الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي الحاج : حضرت الاجتماع وما قاله الترابى عن محاولة اغتيال مبارك صحيح
نشر في حريات يوم 26 - 07 - 2016

** كان من المقدر أن يتم هذا الحوار في (بون) قبل نحو شهرين، لكن ظرفاً خاصة بالدكتور علي الحاج حال دون ذلك، بخلاف عدم رغبته في الحديث من منصة خارجية، الآن هو في قلب الخرطوم، وفي خضم الأحداث المتلاحقة. لم استغرب عندما دلني سائق (ركشة) في شارع الستين إلى منزل الرجل، وهو نفسه المنزل الذي أطلق عليه الراحل سيد أحمد الخليفة وصف (القصر العشوائي).. منزل شاهق ومتعدد الغرف وأبوابه غير مغلقة، ولربما أصبح قبلة للإسلاميين، الصيوان مزدحم بالضيوف.. منذ أن وطئت أقدامه أرض الوطن، دخل علي الحاج في حالة من الانشغال الدعوات، والاستماع إلى الناس، كأنه أراد تعويض ما فاته، حيث يحيط به الأحفاد، ولعل ما أدركه كطبيب وسياسي حاذق في تلك المدينة الألمانية هو حاجته الماسة للتأمل، واكتشاف العالم من خلف بلاد تنعم الحرية، وعلى مقربة من ضجيج الماكينات العتيقة وسيارات (المرسيدس)، يحاول ضيفنا أن يعود كما عاد الدكتور الترابي والإمام الخميني من قبل، ليستكمل رحلته القاصدة، ولا يغيب عن البال أنه أحد أخطر رجالات الإنقاذ بالطبع، بسطنا قبالته كثيرا من الاستفهامات المتراكمة، ولاحظنا أنه شديد الحذر في التعرض لإخوانه، قال إنه رمى الماضي وراء ظهره، ولا يريد أن يحاكم أحدا. جاء صوته هادئاً ولطيفاً، لم تهزمه قسوة الغربة وسنواتها الثقال، تحدث على طريقة الجراحين الكبار، قال لنا كلاماً عن ألمانيا والترابي والمفاصلة، والحوار، وتوقفنا أكثر في الحقبة الأولى من الإنقاذ، باختصار قدم شهادة أخرى على العصر، لندلف إلى ما قاله.
* غربة طويلة وعودة مباغتة فكيف وجدت السودان؟
– أصلاً أنا لم أنقطع عن السودان، ولكن على المستوى الشخصي افتقدت أحفادي، ولدي أصدقاء رحلوا، كذلك المشروع الذي بدأناه شبه انهار، لكن بالمقابل كنت هنالك أتمتع بالحرية الكاملة، حرية التعبير والتفكير والحركة.
* ألم تكن حركتك مقيدة بخلفية انتمائك الإسلامي؟
– أبداً دا كلام فارغ، لا قيود أبداً، وأنا أصلاً ما عندي علاقة بالحكومة الألمانية.
* من الذي منحك اللجوء؟
– منحتني له المحكمة.
* كيف حصلت عليه؟
– المحكمة تنظر في الحيثيات، وإذا رأت أنك تستحق اللجوء تمنحك له، ويتم تنشر هذا الكلام في الصحيفة الرسمية، بحيث أن كل شخص عنده اعتراض يأتي به، وعندما لم يحدث ذلك منحوني اللجوء.
* هل كان في بالك أن تبقى كل هذه السنوات بالخارج؟
– أبداً، لم يكن في بالي.
* ما الذي استجد لتبقى طويلاً في بون؟
– لأن الأوضاع لم تختلف أصلاً، قمع ومصادرة للحريات.
* متى تغيرت الأوضاع؟
– الأوضاع تغيرت بعد أن طرح ما سمي بخطاب الوثبة، بالنسبة للمؤتمر الشعبي، وكل القوى السياسية كان عندها حريات مفتوحة، بما في ذلك حرية حمل السلاح، لكنها لم تستفد من الأوضاع.
* هل تعتقد أن الظرف الآن أفضل؟
– نعم، والمناخ الموجود الآن لو كان موجوداً في الماضي لما هاجرت.
* لماذا طلب منك الحزب البقاء في ألمانيا تحديداً؟
– في البداية الأولى عندما حصلت مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية وتبعتها إجراءات أمنية داخلية وهجمة إعلامية قرر الحزب أن أبقى في الخارج، كان يس عمر الإمام وشيخ إبراهيم موجودين.
* هل كنتم مع بعض؟
– كان وجودنا لأسباب مختلفة وفي جهات مختلفة، وفي المرحلة الأولى طلبوا أن يحضر يس عمر، إبراهيم كان في لندن، وأنا في ألمانيا، حصلت مستجدات جاء شيخ إبراهيم.
* لماذا أنت دون البقية؟
– طبعاً الحكومة كانت مقاصداني أنا، (لو في مال أكلوه) دا علي الحاج، دارفور (ولعها) علي الحاج، الانفصال وراه علي الحاج، ضرب مطار الفاشر برضو علي الحاج، وكثير من الأوهام، بقيت (شماعة) أو زي (الحتة البرموا فيها الأوساخ).
* ما هو (الكيس) الذي منحت بموجبه اللجوء؟
– كان (كيس) سياسي بامتياز، وقدمت للمحكمة كل الكلام الذي كتبته الصحافة عني في تلك الفترة، ترجمناها إلى الألمانية والمحامي عرضها.
* يقال إن دكتور علي الحاج كان يعد لدور أكبر من هذا؟
– من الذي يعدني؟!
* الحركة الإسلامية؟
– الحركة الإسلامية ما بتعد زول، الناس يعدون أنفسهم، وقد انضموا لها باختيارهم وكل بكسبه.
* علي عثمان كان صغير عمر وتجربة وسط شيوخ الحركة ومع ذلك أصبح نائباً للأمين العام، كيف حدث ذلك؟
– نحن ارتضيناه ليصبح نائباً للأمين العام، وهو كان خيار الأغلبية.
* أنت تحديداً ألم يكن لديك اعتراض؟
– بالعكس أنا كنت داعما له، وهو خيار المجموعة، ولي بكرة لو جاء شخص أجمع عليه الناس أنا معهم، وكونه في ناس حصلت منهم أخطاء أو جنحوا فهذا لا يعني أن نرفض رأي الناس.
* أين كنت أثناء تنفيذ انقلاب الإنقاذ؟
– كنت بالخارج، ضمن خطة التمويه، وتحديداً في بريطانيا وذهبت إلى أمريكا.
* كان يفترض أن تعود بسرعة لتقوم ببعض الأدوار فهل هنالك جهة عطلت عودتك؟
– كان مفترض أرجع وحصل ما حصل، لكن الدور الموكل إليّ قمت به في الخارج.
* هل هنالك جهة عطلت عودتك؟
– صحيح، ولكن أنا بالخارج كنت أكتب لمن هم بالداخل.
* تكتب ماذا ولمن؟
– أسبوعياً كنت أكتب خطابا لنائب الأمين العام، وفي الخطاب أشرح نشاطي الذي قمت به وبعض الملاحظات.
* ألم تكن لديك ملاحظات على طبيعة إدارة الدولة؟
– أبداً، أنا في الخارج كانت مهمتي محددة، ذهبت إلى أمريكا والصين وكوريا الجنوبية وإندونيسيا ومعي الراحل محمد عثمان المكي وآخرون.
* ما الغرض من وراء هذه الرحلة؟
– ذهبنا نبشر بالإنقاذ.
* كيف هى خطة تمويه وتبشير في نفس الوقت؟
– كانت لدينا علاقات سابقة مع الصين، علاقات اقتصادية وسياسية، وتلك الزيارات كانت تهيأة للأمر.
* متى عدت للبلاد؟
– خرجت قبل الانقلاب بأسبوعين، وهو كان يفترض يكون يوم واحد وعشرين يونيو لكن حصلت مشاكل فتأجل إلى ثلاثين يونيو، وعدت في ديسمبر نفس العام.
* هل كنت مطمئنا لنجاح الخطة؟
– على المستوى البشري جهزنا كل البدائل والتحوطات، لكن مافي زول ضامن كل حاجة مائة في المائة.
* ألم يوكل إليك ملف آخر؟
– نعم ملف الجنوب، ومعي أبو قصيصة ومحمد الأمين خليفة وآخرون.
* ألم يكن ثمة اعتراض على عودتك؟
– في ديسمبر كان هنالك اجتماع في نيروبي بين فد الحكومة وكارتر، وجاءتني إشارة من نائب الأمين العام علي عثمان أن ألتحق بذلك الاجتماع وفعلت، وبعدها جاءتني إشارة بالعودة ولم يكن هنالك اعتراض.
* بعد عودتك هل شاركت في إدارة الدولة؟
– عندما رجعت دكتور الترابي كان في الإقامة الجبرية بمنزله، وما كان مفترض ندخل عليه، ولذا بقيت مع علي عثمان لثلاثة أيام، واستمعت لتقرير شامل، وبعدها طلبت منه الذهاب لشيخ حسن وأخذني عبر سيارته وتركني هنالك حوالي أربعة أيام.
* بقيت معه داخل بيته؟
– نعم داخل البيت واستمعت له وتدارسنا حول الأوضاع عموماً.
* عندما استمعت إلى علي عثمان ألم تشعر بأنه يحاول الانفراد بالسلطة؟
– بصراحة، ما شعرت حتى لا نخلط الأمور، وما تنسى نحن كانت بيننا ثقة مفرطة، ما عايز أقول عمياء، صحيح كانت هنالك روايات متداولة، لكننا تجاهلناها.
* كيف سمحتم لأجهزة السلطة أن ترتكب كل تلك المشاكل من إحالات للصالح العام وبيوت أشباح؟
– الأجهزة الأمنية كانت متمكنة وتحت يدها كل شيء.
* كيف تمكنت؟
– جهاز الأمن الشعبي هو جهاز أمن الحركة الإسلامية وليس جهاز الدولة، ونحن كنا عايزنه يبقى مثل ما هو، لكن في الآخر جهازنا ذاب في الدولة، وهو غير مدرب تدريبا مهنيا، لذلك وقعت أخطاء كثيرة.
* في شهادته على العصر اتضح أن شيخ حسن لم يكن يعلم بكثير مما يجري فلماذا لم تخبروه وقتها؟
– من الذي يبلغ؟، ما في حد كان متصور أن يحدث كل الذي حدث.
* هل كانت المفاصلة مفاجأة بالنسبة لك؟
– نذر المفاصلة بدأت من وقت بعيد.
* ما هي مؤشراتها؟
– كثيرة، وطبعاً نحن ما كنا عارفين السلطة بتغير الناس كده، وفهمنا كان تجريديا، وقد جاءتنا كثير من الشكاوى، خصوصاً من المعارضة واعتبرناها كيدية، في النهاية كان في حديث المعارضة جانب من الحقيقة، وأهم مؤشر طبعاً المحاولة الفاشلة في أديس أبابا.
* أين كنت أثناء محاولة اغتيال حسني مبارك؟
– كنت في الأردن وسمعت به هنالك.
* هل شهدت الاجتماع الذي كان فيه الترابي والرئيس وعلي عثمان؟
– نعم حضرته.
* هل كل ما ذكره الترابي صحيح؟
– نعم صحيح، لكن ما عايز أخوض في الموضوع.
* قبل المفاصلة كانت مذكرة العشرة، كيف نظرت لها؟
– مذكرة العشرة من الناحية السياسية هي الأساس في المفاصلة، المحتوى مقبول لكن الطريقة غير مقبولة.
* أو يمكن أن نقول أن الأسماء الموجودة في المذكرة هي كل الأسماء؟
– والله نحن قريناها واستغربنا، والذين كتبوا المذكرة كثيرون منهم قريبون من الشيخ.
* لكنهم اختفوا فيما بعد والذين أداروا الصراع مجموعة أخرى فما هو تفسيرك؟
– أنا قلت رأيي من الأول.
* ماذا قلت؟
– قلت إن المذكرة من حيث المطالب مقبولة، أي مجموعة من حقها ترفع مذكرة للجهة المسؤولة، لكن هنالك لوائح تلزمنا أن نمضي بطريقة محددة.
* ما هي الطريقة التي لم تتبعها المذكرة؟
– عندما يكون هنالك اجتماع وعندك موضوع خاص حسب الإجراء يفترض أن يطرح الموضوع للأمين العام، ليُناقش في مدى زمني محدد وليس في نفس اليوم.
* لماذا صنعت المذكرة بتلك الطريقة؟
– هذا هو السؤال، وكانت الطريقة بالنسبة لي دخيلة على الحركة الإسلامية، وغير مقبولة، وفيها نوع من التآمر.
* هل تعتقد أن قرارات رمضان وتعطيل الدستور تسلسل منطقي لطريقة التعامل مع المذكرة؟
– التآمر لا حدود له.
* هل نفهم من ذلك وجود محاولات مبكرة لإبعاد شيخ حسن من السلطة؟
– ليس إبعاد شيخ حسن وإنما إبعاد الحزب، أو أفكار الحزب، وبعدها كل الأمور مضت بالصورة التصعيدية حتى وصلنا للمفاصلة وأصبحت أمرا واقعا.
* في ذلك الوقت هل استمعت للطرف الآخر؟
– أنا استمعت لكل الأطراف وكنت نائب الأمين العام، وأذكر أنه وصلتنا أخبار عن المذكرة، وصلتنا ليلاً.
* كيف حدث ذلك؟
– كنا موجودين في اجتماع، الأمين العام وشخص آخر وجاء أحدهم ليلاً وأخبرنا بالمذكرة، وقال لنا غداً سوف يحدث كذا وكذا.
* بم رددتم عليه؟
– كان عندنا واحد من اثنين، إما أن نذهب ونتجسس عليهم، وهذا لا يجوز.
* لماذا لا يجوز وهنالك خطر محدق؟
– الأجهزة الأمنية للحزب لا تتجسس على الحزب، منطقياً أنت لا تتجسس على نفسك، وشيخ حسن قال لمن أخبرنا إن اللوائح لا تسمح باتخاذ إجراء.
* معنى هذا أنكم استسهلتم الأمر؟
– وافترض لم نستسهله ما الذي كان يمكن أن نفعله، هل نستخدم الجيش والأمن؟ قوة الحركة الإسلامية لن نستخدمها ضد الحركة الإسلامية.
* تجاهل المخاطر هذا يدل على دعاية أخرى روجت لها المعارضة وهي أن المفاصلة مجرد مسرحية؟
– المعارضة ما عندها معلومات.
* يبدو منطقياً القول إن شيخ حسن صنع المفاصلة وابتعد ظاهرياً لامتصاص الغضب الخارجي؟
– أبداً لم يكن هنالك غضب خارجي، كان هناك غضب داخلي، وداخلي فينا نحن.
* ما تفسيرك لذلك الصراع؟
– هي طبيعة البشر.
* هنالك حديث بأن المخابرات المصرية اخترقت الحركة الإسلامية ولذلك حدثت كثير من المشاكل؟
– أبداً، لم يخترقنا أحد، بدليل قيام الانقلاب ونجاحه، الصحيح نحن كنا مخترقنهم كلهم مخابرات غربية شرقية وغيرها.
* إذن بماذا تفسر فشل عملية اغتيال حسني مبارك وما صاحبها من تداعيات؟
– دا كله ما عملته الاستخبارات الخارجية، عملوه ناسنا ذاتهم.
* أين كنت أيام المفاصلة؟
– كنت نائب الأمين العام للمؤتمر الوطني، والذي أصبح المؤتمر الشعبي فيما بعد.
* ألم تكن هنالك خيارات أخرى غير الخروج وتأسيس حزب جديد؟
– كانت هناك خيارات مطروحة، ولكن الخروج أفضلها في تلك الظروف.
* ما هي الخيارات التي كانت مطروحة وقتها غير الخروج؟
– أن نبقى ونقاوم من الداخل، لكن المشكلة أن المقاومة ليست سياسية وانما أصبحت عسكرية.
* هل نفهم من ذلك أنكم عصمتم دماء بعضكم؟
– هذا ما حدث، ولولا حكمة شيخ حسن لسالت الدماء في الشوارع، حدث ذلك بقرار موش حاجة (كاجول).
* حدثني عن ما جرى خلف الكواليس؟
– أقول لك الحقيقة مر علي عدد من الأشخاص وأوقفتهم لأنني كنت أعتقد أن المعركة سياسية، لا نريد أن نحيد عنها أصلا وهي قناعتي حتى اليوم.
* هل يمكن أن توضح لنا أكثر؟
– جاءتني مجموعة وكانت تستطيع ترجيح الكفة لصالحنا، لكنني لم أكن مقتنعاً بالخيار العسكري، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت اليوم أيضاً لما استخدمت القوة، ولشخص مثلي وآخرين كثر استعمال القوة العسكرية نظامية أو غير نظامية غير مقبول ولذلك لجأنا للحوار الوطني.
* هل جلست مع الرئيس البشير خلال تلك الأيام؟
– نعم جلسنا معه عدة جلسات، وتكونت اللجان وتحدثنا مع الرئيس وغيره.
* هل كانت علاقتك بالرئيس جيدة؟
– كانت جيدة جدا، وهي علاقة عمل، من خلال سلام الجنوب والحكم الاتحادي، وأثناء هذا التعامل لم يبدر لي منه شيء.
* بعد استشهاد الزبير تم ترشيحك أنت والترابي وعلي عثمان لمنصب نائب الرئيس فمن الذي قدم تلك الترشيحات؟
– مجموعة من الإخوان، لكنني لست أحداً منهم.
* هل خير الرئيس أم تم ترجيح كفة علي عثمان؟
– بل منح الخيار بالكامل، أفتكر الرئيس من حقه طالما هنالك مجموعة جلست وقدمت قائمة مرشحين.
* هو قدم أسبابا منطقية وقال إنه لا يمكن أن يرأس شيخه الترابي في الدولة؟
– لم يطلب منه أحد أن يقدم أسباباً لذلك الاختيار، فمجرد ما تم تقديم ثلاثة له الحق في اختيار أيهم.
* لماذا لم تحاول الحركة الإسلامية أن تدعم شيخها الترابي؟
– الذين اجتمعوا قالوا ندي الرئيس الخيار ونعرض عليه الأسماء الثلاثة دون تأثير، والرئيس فضل علي عثمان وهذا حقه.
* ألم تكن للعلاقة المتصلة بين الرئيس وعلي عثمان أثر في تفضيل الأخير؟
– الاختيار كان طبيعي وأنا ما شايف فيه حاجة، طبعاً هنالك أقاويل كثيرة، تظل آراء وتحليلات، لكن في النهاية منصب نائب الرئيس مسؤولية وما حاجة فخرية.
……………………..
(2)
دعنا ننتقل إلى أيام المفاصلة كيف واجهت ذلك الصراع السياسي والإقصاء؟
– أنا كنت موجودا طبعاً أيام المفاصلة، وطلعت في (11) فبراير (2001)، كان مفترض أمشي الأردن لفحوصات وبعدها العراق وإيران.
* متى قررت العودة؟
– أصلاً كانت خطتي أن أبقى لشهر، وحدث أمر في جنيف، هو مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية، والتي وقع عليها من جانبنا المحبوب وعمر الترابي والراحل محمد كبير، وكنا على صلة بهم، ودا الجنن الحكومة، وتم اعتقال شيخ حسن والحكاية جاطت.
* كان الدكتور غازي صلاح الدين وزيرا للإعلام وواجه الشعبي بحملة ضارية، لكنه مع ذلك تبادل رسائل السجن مع الترابي.. دعنا نتحدث عن غازي قليلاً؟
– اعذرني أرجوك لا أريد أن أتحدث عن أحد.
* لماذا لا تريد أن تتحدث عن أحد؟
– لأني (رميت الماضي وراي) بعد أن أخذت منه العبر، ولو لم أفعل ذلك لما عدت إلى السودان، ولا عملت عملاً مفيداً.
* أول لقاء بعد المفاصلة تم بينك وعلي عثمان كان في برلين تقريباً.. ما هي ملابسات ذلك اللقاء؟
– أصلاً علي عثمان جاء مستشفياً، وكان هنالك تكتم شديد على حالته الصحية، ودار كلام كثير بما يوحي أن حالته خطرة، والمبادرة كانت مني، فذهبت للاطمئنان عليه.
* كيف وجدته؟
– عندما ذهبت ووجدته بصحة جيدة، عرفت ذلك كطبيب، وبعدين لقيته في الفندق.
* ما الذي دار بينكما؟
– قلت له أنا جيت أزورك كمريض، والآن أنت بخير خلينا نشوف أمراض البلد.
* هل بدرت منك أو منه محاولة للمصالحة خلال ذلك اللقاء؟
– أبداً، تحدثنا فقط عن مشاكل البلد.
* هل تحدثتم عن دارفور؟
– إطلاقاً ما اتكلمت عن دارفور.
* لماذا دائماً تتجنب الحديث عن دارفور؟
– لأن المشكلة ليست في دارفور.
* أين المشكلة؟
– التشخيص خطأ، المشكلة في المركزية، المشكلة في الخرطوم، وأنا بقول دائماً حتى محمد علي باشا اختار الخرطوم لتكون مركز السلطة، مركزية من ناحية إدارية قابضة، والناس استمرت على هذا المنوال، والمركزية دي هي الجابت المشكلة، الإنجليز مشوا في نفس الطريق، لأن الإنجليز تفكيرهم مركزي في لندن وعند الملكة، والثورة المهدية هي نوع من رفض المركزية، وكون الحديث ينصب بأن المركزية صنو الوحدة هذا تفكير خاطئ.
* كيف تعالج هذه المشكلة؟
– تعالج بحيث نشتغل بلا مركزية، في ناس أدوها بعدا ثقافيا وعنصريا، لكنها مشكلة تحل هنا.
* هل الاستغناء عن الخرطوم خيار ممكن؟
– الموضوع موش استغناء، أنا بتكلم عن النزعة المركزية، المشكلة ليست الخرطوم، رغم أن المهدي هجرها وذهب إلى (أم درمان) باعتبارها بلد كفار ونجاسة.
* تقريباً المركزية من أسباب الخلاف بين الإسلاميين؟
– دي المعضلة الكبيرة التي شقت صف الإسلاميين وعجلت بالمفاصلة، وتسببت في فصل الجنوب، لأن المجموعة الأخرى عايزة قبضة شمولية ونحن ما عايزنها.
* بالنسبة لانفصال الجنوب.. من الذي يتحمل المسؤولية؟
– دي تراكمات طويلة، لكن لو أردت الدقة الراعي الرسمي للانفصال هي أمريكا، هي التي صنعت نيفاشا.
* ألم تكن نيفاشا بموافقة الأطراف جميعها؟
– ياتو أطراف؟ وما هي أوزانها؟ أمريكا هي التي عملت الاتفاقية وشجعت عليها، صحيح الحركة الشعبية والحكومة يتحملان جزءا من المسؤولية.
* هل نفهم من ذلك أن وفدي التفاوض تم تمرير الانفصال من تحتهما؟
– نحن بنقول دائما الجواب يكفيك عنوانه، انظر لوفد التفاوض الحكومي، هل كان بينهم جنوبي واحد؟ أبداً لا يوجد.
* ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لك؟
– دا وفد شمالي صرف يتفاوض مع وفد جنوبي، صحيح الوفد الجنوبي كان مطعما بمنصور خالد وياسر عرمان وعقار، لكن التفاوض في حقيقته كان مع وفد شمالي، ونحن في كل المحاولات التفاوضية العلملناها، في أبوجا، الأولى وفرانكفوت واتفاقية الخرطوم، أصلاً ما كان بيمشي مننا وفد شمالي.
* معنى أن هذا أن اختيار فريق التفاوض كان مقصود وبدلالة؟
– كان بغرض لا يخفى، ونيفاشا كلها صفقة وليست اتفاقية.
* كيف هي صفقة؟
– لما تقول في اتفاقية معناها في محضر ووقائع ليطلع عليها الناس، لكن نيفاشا مافيها محضر، وهذا هو دليل الصفقة.
* ثمة عبارة نسبت إليك وأثير حولها جدل كبير وهي (خلوها مستورة) ما مناسبتها؟
– هذه العبارة وردت في ندوة في الرهد عندما أثار الناس بعض القضايا المتعلقة بالتنمية وعدم عدالة توزيع الثروة والسلطة، بجانب بعض الاتهامات، أنا قلت لهم هذا صحيح وأكثر منه، وعندما بدأوا يتحدثون عن المشروع الإسلامي والنواقص التي صاحبته، قلت مشروعنا الإسلامي به الكثير من النواقص وأوجه القصور وهنالك أحاديث لبعض المسؤولين لا أود ذكرها ولذلك "خلوها مستورة"
* أليست لها علاقة بالسؤال عن أموال طريق الإنقاذ الغربي؟
– أبداً لا علاقة لها بالحديث عن أموال الإنقاذ الغربي.
* أين ذهبت أموال طريق الإنقاذ الغربي؟
– لا علاقة لي بأموال طريق الإنقاذ الغربي ولا يرد إلى مال الطريق ولا أقوم بالتصديق وليست لديَّ شيكات خاصة بأموال الطريق ولا توقيع عليها.
* دعنا نتحدث عن الكتاب الأسود، أنت تحديداً متهم بالوقوف وراءه ما صحة ذلك الاتهام؟
– دي مجرد اتهامات لا ألقي لها بالاً، أصلاً أنا كل حاجة شينة معلقة فيّ.
* هل كل المعلومات الواردة في الكتاب الأسود صحيحة؟
– المعلومات صحيحة، لكن طريقة التحليل خطأ.
* من أين توصلوا للمعلومات؟
– من كتاب آخر اسمه (الثروة والسلطة في السودان) وهو فيه كل الأرقام الموجودة في الكتاب الأسود، من بداية القرن الماضي تقريباً حتى الثمانينيات.
* ما الدافع وراء ذلك الكتاب؟
– المشكلة كلها في المركزية.
* هل تعتقد أن وراء الكتاب الأسود شخصا واحدا أم مجموعة من الأشخاص؟
– أفتكر مجموعة من الأشخاص والأرقام موجودة على كل حال، هم فقط عملوا تحليل ليها.
– أنت بذلك تنفي أيما علاقة لك بالكتاب الأسود؟
– ليه أكتب كتاب أسود موش أبيض؟ أنا أصلاً كنت موجودا في ديوان الحكم الاتحادي وعندي آراء معروفة أتحدث عنها، أنا هسه بقول كلام أبيض وواضح، المشكلة في الخرطوم، ولو عملت هذا الكتاب لوضعت عليه اسمي.
* حسناً.. أنت قلت إنك سمعت خطاب الوثبة وشعرت بتوجه جديد، ما هو ذلك التوجه؟
– نعم وتوجد حرية حتى لحملة السلاح، المهم أن الناس حا يتناقشوا في القضايا المهمة، وحدثت تحركات سياسية مضت باتفاق.
* هل ثمة ضمانات لنجاح ذلك الحوار؟
– في العمل السياسي لا توجد ضمانات ولا سرية.
* ما الذي يوجد إذن؟
– الضمانة الوحيدة هي الشعب وأن تعلن الأشياء، كذلك الضمانة الأخرى هي الإعلام، ما يكون الكلام نجوى، وهذه تمت.
* ما تفسيرك لتوقف عجلة الحوار بعد وفاة شيخ حسن؟
– والله أنا ما عارف الأسباب شنو، ولا شايف أسباب موضوعية لتأخر لتوقف الحوار، والآن في حديث عن موعد مضروب أول الشهر المقبل، وقد يكون ذلك بداية قوية.
* هل بينك والرئيس اتصالات شخصية؟
– شخصية لا توجد، ولكن رسمية توجد الأمين العام للمؤتمر الشعبي على تواصل معهم، صحيح قد ألتقي بالرئيس في مناسبات اجتماعية.
* ماذا عن مخاوف المجموعة المناوئة للحوار من داخل النظام؟
– مخاوف من ماذا؟
* من أن تطالها المحاسبة مثلاً؟
– ليست مهمتي أنا أحاسب أحدا، أنا طبيب أريد أن أوقف النزيف أولاً.. الحوار ليس من أجل المحاسبة ولكنه من أجل قضايا مطروحة، ومؤسسات الدولة هي المعنية بالمحاسبة.
* أخيراً هل صحيح أن الترابي ترك وصية تعيين من يخلفه؟
– الوصية الوحيدة التي تركها الترابي هي ورقة عن الحريات، طلب منه كتابتها وتم تسليمها بعد وفاته إلى الجهات الحكومية.
* يمكن أن توضح أكثر؟
– المؤتمر الوطني طلب ورقة توضح موقف الشعبي من الحريات، لأنهم فيما بينهم كانوا مختلفين في الموقف حول الحريات، وشيخ حسن كتب ورقة شاملة مفصلة وسلمها لهم.
* بالنسبة للنظام الخالف هل اطلعت عليه؟
– نعم اطلعت وأعرفه لكنني لا أريد الحديث عنه.
* ما هي طبيعته؟
– الخالف في الحسبة داخل الحركة الإسلامية عندما يختلف النظام والأوضاع نتغير إلى نظام آخر، كنا إخوان مسلمين، بقينا جبهة ميثاق ومن ثم الحركة الإسلامية، والمؤتمر الوطني، باختصار الفكرة بدأت من العام (2011) وهو نظام يخلف الحالي ويأتي بأطروحات جديدة.
* بعد وفاة شيخ حسن بساعات تم الإعلان عن الأمين العام الجديد ألا تعتقد أنه حدث تسرع في ذلك؟
– أبداً مافي تسرع، دا النظام الأساسي، وأفضل حاجة اتعملت، واللائحة تقول في حالة وفاة الأمين العام أو عجزه يتم الدفع بأحد نوابه وبناءً عليه تم اختيار السنوسي.
* ألم تكن نائباً للأمين العام؟
– لم أكن نائب أمين عام، والقصد كان عدم ترك فراغ في القيادة.
* ماذا عن المؤتمر العام؟ هل من جديد؟
– لم يتم الاتفاق على ميعاد للمؤتمر بعد.
* هنالك حديث عن استقطاب داخل الشعبي يدور من الآن، مجموعة متحمسة لعلي الحاج وأخرى وراء السنوسي؟
– أبداً، المؤتمر الشعبي حزب متماسك، ولا يوجد خلاف حول الأشخاص، من سيأتي به المؤتمر فسيلتف حوله الجميع.
* هل تابعت حلقات شاهد على العصر؟
– بعضها.
* الحلقات سجلت في (2010) وتم بثها هذا العام فهل صحيح أن الترابي أوصى ببثها بعد موته؟
– إطلاقاً هذا غير صحيح، ربما هناك جهات أوقفت الحلقات، والذي أعرفه أن الترابي كان مصرا على بثها في حياته، لكن جهة ما ليست في الساحة الداخلية، هي التي أجلتها.
* ماذا عن محتوى تلك الحلقات وهل فوجئت بالمعلومات التي وردت فيها؟
– أبداً، أنا ما شايف في حاجة مخيفة، هو كلام قيل من قبل وكتب، وهي شهادة نحسبها صادقة.
(نقلاً عن صحيفة (اليوم التالى) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.