الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدي : اما تحول ديمقراطي عاجل وسريع او اقتلاع النظام
نشر في حريات يوم 24 - 03 - 2011

رأى رئيس «حزب الأمة القومي » السوداني المعارض الصادق المهدي أن استمرار النظام السوداني سيؤدي إلى ما هو أخطر من الصوملة، وشدد على أن أمام نظام الرئيس السوداني عمر البشير خيارين «إما إجراء تحول ديمقراطي عاجل وسريع وإما أن حزب الأمة وكل القوى السياسية السودانية ستقف صفاً واحداً من أجل اقتلاع النظام».
وتوقع المهدي في حديث إلى «الحياة » على هامش مشاركته في اجتماع المؤسسة العربية للديمقراطية (مقرها قطر) أن تؤدي سياسات النظام السوداني الاقتصادية إلى «هبة شعبية أكثر حدة وأكبر نطاقاً مما حدث في دول عربية »، ودعا حكومة الخرطوم إلى تدارك الأمر بإجراءات استباقية تحقق تطلعات الشعب السوداني.
وتناول الأوضاع في ليبيا ومصر وتونس وآفاق التحولات الديمقراطية في العالم العربي، مشدداً على ضرورة أن تقوم العلاقة بين الحكام والشعوب على المشاركة والمساءلة. وهنا نص الحوار.
الدوحة – محمد المكي أحمد
كيف ترى مسرح الأحداث في ليبيا حالياً في ضوء انتفاضة الشعب وتفاعلات الشارع الليبي الذي يسعى للإطاحة بالعقيد معمر القذافي؟
الوضع في ليبيا هو جزء من المسرح العربي العام، هناك موجة تحول ديمقراطي، الشعوب تريد أن يكون لها حق تقرير مصيرها في الحكم الذي يمارس في بلادها، هذه موجة عامة، وما حدث في ليبيا من تطلعات ديمقراطية ليس بدعاً هو جزء من توجّه الشعوب لاسترداد حقها في تقرير مصيرها.
لا شك أن التعبير السلمي عن الرأي الشعبي هو حق مكفول شرعاً وعقلاً، كما أنه مكفول في كل المواثيق الدولية،
أما التعدي على هذا التعبير بالقهر كما حدث في بعض الأحيان (في دول عربية) وبصورة أفظع في ليبيا فهو أمر يرقى لوصفه بأنه جريمة حرب، وما حدث في ليبيا لا يمكن وصفه بتعبير أقل من هذا.
أي نظام يتصدى لشعبه بهذه الصورة الوحشية يفقد شرعيته، لأن الشرعية تعني القبول، وإذا كان التعبير عن الرفض
والتصميم كما حدث في ليبيا يعني عدم القبول فإن أية محاولات لقمع هذا التوجّه تعني عدم القبول أي عدم الشرعية.
وهل قمت بأي جهد لإدانة القمع الذي مارسه القذافي في ليبيا، وفي دول عربية مثل تونس ومصر قبل إسقاط الرئيسين زين العابدين بن علي وحسنى مبارك؟
كتبت إلى المسئولين في تونس ومصر (قبل سقوط نظامي زين العابدين بن علي وحسني مبارك)، وفي 21 شباط
فبراير الماضي كتبت إلى العقيد معمر القذافي أستنكر ذلك الموقف، وهذا التصدي بالعنف، وطالبت في رسالة خطية بوقف العنف والتعامل مع المطالب الشعبية بالحوار وإلا فقد النظام شرعيته وأوجب تغييره.
أشرت إلى أننا تتبعنا الأحداث والمطالب التي عبّر عنها أشقاؤنا في ليبيا وأنها ليست بدعاً بل هي ما يردده الشارع السياسي العربي في مواكب سلمية عزلاء، وأنه ساءنا جداً أن يواجهوا بأساليب قاتلة وهي أساليب لا تليق بنظام شعاره تسليم السلطة والثروة للشعب.
ودعوت إلى وقف التصديات القمعية كافة لأية مسيرات مدنية، وفتح باب الحوار مع القوى الشعبية الليبية كافة للتوافق
على آلية المشاركة الشعبية، وخلصت في الرسالة إلى أن الشعوب العربية اليوم متحركة تنشد كفالة حقوقها، والحكم الذي يقوم على المشاركة والمساءلة والشفافية وسيادة حكم القانون، ودعوته إلى تبني نهج يحول دون المنازلة الدموية بين أبناء وبنات الشعب الواحد.
بصورة واحدة كتبت إلى الأنظمة الثلاثة (التونسية والمصرية والليبية) وهي تواجه هذا الموقف، وكنت كتبت رسالة وجهتها إلى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى داعياً إلى موقف عربي موحّد، ومستنكراً قمع المتظاهرين
وتصدي تلك الأنظمة للشعوب بتلك الطريقة، وتحركنا أيضاً في إطار المنتدى العالمي للوسطية الإسلامية (يترأسه الصادق المهدي) بالمعنى نفسه، وهو أن التصدي بالعنف لمطالب الشعوب المشروعة يفقد النظم مشروعيتها.
وهل تدارستم في اجتماع المؤسسة العربية للديمقراطية الذي عقد في قطر برئاسة الشيخة موزا بنت ناصر تفاعلات الحراك العربي هذه الأيام؟
في اجتماع المؤسسة العربية للديمقراطية (قبل أيام) اتخذنا موقفاً مماثلاً، وهو ليس فقط ضرورة التضامن مع الشعوب وإدانة القمع، بل إيجاد وسائل عملية حول كيفية أن تتحرك المؤسسة العربية للديمقراطية لدعم الشعوب ليس فقط في تعبيرها الثوري الذي يعبّر عن مطالبها وتطلعاتها، بل التصدي لمشكلات التحول الديمقراطي حتى لا تجهض هذه الحركات بالمشكلات التي تنشأ، لأن القيام بأية حركة تغيير هو أمر ممكن، لكن المشكلة أنه عندما يقع التغيير تنشأ مشكلات التحول الديمقراطي، وهذه تحتاج أولاً لتحليل وفهم وكذلك للتصدي لها، لأنها قد تجهض التحول الديمقراطي مهما كانت النيات طيبة للتغيير في حد ذاته. نحن الآن في هذا الإطار نقوم بهذه الأعمال على الأصعدة المختلفة العربية والإسلامية.
أنت عضو في نادي مدريد هل من حرك لدعم التحركات الديمقراطية في العالم العربي؟
أفكر في مخاطبة نادي مدريد الذي مثل تقريباً 70 من الرؤساء السابقين رؤساء الوزارات السابقين المنتخبين ديمقراطيا كي يقوم بعمل على الصعيد الدولي للتعبير عن تأييد حقوق الشعوب،لأن الذي يحدث الآن في العالم العربي
يلحق بموجات التحول الديمقراطي في العالم.
هناك ضرورة للاعتراف بهذه الموجة الديمقراطية العربية، وضرورة أن تكون هناك مؤازرة دولية لهذه الموجة الحميدة، وأيضاً هناك ضرورة لإبداء استعداد دولي لمساعدة الشعوب التي تحدث التغيير لديمقراطي في كل المجالات، ولا شك أن وجود أنظمة عربية بعيدة عن التاريخ وبعيدة عن حقوق الإنسان جعل الدور العربي عقيماً، الآن يمكن لهذا الدور أن يكون خصباً ويشمل جوانب كثيرة جداً.
كف ترى موقف الأسرة الدولية مع العرب في مجال حقوق الإنسان والحريات؟
للأسف الأسرة الدولية تعاملت في المرحلة الماضية مع العرب والعالم العربي باعتبار أنه يمثل ثلاثة أشياء، يمثل بالنسبة لهم مجرد بئر من النفط، ومجرد منطقة لتفريخ الإرهاب، ومجرد منطقة تشكل خطراً على إسرائيل.
هذه هي أهم النقاط في تقديري التي كانت تعنى بها الأسرة الدولية في تعاملها مع الموقف العربي ويجب الإسراع في
قلب هذه الصفحة، والتعامل مع المنطقة باعتبار أن بها شعوباً ذات مثل وذات مصالح يجب أن تؤخذ في الحساب ولا
تتعامل معها فقط كما كان (في المرحلة الماضية) اعتبارها بئر نفط ومفرخة إرهاب وباعتبارها خطراً على إسرائيل.
في تقديري هذه هي المعاني التي نريد لنادي مدريد باعتباره منبراً دولياً أن يتبنى هذا التحول الدولي في النظر إلى
الأمة العربية، وفي التعامل على أساس الندية وليس من خلال المعاني التي ذكرتها سابقاً.
تونس ومصر قادتا حركة التغيير الديمقراطي هذه الأيام هل من تواصل مع قادة التغيير هناك؟
اتصلت بكل من أعرفهم من القادة السياسيين في تونس ومصر، وسنرسل وفداً من حزب الأمة إلى تونس ومصر
للتهنئة بالثورتين، وفي هذا الإطار سنؤكد لأهلنا في مصر أننا مع توجهاتهم الجديدة، كما سنتعرف على القيادات التي أحدثت التغيير بمن فيها القيادات الشبابية والقيادات التقليدية.
كما نسعى لتعريفهم بحزب الأمة والسياسة السودانية، لأن النظم الحاكمة في مصر سابقاً لم تكن تمثل لإرادة الشعبية وكانت تفهم السياسة السودانية بطريقة خاطئة، كانوا يفهمون أن السودانيين إما عملاء وهم الذين يتعاملون معهم بخصوصية العمالة أو أعداء لهم إذا لم يكونوا من العملاء.
ما هي الرسالة للمصريين؟
نحن نريد أن يفهم الإخوة في مصر أن بيننا وبينهم مصيراً مشتركاً ومصالح مشتركة، وأن الذي عقّد العلاقة في الماضي ومنع تطويرها في اتجاه المصير المشترك ليس هو رفض السودان من أية جهة للعلاقة المصيرية مع مصر، ولكن هو السياسات (المصرية) الخاطئة التي وضعت العلاقة بين مصر والسودان في إطار غير ندي ولا يرقى إلى إدراك المصالح المشتركة.
وفد حزب الأمة إلى القاهرة سيكون دوره هو التعبير الواضح لكل الذين اشتركوا في التغيير في مصر والقوى الصاعدة المصرية التي تمثل الشعب المصري عن حقيقة الأمر، وعن التطلّع لمستقبل فيه علاقات تقوم على الاعتراف بالمصير المشترك والمصالح المشتركة.
السودان يعاني من أزمة مزمنة منذ سنوات، أين موقع السودان في خريطة التحولات في العالم العربي؟
السودان ليس بدعاً مما يحدث في العالم العربي، والعالم العربي غالباً تحكمه ملة الاستبداد الواحدة، هذه الملة معالمها
واحدة وتقوم على ما أوضحنا سابقاً، ويؤكد وجود تلك الملة أولا: الحزب الحاكم المتحكم، وثانيا:ً الإعلام الكاذب المزيف،وثالثاً: الأمن المطلق على رقاب الناس بلا ذمة، ورابعاً: الاقتصاد المسخّر لمحسوبية الفئة الحاكمة، وخامساً: التعامل الزائف مع الديمقراطية عن طريق الانتخابات المزيفة وعن طريق الأحزاب المخترقة. هذه الملة الواحدة شكّلت ردة فعل واحدة في كل البلدان المنكوبة بملة الاستبداد الواحدة، وردة الفعل هذه كانت ولا تزال تقوم على المطالب بالحرية وتحركات واسعة شبابية باعتبار أن هناك عطالة واسعة خصوصاً بين الخريجين.
وقد أتاحت ثورة المعلومات والاتصالات الجديدة فرصاً عن طريق « فيسبوك » و » تويتر » وغيرهما من الوسائل الحديثة للتعبير خارج الأطر التقليدية.
هناك إحساس مشترك بأن النظم الحاكمة تسخّر إمكانات البلاد ليس للدفاع عن المواطن ولا للدفاع عن الوطن ولكن للدفاع عن النظام، وأن هذا الدفاع عن النظام يسخّر الجيوش لتلعب دوراً لا يناسب الجيوش التي هي للدفاع عن الوطن ويسخّر الجيوش للأسف لدور الشرطة والدور الأمني.
أشير هنا إلى السخرية التي قال بها أمل دنقل في مصر واصفاً هذا المعنى عندما قال:
إن الرصاصة التي ندفع فيها .. ثمن الكسرة و الدواء
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا .. إذا رفعنا صوتنا جهارا
تقتلنا، وتقتل الصغارا
هذا المعنى عام وهو أن هذه النظم أضاعت كرامة المواطن وجعلت إمكانات الوطن مسخّرة لقمع المواطنين، وفي رأيي في هذا الإطار هناك وحدة بين السبب وهو ملة الاستبداد الواحدة وردة الفعل.
لكن وضع كل دولة فيه خصوصية، في السودان توجد خصوصية تجعل موقف الإدانة للنظام أشد لأن النظام مسئول أكثر من غيره عن انفصال الجنوب، لأنه أولاً: اتبع سياسات جعلت الجنوبيين يجمعون للمرة الأولى في العام 1993 على المطالبة بحق تقرير المصير.
ثانياً: هم الذين وضعوا اتفاقية سلام بنصوصها وهيكلها جعلت الانفصال جاذباً وليس الوحدة جاذبة، ثالثاً: اتبعوا سياسات حتى الآن من شأنها أن تجعل دولة الجنوب الجديدة دولة معادية.
إذاً هناك خطر مختلف وأكثر في السودان (من دول عربية أخرى) هذا بالإضافة للمعاني المذكورة والمشتركة بين السودان وغيره من الدول العربية في سبب الرفض للنظام، وهناك سبب آخر للرفض آت من أن النظام (في السودان)
مسؤوليته أكثر من غيره عما حدث في دارفور، فأزمة دارفور حالياً هي ليست مشكلات دارفور التقليدية، هي أزمة
انطلقت من عام 2002 إلى يومنا هذا، وهي نتيجة مباشرة لسياسات خاطئة ارتكبت في دارفور.
ثالثاً في السودان مشكلة كبيرة جداً وستستقطب الشعب بصورة أكثر حدة ضد النظام وهي متعلقة بالنظام الاقتصادي، لأن النظام من أخطائه عندما بدأ استغلال البترول نُكب بما نسميه نقمة البترول وتسمى أيضاً الفيروس أو المرض الهولندي، فاعتمد على البترول وأهمل وسائل الإنتاج الأخرى.
الآن بانفصال الجنوب الذي كان فيه 80 في المائة من بترول السودان الذي شكّل في إيرادات صادرات السودان 90
في المائة من إيرادات الصادر وشكّل 65 في المائة من إيرادات الموازنة الداخلية.
هذا كله يعني أنه بانفصال الجنوب سيدفع الشمال ثمناً اقتصادياً غالياً، وسيتجه النظام ليدفع الشعب ثمن أخطائه بزيادات في الضرائب والجمارك والرسوم وزيادة العاطلين، وكل هذا من شأنه أن يشعل هبة شعبية، هذا إضافة إلى المشكلات الموجودة في المنطقة العربية.
نحن في حزب الأمة نتوقع أن هذا سيؤدي حتماً إلى هبة شعبية أكثر حدة وأوسع نطاقاً مما يحدث في البلدان العربية، ونحن كنا ومازلنا نرى أن هناك فرصة كي يدرك النظام هذه المخاطر ويدرك أن أثرها سيكون أكثر حدة وأكثر فوراناً مما حدث في مصر وتونس ليقوم بسرعة بإجراءات استباقية لتلبي التطلعات الشعبية.
في تصريح لك قبل أيام أشرت إلى خطر الصوملة في السودان ورأت بعض الأوساط أن كلامك يخدم النظام في السودان؟
أنا عندما قلت إن الخطر في السودان يمكن أن يؤدي إلى صوملة اعتبر بعض أركان النظام أن ذلك موقف يطمئنهم على عدم التحرك ضدهم، باعتبار أن الناس كوطنيين يخافون على بلادهم ويخافون من الصوملة، لكن أنا أقول لهم إن استمرار النظام في ما هو فيه سيأتي بمخاطر أكثر من الصوملة.
وإذا كنا نخاف من الصوملة فإننا نخاف أكثر من أن استمرار النظام (السوداني) سيأتي بنتائج تفوق الصوملة في سوئها، ولذلك إذا تأكد أن النظام يريد أن يتخندق وراء احتمالات الصوملة فهذا يعني أنه يجب أن نسرع بالتحرك ضده، لأن الخطر الذي يمثله استمراره سيكون أسوأ من الصوملة.
قبل أيام التقيت الرئيس السوداني عمر البشير، هل بدأ حوار بين حزبي «المؤتمر الوطني » الحاكم و “الأمة القومي” المعارض بقيادتك حول الأجندة الوطنية التي طرحتها كحل للأزمة السودانية؟
« المؤتمر الوطني » لم يدخل حتى الآن في صفة حوار قومية كما نريد، ونحن عرضنا على المعارضة (السودانية) ما حدث، وهو أننا بدأنا حديثاً مع المؤتمر الوطني حول «الأجندة الوطنية »، وجزء لا يتجزأ من تلك الأجندة هناك بند يركز على ضرورة أن يكون الحل (للأزمة السودانية) قومياً وليس ثنائياً.
الإخوة في المعارضة أدركوا هذا لأننا كما قلت سابقاً فإن المعارضة أعقل كثيراً وأكثر وطنية من «المؤتمر الوطني،» فهم (قوى المعارضة) يدركون المخاطر الوطنية وهم أكثر تعقلاً، لكن لا شك أن ما سمعناه في لقاءات مباشرة مع الأخ البشير فيه استعداد لقبول الأجندة الوطنية، لكن تجربتنا مع حزب المؤتمر الوطني (الحاكم في السودان) تشير إلى أنهم عادة يقولون كلاماً طيباً ولا استبعد أن يستمر هذا النهج بأن يكون الكلام طيباً لكن العمل مخالف تماماً للأقوال.
أنا أعتقد أن لحزبنا عقلاً وتجربة وطنية، وبناء على هذا العقل والتجربة وهذه الوطنية سنقوم بسرعة بتقويم جدوى الحوار (مع الحزب الحاكم)، وإذا تأكد لنا أن هناك نسبة معقولة في أن تقبل الأجندة الوطنية وبسرعة وأن تطبّق بحذافيرها فنحن أكثر حرصاً على الحلول السلمية، ولكن إذا تأكد أن هذا الموضوع ليس إلا إجراء علاقات عامة بهدف كسب الزمن – ولا أدري كسبه لماذا – فإن كل الدلائل تدل على أن الزمن يمشي للأسوأ بالنسبة لهم.
الأوهام موجودة عند كثير من الناس الذين يفكرون بأمانيهم ويظنون أن الزمن سيكسبهم خصوصاً أن بعضهم (في النظام (يتكلم ويقول إننا عملنا ثورتنا) انقلاب البشير في عام 1989 ) ولذلك لا تؤثر علينا الثورات القائمة في العالم العربي.
هذا الفهم الأعوج لما يحدث هو ما يمكن أن يغذي التفكير بالأماني، أرى أن الحالة في السودان بأي مقياس يمكن أن تكون أسوأ كما ذكرت من بلدان عربية أخرى.
وحتى بالنسبة للقضية الإسلامية والتي يمكن أن تمثّل بعض تطلعات الشعوب العربية للتأصيل، صحيح إنهم رفعوا الشعار الإسلامي لكن بطريقة أساءت للإسلام وتسمى في نظرنا تشويهاً للإسلام.
الآن هم في كل الأوساط الإسلامية العاقلة يُستشهد بهم على أساس أنها التجربة الإسلامية الواجب تجنبها وليس الاقتداء بها، وصار هذا موقفاً عاماً للناس التي تريد في المنطقة الإسلامية كلها أن تصنّف التجارب السيئة لتجنبها وليس للاقتداء بها، هذا يعني أن الشعار الإسلامي بالنسبة لهم (للنظام السوداني) من نقاط ضعفهم وليس من نقاط قوتهم.
ما الرسالة التي توجهها للنظام في السودان في ضوء كل هذه التفاعلات الداخلية في السودان وفي دول عربية؟
الرسالة محددة، لا أنا ولا حزب الأمة نستطيع أن نسعف الوضع، وحتى لو اتفقنا معه فإن الأمر هو إما إجراء تحول ديمقراطي عاجل وسريع نحو ما ذكرنا من أجندة وطنية من حيث دستور جديد وبمعالم محددة وعلاقة خاصة مع الجنوب، إضافة إلى بقية الأجندة الوطنية، وإما أن حزب الأمة وكل القوى السياسية تقف صفاً واحداً من أجل اقتلاع النظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.