيث شعر الناس بان هناك مواطنون جدد استولوا على مقدرات الوطن من سلطات من خلال التمكين في الوظائف والسلطات المطلقة التي لاتحدها قوانين ولاضوابط مقابل تسريح عدد كبير من موظفي الدولة المدنيين والعسكريين ثم ومن خلال تلك الآليات مااسهل السيطرة على الاقتصاد وغيره من مرافق الدخل وكان ذلك هو اول مسمار في نعش الحس الوطني عندما شعر الناس بان الوطن اصبح في يد غيرهم وشرد الكثيرور من الموظغين والموظغات تحت زريعة الصالح العام وخربت من جراء ذلك بيوت بسبب فقد الاب والام لوظيفتيهما وبدات موجات الهجرة القسرية في كل الاتجاهات حتى وصلنا لمرحلة اقامة المآتم في كندا واستراليا وشمل ذلك الكثير من الكوادر المؤهلة تأهيلا عاليا كانت البلد في اشد الحاجة له وكانت الكارثة ان كل مؤهلات من حل محل هؤلاء هي الولاء للانقاذ وكانت النتيجة التي لم يحسبوا لها حساب هي التردي الذي طال كل مرافق الدولة و الخدمة ونحن الآن نحصد نتائجه الصفرية والسنين التي ضاعت من عمر السودان والمبالغ المهدرة والديون وفوق كل ذلك ما انتاب الحس والولاء للوطن من ضعف وتلاشي بسبب الشعور بالغبن وحرمان السواد الاعظم من حقوقه الوطنية والتفرقة بين ابناء الوطن الواحد وبواسطة بني جلدتهم وبسبب الاعداد الكبيرة التي طلبت حق اللجوء وجوازات اللوتري وهو فعل لم يجرؤ حتى الاستعمار على فعله خلال حقبة الاستعمار حيث كان الناس على الاقل سواسية في الظلم مما صان غربزة الحس والولاء الوطني وجعل من تعاضد وتكاتف السودانيين شيئا ممكنا لتحرير السودان وبالفعل فان سؤال اديبنا الكبير الطيب صالح طيب الله ثراه (من اين جاء هؤلاء) في محله لانه لايمكن ان يتجرأ فصيل من بني جلدتنا تحت اي حجة لحرمان بقية ابناء الوطن من حقوقهم الشرعية والتسبب في ضعف الحس الوطني وتلاشيه لدى الكثيرين من المواطنين الم يسمع هؤلاء بحس الانتماء عندما قال ااشاعر اسماعيل حسن :لو ماجيت من زي ديل وااسفاي وامأساتي واذ لي – هل هؤلاء الذين ذكرهم الطيب صالح في تساؤله من زي ديل؟ وكان قد تساءل هل هؤلاء لعبوا زينا شليل وشركوا للطير والقمري وركبوا فوق السواقي واكلوا العصيدة وحصدوا القمح وطقوا الصمغ في شجر الهشاب ؟ ما اظنهم مارسوا ذلك فمن مارس تلك الانشطة لايمكن ان يحتكر الوطن ويجعل من بقية المواطنين جالية كبيرة في وطنها واسماعيل حسن قال :نقسم اللقمة بيناتنا كيف ينغرد فصيل باللقمة ويترك بقية الشعب جياع هل ذلك من شيم الدين او حتى مروءة السودانيبن التي تربوا عليها هذ عيب والله في عرفنا قبل الدين الذي يقول (ويؤثرون على انفسهم ولو كانت بهم خصاصة ) والشيء المحزن ان حصيلة كل ذلك كانت نتائج كارثية على الوطن والمواطنين والمصيبة الكبرى عدم الاعتراف بما وصلنا اليه ومازال البعض مصر بان الحال عال العال ولك الله ياوطني من ظلم ابنائك ومصير مجهول سبداحمد الخضر القاهرة