(…لكين الحق لله الجماعة اكلوا البلد ، نقوا لحمها ما خلوا غير العظم الخراب …) الطيب صالح لا وجود لمساواة في ظل حكم غاشم ظالم يميل بشقه الى فئة دون فئة ، ولا مجال لعدالة ناجزة في ظل حكم امسك كل شئ في يده وجعل شعار ما أريكم الا ما أرى نصب عينيه وينفذه باستخفاف في شعيه ، ولا مجال لأمن في ظل حكم اتخذ من رجال الأمن والمخابرات والشرطة والجيش ادوات ضد شعبه . و الحال هذه فلا مجال للسؤال عن كيف تجرأ والي الخرطوم الجديد وقال جملته الشهيرة "الحتات كلها باعوها " ولامجال للسؤال عن كيف استقبل الوالي السابق هذه الجملة التي تحمل في طياتها عشرات الاسئلة ، التي كانت ستطرح إن كان في البلد قانون يحمي حقوق المواطن وقضاة ومحامين أحرار يحقون الحق ويرجعونه لأصحابه . في بلد نزيه لكانت أسئلة مثل : من الذي باع (الحتات كلها)؟! وكيف بيعت (الحتات كلها) ؟! وأين مصلحة الاراضي من بيع (الحتات كلها)؟! المحلل الاقتصادي عصام عبدالوهاب يوب قال وقتها ان قيمة الاراضي المرهونة بولاية الخرطوم لرجال أعمال وبنوك تيلغ 900 مليار جنيه ، ويقول ان رهن اراضي الدولة جريمة يعاقب عليها القانون بالإعدام . وإن فرضنا أن البيع كان صحيحا ، فاين عوائده ،والمعروف أن أسعار الاراضي يالخرطوم تعد من أغلى الاسعارعالميا فهى تفوق مثيلاتها في دبي وغيرها من المناطق التجارية الحرة ،أين ذهبت تلك الأموال الطائلة ؟! والولاية تعاني في كل المرافق بدءا بالنظافة وليس انتهاءا بالمياه ، وفوق ذلك أثقلت كاهل المواطن المغلوب على امره بالجبايات . لكن الوالي عندما اطلق مقولته تلك لم يرف له طرف لأنه يعلم علم اليقين ان اهل البيت الحكومي محميين . إن بيع الاراضي في السودان وصل حدا خطيرا يهدد أمن البلد القومي وبقاءها . حسب تقرير لمجموعة من الباحثين حول الشرق الاوسط وأفريقيا فإن السودان هو ثاني أكبر الدول الافريقية بيعا وتأجيرا لأراضيه ، ولا أدل على ذلك أكثر من بيع المتنزهات والميادين التي أنشاها المستعمر " الكافر" استنادا لدراسات جادة للحفاظ على البيئة ، فقد بيعت بغرض الاستثمار ! وحسب تقارير لهيئة الإذاعة البريطانية B. B. C ، منذ عدة سنوات ، فإن هناك مساحات شاسعة من الاراضي بيعت أو تم تأجيرها لدولة الصين وكوريا ، ودول الخليج . وقد حملت الينا الاخبار بيع اراضي زراعية وأثرية لدولة قطر . وكأن الأمر بهذه البساطة ليخرج علينا صاحب نظرية الدفاع بالنظر ، والطيارة جات طافية نورها والناس في الصلاة ، بمقولته العجيية تلك !! والأعجب من ذلك قول الوالي السابق : (ناس مكتبي غشوني وخانوا ثقتي فيهم )؟!! بهذه البساطة وكأن الدولة ليس فيها كليات قانون ، وكأن الدولة لم تخرج علينا ومنذ سنوات طوال جهابذة في القانون والمحاماة يشهد لهم تفوقهم حول العالم ، اين كل هذه الجيوش من القانونيين والساسيين ؟ أم انهم بين من اخذ نصيبه من الكعكة وصمت ، و بين من تمت مضايقته فآثر السلامة وهاجر وبين من علمه رأس "الضبع الطائر" ؟! فكان لشرطي صغير برتبة ملازم ان يستطيع العبث والتصرف ببيع أراضي الدولة بمليارات الجنيهات ! ورغم أن قضية مكتب الوالي شغلت الراي العام السوداني ، وغيرها الكثير فلا تجد عمارة او ناطحة سحاب في الخرطوم او سواها من المدن ، إلا ومن ورائها مسئولا كان مواطنا عاديا قبل الإنقاذ ، ورغم هذا الظلم المستشري ، وهذه المأساة ، إلا ان بعض علماء السودان خرج علينا بفرية التحلل ، التحلل بارجاع جزء من أموال وأملاك الدولة دون التعرض للمساءلة أو العقوبة ، في سابقة تجعل لعاب أصحاب النفوس المريضة يسيل لما تبقى من أراضي . أَ وَ نعجب أن يخرج علينا من بين فقه السترة والتحلل من يريد بيع صرح مثل جامعة الخرطوم ، بعد أن بيعت مستشفى الخرطوم وغيرها . لم يبق طمع هؤلاء القوم مجال ليفكروا في أهمية صرح مثل جامعة الخرطوم . لماذا تباع ولمن سيعود ريعها ؟ وهل الفائدة في بيعها ام بقائها منارة للعلم يجب اصلاحها لتعود لسابق عهدها ترفد البلاد بخبرات هي الآن وأكثر من أي وقت مضى في حاجة اليها ؟ ألم ينظر هؤلاء للجامعات العريقة حول العالم مثل جامعة اكسفورد وجامعة جورج تاون وجامعة هارفارد، كيف حافظ عليها اهلها منذ عشرات السنين، فكانت حاملة للواء نهضة تلك البلاد وما زالت الحامي لها . اما كان الأجدى النهوض بالسياحة وترميم الاثار ، فقد اثيتت الدراسات الحديثة ان أهرامات السودان هي الأصل ، فهي اقدم من الاهرامات المصرية ، اما كان الاجدى ان يستثمر فيها بدلا عن بيع صرح اصبح رمزا مثل جامعة الخرطوم ؟! ووضع كهذا يجعلك تتساءل ما الفرق بين الحكومات التي تفرط في اراضيها وقطاع الطرق ، واكاد اجزم الا فرق جوهري ، فقطاع الطرق يأتون اليك بأسلوب وقح وفي ايديهم السلاح سواء ابيض او غيره ويتكلمون اليك بأسلوب سيئ منذ البداية ويكون الواحد منهم معك عنيفا سيئا خطرا ، أما الحكومات فتأتي اليك بكلام منمق كاذب وفي ملامحهم يحملون الهدوء والاتكيت ، ولكنهم يشتركون مع قطاع الطرق في انهم يسرقونك ويتركونك خالي الوفاض ، تعاني حالة نفسية سيئة فتعيش المعاناة والألم لفقد كل ما هو جميل .. في ظل هذه (العتمة الباهرة) يتصاعد الى يافوخك نواحا وصراخا ،وعويلا ،سؤال الراحل الفذ الطيب صالح رحمه الله : من اين أتى هؤلاء ؟ [email protected]