يفرقنا انقلاب.. يجمعنا واتساب: مساء أمس السبت 5 مارس الجاري كتبت في قروب (الاختلاف لا يفسد للود قضية) الرسائل التالية: * بدأ الناس يقولون كما قال قبل قليل ابوبكر عبدالرازق في قناة الجزيرة: يغيب الترابي في هذا الظرف الخطر بالنسبة للسودان وهو مهدد بالتمزق. السؤال هو: من الذي بذر بذرة التمزق؟ ومن رعاها وسقاها بخزعبلات الجهاد؟ لولا ما فعله الترابي في السودان لاستمر السودان بلدا موحدا ولكان من المحتمل ان يكون الان مستفيدا من ثرواته الزراعية والحيوانية والنفط والمعادن العديدة والاهم الثروة البشرية التي تسبب الترابي في تشريدها وقد كان هو القوة الطاردة لها من البلد. ما لكم كيف تحكمون؟ هل نسيتم؟ دعونا نغفر لمن يعترف بجرائمه وأخطائه ولكن يجب الا ننسى. * كان الترابي الاقوى فعلا فانتهى فعله بان انقسم السودان لبلدين واشتعلت الحروب في كل اطرافه. والان هنالك من يحدثنا وكأن تمزق السودان اكثر اذا حدث سيحدث لان الترابي مات وغاب.. فيما الترابي هو السبب الرئيس لكل المصائب التي حلت بالسودان. من يريد ان ينكر الحديث أعلاه او يصمت عليه لان الموت الذي هو حق قد حدث، ينافق نفسه قبل غيره. * غسل جثمان الترابي ومواراته الثرى والترحم عليه نعم.. اما غسل سيرة الترابي فلا. لا للشماته. ونعم لذكر المحاسن ولكن لا للكذب على الناس او غسل السيرة. * من يربد ان لا يثير المسائل المختلف عليها او التي تثير الجدل يستطيع أن يجد في سيرة الرجل ما يبعد عنه اي حديث اخر. اما من يبدأ بالحديث كذبا وبهتانا عن الراحل بما هو مختلف عليه محاولا غسل سيرته من بعض بل الكثير من أخطائه فلن يجد الصمت من الاخرين. – تعليقا على عبارة "غسل جثمان الترابي ومواراته الثرى والترحم عليه نعم.. اما غسل سيرة الترابي فلا."، كتب أحدهم في قروب مجاور نقلت اليه تلك الرسائل: هذا التعبير يا عصام أفضل وأبلغ تعبير قرأته في كل التعليقات. الكل يتفق معك. * عدت وكتبت رسالة رفعتها للقروبين: لمزيد من التوضيح اسمحوا لي ان اضيف: لم اكن اربد ان اكتب عن الموضوع اطلاقا. ولكن إنطلق البعض يتحدثون عن الترابي بكل ما هو مفارق للحقيقة فكان لا بد أن اكتب ما كتبت رافضا تبييض سيرته التي لطخها بنفسه بالكثير من البقع السوداء باعماله وافعاله المعروفة. كان على الذين يربدون منا ان نصمت والبعض يلقي القول على عواهنه، ان يقفوا ضد تلك الجرائم وان يحيلوا بينها وبين ان تقع بدلا من ان يركبوا موجة الغباء والجهل مطالبين الناس ان تنسى وتصمت وتلعق جراحها في صبر ايوبي. البعض يريد ان نتركه وهو في حزنه العابر ان يغرس سكينه في حزن الاخرين الممتد لاكثر من ربع قرن. هذه صفقة لقسمة ضيزي. أما وان جرائم الترابي وصنايعه المشهودة والمعروفة قد حدثت وآثارها ماثلة امامنا ولا زالت تفعل فعلها القبيح في الوطن وفي العباد، فلن يتم الصمت عليها عندما يتحدث اخرون عن صاحبها محاولين تبييض سيرته وبيعها من جديد بضاعة مضروبة باعادة تغليفها لانه مات ومضى الى ربه. هذه دعوة تجمل حزنا وتكيل الملح على جراح أحزان كثيرة لم تندمل بعد. وكيف تندمل؟ هنالك ما يستطيع أنصاره ان يتحدثوا به عنه دون ان يثيروا الذين تسبب الترابي لهم في الاحزان.. وعليهم ان يقيسوا تماما عباراتهم وقولهم فلن يصمت لهم باقي الناس الذين شهدوا الجرائم التي ارتكبت لا في العشرية الاولى من الانقاذ فحسب، وانما كل الجرائم القبيحة التي ارتكبها تلاميذه وحوارييه ومن اوصلهم للسلطة وصنع منهم اصناما ظالمة ثم اتي ليحطم اصنامه وقطعا فشل. بدلا عن ان يصمد الترابي في موقفه المعارض لسلطة ظالمة قاتلة، استجاب في اخر الشهور لدعوة الوثبة الباطله التي اطلقها تلاميذه وعلى رأسهم صنيعته البشير. فذهب لمصالحتهم دون ان يستفيد من الفرصة التي توفرت له بان يمضي ثابتا في معارضته لهم. بئس الموقف المتهافت الذي كشف عن ضعف بصر وبصيرة. وسيبقى سوء التقدير خلاصة لتجربته ولن تفلح مساحيق التبييض مهما كثرت الألسن التي تنطق بها. هنالك بشر يتوفر لهم ظرفا فيستعدلون اخطائهم ويغادروا الدنيا بذلك. اسماعيل الازهري ارتكب خطأ كبيرا باشتراكه في مسرحية "الكيزان" لحل الحزب الشيوعي فاصاب الديمقراطية بعطب اقعدها الى ان حدث انقلاب النميري فقاومه ومات شهيدا في سجون الانقلاب مكفرا عن الخطأ وسيبقى في التاريخ بطلا ديمقراطيا مناديا بالحرية. وهنالك أشخاص تنتهي بهم حياتهم بما تركوا في الدنيا ويفشلوا في استعدال الاعوجاج الذي حققوه. كان بالفعل سيبقى للترابي الموقف التصحيحي الذي اتخذه بعض المفاصلة مستمرا في موقفه متشددا فيه لخمسة عشر عاما كشف فيها جرائم النظام وخياناته الوطنية الكثيرة وتسببه في تقسيم البلد واندلاع الحروب في دارفور وغيرها من اطراف الوطن. غير انه عاد ورمى كل ذلك خلفه وذهب ليعاقر اهل الظلم والفشل والفساد من جديد.. واعتقد ان البشير وجماعته، الذين يظهرون الحزن على فراقه غير ما يبطنون، يولمون ولائم الفرح بذهابه بعد ان ترك لهم كل التنظيم موحدا خلفهم لمزيد من الفساد والاستبداد. ومع ذلك يبدو انه سيكون امرا مفيدا للبلد ان تنتهي فقاعة الاسلاموييون حكما ومعارضة. دعوهم يلتئمون في الحكم لتصبح الساحة مفروزة تماما. اهل الاسلام السياسي في جهة وعملهم الثابت تمزيق البلد وتقسيمه وتفتيته ونشر خلافاته الدينية والعرقية والقبلية، وفي الاخرى اهل السودان الديمقراطي الذين يريدونه واحدا موحدا متماسكا قويا. [email protected]