إختتم الخبير الأممى المستقل لحقوق الإنسان فىالسودان ، محمد عثمان شاندى يوم الأحد ( 13 مارس 2011 ) زيارته التاريخية الثانية للبلاد .و بلا شك، فقد عاد لجنيف بحصيلة وافرة من المعلومات و المشاهدات الحيّة ، تمكّنه من كتابة تقريره لمجلس حقوق الإنسان.. و كالعادة ، تبذل بعض أجهزة الدولة الدولة جهداً ” تطمينياً و تبريرياً ” كبيراً – و لكنه جهد ضائع – وسط حزمة و جبل الإنتهاكات ، فى مسلسل محاولات ” تطمين أو إقناع ” الخبير المستقل، بأن حالة و أوضاع حقوق الإنسان فى السودان فى تحسّن مستمر . و أن الدولة ” تسعى ” أو ” ترغب ” جادة فى تعزيز أوضاع حقوق الإنسان. و أن ملفات الحريّات و الحقوق فى مقدمتها حرية الصحافة و التعبير،و الحق فى التجمع و التظاهر السلمى و الحق فى التنظيم ، و كلّها من الأشياء المكفولة بالدستور، حقّاً مرعيّة و مصانة فى البلاد . و تؤكدها الممارسة اليومية للأجهزة الأمنية و الشرطية و العدلية !. و لا أدرى إن كان جهاز الأمن و المخابرات و من سجل خروقاته و إنتهاكاته الفظّة و المستمرة لحقوق الإنسان ، قد ترك فى كتاب الإنتهاكات ” صفحة بيضاء” للمدافعين عن النظام ، أو ” هامشاً ” للمحاججة ، تستطيع أن تتحرك فيه بقية أجهزة الدولة الأخرى ، و فى مقدمتها المجلس الإستشارى لحقوق الإنسان و وزارة العدل و مجلس الصحافة و المطبوعات و إدارة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية و غيرهم ؟ !. و لا أستطيع أن أتخيّل كيف وجد مجلس الصحافة و المطبوعات الجرأة الكافية للدفاع عن ملف حرية الصحافة و التعبير و تحديداً إيجاد أجوبة مقنعة عن الأسئلة الصعبة حول ظاهرة عودة الرقابة الأمنية ” القبلية ” على الصحف ، و قد أصبحت ممارسة ” نمطية ” ، على مدى سنوات طوال ( ترفع الرقابة بقرار رئاسى ، لفترة قصيرة . و لكنّها سرعان ما تعود بهجمة أمنية شرسة .. و كأننا يا ” عطا ” ” لا رحنا و لا جينا ” ) !. و هناك إستمرار حالة إعتقال و تعذيب الصحفيين ( الميدان نموذجاً ) و تمدد هذه الحالة ليشمل الإعتقال و التعذيب العاملين بالصحيفة من غير الصحفيين من إداريين و كوادر فنية مساعدة . ترى كيف أجاب مجلس الصحافة و المطبوعات و وزارة العدل على السؤال البسيط عن إستمرار حالة إعتقال الصحفى بجريدة الصحافة ( جعفر السبكى ) و بقائه فى المعتقل لأشهر طويلة دون تقديمه لمحاكمة عادلة أو إطلاق سراحه ؟!. و بماذا ترى ردّت وزارات الداخلية و العدل ، حول سلوك الشرطة و الأمن المتمثل فى الإعتداء الوحشى على تظاهرات النساء و إستمرار إعتقال العشرات من الناشطات و التصدى بوحشية و قسوة لمواكبهن السلمية ( آخرها بأمدرمان – أمام بيت الأزهرى ) . و ماذا قالت وزارة العدل و وزيرها السيّد دوسة ، بالتضامن مع وزارة الداخلية و القضاء عن فضائح جلد الفتيات ؟ ترى ماذا كان و سيكون الرد الحكومى حول مطالبات منظمات النساء وبقية منظمات المجتمع المدنى بإلغاء المواد 151 و 152 من القانون الجنائى و إلغاء قانون و شرطة و قضاء النظام العام ، على خلفية فضيحة فتاة الفيديو و بقية الجرائم ” المنكورة ” بما فيها المطالبة بالتحقيق و المساءلة فى إدعاءات التعذيب و الإغتصاب ، بدلاً عن اللجوء لمحاصرتها و إسكات صوتها و قمعها عبر أساليب فتح البلاغات و التحقيقات الإستباقية مع الصحفيين. و محاولات كسر أقلامهم و مصادرة كاميراتهم و حقّهم فى التعبير و فى نقل و نشر الأخبار .. أنّها أسئلة مشروعة . و إصلاح أوضاع حقوق الإنسان يبدأ بها ، و يشمل كافة ملفات الإعتقالات و التعذيب و غيرها من الإنتهاكات ، بما فى ذلك جرائم العنف الموجّه ضد النساء. و أخيراً .. ترى هل تمكّن الخبير المستقل السيّد شاندى من تسجيل زيارة تفقديّة لسجن ( كوبر) بصورة عامة . وبخاصة القسم الذى يديره ” كليّاً ” و ” حصرياً ” جهاز الأمن ، بعيداً عن ” ولاية ” سلطات السجون ؟!. ترى هل تمكّن السيد شاندى من مقابلة الصحفى و سجين الرأى ( أبوذر الأمين ) و الصحفى المعتقل جعفر السبكى، ليحكيا له عن معاناتهما و ظروف إعتقالهما و أوضاع حبسهما ؟! . و هل تمكّنت غالبية أسر المعتقلين من مقابلة الخبير المستقل ؟ . و هل إلتقى بنماذج كافية من ضحايا الإنتهاكات و الناجين من التعذيب ؟ وماذا كان رد الدولة عن قضايا و حقيقة التحول الديمقراطى و الإصلاح القانونى و ملف الإنتهاكات فى دارفور و أوضاع و قضايا المدافعين عن حقوق الإنسان !. ؟!. جميعها أسئلة مشروعة و ملحّة .. و تنتظر أجوبة حاسمة .و موعدها دورة إنعقاد إجتماعات مجلس حقوق الإنسان القادمة ؟ .. فإلى اللقاء !.