المؤتمر الذي عقده وزير الصحة بحر إدريس أبو قردة على وجه السرعة أمس الجمعة، ينبغي أن تكون نتيجته في الحال، أن يذهب المُواطن إلى الصيدلية ليجد الدواء بسعره الذي كان عليه قبل تحرير الدولار، أمّا ما دون ذلك فهو لا يعدو مُحاولة تخدير لن تجدي نفعاً، بل ستضاعف الوبال. أزمة الدواء معلومة، هي نتيجة تحرير الدولار الذي تمّ بقرارٍ من الرئيس وليس من العكد، نفّذته وزارة المالية، وزارة الصحة لا علاقة لها بقضية الزيادة لا من قريب ولا من بعيد.. وحتى لو أُعفي الوزير نفسه دَع عنك أمين المجلس، لن يُغيِّر الواقع، تمعّنوا؛ (قال وزير الصحة الاتحادي بحر إدريس إن الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم محمد حسن إمام العكد، ارتكب أخطاءً كانت كافية لإعفائه بعد أن أصدر بتعجل قائمة أسعار جديدة للأدوية أوردت أصنافاً ما زالت الدولة تدعمها).. خلاصة المؤتمر الصحفي؛ إلغاء قائمة الأسعار التي صدرت بعد تحرير الدولار وتشكيل لجنة لإصدار قائمة جديدة) تشكيل لجنة.!!!!! أمّا القائمة التي تدعمها الدولة ويتحدّث عنها الوزير لم تصدر أمس، صدرت منذ إعلان تحرير الدولار، فلماذا يتم إعفاء العكد اليوم، معلومٌ أنّ الحكومة لا تريد الإقرار بموجة الاحتجاجات والدعوات اللافتة للعصيان المدني التي أجبرتها لعمل مؤتمر صحفي عاجل ألقت فيه بكبش فداء، لكن ليكن معلوماً، أنّ إعفاء العكد أو غيره من مسؤولي الصحة لن يوقف المَد الغاضب. النتيجة تصبح موضوعية ومَلموسة إذا أعلن بنك السودان المركزي التزاماً قاطعاً بتوفير النقد الأجني للشركات المُستوردة للدواء، الأزمة هنا، والسؤال واضحٌ، هل بمقدور الحكومة توفير نقد أجنبي أم ليس في مقدورها، لكن وزير الصحة ليس في يده قرار تحرير دولار ولا توفير نقد أجنبي، هذه مسؤولية جهات بعينها.. والأزمة شاملة حتى لو تمّ إعفاء كل الطاقم الصحي والطاقم الاقتصادي تظل الأزمة قَائمةً. الغليان الذي أحدثته الزيادات المهوولة في أسعار الدواء، هو مظهرٌ لوجهٍ واحدٍ من الغليان الصّامت والصّارخ الذي اجتاح كل شيء. يَبدو أنّ الحكومة سَوف تَدفع في مُقبل الأيام بالمزيد من كباش الفداء، كمُحاولة لكبح الغضب المُتمدّد، وقد تصل الكباش المقدمة إلى أعلى المُستويات، لكن المعلوم أنّ الأزمة ليس في الأشخاص بمواقعهم المُختلفة، هي أزمة سياسة شاملة لا تستثني شبراً في الدولة.. الأزمة منظومة كاملة، لا هي في الصحة دون الاقتصاد، ولا هي في الاقتصاد دون السِّياسة.. فماذا لو أُعفيت كل الوجوه التي أمامنا وبقيت السِّياسة والنظام كما هو؛ هل يتغيّر شيءٌ؟. التيار [email protected]