في أغلب مقالاتنا الصحفية المنشورة على صفحات الصحف اليومية أو تلك التي نزين بها يومياتنا على مواقع التواصل الإجتماعي أو ما نرسله للصحافة الإلكترونية ظللنا نركز ونذكر بأن الوطن يضيع من بين أيدينا بفعل سياسات النظام الإرتجالية التي تفتقر للحكمة والحنكة وتخلو من المعايير والمفاهيم الإدارية العلمية المعلومة في السياسة والحكم وقلنا إذا لم تتغير النفسية والذهنية التي يتحلي بها صانع القرار لدي النظام فإن سقوطنا في الهاوية سيكون حتميا ساعتها ستبكي البواكي علي وطن كان ملء السمع والبصر إسمه السودان يمتلك في موروثه الثقافي والإثني رصيد معرفي عملاق خلاّق لأعرق الحضارات الإنسانية التي عرفتها المعمورة . ولئن كنا قد قلنا في ما نشرناه أن الإنقاذ قتلت كل شئ وأنه لم يبقي في جُعبة النظام مايدعو للصبر والتصبر وتحدثنا عن إفلاس دولة المشروع الحضاري وأن التغيير أصبح ضرورة فإن البعض كان يرى أن مقالاتنا هذه إنما يقصد بها الإستهلاك السياسي لتحقيق مكاسب سياسية ذاتية او لصالح ما ندعو له ولكننا يشهد الله أننا نظرنا للنظام بتجرد شديد فلم نرى له من محاسن تُحمد وأخطائه وعيوبه مرعبة مخيفة حيث إختلّ ميزان الثروة والسلطة وأصبح الناس فريقان فريق يستمتع بخيرات البلد (يكنز في الثروات ويصرف علي نفسه وأعوانه صرفاً بزخياً من مال الشعب حيث يعيشون حياة ترف غير منطقي وثراء فاحش) وفريق أخر يلتقط الفتات ويقتات من خاطره . وجدنا في ظل الإنقاذ العدل مفقود والحر مستعبد والعبد معبود وقد عم الفساد ظاهر الدولة وباطنها وبيّضت المحسوبية وأفرخت وإرتفعت معدلات الجريمة المنظمة حاويات المخدرات والأدوية المقشوشة وتهريب الأثار والثروات والإستثمارات الوهمية التي تنخر في بنيات ولبنات إقتصادنا وفوق ذلك إتساع دائرة الفقر والعوز وزيادة معدلات البطالة وغياب الشفافية والنزاهة في كل المعاملات الرسمية للدولة حيث درجة تشكيلات النظام المختلفة طلابية أوشبابية أو مهنية أو فئوية علي تحقيق مكاسبها الإنتخابية بالعنف والارهاب والتزوير وطمس معالم الحقيقة والوصول لغاياتها بأخس الوسائل وأرخصها. واليوم تقف الإنقاذ عاجزة و تدخلنا بسوء قصد وسوء إدارة وضيق أفق في مأزق جديد يتعلق بمعاش الناس التي لم تعد تحتمل مزيد من الرهق والعنت والمشقة في سبيل أن تحيا على الكفاف. الإنقاذ لم تكفيها سنين التيه والضياع التي عيشتنا فيها بكبتها للحريات وإدارتها لحروب لا أول ولا أخر لها في مواقع الإنتاج لم نرى فيها نصرا مظفرا ولا سلاما عادلا وقد تسببت في إلحاق الأذي بأنفس بشرية نفيسة فقدت أسباب بقائها فنزحت من مواطنها وتشردت عن ديارها ولجأت لجوارها وهاجرت متغربة عن أوطانها في رحلة المصير المجهول غير آبهة بوهدات الطريق وعثراته مستجيرة من جحيم النظام وذبانيته بمافيا تجارة البشر عساها تجد في شواطئ الموت الأوربية أمنها المفقود وذاتيتها المعطوبة وإراتها المغلوبة وحريتها المسلوبة . نعم اليوم تقف الإنقاذ عاجزة .. عن فعل شئ أو تقديم شئ وفي الشهور الماضيات ذكرنا ما قاله الإستاذ على عثمان النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية حيث قال إن الحكومة لن تستطيع توفير قفة الملاح لا في الخمسة سنين القادمة ولا في الخمسين التي تليها ..!! وقلنا إن السيد النائب صدق فيما قاله وانه بذلك يحرر شهادة وفاة لدولة المشروع الحضاري الإسلامي المزعوم واليوم السيد وزير المالية يضفي صورة قاتمة لواقع إقتصادنا الوطني ويقول ليس أمامنا إلا أن نرفع الدعم عن القمح و المحروقات والكهرباء ..! ونحن نتعجب من ذلك الأمر ولا نتوقع أن تجود قريحته بغيره في بلد توقفت عن الإنتاج بفضل مافيا النظام الظلامية. ونقول لسيادة الوزير ولسادة الحكم ثم ماذا بعد يا أدعياء ودعاة المشروع الحضاري المزعوم؟..! الم تقولوا أن الإسلام دين رفاهية ..علم ..وعمل.. وأنكم ستعمرون الوطن وستجعلونه جنة الله في أرضه؟ أين علمكم ؟ وأين عملكم الذي ستفاخرون به؟ بل أين شعاراتكم الفتية وأحلامكم البهية ( فالنأكل مما نزرع والنلبس مما نصنع ولي جنة نضيرة نحول الأرض البور البلقع) إن سلوك دعاة المشروع الحضاري الإسلامي المزعوم في الحكم من إستباحة للمال العام وسفك الدماء الطاهرة وإستشراء الفساد وحمايته بمراكز القوي داخل تركيبة الحكم المترهل إن دلّ علي شيئ إنما يدل على إنحطاط فكري وإنهيار أخلاقي وخواء روحي تغيّب فيه الوفاء للقيم الفاضلة وأعوز صدق اللسان وصفاء الجنان فهم أدعياء كاذبون يقولون ما لا يفعلون وإنهم لفي سكرتهم يعمهون .