كشفت معلومات البرنامج المشترك بين هيئة الصحة العالمية (WHO) وصندوق الأممالمتحدة لدعم الطفولة يونيسيف (UNICEF) لمراقبة امدادات المياه والصرف الصحى (JMP) ان السودان على عكس الاتجاه العالمى تراجع فى توفير المياه من مصادر محسنة ومرافق الصرف الصحى المحسنة . وتعنى المياه من مصادر محسنة المياه المحمية من التلوث الخارجى ، خصوصاً تلوث البراز ، وتشمل المياه من الصنابير أو انابيب المياه أو المياه المحمية من الينابيع والامطار . ويعنى الصرف الصحى المحسن الذى يفصل بصورة صحية ما بين الفضلات البشرية والاتصال البشرى. والحصول على المياه والصرف الصحى امر بالغ الاهمية فى الوقاية وعلاج الامراض الاستوائية ، خصوصاً التراكوما والديدان والبلهارسيا والتى يمكن ان تتسبب فى العمى والتشوه والعجز الدائم والوفاة . كما يرتبط التغوط فى العراء بمرض التقزم – سوء التغذية المزمن – الذى يترك اضراراً جسدية ومعرفية لا رجعة فيها . وكانت الالفية الانمائية وضعت كهدف فى عام 1990 ان يحصل 88% من سكان العالم على المياه من مصادر محسنة ، وفى عام 2015 تحقق الهدف وأكثر حيث يحصل 91% من السكان على المياه من مصادر محسنة . ووضعت اهداف الالفية ان يكون ل(77%) من السكان مرافق صرف صحى محسنة ، وفى عام 2015 كانت النسبة 68% ، أقل ب(7%) . وحققت (147) دولة اهداف الالفية فيما يتعلق بالمياه ، وحققت 99 دولة اهداف الالفية فى الصرف الصحى ، وبالنتيجة أكثر من 90% من السكان فى (139) دولة يحصلون على المياه من مصادر محسنة ، وفى (97) دولة أكثر من 90% من السكان يحصلون على مرافق صرف صحى محسنة . ويعتبر تزايد الحصول على مياه محسنة انجازاً للانسانية المعاصرة ، مع نحو 2.6 مليار نسمة تمكنوا من الحصول على مياه محسنة ما بين عام 1990 – 2015 ، ومع تحسن فرص بقاء الاطفال احياء ، حيث يتوفى اليوم اقل من (1000) طفل تحت سن الخامسة كل يوم بسبب الاسهال الناجم عن نقص صحة المياه والصرف الصحى مقارنة باكثر من (2000) طفل قبل (15) عاما. وتوضح الجداول الايضاحية المرفقة ان عدد السكان الذين يحصلون على مرافق صرف صحى محسنة فى السودان تراجع فى الفترة ما بين 1990 – 2015 ، فيما زاد عدد السكان الذين يتغوطون فى العراء ، كما توضح الجداول المرفقة ان عدد السكان الذين يحصلون على مياه الشرب من مياه الصنابير (الحنفيات) تراجع فى الفترة ما بين 1990 – 2015 . ويحصل 55% فقط من السودانيين على مياه الشرب من مصادر محسنة . ومقارنة بالدول الأفريقية فان نسبة السكان الذين يحصلون على مياه شرب من مصادر محسنة في موريشص 100% ومصر 99% ، بتسوانا 97% ، ناميبيا 93% ، جنوب افريقيا 93% ، جيبوتي 92% ، قامبيا 89% ، ، الغابون 88% ، غانا 86% ، الجزائر 84% ، المغرب 82% ، اما الأسوأ فهي الكونغو الديمقراطية 46% ، موزمبيق 47% ، مدغشقر 48% ، اثيوبيا 49% ، موريتانيا 50% ، النيجر 50% ، تشاد 50%، والسودان 55%. وجدير بالذكر ان المياه من المصادر المحسنة في السودان هي نفسها مياه ملوثة !. وسبق وكشف المراجع العام لولاية الخرطوم فى تقريره البيئى للعام (2011) عن استخدام هيئة مياه الخرطوم لمواد ضارة ومسرطنة . واقرت الدكتور سمية ادريس مديرة الطوارئ والعمل الانسانى بوزارة الصحة بتدني كبير في نسبة الكلور بالمياه في البلاد . وقالت في مؤتمر صحفي مشترك بين وزارتها وإدارة الدفاع المدنى يونيو 2013 ، ان المياه غير نظيفة ، واصفة الوضع بأنه غير مطمئن ، مضيفة ( ان (الكلورة) وصلت الى اقل من 50% فى بعض الولايات، خاصة في ولايات الشمالية ، نهر النيل وولايات دارفور وجنوب كردفان. وكشف المستشار البيئي بمجلس الوزراء بروفيسور تاج السرعبد الله مارس 2011عن مهددات لصحة الانسان حددها في التغيير النوعي لمياه الشرب بسبب الصرف الصحي غير الآمن، واعترض على اتباع نظام (السبتنق تانك) ووصفه بالأسوأ في العالم، وأبان أنّ إحدى الدراسات أثبتت وصول الملوثات لعمق (220) متراً في مياه الشرب وأشار إلى وجود الكثير من المناطق السكنية التي تتحصل على مياه الشرب من آبار لا توجد عليها رقابة. وأقر وزير البنية التحتية بولاية الخرطوم بطرح مياه الصرف الصحى فى النيل ، ديسمبر 2014 . وأكد المدير السابق لهيئة مياه ولاية الخرطوم المهندس مختار عبد الرازق ان مياه ولاية الخرطوم ملوثة بنسبة تتراوح ما بين 42 – 58 % ، وأرجع السبب إلى شركات المسؤولين والحفر التقليدي للآبار عبر التصديقات العشوائية ، واصفاً الجهات المختصة بالمياه والصرف الصحي بالطرشاء ، وذلك فى في المنبر الدوري لملتقى حماية المستهلك 20 ابريل 2013 . وأقر مدير هيئة المياه جودة الله عثمان فى تصريح للجزيرة نت يوليو 2014 بشح المبالغ المخصصة لمياه الشرب قائلاً ان حكومته رصدت ثلاثمائة ألف جنيه (نحو خمسين ألف دولار أميركي) لمشروعات (الحلول الجذرية) لمياه الشرب بالعاصمة السودانية. هذا بينما خصصت ميزانية حكومة المؤتمر الوطنى لنفس العام ، 8.59 مليار جنيه (جديد) لقطاع الأمن والدفاع والشرطة ، وللقطاع السيادي ( القصر وملحقاته ) 1.55 مليار جنيه ، وللقطاع المتنوع ( سفر الوفود والمؤتمرات والاحتياطي لتمويل نفقات البطانة الفاسدة ) 11 مليار جنيه ، وخصصت لجهاز الأمن 1.45 مليار جنيه . وبحسب الارقام المعلنة فان ميزانية جهاز الأمن تساوى حوالى (4590) مرة ميزانية (الحلول الجذرية) لمشكلة المياه ! وتساوى ميزانية القطاع السيادى – القصر الجمهورى وملحقاته – (4620) مرة ميزانية حل مشكلة المياه !! . وربط مختصون وأطباء ما بين ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان والتلوث البيئي . وربط المهندس سلمان اسماعيل بخيت ما بين تفشى امراض الكلى والسرطانات وما بين تلوث المياه تحديداً. وسبق وعلق المحلل السياسي ل (حريات) ان منطلقات وممارسة إسلامويي المؤتمر الوطني تتلخص ووتتوج في دفعهم المواطنين لشرب المياه المختلطة بالبراز ، حيث تتجسد إدعاءات (الطهارة) عملياً في (عفونة) مادية ومعنوية ، عفونة تتسبب في تفشي أمراض الفشل الكلوي والإلتهابات المعوية والسرطانات، وكذلك عفونة معنوية تجعل مياه شرب عاصمة المشروع الحضاري مما ينقض الوضوء ! وقال ان (العفونة) الآيديولوجية تتصل بالمنطلقات الأصولية التي إستهانت بالتجربة الإنسانية المتراكمة ، وصورت نفسها بدء جديداً للتاريخ ، فحاولت (تأصيل) نظامها السياسي بتفادي الديمقراطية ومؤسساتها وآلياتها التي تضمن مساءلة ومراقبة الحكام ، فإنتهت إلى نظام يرى شرعيته في تطبيق (الشريعة) – المفهومة كعقوبات حدية ، مما يعني ان شرعيته ليست في خدمة المحكومين وإنما في معاقبتهم ، وإنتهى هذا النظام القائم على شرعية السماء الزائفة ليس فقط إلى تجاهل إحتياجات أرض المحكومين ومطالبهم ، وإنما كذلك إلى الفتك بهم بالمياه الملوثة والأطعمة المسرطنة ولحوم الكلاب والأدوية الفاسدة ! http://www.unicef.org/publications/files/Progress_on_Sanitation_and_Drinking_Water_2015_Update_.pdf