قال مسؤول في الهلال الأحمر الخميس إن الأمواج جرفت ما لا يقل عن 85 جثة لمهاجرين غرقوا أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط قرب ساحل مدينة زوارة في غرب ليبيا. وغرق المئات هذا الأسبوع مع زيادة عدد المهاجرين من ساحل شمال أفريقيا إلى إيطاليا. ومن المعتقد أن كثيرا من القوارب قد غادرت من الساحل قرب مدينتي زوارة وصبراتة الليبيتين. وقال المسؤول إن أغلب المهاجرين على ما يبدو من دول أفريقية جنوب الصحراء الكبرى على الرغم من تحلل جثثهم مشيرا إلى انه لم يتضح متى غرقوا وأن من بين الجثث التي انتشلت جثتين لطفلين. وقال متحدث باسم خفر السواحل في طرابلس إن اليومين الماضيين لم يشهدا أي عمليات اعتراض لزوارق المهاجرين معللا ذلك بأن ارتفاع الأمواج أعاق خروج الدوريات. وعبر حتى الآن أكثر من 40 ألف مهاجر هذا العام البحر المتوسط من شمال أفريقيا لإيطاليا من خلال دفع أموال للمهربين للقيام بالرحلة الخطرة. وتعيد الحادثة تسليط الضوء على مسار آخر للهجرة السرية بدأ يأخذ زخما أكثر مما كانت تتوقعه أوروبا. وفي السياق ذاته قال ناجون للشرطة إن مهربين احتجزوهم لأسابيع في منازل وكانوا يعيشون على وجبة واحدة في اليوم قرب الساحل الليبي. وبعد سلسلة رحلات لزوارق أرسلت مئات المهاجرين إلى حتفهم في البحر المتوسط، أفادت روايات تم الإدلاء بها للشرطة الإيطالية أنهم نقلوا بعد ذلك إلى زوارق خشبية أو مطاطية ولم يحصلوا على سترات نجاة سوى من شارك في إدارة الزوارق. ومع بدء تحسن الطقس بدخول الصيف يكافح المسؤولون الأوروبيون الذين أبرموا اتفاقا مع تركيا لمنع عبور المهاجرين إلى اليونان بحثا عن سبل لوقف التدفقات عبر المسار البحري الرئيسي الآخر إلى الاتحاد الأوروبي القادم من ليبيا. ويأملون أن تتمكن الحكومة الجديدة المدعومة من الأممالمتحدة والتي وصلت إلى طرابلس في مارس/آذار من تحقيق الاستقرار. ووافق الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي على المساعدة في تدريب حرس السواحل الليبي. لكن مسؤولين ليبيين يقولون إنهم يعانون من نقص الموارد وقلة الحيلة في مواجهة مهربين يتمتعون بنفوذ قوي ويمارسون عملهم دون خوف من عقاب ويتكيفون بسرعة مع الظروف الجديدة. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن 880 مهاجرا ولاجئا على الأقل توفوا أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط الأسبوع الماضي. وأضافت أن الطريق من شمال أفريقيا إلى إيطاليا "أشد خطورة بكثير" من الطريق إلى اليونان حيث تقدر فرص الوفاة بواحد بين كل 23 شخصا. وتواجه الحكومة الجديدة تحديا معقدا لفرض سلطتها في حين تعطلت جهود مواجهة مهربي البشر بسبب الصراع الدائر في ليبيا منذ انتفاضة عام 2011 ويشعر حرس السواحل بأنه تم التخلي عنه. وقال العقيد عبدالصمد مسعود من حرس السواحل في طرابلس "المساعدة الوحيدة التي تعرض علينا حتى الآن هي الوعود فقط." وتقول إيطاليا إن أعداد الواصلين حتى الآن في عام 2016 انخفضت بنسبة اثنين بالمئة عنها في الفترة نفسها من العام الماضي إلى نحو 40 ألفا أغلبهم من دول مثل نيجيريا واريتريا وغامبيا والصومال. ولا توجد دلائل تذكر على عودة المهاجرين السوريين الذين كان عشرات الألوف منهم يسافرون عبر ليبيا إلى أن غيروا مسارهم إلى تركيا واليونان في 2015. وبدلا من ذلك عاد المهربون الذين جنوا ثروات من وراء هؤلاء المهاجرين الشرق أوسطيين للعمل على مسارات قائمة منذ فترة طويلة عبر آلاف الكيلومترات في الصحراء بين أفريقيا جنوبي الصحراء وغرب ليبيا. حدود بلا حراسة : ولدى مرور المهاجرين عبر ليبيا يدخلون في شبكة تتسم بالفساد والانتهاكات وغياب شبه كامل لسلطة الدولة. ويبقى الكثير من المهاجرين الأفارقة داخل هذه الشبكة لشهور وربما لسنوات حيث يستقر بعضهم أو يعودون لديارهم، بينما يجمع البعض المال لمواصلة الرحلة إلى أوروبا. وتتحول قلة إلى الجريمة أو ينتهي بهم الحال إلى القتال في الصراع الدائر في ليبيا. وقال إبراهيم شاويش عميد بلدية مرزق وهي بلدة صحراوية تقع على مسافة نحو 350 كيلومترا من الحدود الجنوبية "كل المهربين على علاقة ببعضهم.. ويقومون بتمرير المهاجرين في ما بينهم." وتابع أن المهربين يعبرون هذه الحدود بحرية ثم تتوجه قوافل مما يصل إلى 25 سيارة شمالا دون أن يوقفها شيء. وتابع "أحيانا هناك بوابة تفتيش عند أحد مداخل المدينة ولكن دائما يستطيعون أن يسلكوا من طريق مختلف." وليس هناك عمل شرطي ولا توجد مساعدات خارجية تذكر. وتعهدت ألمانيا بمبلغ 4.5 مليون يورو (خمسة ملايين دولار) لدعم المجتمعات في سبها والقطرون وهما منطقتان رئيسيتان على طرق المهاجرين لكن المسؤولين الليبيين يشكون من أن الجهود الدولية تنصب بالكامل على وقف العبور في البحر. وحددت المنظمة الدولية للهجرة 235 ألف مهاجر في ليبيا لكنها تقول إن العدد الحقيقي يترواح على الأرجح بين 700 ألف ومليون مهاجر. ويقول مسؤولون وعمال إغاثة إن المهاجرين الذين يتم القبض عليهم عادة ما ينتهي بهم المطاف بالعودة لشبكات التهريب بعد إطلاق سراحهم أو حتى ترحيلهم. وقال سالم الشوين مدير إدارة الهيئات والمنظمات الدولية لدى وزارة التعاون الدولي "لا يوجد فرق لأن تدفق القادم أكبر من العدد الذي يتم ترحيله. والذين يتم إرسالهم إلى بلدانهم يعودون مرة أخرى لأنه لا يوجد أمن على الحدود." بيئة خصبة للمهربين : وتمثل ليبيا التي يغيب فيها القانون بيئة خصبة للمهربين الذين عادة ما يعملون مع الفصائل المسلحة التي تملك السلطة الحقيقية على الأرض. وفي رد فعل غير معتاد طالب سكان زوارة وهي معقل منذ فترة طويلة لتهريب البشر على مسافة نحو 50 كيلومترا من الحدود التونسية بإجراء ضد المهربين بعد أن جرف الموج جثثا إلى الشاطئ العام الماضي. ويقول حافظ بن ساسي رئيس بلدية زوارة إن بعض المهربين اعتقلوا وبعضهم فر هاربا. لكن نقاط خروج أخرى للمهاجرين فتحت منها نحو ستة على الأقل بين زوارة ومصراتة على مسافة 300 كيلومتر باتجاه الشرق. وأغلب المغادرين في الفترة الأخيرة خرجوا في ما يبدو من منطقة محيطة بصبراتة التي شهدت اضطرابات في وقت سابق هذا العام وسط قتال بين كتائب محلية وتنظيم الدولة الإسلامية. وقال الشوين "وحتى يكون لدينا ما يكفي من التكنولوجيا لمراقبة كامل الساحل.. سوف يجدون دائما فراغات." ويتقاضى المهربون أسعارا متفاوتة للأنواع المختلفة من الزوارق التي تتراوح بين سفن الصيد القوية المزودة بأنظمة رادار وزوارق مطاطية رخيصة ذات قاع خشبي بدائي الصنع.