حذر صندوق النقد الدولي حكومة الرئيس السوداني عمر البشير بأنها ستواجه «صدمة دائمة» بعد استقلال جنوب السودان رسميا بعد شهرين. ودعاها الصندوق إلى «اتخاذ تدابير عاجلة». ونشر الصندوق توقعات قاتمة عن وضع الاقتصاد السوداني في الشمال بعد ذلك. وصدر التقرير بعد نهاية الاجتماعات نصف السنوية للصندوق، والتي لازمت الاجتماعات نصف السنوية للبنك الدولي والتي حضرها وزراء مالية ومحافظو بنوك مركزية من كل العالم تقريبا. وأشار إلى أن إنتاج السودان من النفط يبلغ نحو نصف مليون برميل يوميا، وأنه بينما تقع أغلبية الآبار في الجنوب، تقع الأنابيب والمصافي وطرق التصدير في الشمال. وقال التقرير إن شمال السودان ربما سيفقد 75 في المائة من عائدات النفط. وإن هذا هو سيناريو أسوأ الحالات، ومن شأنه أن يؤدي إلى اختلالات داخلية وخارجية. وأضاف التقرير: «لأن عائدات النفط تشكل أكثر من نصف عائدات الحكومة، وتشكل نسبة 90 في المائة من الصادرات، سوف تحتاج حكومة الخرطوم إلى التعود على صدمة دائمة. ولا سيما في وقت فيه فرص ضئيلة للتمويل الخارجي». وتوقع التقرير، لهذا، أن شمال السودان سيشهد انخفاضا بنسبة 10 في المائة في الناتج المحلي غير النفطي، لأن هذه هي نسبة الجنوب في الإنتاج غير النفطي. هذا بالإضافة إلى انخفاض في الخدمات في الشمال ذات الصلة بالإنتاج النفطي. لكن، في نفس الوقت ستشهد ميزانية حكومة الخرطوم زيادة في عائدات المواصلات التي ستعكس رسوم نقل النفط الجنوبي. في الجانب الآخر، سوف تنخفض الاستثمارات وعائدات الاستثمارات ذات الصلة بإنتاج وتجارة النفط في الشمال. وسوف تنخفض الصادرات، والضرائب التي تفرضها حكومة الخرطوم عليها. وستزيد الواردات من المنتجات النفطية لتعكس النقص في الإنتاج المحلي بعد انفصال الجنوب. لمواجهة هذا السيناريو، شدد صندوق النقد الدولي على أن على حكومة البشير خفض الإنفاق، ورفع الدعم عن الوقود، والحد من الإعفاءات الضريبية، وتحسين إدارة الإيرادات. وأوصى الصندوق بإعلان «زيادات تدريجية في سعر النفط الخام عندما يسلم إلى المصافي المحلية». وكشف التقرير أن حكومة البشير تعتزم إصدار ميزانية تكميلية خلال الربع الثاني من هذا العام، والتي من شأنها أن تأخذ في الاعتبار اتفاقيات الشمال والجنوب بشأن قضايا ما بعد الاستفتاء. وقال إن حسم موضوع تقاسم عائدات النفط «لا يزال قيد التفاوض» بين المسؤولين الشماليين والجنوبيين. وأيضا، كشف التقرير أن النمو الاقتصادي في السودان تباطأ في عام 2010 إلى نحو 5 في المائة بعد أن كان 6 في المائة في العام السابق، وبعد أن كان أكثر من عشرة في المائة بعد التوقيع على اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب. وأيضا، كشف التقرير ارتفاع معدل التضخم بشكل حاد من 10.0 في المائة في نوفمبر 2010 إلى 15.4 في المائة في الشهر التالي. وعزا التقرير هذا الارتفاع إلى الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية. وإلى الشكوك الشعبية والرسمية خلال فترة الاستفتاء في الجنوب. وإلى انخفاض قيمة الجنيه السوداني. وأيضا، كشف التقرير انخفاض احتياطي النقد الأجنبي الذي يحتفظ به السودان «بشكل كبير» في 2010 نتيجة ل«تدخل عنيف» من بنك السودان المركزي. ووصل الاحتياطي إلى 500 مليون دولار تقريبا في أكتوبر الماضي. وبسبب هذه التطورات، قال التقرير إنه، خلال العام الماضي، انخفض الجنيه السوداني مقابل الدولار ب«شكل كبير». وازدهرت السوق السوداء. ورحب التقرير ب«الانخفاض الواقعي» في قيمة الجنية السوداني. لكنه قال إن هذا يجب أن يكون «مباشرا» من قبل السلطات السودانية حتى لا تتشوه صورة السوق المالية والاقتصادية. وعن ديون السودان الخارجية، قال التقرير إنها وصلت إلى 37 مليار دولار في ديسمبر وإن السودان يحتاج إلى إغاثة قريبا من الدائنين «من أجل معالجة هذه المشكلة المزمنة».