ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير الاقتصادى المرموق د. التجانى الطيب يفضح كذبة دعم الخبز
نشر في حريات يوم 11 - 10 - 2015

كشف الخبير الاقتصادى المرموق الدكتور التجانى الطيب ابراهيم بالأرقام كذبة سلطة المؤتمر الوطنى عن دعم أسعار الخبز .
وأورد فى مقال (…. تكلفة جوال الدقيق المستورد بعد استعمال سعر الصرف الجديد وأضفنا إليها 15 جنيه للموردين و 18 جنيه للمخابز، وقدرنا إنتاجية جوال الدقيق بحوالي 650 رغيفة بدلاً من 700 رغيفة، فإننا نجد أن سعر الرغيفة يصل إلى 22 قرشاً (جداول 3 و4)، أي أقل من سعرها الحالي بحوالى أحد عشر قرشاً (33%).).
وأضاف الدكتور التجانى الطيب ( لو نظرنا بنفس المنهج إلى جوال الدقيق المطحون محلياً بعد اعتبار متوسط التكلفة الحقيقية للمطاحن الرئيسية و18 جنيهاً لتكلفة المخابز، فإننا نجد أن سعر الرغيفة لا يتعدى 25 قرشاً بالتكلفة الحقيقية للمطاحن، و22 قرشاً بمتوسط السعر المحدد رسمياً (جدول4)، ما يعني أن المواطن هو المتضرر في كلا الحالتين).
(نص المقال أدناه):
صناعة الدقيق واستمرار تسويف الحلول
د. التجاني الطيب إبراهيم
تقديم :
في مقالة حديثة بعنوان، " غبار الدقيق والقمح والحقائق الغائبة" ، سلطنا الضوء على بعض الجوانب الهامة لصناعة الدقيق في السودان، وخلصنا إلى أن هذا القطاع الحساس في حاجة ماسة إلى دراسة ومراجعة شاملة من قبل الحكومة تشمل: (1) وقف استيراد الدقيق والاعتماد على استيراد القمح للأسباب التي شرحناها في المقال؛ (2) مراجعة الأسس التي تثبت وجود دعم رسمي لصناعة الخبز؛ (3) التأكد من أن أسعار ونوعية القمح المستورد مطابقة للمواصفات المطلوبة والتصنيف الموحد للتجارة العالمية لتحنب المغالاة في قيم فواتير الإستيراد؛ (4) استغلال طاقة الطحن المحلية الفائضة في استيراد القمح وتصدير الدقيق المطحون إلى بعض دول الجوار؛ و(5) النظر في كيفية إستفادة الحزينة العامة من عائدات الردة. فيما بين، توفر لنا المزيد من المعلومات والإحصاءات المفيدة، خاصة بعد إعلان نتائج العطاءات الأخيرة، التي أمن بعضها على الاستنتاجات التي توصلنا إليها في المقالة السابقة، بينما يعكس جزء كبير منها جوانب أخرى هامة لما يدور في قطاع صناعة الدقيق، نود طرحها في هذه السانحة.
أنواع القمح
هناك ثلاثة أنواع من القمح: (1) القمح الصلب Hard Wheat، وينتج في كندا، أستراليا، أمريكا الشمالية، وبكميات محدودة في الأرجنتين، وهو عالي الجودة والبروتين والصلابة، وينتج جواله زنة 50 كيلو حوالى 1,200 رغيفة زنة 50 جرام؛ (2) القمح الناعم Soft Wheat، وأماكن إنتاجه الرئيسية تشمل روسيا، الهند، والبحر الأسود، وهو أقل جودة من القمح الصلب وينتج جوال دقيقه زنة 50 كيلو حوالي 600 – 700 رغيفة زنة 50 جراما. والقمح الناعم، الذي يستورده السودان ليس به محسنات ويحتاج إلى معالجات كثيرة، بالإضافة إلى أن أصحاب المخابز المحلية غير مدربين على استعماله. أما فرق السعر العالمي بينه والقمح الصلب فيبلغ حالياً حوالى 50 دولاراً للطن؛ (3) قمح العلف Feed Wheat، ويستعمل في الإنتاج الحيواني وسعره العالمي أقل بكثير من سعر القمح الناعم.
استهلاك الدقيق وطاقة الطحن المحلي
حسب أحدث التقديرات المتداولة، يستورد السودان ثلاثة ملايين طن من القمح في العام، بالإضافة إلى 400 ألف طن من القمح المحلي لمواجهة الاستهلاك المحلي من الدقيق المقدر بحوالى 2,3 مليون طن. لكن وفقاً لسياستها المعلنة أخيراً، تنوي الحكومة تغطية 30% (700 ألف طن) من استهلاك البلاد من الدقيق المستورد ما يعني استيراد 1,9 مليون طن قمح، تساوي 1,6 مليون طن دقيق محلي، على أقل تقدير، لتأمين الاستهلاك المحلي. أما طاقة الطحن المحلية فتقدر حالياً بحوالي 18 ألف طن في اليوم، المستغل منها فقط 7,5 ألف طن (42%)، ما يشير إلى أن طاقة الطحن الفائضة تصل إلى 58%. هذا التوسع الهائل في الاستثمار في صناعة الدقيق يدل على أن هناك أرباحاً طائلة تجنى في هذا القطاع دون غيره، رغم الرقابة الحكومية المشددة على تسعيرة ونوعية إنتاج المطاحن الكبيرة دون أن تشمل المطاحن الصغيرة والوكلاء والمخابز، التي تقدر بحوالى 10,500 مخبز في السودان، منها 1,200 مخبز في الخرطوم وحدها. هذه الثغرة ساهمت في عام 2013م في بروز ظاهرة استغلال النقد الأجنبي في أشياء غير استيراد القمح والتهريب عبر الحدود السودانية. لذلك، لا بد من مد حبال الرقابة لتشمل كل أوعية صناعة الدقيق من فوضى التسعيرة، والأوزان، والجودة، والتهريب.
استيراد الدقيق والقمح وفروقات الأسعار
في مارس وسبتمبر 2015م، صدَقت الحكومة باستيراد 600 طن دقيق و 1,2 مليون طن قمح (جدول1). ما يسترعي الانتباه هو الفرق الهائل بين الأسعار المقدمة، خاصة في مجال استيراد الدقيق، حيث بلغ فرق سعر الطن 134 دولارا بين أقل سعرين في مارس و96 دولار في سبتمبر نتيجة لهبوط أقل سعر ثاني المقدمين بحوالي 38 دولاراً، بينما ظل أقل الأسعار ثابتاً في حدود 370 دولاراً للطن. هذا يعني أن فروقات الأسعار الأولية في مجال استيراد الدقيق بلغت 69 مليون دولار، مع ملاحظة أن كل أسعار استيراد الدقيق والقمح تشمل تكلفة التمويل الآجل (360 يوماً لاستيراد القمح و180 يوماً لاستيراد الدقيق). أما في حالة استيراد القمح، فقد بلغ فرق سعر الطن 34 دولارا في مارس و 49 دولاراً في سبتمبر، انعكاساً لهبوط الأسعار العالمية بينما بقي أقل الأسعار دون تغيير (304 دولار للطن) في كل من الفترتين، التي بلغ فيهما إجمالي فروقات الأسعار 117 مليون دولار!
لكن من الواضح أن سياسة ما يسمى "فك الاحتكار" الموجه على استيراد القمح والدقيق وفتح باب الاستيراد لكل شركات الطحن عبر العطاءات، التي أعلنت في أغسطس 2015م، لم تغير شيئاً يذكر لا في أقل الأسعار ولا في الشركات الأقل سعرًا (جدول2). فبالنسبة للدقيق، بقى سعر سيقا، التي انخفضت حصتها في سوق الدقيق من 60% إلى 29%، بالتمويل الآجل هو الأقل (370 دولارا للطن)، بينما ظلت سين، التي ارتفعت حصتها في سوق الدقيق من 15% إلى 43%، الأقل سعراً في مجال القمح (304 دولار للطن). لهذا ليس غريباً أن فازت الشركتان بعطاءات سبتمبر 2015م لإستيراد الدقيق والقمح بواسطة البنك الزراعي السوداني لصالح المخزون الإستراتيجي، الذي لا يمتلك أي بنى تحتية ذات معنى. ما تجدر الإشارة إليه هو التقارب الشديد في الأسعار الآجلة بالنسبة لاستيراد القمح بين السعر الأقل (سعرين) وبقية الأسعار الآخرى المقدمة بالنسبة لاستيراد الدقيق (جدول2)، ما يشير إلى مغالاة فاضحة في تلك الأسعار.
بخصوص عملية فرز العطاءات، فهناك عدة ملاحظات حول نتائجها نلخصها كالآتي: أولاً: بعد التفاوض معهما بواسطة الجهات الرسمية المعنية، قبلت شركتا سين وسيقاف في خفض أسعارهما لاستيراد القمح بحوالي 27 و31 دولاراً للطن حسب الترتيب (جدول2)، علماً بأن الأسعار العالمية للقمح لم تشهد تغييراً يذكر خلال فترة دراسة وفرز العطاءات. فالعطاء تعهد ملزم (ليك أو عليك)، وبالتالي فأي تغيير في بنوده يستوجب إعادة إعلان العطاء – ولو من باب الشفافية – وربما أدى ذلك إلى الحصول على أسعار أحسن من التي تم التوصل إليها عبر التفاوض الأحادي مع شركات تعترف بأنها ضخمت من أسعارها دون مبرر. ثانياً: تقدمت شركتا سين وسيقاف لاستيراد 200 ألف طن و100 ألف طن من القمح حسب الترتيب. بعد الفرز وفوز سين بالعطاء، ارتفعت هذه الكميات إلى 300 ألف طن للشركة الفائزة و200 ألف طن لسيقاف دون ذكر الأسباب والأسس التي تمت بموجبها تلك الزيادات في الطاقة الإستيرادية للشركتين. ثالثاً: في حالة عطاء الدقيق، قبلت شركة سيقاف، وهي شركة تجارية لا علاقة لها بصناعة الدقيق، تخفيض سعرها الآجل بمقدار 78 دولارا للطن ليصل إلى 370 دولار، وهو سعر سيقا الفائز بعطاء الدقيق. وبغض النظر عما يثيره هذه التخفيض الكبير من تساؤلات، يبقى السؤال الأهم، هل عرضت كل الكمية المطلوبة على سيقا الأقل سعراً – كما هو متبع في نظام العطاءات – قبل اللجوء إلى التفاوض مع سيقاف على سعرها المغالى فيه أم تم التخفيض عن طريق التفاوض الأحادي المباشر؟ رابعاً: حصر العطاءات في الشركات المحلية فقط بدلاً عن طرحها عالمياً كما هو الحال في الجارة مصر مثلاً، يضعف من مصداقية وشفافية "فك الاحتكار" المزعوم، ويفقد البلاد فرصة الحصول على أفضل الأسعار والجودة، ما يعني ضياع المزيد من موارد البلاد من النقد الأجنبي.
أما تكلفة التمويل الآجل لعطاءات سبتمبر 2015م، فمن المتوقع أن يصل إلى عشرة ملايين دولار (تكلفة التمويل X الكمية: جدول2)، بعد أن خفضت سين تكلفة تمويلها الآجل من 27 دولاراً إلى 8 دولارات لطن القمح. الاعتماد على التمويل الآجل يعكس عجز الحكومة عن توفير النقد الأجنبي اللازم لتمويل عمليات الاستيراد نقداً، ما يضعف دورها في التحكم في أسعار التمويل وربما الأسعار المقدمة للاستيراد، بالإضافة إلى فتح ثغرة قد تكون مدخلاً للفساد والتلاعب بموارد البلاد الشحيحة. أما السبب الأساسي في الاعتماد على التمويل الآجل هو أن الحكومة ليست لديها موازنة للنقد الأجنبي ذات أولويات وأسبقيات محددة لإنفاق موارد النقد الأجنبي التي تتوفر للبلاد كل عام. فالحكومة تتعامل مع الطلب على النقد الأجنبي برزق اليوم باليوم كما هو الحال مع الموازنة العامة للدولة. فحصيلة البلاد السنوية من النقد الأجنبي قد تصل إلى أكثر من أربعة مليارات دولار. فلو رصد نصف هذا المبلغ لمواجهة التمويل النقدي لاستيراد السلع الضرورية، كالقمح والمشتقات البترولية والأدوية المنقذة للحياة إلى آخر قائمة الضروريات، وفق جدول أولويات محددة، لكان بإمكان الحكومة توفير 29 مليون دولار في عام 2015م من تكلفة تمويل كل حاجيات البلاد من الدقيق والقمح المستوردين حسب تكلفة التمويل المشار إليها في جدول2.
تكلفة الدقيق والقمح والخبز
بعد إعلان نتائج العطاءات الأخيرة، يبلغ سعر طن الدقيق الروسي المطلوب استيراده 370 دولاراً تسليم بورتسودان، بينما يبلغ سعر طن القمح (روسي) لإنتاج نفس النوعية من الدقيق 227 دولارا (جدول3). في الأسبوع الثالث من سبتمبر 2015م، أعلنت الحكومة وبعد خمسة أسابيع فقط، رفع سعر دولار استيراد القمح للمرة الثانية من 4 جنيهات للدولار إلى 6 جنيهات للدولار (المرة الأولى من 2,9 جنيه للدولار إلى 4 جنيهات للدولار) بحجة هبوط الأسعار العالمية ورفع سعر الصرف وإزالة "التشوهات" ومعالجة "دعم الأسعار" والخروج "نهائياً" من الدعم!! أولاً: لم يكن هناك دعم أصلاً حتى إذا رفعنا سعر صرف القمح إلى 6.5 جنيه للدولار كما وضحنا في المقالة السابقة. لكن يبقى السؤال قائماً: إلى أين كانت تذهب اعتمادات فروقات سعر الصرف على القمح التي كانت تتزين بها الموازنات العامة؟. ثانياً: رفعت الحكومة سعر صرف القمح بأكثر من 100% في أقل من ثلاثة أشهر، بينما ارتفعت الأسعار العالمية للقمح بحوالي 8 – 10% منذ بداية العام، ما يعني عدم صحة الربط بين تحريك سعر صرف القمح وحركة أسعار القمح عالمياً. ثالثاً: يبدو أن القرار كان مجرد استخارة ولم يكن مدروساً، لأنه أمن على هبوط الأسعار العالمية دون أن يذكر كيف سيتم التعامل مع سعرالصرف وبالتالي الدعم في حال عاودت الأسعار العالمية الصعود مرة أخرى، وهي حتماً ستفعل ذلك في المدى المتوسط. في ظل حدوث هذا الاحتمال وللبقاء خارج دائرة الدعم، يمكن مثلاً إنشاء حساب لتركيز أسعار القمح تثبت بموجبه الأسعار الحالية ويحول أي نقصان في هذه الأسعار إلى حساب التركيز لمواجهة أي زيادة مستقبلية في الأسعار لضمان استمرار استقرار أسعار الخبز.
تسعيرة الدقيق الرسمية لا تفرق بين الدقيق المستورد والمطحون محلياً. لكن إذا اعتبرنا – فقط من باب التورية – تكلفة جوال الدقيق المستورد بعد استعمال سعر الصرف الجديد وأضفنا إليها 15 جنيه للموردين و 18 جنيه للمخابز، وقدرنا إنتاجية جوال الدقيق بحوالي 650 رغيفة بدلاً من 700 رغيفة، فإننا نجد أن سعر الرغيفة يصل إلى 22 قرشاً (جداول 3 و4)، أي أقل من سعرها الحالي بحوالى أحد عشر قرشاً (33%). لو نظرنا بنفس المنهج إلى جوال الدقيق المطحون محلياً بعد اعتبار متوسط التكلفة الحقيقية للمطاحن الرئيسية و18 جنيهاً لتكلفة المخابز، فإننا نجد أن سعر الرغيفة لا يتعدى 25 قرشاً بالتكلفة الحقيقية للمطاحن، و22 قرشاً بمتوسط السعر المحدد رسمياً (جدول4)، ما يعني أن المواطن هو المتضرر في كلا الحالتين. أما إذا نظرنا إلى عائد المخابز من جوال الدقيق، فنجده يصل إلى 70 جنيهاً حسب متوسط التكلفة الحقيقية للمطاحن (147 جنيهاً) وثلاث رغائف للجنيه، و90 جنيهاً حسب متوسط التسعيرة الرسمية الحالية (جدول4**) ، ما يعني أن المواطن هو الخاسر الوحيد في صناعة الدقيق. لهذا فمن الضروري إصلاح هذا الوضع والتفكير جدياً في خلق سعرين للدقيق، واحد على حساب سعر صرف القمح الحالي، وآخر على سعر صرف أعلى (8 جنيهات للدولار مثلاً)، مع السماح لكل أوعية صناعة الدقيق تغطية تكلفتها الحقيقية، واستغلال صافي العائد لدعم حساب تركيز سعر القمح المقترح.
الختام
لضمان الانسياب السلس لحركة صناعة الدقيق الحساسة، لابد من مواجهة المشاكل المعقدة والتحديات الجمة التي تواجهها بسياسات شفافة ومدروسة وثابتة بدلاً من تسويف الحلول ودفن الرؤوس في الرمال. لذلك، وفي إطار ما ناقشناه آنفاً، فمن الضروري: (1) بسط الرقابة الحكومية المشددة على تسعيرة ونوعية وأوزان الدقيق في المطاحن الكبرى لتشمل المطاحن الصغرى، والوكلاء والمخابز؛ (2) في ظل الرقابة المشددة على المطاحن الكبرى، فمن الأفيد مالياً واقتصادياً أن تتولى هذه الشركات عملية المخزون الإستراتيجي؛ (3) وضع موازنة للنقد الأجنبي ذات أولويات محددة لمواجهة التمويل النقدي لاستيراد السلع الضرورية؛ (4) طرح عطاءات استيراد الدقيق والقمح عالمياً بدلاً من حصرها في الشركات المحلية بهدف الحصول على أفضل الأسعار والجودة؛ (5) إنشاء حساب لتركيز أسعار القمح وتثبيت الأسعار الحالية وتحويل أي نقصان في الأسعار الحالية لمواجهة أي زيادات مستقبلية في الأسعار؛ (6) خلق سعرين للدقيق، واحد على حساب سعر صرف القمح الحالي، وآخر على سعر صرف أعلى مع السماح لكل أوعية صناعة الدقيق بالبيع حسب التكلفة الحقيقية وتحويل صافي العائد لدعم حساب تركيز سعر القمح.
جدول1: استيراد الدقيق والقمح تسليم بورتسودان 2015م
(طن/ دولار).
السلعة الكمية/طن العطاء أقل الأسعار السعر/ طن فرق الأسعار جملة الفرق/ دولار
الدقيق 300,000 الأول (مارس 2015) شركتان 504 (1)
سيقا 370 (2) 134 40,2 مليون
300,000 الثاني (سبتمبر 2015) سلفينيا 466 (1)
سيقا 370 (2) 96 28,8 مليون
القمح
700,000 الأول (مارس2015) سين 304
السعر العالمي 270 (3) 34 23,8 مليون
500,000 الثاني (سبتمبر 2015) سين 304
السعر العالمي 255(3) 49 24,5 مليون
جملة الفروقات 117,3 مليون
__________________
(1): تسليم الباخرة + 20 دولاراً تفريغ!
(2): تسليم المصنع.
(3): زائد تكلفة التمويل.
المصدر: مصادر مختلفة وتضريبات الكاتب.
جدول2: عطاءات استيراد قمح ودقيق – سبتمبر 2015م
(طن / دولار)
السلعة الكمية/طن الشركات المؤهلة السعر النقدي السعر الآجل(1) تكلفة التمويل/طن
قمح 500,000
(300,000) سين للتنمية 269 304 (277) 27 (8)
(200,000) سلفينيا التجارية 274 327 53
سيقاف للتجارة __ 308 (277) ___
دقيق 300,000
سين للتنمية 425 454 29
سلفينيا التجارية 420 446 26
(100,000) سيقاف للتجارة __ 448 (370) __
(200,000) سيقا 350 370 (370) (20)
(1): السعر الآجل لإستيراد القمح 360 يوم ولإستيراد الدقيق 180 يوم.
( )= السعر وتكلفة التمويل بعد فرز العطاءات.
المصدر: جدول 1، مصادر متعددة، وتضريبات الكاتب.
جدول3: دقيق/ قمح مستورد تسليم بورتسودان
(طن/ دولار/ جنيه)
(1) السلعة/ طن (2) التكلفة بالدولار (3) سعر الصرف (4) التكلفة بالجنيه
الدقيق المستورد/ طن 370 6ج/ للدولار 2,220 مليون (2,880 مليونا) 2.
الدقيق المستورد/ جوال 50 كيلو 18.5 6ج/ للدولار 111 (144) 2.
الدقيق المستورد/ 300 ألف طن 111 مليونا 6ج/ للدولار 666 مليوناً
القمح المستورد/ طن 277 6ج/ للدولار 1,662 مليوناً
القمح المستورد/ جوال 50 كيلو 13,85 6ج/ للدولار 83,1
القمح المستورد/ 500 ألف طن 138,5 مليون 6ج/ للدولار 831
الدقيق المطحون محلياً/ طن 1. 360 6ج/ للدولار 2,160 مليونا (2,940 مليون) 3.
الدقيق المطحون محلياً/ جوال 50 كيلو 18 6ج/ للدولار 108 (147) 3.
إنتاج طن من الدقيق يحتاج إلى 1,3 طن من القمح المستورد، ما يعني أن الردة المستخلصة من كل طن دقيق تساوي حوالى 0.25 للطن (25)% وتكلفة القمح المستورد 360 دولاراً لإنتاج طن الدقيق.
يحتوي على إضافة 15 جنيهاً للموردين و18 جنيهاً للمخابز في كل جوال، ما يعني 126 جنيهاً تكلفة الموردين.
متوسط التكلفة الحقيقية للمطاحن دون اعتبار السرقة، غرامة تأخير الاستلام (أرضيات) نتيجة لتأخير الدفع، والتلف.
المصدر: "آفاق الاقتصاد العالمي"، صندوق النقد الدولي، واشنطن، أغسطس 2015م، مؤشر ناسداك (Nasdac) سبتمبر 2015م، مصادر أخرى متنوعة، وتضريبات الكاتب.
جدول4: الدقيق – أسعار المخابز والمستهلك (*)
(جوال زنة 50 كيلو/ جنيه/ قرش)
(1) السلعة (2) سعر الصرف (3) التكلفة الكلية بالجنيه (4) تكلفة المخابز بالجنيه (5) سعر الرغيف بالقرش
الدقيق المستورد 6ج/ للدولار 126 144 22 قرشا
الدقيق المطحون محلياً (x) 6ج/ للدولار 147** 165 25 قرشا
جوال الدقيق/ متوسط السعر الرسمي 127** 145 22 قرشاً
(*) (3)+18 جنيها = تكلفة المخابز بما في ذلك الربح. (4)÷650 رغيفة للجوال = سعر الرغيفة الواحدة بعد تقدير تكلفة المخابز.
(x): دون اعتبار عائد الردة
** عائد المخابز من جوال الدقيق حسب التكلفة الحقيقية للمطاحن والسعر الرسمي = 650 رغيفة زنة 50 جراما ÷ 3 رغائف للجنيه الآن = (217ج – 147ج) = 70 جنيهاً (48%) و 90 جنيهاً (71%) (217ج – 127ج) حسب السعر الرسمي. إذا قدرنا 4 رغائف للجنيه، يكون عائد المخابز 16 جنيها (11%) في الجوال حسب التكلفة الحقيقية للمطاحن و36 جنيهاً (28%) حسب السعر المحدد حالياً.
المصدر: جدول 3.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.