* منذ ان ظهرت (بدرية سليمان) فى حياتنا على أيام الرئيس المخلوع جعفر نميرى كترزية قوانين رديئة، لم يصبنا خير، وظللنا نعانى من تفصيلاتها الغريبة وقوانينها البغيضة كقانون سبتمبر 1983 الذى فصلته مع رفيقيها (عوض الجيد والنيل ابوقرون) وفرضه علينا الرئيس المخلوع جعفر نميرى بغرض تحقيق مصالحه وتوطيد اركان حكمه فسقط حكمه بينما بقى القانون البغيض، لتصبح حياتنا رهينة البؤس والخراب والهوس واستغلال الدين لتحقيق المصالح الشخصية والبطش بالناس، واستعرت الحروب وانشطر الوطن وضاع الجنوب وعم الخراب .. ورغم ذلك ما زالت (بدرية) تحكم وتتحكم!! * قبل أيام خرجت علينا بمسرحية مضحكة حبكتها فى اروقة حزبها الحاكم، وأسمتها (إلغاء قانون النظام العام) وقدمتها كمقترح لأعضاء لجنة الحريات بمؤتمر الحوار الوطنى الذين لم يصدقوا أن بدرية ترزية القوانين الجائرة تفعل ذلك، فهللوا وفرحوا وتبنوا الاقتراح بإلغاء (قانون النظام العام) وبصموا عليه بالعشرة باعتبار أنه القانون الذى أذل النساء وأهان الرجال وحط كرامة أهل السودان، فكيف لا يهللون لإلغائه وإزالته من الوجود، خاصة وأن صاحبة الإقتراح هى الشيخة بدرية التى يبدو أنها ثابت لرشدها واستغفرت عن ذنبها بتفصيل قوانين سبتمبر، وترغب الآن فى مصالحة الشعب الذى أذاقته الهوان، بإلغاء قانون النظام العام البغيض الذى أذل النساء وأهان الرجال !! * وكان من المؤسف والمؤلم أن يشاركهم فى التهليل وإقامة الاحتفالات، عدد من كبار القانونيين والناشطين فى مجال حقوق الانسان والصحفيين .. بدون أن يفطنوا الى الفخ الذى نصبته لهم الترزية الذكية، وإلى المسرحية التى جرتهم للاستمتاع بها والثناء عليها بل والمشاركة فيها!! * لم يفطن كل هؤلاء الى ان (قانون النظام العام) الذى قدمته لهم بدرية الذكية قربانا للحريات على دكة لجنة الحريات بمؤتمر الحوار الوطنى ليس هو القانون المسؤول عن مطاردة النساء بتهمة الزى الفاضح وجلدهن وإذلالهن واهانة الرجال كما يعتقد الكثيرون، وانما هو القانون الجنائى العام (لسنة 1991 ) وعلى وجه الخصوص المادة 152 (الأفعال الفاضحة والمخلة بالآداب العامة)، ولكن ما جعل قانون النظام العام يرتبط فى ذهن الناس بالمطاردات والاهانات والانتهاكات هو أن الشرطة التى أوكل إليها تطبيق المادة (152 ) من القانون الجنائى (ضمن مواد أخرى) هى شرطة النظام العام (أو شرطة أمن المجتمع كما تسمى حاليا)، بينما قانون النظام العام برئ من هذه المطاردات، بل هو قانون ميت سريريا منذ مولده لاستحالة تطبيق معظم المواد التى اشتمل عليها، كما أوضحتُ أمس، وهى فرصة لا يمكن للترزية الذكية أن تفلتها من بين يديها، فقررت بذكاء غريب أن تذبح قانون النظام العام (الميت) على دكة لجنة الحريات وتحظى بالاعجاب والتصفيق والتهليل، بينما القانون البغيض المسؤول عن اهانة الشعب حى يرزق يمد لسانه ساخرا من المهللين المحتفلين!! * بيد أن بدرية الترزية لم يهن عليها حتى ان تترك الشعب يفرح بالخطأ باعدام القانون الخطأ، ولم يرضها أن تذبح قانونا بغيضا ولو كان ميتا، فتعلن فى اليوم التالى مباشرة عن تقديم مقترح للجنة الحريات بتأسيس هيئة قومية للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (لتأديب الشعب السودانى) الذى لا يستحق إلا المطاردة والذلة والتأديب، بينما تظل (طويلة العمر) تحكم وتتحكم وتفرض إرادتها علينا وكأننا عبيد فى مملكتها!!