ماذا قالت قيادة "الفرقة ال3 مشاة" – شندي بعد حادثة المسيرات؟    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في مآلات وتمظهرات الأزمة السودانية : سيناريوهات التفكيك وإعادة التشكيل
نشر في حريات يوم 19 - 10 - 2015


مدخل:
المتأمل والمتفحص للأزمة السودانية يدرك بكل يقين أن لها جذور وتمظهرات وأسباب لاتخطئها العين تتمثل في (الهوية الجامعة، إدارة التنوع، التوازن التنموي، الإقتسام العادل للثروة والسلطة، الدستور الدائم، الشمولية التي كرست الخلل). وبدون مخاطبة هذه القضايا ستظل الازمة السودانية في تفاقم ينذر بتلاشي الدولة السودانية، وماحدث من إنفصال جنوب السودان قابل للتكرار في بقية أطرافه كناية عن تشابه الحالة وإمكانية تكرار النتائج والصيرورات، إنفصال الجنوب حالة ذهنية تصيب الحكومة الفاصلة كما تصيب الاطراف المفصولة أو القابلة للإنفصال. هذه الازمة بتجلياتها تتحكم في المشهد السياسي السوداني وتأزمه وتؤثر بشكل مباشر في مسارات المستقبل .
المتابع للمشهد السياسي في السودان يلاحظ بوضوح سخط عام، وإستقطاب حاد، وإرتباك الوضع السياسي، وإستمرار الحروب في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان والشرق، وتجدد الصراعات القبلية وإتساع رقعتها مع زيادة المأساة وتضاعف أعداد الضحايا في معسكرات النازحين، وتصاعد التفلتات الامنية، وتفاقم الضائقة المعيشية والازمة الإقتصادية بصورة جنونية، وتدري خدمي مريع حتي في العاصمة والمدن الكبري، وتضييق علي الحريات وإنتهاك للحقوق من مصادرة الصحف ومنع كُتاب رأي من الكتابة والرقابة القبلية وإغلاق عدد من المراكز والمنظمات وإلغاء تسجيل بعضها وإستمرار إعتقالات الناشطين/ات ومنع القيادات السياسية من السفر خارج البلاد، وإنتشار العنف في الجامعات وبين الشباب والتحاق عدد من الطلاب بداعش وجبهة النصرة، وزيادة الهجرة القسرية الداخلية والخارجية، وإتساع العزلة الدولية والاقليمية. هذا الوضع جعل الجميع – حاكمين ومحكومين ومراقبين وسياسيين – في حالة من الترقب والتوجس والخوف من المجهول وإنسداد الافق.
السيناريوهات المحتملة:
يمر السودان بمنعطف خطير تتجازبه تحديات وسيناريوهات تفكيكية إذا لم يتم التصدي لها بصورة مثلي سوف تكون نتائجها كارثية، التحدي الاكبر أمام السودانيون كيف يتم ترجيح سيناريوهات إعادة بناء الدولة السودانية التي تسع الجميع؟.
نظام المؤتمر الوطني مدد لنفسه خمس سنوات أخري عبر إنتخابات إبريل 2015م التي رفضت القوي الحية في الساحة السودانية خوضها وشهدت مقاطعة شعبية واسعة، بموجبها أو بغيرها يسعي نظام المؤتمر الوطني لتمسكه بالسلطة خلال المرحلة القادمة، ولعل أكبر عوامل بقائه وإستمراره هو دعم جهات اقليمية ودولية والقبضة الامنية وسعيه علي تجفيف منابع الثورة خاصة الشباب والطلاب والنقابات، وإضعاف الاحزاب السياسية وإفقارها وغيرها من مؤشرات البقاء .كما ان مخاطر وتكلفة إستمرار النظام علي السودان كبيرة ومن اي سيناريو أخر، أهمها زيادة معاناة المواطن السوداني جراء سياسات النظام الفاسدة والفاشلة، وبقاء إسم السودان في قائمة الارهاب وما يترتب عليها من عقوبات إقتصادية، وإضاعة فرص إعفاء الدين الخارجي، وإيقاف المشاريع التنموية، وتبدد أحلام صنع السلام وإيقاف الحرب وجبر الضرر وتحقيق العدالة، وإستمرار العزلة الدولية ، وتجرع مرارة تغلغل الجماعات الارهابية في السودان.
مساران للحوار الوطني في السودان، المسار الاول هو حوار الوثبة الذي أطلقه رئيس الجمهورية في يناير 2014م وقاطعته القوي السياسية المعارضة بحجة أن النظام يمثل فيه وصياً علي الاخرين ولم يفي بإستحقاقات الحوار الجاد الذي يحل الازمة وقد أثبتت التطورات فشله بسبب المقاطعة الواسعة للمؤتمر الذي عقد في العاشر من اكتوبر الجاري. المسار الثاني هو الحوار بموجب قرار مجلس السلم والامن الافريقي 456 والذي وافقت عليه قوي المعارضة وكذلك أحزاب حوار الوثبة من بينها الحزب الحاكم بتوقعيه علي إعلان أديس ابابا ضمن لجنة 7+7 مع الوسيط الافريقي وقاطعه الحزب الحاكم في مارس 2015 وجدد مجلس السلم والامن الافريقي الدعوة للمؤتمر التحضيري في قراره رقم 539 الذي منح بموجبه الحكومة السودانية مهلة ثلاث أشهر لكي تؤكد جديتها في عملية الحوار الوطني والجدير بالذكر ان القرار تم تبنيه بعد جلسة الإستماع التي عقدها المجلس لقوي نداء السودان التي تمثل المعارضة السودانية. الواقع يقول أن المعارضة ترفض خارطة طريق حوار الوثبة الداخلي وتطالب بمتطلبات الحوار المنتج والنظام يرفض خارطة طريق حوار القرار الافريقي 345 والقرار 539 ويعتبرها حوار خارجي علي شاكلة إتفاقية نيفاشا، ففي التوقت الذي تعقد فيه لجان حوار الوثبة إجتماعاتها حول القضايا التي إعتمدتها خارطة الطريق تعقد لجان السياسات البديلة لقوي نداء السودان المعارضة أعمالها بعد أن تم إعتماد القضايا التي تضمنتها خارطة طريق السياسات البديلة المعتمدة في ورشة عمل بتاريخ 14- 17 أكتوبر الجاري، التباين واضح بين الموقفين. إذا إستجاب النظام وشارك في المؤتمر التحضيري فإن هذا سيفوت الفرصة علي دعاة التشرزم والتمزق وسيتيح مساحة واسعة لإعادة التشكيل والبناء علي أسس يتفق عليها السودانيون وسيجد هذا المنحني تأئيد شعبي وإقليمي ودولي، وإذا لم يستجيب سيفتح الباب واسعاً للتدخل الدولي عبر إصدار قرار من مجلس الامن تحت البند السابع، وسيزيد من حالة الإحباط والإستقطاب الداخلي بشكل غير مسبوق، وبالتالي يشكل مسار ثالث للحوار عبر مظلة دولية . مؤشرات هذا السيناريو راجحة منها أن الحوار كمبدأ ينادي به الجميع دون إستثناء وإنما الاختلاف حول إشتراطات الجدية والشفافية وخارطة الطريق ومكانه، وقلق المجتمع الدولي والاقليمي ورغبته في مساعدة السودانيين في الوصول الي حل سياسي شامل عبر الوسائل السلمية التفاوضية، ومن أكثر المؤشرات عملية الانهاك المتبادل بين الحكومة والمعارضة والتي ولدت قناعة لصالح هذا السيناريو، والدور الفاعل للمجتمع المدني السوداني الذي يقود حملات تنويرية وتثقيفية واسعة الي الإنتقال السلس من الشمؤلية الي الديمقراطية ووقف الحرب والحوار المجتمعي كمدخل للتعايش السلمي، والدروس والعبر من تجارب الدول المماثلة.
هذا السيناريو مطروح بقوة بإعتباره مجرب ولدي الشعب السوداني دراية كاملة به في إنتفاضة 1964 م وإنتفاضة 1985 م . وذلك لتوفر الاسباب الموضوعية جراء سياسات النظام. وقد تجلت مؤشرات ذلك في تراكم التظاهرات الشعبية في الخرطوم والولايات، والاعتصامات في عدد من المناطق سوي كانت قضايا اراضي أو غياب للتنمية أو إنعدام الخدمات، وإهتزاز صورة رئيس الجمهورية أمام الشعب السوداني خاصة بعد مشهد جوهانسبيرج في يونيو 2015م، والصراع داخل أروقة النظام مما أفقده أهم نقاط القوة، والخطوات المتتابعة في توحيد المعارضة لا سيما قوي نداء السودان ورفعها شعار إسقاط النظام وتبنيها سياسات بديلة لسياسات النظام، والتحولات الاقليمية الكبيرة لا سيما في المنطقة العربية. مخاطر هذا السيناريو تتمثل في الإنتشار الواسع للسلاح، ووجود مليشيات قبلية ذات أطماع جهوية، وحركات مسلحة ذات مطالب سياسية، ومجموعات إرهابية ذات توجهات عقائدية، وتقاطعات الاجندات الدولية، والشعور الجمعي بالضيم الذي يولد الانتقام الجماعي. إذا لم تتجلي عبقرية الشعب السوداني وحكمة قياداته السياسية لتقديم بديل ديمقراطي يتصدي لكل هذه التحديات والمخاطر فإن السودان سيمر بأسواء ربيع عربي بالمنطقة.
تكونت قناعة راسخة لدي القوي السياسية السودانية بخطورة الانقلابات العسكرية والإستيلاء علي السلطة بالقوة، ولكن هذه القناعة لم تتوفر لدي قيادات الحركة الاسلامية إذ لم تعترف بالخطأ بل تبرر شرعية الانقلاب وتعتبره من وسائل تنفيذ مشروعها الحضاري وبالتالي فإن أي إنقلاب محتمل – وارد بنسبة كبيرة – سيكون من داخل كيانات الحركة الاسلامية. ومؤشرات هذا السيناريو تتمثل في صراع الاجنحة الخفي، والتململ الواسع في أوساط القوي الحية " المراة، المهنيين، الشباب، الطلاب" والتقارب الكبير بين الاسلاميين الان بعد المفاصلة الشهيرة في 1999م، وإبعاد عناصر إسلاموية أساسية من الحكم، والتطورات المتصاعدة داخل التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وفقدانه السلطة في الدول التي حكمها، وضيق قنوات الحوار داخل أروقة النظام مما تعجل برحيل صاحب أي راي مخالف. هذا السيناريو الكارثي مطروح بقوة وفق المنظومة الخالفة/ النظام الخالف في حالة فشل الحوار الوطني وفق شروط البشير لكي يكون بديلا عنه إعادة إنتاج الإنقاذ. مخاطره تتمثل في فتح أبواب جهنم علي السودان ليصبح ميدان تسلح وعنف وبؤرة الصراع الدولي والاقليمي، والرجوع الي سنين الإنقاذ الاولي بكل قسوتها علي المواطن السوداني، وزيادة رقعة الحرب، والانفلات الامني، ونسف الإستقرار الداخلي والاقليمي.
الفاعلين في الشان السوداني:
فاعلية المجتمع الدولي في الشان السوداني أصبحت حقيقة واقعية لا ينكرها الا مكابر بما له من تأثير واضح بموجب قرارات دولية وقوات أممية وإغاثة النازحين والضحايا وتعيين مبعوثين خاصين وفق مواثيق دولية داعمة للإستقرار والامن والتحول الديمقراطي في السودان علي مستوي الأمم المتحدة ووكالاتها ومجلس الامن ومجلس حقوق الانسان ومحكمة الجنائية الدولية، كما أن الفاعلين في المجتمع الدولي لا سيما الاتحاد الاروبي والولايات المتحدة لهما وجود مؤثر جداً في الشأن السوداني عبر المبادرات والبيانات واللقاءات والحوارات مع كافة الاطراف بصورة عامة. وإذا أخذنا موقف أي منهما منفرداً نلاحظ أن:
للمجتمع الاقليمي بشقيه "العربي والافريقي" وجود وتدخل واسع في الشأن السوداني، وقد إستضافت مدن وعواصم أفريقية وعربية عدة مباحثات سياسية بين الفرقاء السودانيين "أبوجا، إنجمينا، نيروبي، نيفاشا، كمبالا، أديس ابابا، أسمرا، القاهرة، طرابلس، الدوحة"، وشكلت القوي العسكرية الاكبر لبعثات حفظ السلام في يونميس ويونميد والقوات الاثيوبية في منطقة أبيي، وكان لها إسهام في مشروعات التنمية وبناء السلام وإستقطاب دعم المانحين.
الإتحاد الافريقي : بحكم تكوينه إتحاد حكومات كان دوره داعم لنظام البشير ومواقفه في كثير من الاحيان غير منسجمة مع الدور المأمول منه فمثلاً موقفه الرافض لتسليم البشير ل ICC وكذلك موقفه من الانتخابات الاخيرة أبريل 2015م حيث أوفد لجنة تقصي الحقائق التي أكدت في تقريرها أن معايير النزاهة والديمقراطية لا تتوفر فيها، وبالرغم من ذلك أرسلت بعثة مراقبة أفريقية برئاسة الرئيس النيجيري السابق أبوسانجو الذي صرح بما أملي عليه بأنها إنتخابات شفافة ونزيهة وحرة، ولكن سرعان ما عبر عن رائه الشخصي في لقاء مسجل بمعهد السلام الامريكي في شهادته علي الانتخابات السودانية والذي إعتبرها لا ترتقي للمعايير الديمقراطية، ولكن هذا الموقف الان أصبح اكثر إتزاناً بعد أن توصلت الآلية رفيعة المستوي بقيادة ثابومبيكي الي إتفاقيات التعاون بين الحكومة السودانية وحكومة الجنوب حول القضايا العالقة كما إنها غيرت من نهجها في التعامل مع مباحثات بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية السودانية والقوي المعارضة حيث ابني قرار 539 الداعي الي التحول الديمقراطي في السودان.
جامعة الدول العربية: ظل دورها دون المطلوب بكثير وهذا يرجع للإشكالات التي تكبلها وما تعانيه حكوماتها من إستبداد وصراع وإستقطاب هذا الوضع أنتج ثورات الربيع العربي والتوترات في المنطقة العربية، كما أنها ظلت داعمة نظام الانقاذ وأخرها مشاركتها في مراقبة الانتخابات ابريل 2015م ومؤتمر حوار الوثبة الذي عقد في العاشر من أكتوبر الجاري، مما يؤكد عجز الجامعة العربية في الاطلاع بدورها في كل البلدان العربية وهذا الموقف أرجعه مراقبين الي عجز أمينها العام الحالي د. نبيل العربي والذي سيغادر موقعه خلال الشهر القادم.
لنظام السوداني أصبح جزء من محاور الصراع في المنطقة العربية (الأخوان المسلمون وداعش وعاصفة الحزم) هذا الوضع جعل نظام الخرطوم في قلب الصراعات والاستقطابات في المنطقة .
تزايد دور منظمات المجتمع المدني السوداني بتصاعد الآمال المعلقة عليها بعد جهود مضنية إستطاعت أن تسد الفجوة التنموية والخدمية والدفاعية والتنويرية الكبيرة التي خلفتها الحكومة والقطاع الخاص علي السواء، مع التطور المتصاعد للمجتمع المدني إتسعت أجندته وزادت قوته وتأثيره ومطلبات دوره الجديد المتعلق بإسهامه في حل الازمة السودانية، وأصبح الرهان عليه كطرف فاعل في معادلات الاصلاح والتغيير والتنمية والحوكمة وبذلك مشاركاً في صنع السياسة Policy Making لإرتباطها المعقد بكل تفاصيل الحياة. هذه الوضعية المتقدمة تم مجابهتها من قبل النظام بسياسات تضيقية من تعديلات قانونية قاسية وإغلاق عدد من المراكز والمنظمات وإلغاء التسجيل ووضع قيود تعجيزية لتأسيس وتسجيل المنظمات الطوعية. مع هذا التطور فهناك إشكالات حقيقية يعاني منها المجتمع المدني تتمثل في ماهية المجتمع المدني نفسه وتعريفه الدقيق المتفق عليه حيث يوجد عدة مفاهيم للمجتمع المدني، وعدم الاتفاق علي رؤية مؤحدة للدور الامثل للمجتمع المدني وحدود دوره وإنخراطه في العمل السياسي من عدمه، وغياب التنسيق بين مكوناته، وتقويم تجارب التشبيك المحكم. الوعي بهذه الإشكالات والإحساس بالدور المامول من المجتمع المدني فتح الباب امام مبادرات عدة في طريق الاتفاق علي أجندة المجتمع المدني السوداني.
القوي السياسية المعارضة نظام الانقاذ منذ يونيو 1989م ظلت فاعلة في الحراك السياسي وجزء أساسي في توازن القوي بما تمثله من إرث سياسي وثقافي وإجتماعي لدي الشعب السوداني. إستطاعت عبر النضال السياسي أن تجهض المشروع الحضاري الإستقطابي للإنقاذ، وتقديم مشاريع بديلة، وأجبرت النظام علي التراجع أمام كثير من شعاراته وسياساته. صحيح أنها تعاني من علل وأمراض مزمنة تتفاوت من حزب الي أخر تتعلق بضعف التمويل والإعلام، والصراعات المفتعلة التي لم تتوقف، والإنقسامات والإنسلاخات والاختراقات والإستقطابات، ومحاولات تصفيتها وشل حركتها. وعلي الرغم من كل ذلك الا انها قد أنجزت خطوات مهمة في سبيل توحيد نفسها عبر مواثيق وتفاهمات لفعل معارض موحد ينطلق من مسؤلياتها الوطنية كما حدث في "نداء السودان" الذي وحد رؤية القوي السياسية الأساسية بالداخل والجبهة الثورية السودانية بالخارج والسعي لإستكمال مشروع التوسعة ليضم تحالف عريض، ورسم معالم التعامل مع الأزمة الوطنية بصورة شاملة وكاملة وتعتبر هذه خطوة مهمة لإستعادة المعارضة قوتها والرهان عليها وخلق توازن قوي يسيطر علي المشهد السياسي ويتحكم في تفاصيله وموقفها الاخير بمقاطعة مؤتمر حوار الوثبة يمثل أحد ثمرات هذا التوازن.
بحكم الواقع وهيمنته علي السلطة والثروة أصبح طرفاً أساسياً في أي معادلات سياسية . سيطرته علي مقاليد الحكم 26 سنة مكنته من بناء أجهزة دولة وفق فكره وسياساته وسيطرة منسوبيه علي كل القطاع العام ومعظم القطاع الخاص، كما مكنته علي خلق تحالفات خارجية لحماية سلطته، وإمتلاكه ترسانة من السلاح والقدرات الأمنية، والتحكم في السوق والخدمات والاراضي، وصياغة الانسان السوداني وتنميطه بما يخدم سياساته الإنفرادية، وخلق – قنابل موقوتة – بؤر نزاعات قبلية ومذهبية متطرفة. هذا الوضع يصفه كثير من المراقبين أن النظام قد ربط مصير الوطن بمصيره. ومع كل ذلك يعاني النظام من ضعف أساسي يتمثل في غياب الرؤية الاستراتيجية، والتمزق والتفكك الداخلي، والتململ في قواه الحية، ودفع ثمن سياساته ملاحقة وادانة وعزلة دولية وسخط سياسي حتي وسط عضويته، يسعي الي جلب عدد من الاحزاب السياسية لمشروعه عبر إتفاقيات وتفاهمات ثنائية وإشراكها في السلطة بشكل رمزي بغرض تجميل وجهه أما المجتمع الدولي.
يمثل أهم الفاعلين في المشهد السوداني " الكتلة الصامتة " وذلك عبر تقييمه للمواقف السياسية المختلفة والتعبير عن رفضه لسياسات النظام بالمقاطعة والمظاهرات والاحتجاجات والتعبير الاعلامي في الصحف والوسائط الحديثة والهجرة القسرية والسخط العام وكشف الفساد وفض المفسدين. ويري كثير من المراقبين أنه الفاعل الوحيد الذي له القدرة علي فرض خياراته التي يراها عبر إنتفاضته علي النظام في أي وقت.
خلاصة:
إن المشهد السوداني تتجازبه الاجندات وتتصاعد فيه التعقيدات يوما بعد يوم وتحاصره السيناريوهات المدمرة وتتسع الشروخات والإنقسامات، ولا فكاك من هذا الواقع المأزوم الإ بأن يلعب كل الفاعلين دوراً إيجابياً ومتوازناً لتحقيق السلام العادل والتحول الديمقراطي. السؤال الذي يطرح نفسه كيف يساهم كافة الفاعلون في خروج السودان من أزمته؟؟ وكيف تضخ دماء العافية في بلد تتنازعته الصراعات والاجندات؟؟ ..
القاهرة – 18/10/2015م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.