إن المأساة والفجيعة لا تنحصر فقط في تقرير التهامي ولا في تهافت السلطات لاستباق إستحقاقات جنيف الوشيكة، إنما الملهاة يمكن تلمسها في تقاعس القوى الوطنية عن إكمال خمسة ألف توقيع على عريضة تطالب باطلاق الصحفي وليد الحسين مثلاً وفي أنشغال رواد وسائل التواصل الاجتماعي في تتبع صحف الخرطوم عديمة الخيال والنكهة . هذا النظام لايمكن مقارعته الا عبر أحزاب منظمة جسورة تقودها كوادر باسلة مستعدة للتضحية ، احزاب يمكنها التحول لغرف عمليات متحركة متقدمة على الجماهير في نضالها اليومي. وذات الاحزاب الحديثة مناط بها ضمان التغيير بابتداع سياسات المستقبل التي تتنسم الخير وتجارب الشعوب الرائدة في ريادة الآفاق ونيل التطور وانجاز التحديث، واذا كنا نستلهم الديمقراطية الليبرالية أو ما يقاربها فلا خيار من الانتظام والتنطيم ضمن موسسات المجتمع المدني من أحزاب ومنظمات أمامية. ونحن نترحم على أرواح أوليك البواسل علينا أن نكون أكثر حماساً واصدق شكيمة في إبتدع وسائل العصر لإقتلاع شجرة الحنظل. علينا الإنتباه والابتعاد عن تخزيل الاحزاب السياسية لانها وسيلتنا الوحيدة لتطبيق الديمقراطية الليبرالية والانخراط فيها لتطوير الممارسة داخلها لتتمكن من أداء واجبها في طرح سياسات المستقبل والتنمية. ان ذكرى سبتمبر تعتبر أعظم تحدي أخلاقي يواجه شعبنا ، لأن أولئك الفتية والصبايا أثبتوا للعالم أجمع ان النضال السلمي هو الوسيلة الأسرع والأمثل لهزيمة الباطل، وان عمر البشير وعصابته لم ينتصروا عليهم بل على النقيض من ذلك تماماً، لقد أصبحت تلك العصابة أكثر بؤساً وخواراً يحسبون كل صيحة عليهم. لقد انتصر الشهداء لشعبهم في سبتمبر ولا نملك الا البناء على بسالتهم وجسارتهم في مواصلة ثورة سبتمبر المجيدة والاقتصاص من المجرمين بطرق أبواب العدالة المشرعة هنا وهناك.