مراقد الشهداء    وجمعة ود فور    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    كامل إدريس يدشن أعمال اللجنة الوطنية لفك حصار الفاشر    وزير رياضة الجزيرة يهنئ بفوز الأهلي مدني    مخاوف من فقدان آلاف الأطفال السودانيين في ليبيا فرض التعليم بسبب الإقامة    سيد الأتيام يحقق انتصارًا تاريخيًا على النجم الساحلي التونسي في افتتاح مشاركته بالبطولة الكونفدرالية    وزير الداخلية .. التشديد على منع إستخدام الدراجات النارية داخل ولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    ريجيكامب بين معركة العناد والثقة    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدي : اما تحول ديمقراطي عاجل وسريع او اقتلاع النظام
نشر في حريات يوم 24 - 03 - 2011

رأى رئيس «حزب الأمة القومي » السوداني المعارض الصادق المهدي أن استمرار النظام السوداني سيؤدي إلى ما هو أخطر من الصوملة، وشدد على أن أمام نظام الرئيس السوداني عمر البشير خيارين «إما إجراء تحول ديمقراطي عاجل وسريع وإما أن حزب الأمة وكل القوى السياسية السودانية ستقف صفاً واحداً من أجل اقتلاع النظام».
وتوقع المهدي في حديث إلى «الحياة » على هامش مشاركته في اجتماع المؤسسة العربية للديمقراطية (مقرها قطر) أن تؤدي سياسات النظام السوداني الاقتصادية إلى «هبة شعبية أكثر حدة وأكبر نطاقاً مما حدث في دول عربية »، ودعا حكومة الخرطوم إلى تدارك الأمر بإجراءات استباقية تحقق تطلعات الشعب السوداني.
وتناول الأوضاع في ليبيا ومصر وتونس وآفاق التحولات الديمقراطية في العالم العربي، مشدداً على ضرورة أن تقوم العلاقة بين الحكام والشعوب على المشاركة والمساءلة. وهنا نص الحوار.
الدوحة – محمد المكي أحمد
كيف ترى مسرح الأحداث في ليبيا حالياً في ضوء انتفاضة الشعب وتفاعلات الشارع الليبي الذي يسعى للإطاحة بالعقيد معمر القذافي؟
الوضع في ليبيا هو جزء من المسرح العربي العام، هناك موجة تحول ديمقراطي، الشعوب تريد أن يكون لها حق تقرير مصيرها في الحكم الذي يمارس في بلادها، هذه موجة عامة، وما حدث في ليبيا من تطلعات ديمقراطية ليس بدعاً هو جزء من توجّه الشعوب لاسترداد حقها في تقرير مصيرها.
لا شك أن التعبير السلمي عن الرأي الشعبي هو حق مكفول شرعاً وعقلاً، كما أنه مكفول في كل المواثيق الدولية،
أما التعدي على هذا التعبير بالقهر كما حدث في بعض الأحيان (في دول عربية) وبصورة أفظع في ليبيا فهو أمر يرقى لوصفه بأنه جريمة حرب، وما حدث في ليبيا لا يمكن وصفه بتعبير أقل من هذا.
أي نظام يتصدى لشعبه بهذه الصورة الوحشية يفقد شرعيته، لأن الشرعية تعني القبول، وإذا كان التعبير عن الرفض
والتصميم كما حدث في ليبيا يعني عدم القبول فإن أية محاولات لقمع هذا التوجّه تعني عدم القبول أي عدم الشرعية.
وهل قمت بأي جهد لإدانة القمع الذي مارسه القذافي في ليبيا، وفي دول عربية مثل تونس ومصر قبل إسقاط الرئيسين زين العابدين بن علي وحسنى مبارك؟
كتبت إلى المسئولين في تونس ومصر (قبل سقوط نظامي زين العابدين بن علي وحسني مبارك)، وفي 21 شباط
فبراير الماضي كتبت إلى العقيد معمر القذافي أستنكر ذلك الموقف، وهذا التصدي بالعنف، وطالبت في رسالة خطية بوقف العنف والتعامل مع المطالب الشعبية بالحوار وإلا فقد النظام شرعيته وأوجب تغييره.
أشرت إلى أننا تتبعنا الأحداث والمطالب التي عبّر عنها أشقاؤنا في ليبيا وأنها ليست بدعاً بل هي ما يردده الشارع السياسي العربي في مواكب سلمية عزلاء، وأنه ساءنا جداً أن يواجهوا بأساليب قاتلة وهي أساليب لا تليق بنظام شعاره تسليم السلطة والثروة للشعب.
ودعوت إلى وقف التصديات القمعية كافة لأية مسيرات مدنية، وفتح باب الحوار مع القوى الشعبية الليبية كافة للتوافق
على آلية المشاركة الشعبية، وخلصت في الرسالة إلى أن الشعوب العربية اليوم متحركة تنشد كفالة حقوقها، والحكم الذي يقوم على المشاركة والمساءلة والشفافية وسيادة حكم القانون، ودعوته إلى تبني نهج يحول دون المنازلة الدموية بين أبناء وبنات الشعب الواحد.
بصورة واحدة كتبت إلى الأنظمة الثلاثة (التونسية والمصرية والليبية) وهي تواجه هذا الموقف، وكنت كتبت رسالة وجهتها إلى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى داعياً إلى موقف عربي موحّد، ومستنكراً قمع المتظاهرين
وتصدي تلك الأنظمة للشعوب بتلك الطريقة، وتحركنا أيضاً في إطار المنتدى العالمي للوسطية الإسلامية (يترأسه الصادق المهدي) بالمعنى نفسه، وهو أن التصدي بالعنف لمطالب الشعوب المشروعة يفقد النظم مشروعيتها.
وهل تدارستم في اجتماع المؤسسة العربية للديمقراطية الذي عقد في قطر برئاسة الشيخة موزا بنت ناصر تفاعلات الحراك العربي هذه الأيام؟
في اجتماع المؤسسة العربية للديمقراطية (قبل أيام) اتخذنا موقفاً مماثلاً، وهو ليس فقط ضرورة التضامن مع الشعوب وإدانة القمع، بل إيجاد وسائل عملية حول كيفية أن تتحرك المؤسسة العربية للديمقراطية لدعم الشعوب ليس فقط في تعبيرها الثوري الذي يعبّر عن مطالبها وتطلعاتها، بل التصدي لمشكلات التحول الديمقراطي حتى لا تجهض هذه الحركات بالمشكلات التي تنشأ، لأن القيام بأية حركة تغيير هو أمر ممكن، لكن المشكلة أنه عندما يقع التغيير تنشأ مشكلات التحول الديمقراطي، وهذه تحتاج أولاً لتحليل وفهم وكذلك للتصدي لها، لأنها قد تجهض التحول الديمقراطي مهما كانت النيات طيبة للتغيير في حد ذاته. نحن الآن في هذا الإطار نقوم بهذه الأعمال على الأصعدة المختلفة العربية والإسلامية.
أنت عضو في نادي مدريد هل من حرك لدعم التحركات الديمقراطية في العالم العربي؟
أفكر في مخاطبة نادي مدريد الذي مثل تقريباً 70 من الرؤساء السابقين رؤساء الوزارات السابقين المنتخبين ديمقراطيا كي يقوم بعمل على الصعيد الدولي للتعبير عن تأييد حقوق الشعوب،لأن الذي يحدث الآن في العالم العربي
يلحق بموجات التحول الديمقراطي في العالم.
هناك ضرورة للاعتراف بهذه الموجة الديمقراطية العربية، وضرورة أن تكون هناك مؤازرة دولية لهذه الموجة الحميدة، وأيضاً هناك ضرورة لإبداء استعداد دولي لمساعدة الشعوب التي تحدث التغيير لديمقراطي في كل المجالات، ولا شك أن وجود أنظمة عربية بعيدة عن التاريخ وبعيدة عن حقوق الإنسان جعل الدور العربي عقيماً، الآن يمكن لهذا الدور أن يكون خصباً ويشمل جوانب كثيرة جداً.
كف ترى موقف الأسرة الدولية مع العرب في مجال حقوق الإنسان والحريات؟
للأسف الأسرة الدولية تعاملت في المرحلة الماضية مع العرب والعالم العربي باعتبار أنه يمثل ثلاثة أشياء، يمثل بالنسبة لهم مجرد بئر من النفط، ومجرد منطقة لتفريخ الإرهاب، ومجرد منطقة تشكل خطراً على إسرائيل.
هذه هي أهم النقاط في تقديري التي كانت تعنى بها الأسرة الدولية في تعاملها مع الموقف العربي ويجب الإسراع في
قلب هذه الصفحة، والتعامل مع المنطقة باعتبار أن بها شعوباً ذات مثل وذات مصالح يجب أن تؤخذ في الحساب ولا
تتعامل معها فقط كما كان (في المرحلة الماضية) اعتبارها بئر نفط ومفرخة إرهاب وباعتبارها خطراً على إسرائيل.
في تقديري هذه هي المعاني التي نريد لنادي مدريد باعتباره منبراً دولياً أن يتبنى هذا التحول الدولي في النظر إلى
الأمة العربية، وفي التعامل على أساس الندية وليس من خلال المعاني التي ذكرتها سابقاً.
تونس ومصر قادتا حركة التغيير الديمقراطي هذه الأيام هل من تواصل مع قادة التغيير هناك؟
اتصلت بكل من أعرفهم من القادة السياسيين في تونس ومصر، وسنرسل وفداً من حزب الأمة إلى تونس ومصر
للتهنئة بالثورتين، وفي هذا الإطار سنؤكد لأهلنا في مصر أننا مع توجهاتهم الجديدة، كما سنتعرف على القيادات التي أحدثت التغيير بمن فيها القيادات الشبابية والقيادات التقليدية.
كما نسعى لتعريفهم بحزب الأمة والسياسة السودانية، لأن النظم الحاكمة في مصر سابقاً لم تكن تمثل لإرادة الشعبية وكانت تفهم السياسة السودانية بطريقة خاطئة، كانوا يفهمون أن السودانيين إما عملاء وهم الذين يتعاملون معهم بخصوصية العمالة أو أعداء لهم إذا لم يكونوا من العملاء.
ما هي الرسالة للمصريين؟
نحن نريد أن يفهم الإخوة في مصر أن بيننا وبينهم مصيراً مشتركاً ومصالح مشتركة، وأن الذي عقّد العلاقة في الماضي ومنع تطويرها في اتجاه المصير المشترك ليس هو رفض السودان من أية جهة للعلاقة المصيرية مع مصر، ولكن هو السياسات (المصرية) الخاطئة التي وضعت العلاقة بين مصر والسودان في إطار غير ندي ولا يرقى إلى إدراك المصالح المشتركة.
وفد حزب الأمة إلى القاهرة سيكون دوره هو التعبير الواضح لكل الذين اشتركوا في التغيير في مصر والقوى الصاعدة المصرية التي تمثل الشعب المصري عن حقيقة الأمر، وعن التطلّع لمستقبل فيه علاقات تقوم على الاعتراف بالمصير المشترك والمصالح المشتركة.
السودان يعاني من أزمة مزمنة منذ سنوات، أين موقع السودان في خريطة التحولات في العالم العربي؟
السودان ليس بدعاً مما يحدث في العالم العربي، والعالم العربي غالباً تحكمه ملة الاستبداد الواحدة، هذه الملة معالمها
واحدة وتقوم على ما أوضحنا سابقاً، ويؤكد وجود تلك الملة أولا: الحزب الحاكم المتحكم، وثانيا:ً الإعلام الكاذب المزيف،وثالثاً: الأمن المطلق على رقاب الناس بلا ذمة، ورابعاً: الاقتصاد المسخّر لمحسوبية الفئة الحاكمة، وخامساً: التعامل الزائف مع الديمقراطية عن طريق الانتخابات المزيفة وعن طريق الأحزاب المخترقة. هذه الملة الواحدة شكّلت ردة فعل واحدة في كل البلدان المنكوبة بملة الاستبداد الواحدة، وردة الفعل هذه كانت ولا تزال تقوم على المطالب بالحرية وتحركات واسعة شبابية باعتبار أن هناك عطالة واسعة خصوصاً بين الخريجين.
وقد أتاحت ثورة المعلومات والاتصالات الجديدة فرصاً عن طريق « فيسبوك » و » تويتر » وغيرهما من الوسائل الحديثة للتعبير خارج الأطر التقليدية.
هناك إحساس مشترك بأن النظم الحاكمة تسخّر إمكانات البلاد ليس للدفاع عن المواطن ولا للدفاع عن الوطن ولكن للدفاع عن النظام، وأن هذا الدفاع عن النظام يسخّر الجيوش لتلعب دوراً لا يناسب الجيوش التي هي للدفاع عن الوطن ويسخّر الجيوش للأسف لدور الشرطة والدور الأمني.
أشير هنا إلى السخرية التي قال بها أمل دنقل في مصر واصفاً هذا المعنى عندما قال:
إن الرصاصة التي ندفع فيها .. ثمن الكسرة و الدواء
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا .. إذا رفعنا صوتنا جهارا
تقتلنا، وتقتل الصغارا
هذا المعنى عام وهو أن هذه النظم أضاعت كرامة المواطن وجعلت إمكانات الوطن مسخّرة لقمع المواطنين، وفي رأيي في هذا الإطار هناك وحدة بين السبب وهو ملة الاستبداد الواحدة وردة الفعل.
لكن وضع كل دولة فيه خصوصية، في السودان توجد خصوصية تجعل موقف الإدانة للنظام أشد لأن النظام مسئول أكثر من غيره عن انفصال الجنوب، لأنه أولاً: اتبع سياسات جعلت الجنوبيين يجمعون للمرة الأولى في العام 1993 على المطالبة بحق تقرير المصير.
ثانياً: هم الذين وضعوا اتفاقية سلام بنصوصها وهيكلها جعلت الانفصال جاذباً وليس الوحدة جاذبة، ثالثاً: اتبعوا سياسات حتى الآن من شأنها أن تجعل دولة الجنوب الجديدة دولة معادية.
إذاً هناك خطر مختلف وأكثر في السودان (من دول عربية أخرى) هذا بالإضافة للمعاني المذكورة والمشتركة بين السودان وغيره من الدول العربية في سبب الرفض للنظام، وهناك سبب آخر للرفض آت من أن النظام (في السودان)
مسؤوليته أكثر من غيره عما حدث في دارفور، فأزمة دارفور حالياً هي ليست مشكلات دارفور التقليدية، هي أزمة
انطلقت من عام 2002 إلى يومنا هذا، وهي نتيجة مباشرة لسياسات خاطئة ارتكبت في دارفور.
ثالثاً في السودان مشكلة كبيرة جداً وستستقطب الشعب بصورة أكثر حدة ضد النظام وهي متعلقة بالنظام الاقتصادي، لأن النظام من أخطائه عندما بدأ استغلال البترول نُكب بما نسميه نقمة البترول وتسمى أيضاً الفيروس أو المرض الهولندي، فاعتمد على البترول وأهمل وسائل الإنتاج الأخرى.
الآن بانفصال الجنوب الذي كان فيه 80 في المائة من بترول السودان الذي شكّل في إيرادات صادرات السودان 90
في المائة من إيرادات الصادر وشكّل 65 في المائة من إيرادات الموازنة الداخلية.
هذا كله يعني أنه بانفصال الجنوب سيدفع الشمال ثمناً اقتصادياً غالياً، وسيتجه النظام ليدفع الشعب ثمن أخطائه بزيادات في الضرائب والجمارك والرسوم وزيادة العاطلين، وكل هذا من شأنه أن يشعل هبة شعبية، هذا إضافة إلى المشكلات الموجودة في المنطقة العربية.
نحن في حزب الأمة نتوقع أن هذا سيؤدي حتماً إلى هبة شعبية أكثر حدة وأوسع نطاقاً مما يحدث في البلدان العربية، ونحن كنا ومازلنا نرى أن هناك فرصة كي يدرك النظام هذه المخاطر ويدرك أن أثرها سيكون أكثر حدة وأكثر فوراناً مما حدث في مصر وتونس ليقوم بسرعة بإجراءات استباقية لتلبي التطلعات الشعبية.
في تصريح لك قبل أيام أشرت إلى خطر الصوملة في السودان ورأت بعض الأوساط أن كلامك يخدم النظام في السودان؟
أنا عندما قلت إن الخطر في السودان يمكن أن يؤدي إلى صوملة اعتبر بعض أركان النظام أن ذلك موقف يطمئنهم على عدم التحرك ضدهم، باعتبار أن الناس كوطنيين يخافون على بلادهم ويخافون من الصوملة، لكن أنا أقول لهم إن استمرار النظام في ما هو فيه سيأتي بمخاطر أكثر من الصوملة.
وإذا كنا نخاف من الصوملة فإننا نخاف أكثر من أن استمرار النظام (السوداني) سيأتي بنتائج تفوق الصوملة في سوئها، ولذلك إذا تأكد أن النظام يريد أن يتخندق وراء احتمالات الصوملة فهذا يعني أنه يجب أن نسرع بالتحرك ضده، لأن الخطر الذي يمثله استمراره سيكون أسوأ من الصوملة.
قبل أيام التقيت الرئيس السوداني عمر البشير، هل بدأ حوار بين حزبي «المؤتمر الوطني » الحاكم و “الأمة القومي” المعارض بقيادتك حول الأجندة الوطنية التي طرحتها كحل للأزمة السودانية؟
« المؤتمر الوطني » لم يدخل حتى الآن في صفة حوار قومية كما نريد، ونحن عرضنا على المعارضة (السودانية) ما حدث، وهو أننا بدأنا حديثاً مع المؤتمر الوطني حول «الأجندة الوطنية »، وجزء لا يتجزأ من تلك الأجندة هناك بند يركز على ضرورة أن يكون الحل (للأزمة السودانية) قومياً وليس ثنائياً.
الإخوة في المعارضة أدركوا هذا لأننا كما قلت سابقاً فإن المعارضة أعقل كثيراً وأكثر وطنية من «المؤتمر الوطني،» فهم (قوى المعارضة) يدركون المخاطر الوطنية وهم أكثر تعقلاً، لكن لا شك أن ما سمعناه في لقاءات مباشرة مع الأخ البشير فيه استعداد لقبول الأجندة الوطنية، لكن تجربتنا مع حزب المؤتمر الوطني (الحاكم في السودان) تشير إلى أنهم عادة يقولون كلاماً طيباً ولا استبعد أن يستمر هذا النهج بأن يكون الكلام طيباً لكن العمل مخالف تماماً للأقوال.
أنا أعتقد أن لحزبنا عقلاً وتجربة وطنية، وبناء على هذا العقل والتجربة وهذه الوطنية سنقوم بسرعة بتقويم جدوى الحوار (مع الحزب الحاكم)، وإذا تأكد لنا أن هناك نسبة معقولة في أن تقبل الأجندة الوطنية وبسرعة وأن تطبّق بحذافيرها فنحن أكثر حرصاً على الحلول السلمية، ولكن إذا تأكد أن هذا الموضوع ليس إلا إجراء علاقات عامة بهدف كسب الزمن – ولا أدري كسبه لماذا – فإن كل الدلائل تدل على أن الزمن يمشي للأسوأ بالنسبة لهم.
الأوهام موجودة عند كثير من الناس الذين يفكرون بأمانيهم ويظنون أن الزمن سيكسبهم خصوصاً أن بعضهم (في النظام (يتكلم ويقول إننا عملنا ثورتنا) انقلاب البشير في عام 1989 ) ولذلك لا تؤثر علينا الثورات القائمة في العالم العربي.
هذا الفهم الأعوج لما يحدث هو ما يمكن أن يغذي التفكير بالأماني، أرى أن الحالة في السودان بأي مقياس يمكن أن تكون أسوأ كما ذكرت من بلدان عربية أخرى.
وحتى بالنسبة للقضية الإسلامية والتي يمكن أن تمثّل بعض تطلعات الشعوب العربية للتأصيل، صحيح إنهم رفعوا الشعار الإسلامي لكن بطريقة أساءت للإسلام وتسمى في نظرنا تشويهاً للإسلام.
الآن هم في كل الأوساط الإسلامية العاقلة يُستشهد بهم على أساس أنها التجربة الإسلامية الواجب تجنبها وليس الاقتداء بها، وصار هذا موقفاً عاماً للناس التي تريد في المنطقة الإسلامية كلها أن تصنّف التجارب السيئة لتجنبها وليس للاقتداء بها، هذا يعني أن الشعار الإسلامي بالنسبة لهم (للنظام السوداني) من نقاط ضعفهم وليس من نقاط قوتهم.
ما الرسالة التي توجهها للنظام في السودان في ضوء كل هذه التفاعلات الداخلية في السودان وفي دول عربية؟
الرسالة محددة، لا أنا ولا حزب الأمة نستطيع أن نسعف الوضع، وحتى لو اتفقنا معه فإن الأمر هو إما إجراء تحول ديمقراطي عاجل وسريع نحو ما ذكرنا من أجندة وطنية من حيث دستور جديد وبمعالم محددة وعلاقة خاصة مع الجنوب، إضافة إلى بقية الأجندة الوطنية، وإما أن حزب الأمة وكل القوى السياسية تقف صفاً واحداً من أجل اقتلاع النظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.