جنوب السودان لم ينفصل من السودان لحبه في تقسيم السودان او كره الجنوبيين للشماليين . لكن ما دفع الجنوبيين الي الاختيار هو شعورهم بغياب المساواة و العدل بين الشمال و الجنوب .حيث من المعروف حتي عند العالم الخارجي ان جل ثروات وخيرات جنوب السودان كانت تذهب الي مركز السلطة و باقي مناطق شمال السودان , و لا تنال جنوب السودان شيئاً لا على المستوى الاقتصادي او السياسي او الثقافي او التنموي او التعليمي الخ . واعتقد ان هذه و غيرها من الاسباب ما جعلت جنوب السودان يتجه الي حد تقرير مصيره و تحرير نفسه عن السودان . ان شعور شعب جنوب السودان بانهم لا ينتمون الي السودان الكبير . نتاج شعورهم بممارسة التمييز و العنصرية ضدهم من قبل الحكومات المركزية و النخبة الشمالية التي تنتهج مع الجنوبيين سياسة التفريق ضدهم وعدم معاملتهم على انهم مواطنيين لهم كل الحقوق الثقافية و الدينية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الخ.ولد ذلك شعور الجنوبيين بعدم الانتماء الي السودان وان السودان لا يمثلهم في شيء . ما جعلني لكتابة هذه المقدمة المطولة وهذا المقال هو سببين اولاً الحرمان الثقافي الذي مُارس ضد شعب جنوب السودان . و ثانياً هو الفوضى الثقافية وعدم التخطيط الثقافي حالياً في جنوب السودان في كل مجالات الفنون و الثقافة عموماً . فمثلاً في مجال الغناء و الموسيقي فهذا المجال تتسم بالفوضى . و المرحلة التي تشهده جنوب السودان الان تتطلب تضافر الجهود التخطيطية لابراز جنوب السودان وبناء الثقافة على على الاسس الاكاديمية و الخطط العلمية المتخصصة في النواحي الثقافية حتي نوقف هذة الفوضي . فالذي نراها حالياً في مجال الغناء خصوصاً في مدينة جوبا . و الذي يحصل هو عبارة عن تدمير جنوب السودان ثقاقياً , فللجنوب السودان تراث موسيقي عظيم جدا . فالاعتماد على الموسيقي و الالحان الاجنبية هي عدم اعتراف من الذين جعلوا من انفسهم فنانيين جنوبيين , فنحن كشعب جنوبي لنا ثقافة موسيقية مكتملة . الثقافة باعتبارها من الاركان الرئيسية في فهم الانسان و المجتمع عموماً . و في الثقافة ينبغي ان تتضح ملامح اصحابها و قيمهم و مواقفهم . اذاً لابد من التخطيط الثقافي على كل المستويات خصوصأ الحكومية منها و كذلك المهتمون بالثقافة من الاكاديميين و المتخصصين في كل المجالات الثقافية . فكل شيء في العالم الحديث اصبح عبر التخطيط الاستراتيجي ففي عالم اليوم نسمع عن التخطيط السياسي و الاقتصادي والثقافي و العسكري و الاجتماعي الخ. على المستوى العالم نري مدى انتشار السينماء و الموسيقي الامريكية كما نرى على مستوى افريقيا مدى انتشار السينماء النيجيرية و كل هذا الانتشار يتم عبر التخطيط الدقيقة لكل شيء . وهي نتائج جهود تخطيطية و تنموية للمؤسسات الحكومية و مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالثقافة . ارى ان المرحلة التي نمر بها في جنوب السودان هي من اصعب الفترات ، لانها مرحلة بناء للدولة دولة حديثة بكل معني الكلمة , دولة تكتمل فيها جميع الجوانب . دولة ثقافياً نعترف ونفتخر بها على مستوى الاقليم و على مستوى القارة وعلى مستوى العالم . دولة تنظم المهرجانات الثقافية و الاسابيع الثقافية عالي المعاييرها بصمة . دولة تشترك في في الابداع العالمي تكون لها بصمة ثقافية . التخطيط الثقافي في جنوب السودان مطلوب جدا فالثقافة يحتاج لتخطيط قومي شامل لكل القطاعات الثقافية و في جميع مناطق دولة السودان الجنوبي , ويقوم بها سلطة مركزية او لا مركزية ممثلة في الحكومة تتولي وضع إطار الخطة واصدار القرارات الاساسية . و إن يكون تخطيط طويل المدى تتراوح مدته بين عشر سنوات و عشرين سنة يتولي نشره الخطة عبر وسائط ثقافية متخصصة . [email protected]