* لا نرغب في إلقاء اللوم الشديد على (بسطاء) تظلم الدنيا في وجوههم، وتعترضهم عقبات النظام الحاكم؛ فلا يجدون أمامهم سبيلاً غير الاستنجاد برئاسة النظام السوداني كلما اعتراهم الخوف على مصالحهم أو على أرواحهم.. فالغريق يتمسَّك بالقشة والرئاسة أهشّ من التمسك بها..! لكن لو فكر (المستنجدون) في مقاومة الوضع القائم (بالعصيان على الأقل!) لكان أجدى من الصراخ قُبَالة حيطان القصر (الطرشاء)..! وكثيرة هي المجموعات التي استنجدت ولم تجد مجرد (أذن) في القصر تسمع؛ ناهيك عن كون (المقصِّرين دوماً) سيتفرغون لحل مشاكل الناس.. فالرئيس لا هَمّ يشغله أكثر من تسمين مليشيات لنجدته الخاصة؛ يغرقها بالأموال على حساب الدواء والغذاء والتعليم والوقود.. الخ.. ونائبه ذاك حسبو لا وقت لديه إلاّ لوعود بلا قيمة أو مناسبات يستعرض عبرها حباله الصوتية مع حبال (الوعيد!!) وينتظر مناسبة أخرى بفارغ الصبر لينجز المزيد من الجعجعات..! ثم.. لا حديث لنا عن مستشارين ومساعدين داخل حظيرة الحُكم؛ إذ يكفي أن تقع الطيور على أشكالها..! * الكتلة الصماء التي تسمى (الرئاسة) لم تنقطع أنفاس الاستنجادات حيالها.. وبإلقاء نظرة على العام 2016 فقط؛ ستقع أعيننا على سيل من المناشدات أطلقها المزارعون لإنقاذ محاصيلهم من العطش وهُم بين النهرين!! أو مناشداتهم لحل أزمة سعر القمح.. الخ.. ولو تتبعنا سالف الأيام شعرنا بأنين مرضى الكلى والسرطان (المستنجدون بالرئاسة) لتوفير معينات علاجهم..! ولا مُجيب..! * لو زحفنا بالذاكرة إلى العامين الماضيين سنتذكر صور العالقين بليبيا واليمن (يستنجدون) بقصر الفرعون في السودان..! أيضاً؛ لا تمر شهور أو أسابيع إلا وانطلقت المناشدات لرئاسة الجمهورية بخصوص أراضي سكنية أو ميادين تتغول عليها السلطة التي على رأسها (عصابة الحرب).. حرب على المواطن؛ لا على الحدود!! وعقب كافة المناشدات يكون (الصفر الكبير) في انتظار الجميع..! * أمس القريب حملت صحيفة الجريدة (استنجاد للرئاسة) من أصحاب المخابز بولاية الخرطوم جراء أزمة في الدقيق؛ وحسب الخبر: (توقعوا حدوث أزمة في الخبز ودعوا رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، بالتدخل لحل مشكلتهم والتوجيه بالدعوة لجمعية عمومية باعتبار اتحاد المخابز الحالي لا يمثلهم ولا يخدم قضاياهم). هل انقطعت توجيهات (أسد إفريقيا) التي لا تصنع خبزاً أو حياة طوال سنوات اغتصابه للسلطة؟! وهل غابت وعوده الحماسية التي تذروها الرياح بعد كل (رقصة)؟! فلماذا الاستنصار بمن لا ينصرون سوى الباطل؟! * عصام عكاشة صاحب مخبز بأمدرمان؛ وأحد (المستنجدِين) نبه الى تراجع حصص الدقيق للوكلاء من (100%) الى (30%)، مبيناً أن صاحب المخبز يحصل على حصته مرتين في الاسبوع، وتساءل: (هل ترغب السلطات في زيادة سعر الدقيق وبالتالي الخبز، أم ماذا؟). نعم يا عزيزي.. السلطات ترغب في كل ما يضيق (معيشة) المواطنين.. فانظر إلى تقهقر حصة الدقيق… والرئاسة التي تناشدونها تهتم (بشعبها المليشاوي!!) وليس الشعب السوداني؛ فهذا خارج سياق تفكيرها..! * بقية خبر الزميلة لبنى عبدالله لا تفوتنا: (اتفق محمد عوض جبران وهو صاحب مخبز بجبرة مع معاوية عمار صاحب مخبز بالخرطوم 2، ومتوكل رزق الله، صاحب مخبز بالصبابي، على عجز الاتحاد الحالي عن توفير حصة الدقيق للمخابز، وتوقعوا ندرة في الخبز اليوم أي أمس وقال أصحاب المخابز في مذكرة تحصلت "الجريدة" على نسخة منها، إن أعضاء الاتحاد يخدمون مصالحهم الخاصة، ولفتوا الى أن رئيس الاتحاد والأمين العام ونائبه، والمكتب التنفيذي وكلاء لتوزيع الدقيق، وأبانوا أن منسوبي الاتحاد يستندون على تعيينهم من الحكومة ويرفضون قيام الجمعية العمومية). انتهى. * أصحاب المخابز (المظاليم) ليسوا وحدهم الذين يتطلعون إلى حلول لمشكلاتهم من جهة الرئاسة التي هي (أصل الأزمات)؛ فكثيرون من أهل الصنائع والمهن الأخرى يفعلون ذلك.. ولو تماسك هؤلاء وأولئك وأعلنوا أجساماً بديلة للإتحادات والدوائر الأخرى المقربة من الحكومة؛ لكان ذلك أفضل لهم من الاستنجاد بمن لا نجدة لديهم ولا مروءة ولا حياء..! * لو أن أصحاب المخابز الشرفاء (اتحدوا) واعلنوا تضامنهم ليومين مع الشعب في (العصيان الماضي) أو (القادم!)؛ لكان أحسن وأكرم لهم وللشعب السوداني..! نعم.. ستؤذيهم السلطة إذا كان (إتحادهم) مهزوزاً.. لكن كل ما لا يقتلك يقويك..! والمناشدات لا تنفع بقدر ما ينفع (رص الصفوف) لمواجهة سلطة المحتكرين والانتهازيين والغاشمين؛ فالذي يدخلنا في متاهة المعاناة والذل والموت كخبازين ومستهلكين هو (التسليم بالواقع) مع السكوت..! خروج: * ليتنا لا نستجير من رمضاء السلطة بنارها (ممثلة في الرئاسة!!).. إذا أردنا جميعاً مستقبلاً (آمناً) فتعالوا نكسر قيود الخوف في إتحاداتنا وهيئاتنا ونقاباتنا وأجسامنا المدنية؛ لنواجه هذا الواقع المظلم الذي أنزلته جماعة القصر على الأرض..! فالطفيليون أقوياء بهذه الجماعة..! * أين هم الحكام الجديرون باستغاثات الأحرار؟! فمن تناشدونهم عصابات بارعون في الأذى.. لا براعة لهم في شيء آخر؛ ولا حتى في أكاذيبهم المنهملة..! أعوذ بالله الجريدة (الالكترونية).